تتبدل وظائف الدماغ وقدراته على التذكر مع التقدم في العمر. وتكفي المشاركة مع طفل صغير في لعبة تركيز واحدة لاكتشاف كيفية تقهقر الذاكرة مع التقدم في العمر.
تبدأ الشيخوخة في الدماغ في فترة العشرينات، حين نبدأ بفقدان خلايا الدماغ وإنتاج مقدار أقل من المواد الكيميائية اللازمة لوظيفته. ومع الاستمرار في التقدم في العمر، قد يصعب أكثر فأكثر تذكر المعلومات لأن الدماغ يبدل طريقته في التعاطي مع الذكريات.
إلا أن تقهقر الذاكرة لا ينجم فقط عن التقدم في العمر، بل يرتبط عن كثب بأسلوب عيشنا المحموم. ففي عالم اليوم، نجد أنفسنا مغمورين بالكثير من المعلومات والمعطيات، ويفترض بنا إنجاز كل شيء تقريباً. نتيجة هذا الضغط الكبير، والحقبة الرقمية التي نعيش فيها، لا عجب في أن نهمل العديد من التفاصيل اليومية لأنها لا تملك الوقت ليتم تخزينها بأمان في الدماغ لتذكرها لاحقاً.
إلا أنه توجد لحسن الحظ طرق عدة لتحسين وظيفة الدماغ، وفي بعض الأحيان التخلص من فقدان الذاكرة المرتبط بالتقدم في العمر. لكن لا بد دوماً من استشارة الطبيب الاختصاصي، خصوصاً في حال وجود مشكلات في اللغة أو تبدلات في السلوك لأن هذه الأعراض ليست دلائل على شيخوخة طبيعية، ويجب مناقشتها مع الطبيب.
ليست محاربة خسارة الذاكرة بالأمر الصعب، ولا يمكن القول إن خسارة الذاكرة هي أمر حتمي مع التقدم في العمر. فهناك العديد من الخطوات الممكن اتخاذها، وبعض التعديلات البسيطة الممكن القيام بها في أسلوب العيش اليومي لتحسين الذاكرة.
1. الراحة والاسترخاء
مثلما تحتاج العضلات إلى فترات من الراحة، يحتاج الدماغ إلى بعض الوقت للاسترخاء واستيعاب الأحداث التي حصلت. يعمل الأبطال الرياضيون على زيادة الكتلة العضلية في أجسامهم عبر تمرين أجسامهم بقوة، ومن ثم الاستمتاع بفترة من الراحة المرممة. ويجدر بنا فعل الشيء نفسه مع الدماغ. بالفعل، يقول ممارسو اليوغا إن قضاء بضعة لحظات في هدوء وسكينة، من دون أية منبهات خارجية، مفيد جداً للصحة العقلية الإجمالية.
2. تمرين العقل
هناك بعض الألعاب التثقيفية التي تعتبر مثالية لتمرين العقل وتنشيطه، ومنها على سبيل المثال الأحجيات والسودوكو وما شابهها. والواقع أن حثّ الذات باستمرار على تذكر حقائق أو حلّ أحجيات يساعد في الحفاظ على ذاكرة الدماغ مع التقدم في العمر.
3. التأمل
أظهرت دراسة علمية أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل يكشفون عن مستويات عالية جداً من أنماط موجات غاما في أدمغتهم، علماً أن هذه الأنماط مرتبطة بالانتباه والذاكرة والتعلم. وقد تبين أن التأمل هو تمرين مهدئ ومزيل للتوتر، يحسّن القدرة على التعلم وتعزيز الذاكرة. ما عليك إذاً إلا الجلوس في مكان هادئ، والانتباه جيداً إلى نَفَسك. كما يمكنك الاشتراك في صفوف اليوغا أو التأمل في النوادي الرياضية.
4. تمرين الجسم
تزيد تمارين الأيروبيك دفق الدم في الجسم، بما في ذلك الدماغ. وتشير الدراسات إلى أن الذين يمارسون بانتظام التمارين القلبية الوعائية يملكون المزيد من خلايا الدماغ، مع روابط أفضل بين الخلايا الدماغية. استفيدي إذاً من التمارين الرياضية لتحسين دفق الدم والأوكسيجين في الجسم، وبالتالي تحسين القدرات الدماغية.
5. تناول الخضر
يساعد تناول الخضر على خفض احتمال فقدان الذاكرة. فالخضر ذات الأوراق الخضراء الغنية بالحديد (مثل السبانخ)، إضافة إلى البروكولي والقنبيط واللوبياء هي منشطات ممتازة للذاكرة. كما أن الأطعمة التي تحتوي على مواد كيميائية نباتية مثل العنب الأحمر، والتوت، والباذنجان، والبصل الأحمر، والقنبيط الأحمر، والشمندر، والتفاح الأحمر، والمشمش تساعد على محاربة فقدان الذاكرة المرتبط بالتقدم في العمر.
6. شرب القهوة
يمكن للمنبهات الخفيفة، مثل الكافين الموجود في القهوة أو الشاي، أن تحفز نشاط الدماغ. وقد يصحّ القول الشائع «لا أستطيع بدء نهاري من دون شرب فنجان القهوة أو الشاي صباحاً». وإذا كنت لا تحبين القهوة، يمكنك شرب الشاي الأخضر وشاي إكليل الجبل لأنهما يحتويان على منبهات منشطة للذاكرة.
7. استخدام مساعدات الذاكرة
يمكنك اللجوء إلى سلاحين سريين لمساعدتك على تذكر التفاصيل: الروزنامة والتكرار. فتدوين المعلومات المهمة، والأسماء والتواريخ يساعد على التذكر، لأن الكتابة بحد ذاتها تركز الانتباه، ويستطيع العديد من الأشخاص تذكر الأشياء المكتوبة أكثر من الأشياء الشفوية. وإذا لم تسنح لك فرصة تدوين شيء ما، كرريه بصوت عال للمساعدة على حفظه في الذاكرة. ويعتبر التكرار مفيداً جداً لتذكر أسماء الأشخاص عند التعرف إليهم.
8. التركيز على شيء واحد فقط
خصصي كل انتباهك لأمر واحد فقط كل مرة. صحيح أن هذا صعب جداً هذه الأيام، لكن كلما أطفأت الهواتف الخلوية والأجهزة الالكترونية ووسائل اللهو الأخرى، ازداد احتمال التركيز وتذكر ما يجري من حولك. لكن عند تعدد المهام والواجبات، يضطر الدماغ إلى معالجة المعلومات بطريقة مختلفة، وتحتوي الذكريات على تفاصيل أقل.
9. الانتباه إلى الأدوية
هناك العديد من الأدوية التي تؤثر في الذاكرة، على رغم إهمال هذا التأثير الجانبي في أغلب الأحيان. فمع التقدم في العمر، يصبح الأيض أبطأ، مما يعني بقاء تلك العقاقير في الجسم لفترة أطول من الوقت. ويعني ذلك أن الشخص يصبح أكثر عرضة لتضارب تأثيرات الأدوية، ويعاني من وخامة أكبر في التأثيرات الجانبية، مثل فقدان الذاكرة.
كتابة: جولي صليبا
1240 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع