د.ضرغام الدباغ
حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
مقدمة :
تطلق كلمة خارجي على كل من يخرج من (الإجماع) أو من الرأي السائد شرعاً، أو على الحاكم الشرعي، أو من هو بهذا الحكم معنى وفعلاً.
حركة الخوارج التي يتناولها هذا البحث، هي تلك الحركة التي انبثقت وتأسست على الخارجين على الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب، والذين جادلوه بدء حرة الخروج، ثم عصوا أمره وتوجيهه، ثم غادروا معسكره، ثم قاتلوه في نهاية المطاف، بل وبعثوا أحد رجالهم (عبد الرحمن بن ملجم) ليغتال الخليفة في مسجد الكوفة وهو يهم بالصلاة.
وحركة الخوارج في طور نموها، أطلقوا على أنفسهم (الجماعة المؤمنة) ، بيد أن التسمية التي شاعت عنهم، وهي التي أستخدمها المرخون والباحثون العرب والأجانب والمستشرقين الأوربيين، تواصلت طيلة العهد الراشدي، ثم الأموي، والعباسي، وربما أن هناك ما يزال من يعتبر نفسه منتمياً للخوارج بفكره أو سلوكه.
أولاً : النشأة والتأسيس
مضت فكرة الخلافة لآل البيت تتحدد أكثر فأكثر أبان النزاعات التي نشيت بين الخليفة ألراشدي الرابع وتحالف الزبير ــ طلحة، من جهة، وتحالف معاوية بن أبي سفيان(حاكم الشام) ـــ وعمرو بن العاص (حاكم مصر) من جهة أخرى. وفي خضم النزاعات والصراعات العسكرية والسياسية انبثقت لأول مرة جماعة أطلقت عليهم اسم الخوارج، وسموا كذلك لأنهم خرجوا من صفوف معسكر الخليفة ألراشدي علي بن أبي طالب، احتجاجاً على أساليب العمل السياسي العسكري، وأعلنوا رفض التضحية بالمبادئ في سبيل العمل السياسي ورفضوا قبول مبدأ التحكيم الذي جرى في صفين بين الخليفة ومعاوية بن أبي سفيان. ثم رفضوا لاحقاً نتائج تحكيم مؤتمر دومة الجندل، ورفعوا شعار "لا حكم إلا لله". ثم مضوا يكرسون مواقفهم الأيديولوجية والسياسية الخاصة بهم التي لا تخلو من الدوغماتية، أما الجماعات التي استمرت متمسكة بالخليفة ألراشدي الرابع فقد أطلق عليهم شيعة أمير المؤمنين، أي جماعة أمير المؤمنين، ثم اقتصرت على كلمة الشيعة، وهو كناية لموقف سياسي بالدرجة الأولى، مؤيد للخليفة علي بن أبي طالب. (1)
تأسست حركة الخوارج في عهد الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب (رض)، (655 م ـ 35 هج/ 661 م ـ 40 هج)، وتواصلت في العصر الأموي والعباسي، حتى تلاشت تدريجياً في العصر العباسي الوسيط (833 م ـ 218هج / 861 م ـ 247هج )، ولكن دائماً مع بقاء شرائح من فئات الخوارج تحت مسميات شتى في شبه الجزيرة العربية، وشمال أفريقيا. وسموا بالخوارج رغم أنهم أطلقوا على أنفسهم (الجماعة المؤمنة)، بيد أن تسمية الخوارج طغت لدى المؤرخين العرب والمسلمين والأجانب.ويعتبرهم الأستاذ البرت حوراني :" أول حركة احتجاج على التضحية بالمبادئ في سبيل الغايات " (2)
وأعتبر الخوارج من الفرق الإسلامية المتشددة، إذ تأسس موقفهم بناء على قبول الخليفة ألراشدي الرابع التحكيم في قضية مبدأية. فهم يرون أن "الخلافة يجب أن تكون باختيار حر من المسلمين، وإذا اختير، فليس يصح أن يتنازل أو يحّكم (يعرض على التحكيم)، وليس بضروري أن يكون الخليفة قريشياً، بل يصح أن يكون من قريش ومن غيرهم، ولو كان عبداً حبشياً(نزولاً عند حديث للرسول)، وإذا تم الاختيار كان رئيساً للمسلمين ويجب أن يخضع له خضوعاً تاماً لما أمر الله وإلا وجب عزله.(3)
ويكتب أبن خلدون عن تأسيس حركة الخوارج، وهو مؤرخ له منهج علمي محكم : أن المحتجين على قبول الخليفة علي أبن أبي طال التحكيم، ورفضهم قبول المفاوضة مع معسكر حاكم الشام معاوية بن أبي سفيان، غادروا معسكر الخليفة الشرعي، وقد حاول الخليفة على بن أبي طالب محاورتهم ومجادلتهم، فأبوا العودة، وقالوا أن قبول الخليفة الشرعي للتحكيم خطيئة كبيرة، وأن لا حكم إلا لله، ثم وقعت بينهم ومعسكر الخليفة معارك عديدة أهمهما معركة النهروان، وشهرزور، ورغم أنهم خسروا معظم معاركهم، إلا أنهم واصلوا وجودهم كحركة سياسية مؤثرة في الدولة العربية الإسلامية. (4)
وتوجه الخليفة الراشدي بعد معركة الجمل إلى فض إشكالية ولاية الشام المتمردة، فدخل في مفاوضات مع حاكمها لحل ألازمة سلمياً. ويرى مركز الاستشراق الألماني في جامعة لايبزغ / ألمانيا، أن النزاع كان في جوهره يدور على السلطة، متخذاً صيغاً قانونية : إذا كان عثمان قد قتل بدون حق فيكون لأقربائه الحق بأخذ ثأره. أما إذا كان قد اغتيل بحق فلا يحق لأحد أن يأخذ بثأره. وكان معاوية من أنصار الرأي الأول، بينما قرر على معارضة أخذ الثأر.
بيد أن المفاوضات لم تفض إلى نتيجة بين الاثنين، فتحرك كل منهما وجرت مناوشات صغيرة، تطورت إلى اشتباك عنيف، وأشارت معطيات الموقف في المعركة أن موقف معاوية قد أصبح في خطر شديد. وهنا نصح عمرو بن العاص حليف معاوية وحاكم مصر المقاتلين برفع نسخ من المصحف على رؤوس الحراب إشارة لإيقاف القتال وجعل الكتاب المقدس(القرآن) حكماً، وهكذا أرغم علي على قبول هذا الحل وتم تسمية الحكام الذين ينبغي عليهم التحكيم بأستخدام أدلة الشريعة لحل المسألة.
وقد حاول الخليفة علي إزالة ومكافحة الخلافات الناشبة داخل صفوفه، فجعل ذلك موضع اهتمامه الأول فحاول بكافة الوسائل أن يزيلها. وإذ فشلت الدبلوماسية في ذلك، فنشبت صراعات وحروب(مع الخوارج) أهمها في النهروان عام 658 الذي تسبب في توجيه النقد له حتى من أتباعه. وتواصلت الاضطرابات حتى عام 661، إذ سقط الخليفة الراشدي ضحية مؤامرة وأغتيال قام بها أحد الخوارج، في عاصمته الكوفة. ولكن الخوارج واصلوا خوض النضال السلطة الأموية بالكلمة والسلاح. وقد مثلت هذه الأوضاع في العراق بمجملها مصدر قلق لسلطة الأمويين. وكان العراق في نفس الوقت يعد بموارده، من أكثر الولايات ثراء.(5)
وفي معسكر الخليفة الشرعي، لم يقبل الكثير من أنصاره هذا القرار، فغادروا معسكره وبذلك حملوا اسم الخوارج، وبذلك أصبح للخليفة معارضون جدد من المتزمتين الذين يعتبرون أن المصحف هو المدافع عن حقوق المقاتلين البسطاء ضد سلطة الأرستقراطيين والمواقف المخالفة للدين والخليفة الراشدي علي بن أبي طالب. وأستغل معاوية نقطة الضعف الأخيرة هذه في حزب علي، فقوى نفوذه في مصر.
وخلال عودة جيش الخليفة إلى الكوفة / العراق، تنادى جمع من معسكر الخليفة الرافضين لوقف القتال والتحكيم، تفاوتت المصادر بتقدير أعدادهم بين 6 ألاف و 12 ألف رجل. منتدباً كبار الصحابة كأبن عباس ، وبنفسه أحياناً، وحجتهم في ذلك أن كتاب الله قد "حكم" في أمر هؤلاء "البغاة" (يقصدون معاوية وأنصاره) ومن ثم فلا يجوز توكيل أمر الله لتحكيم الرجال (أبو موسى الاشعري وعمرو بن العاص) هاتفين : لا حكم إلا لله ". وهو شعار عقب عليه الخليفة الشرعي بكلمة ذهبت مثلاً : إنها كلمة حق يراد بها باطل . (6)
وقد تحدد في المفاوضات الابتدائية في موقعة صفين، موعد في شهر رمضان المقبل، ومكان التحكيم واتفق الطرفان على واحة دومة الجندل، لكونها موقعاً بنفس البعد بين دمشق والكوفة شمال شبه الجزيرة. وحضر التحكيم عدد من الشهود ممن لهم المكانة : كعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي. وعبد الرحمن بن عبد يغوث الزهري، وأبي جهم بن حذيفة.
وقد أعتبر اجتماع مندوبي التحكيم في دومة الجندل فاشلاً، لم ينتج سوى " تضعيف لشرعية الخليفة الراشدي " و " تعزيز لموقف حاكم ولاية الشام "، وهو ما عزز رأي الخوارج، وموقفهم من التحكيم والخليفة الشرعي، فضاعفوا مطالبهم على الخليفة (رض) :
* رفض التحكيم جملة وتفصيلاً، نتائجاً ومواقفاً.
* الاستعداد لقتال حاكم الشام المتمرد.
بيد أن الخليفة لم يشأ أن ينهي ما بدأه سلماً، وينقض عهوداً قطعها، وهنا تفاقم الموقف داخل معسكر الخليفة وبلور الخوارج أوضاعهم وأنتخبوا أميراً لهم هو عبد الله بن وهب الراسي.
وبما أن مفاوضات التحكيم لم تؤد إلى إزالة العقدة، ومن المؤكد أن فشلها (مفاوضات التحكيم) في دومة الجندل، قد أدت إلى إلحاق الضعف بمعسكر الخليفة، مما زاد في قوة موقف الخوارج، وإلى تواصل وجودهم كياناً سياسياً مهماً في الحياة السياسية للدولة سواء في عصرها الراشدي، أو الأموي، أو العباسي.
وجاءت تسميتهم بالخوارج، لأنهم خرجوا على الأمر الشرعي، فيقول عنهم أبو الحسن الأشعري أنهم : أولئك النفر الذين خرجوا على عليٍّ بن أبي طالب (رض) بعد قبوله التحكيم في موقعة صفين، ولهم ألقاب أخرى عرفوا بها غير لقب الخوارج، ومن تلك الألقاب الحرورية والشراة والمارقة والمحكمة وهم يرضون بهذه الألقاب كلها إلا بالمارقة، فإنهم ينكرون أن يكونوا مارقين من الدين كما يمرق السهم من الرمية .(7)
كما هو ملاحظ من الاسم، فالخوارج : هم طائفة أبت إلاّ تمزيق صفّ المسلمين وتشتيت شمل الموحّدين، فخرجت على الخليفة الذي تمّت بيعته من أهل الحلّ والعقد وتمّت له الإمامة على المسلمين. فقد قال الشهرستاني في كتابه الملل والنحل أن : كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو من كان بعدهم على التابعين لهم بإحسان والأئمة في كل زمان. (8)
واعتبرت معركة النهروان مهمة في تاريخ الصراع السياسي / العسكري بين الخليفة والخوارج، فقد اعتبرت ذروة في الخلاف السياسي وتطوره إلى درجة الصراع المسلح، وهو ناجم عن تطرف وتمسك بالرأي أودى إلى تصعيد لم تكن دولة الخلافة ولا الخليفة يودان بلوغه، فقد مال الخليفة (بإجماع المصادر) إلى المواقف الداعية للحوار وحل الخلافات بالعقل والتحكيم بالوسائل الشرعية.
ثانياً : الصراع السياسي والعسكري
وقد عامل أمير المؤمنين علي (رض)الخوارج قبل الحرب وبعدها معاملة المسلمين، فما إن انتهت المعركة حتى أصدر أمره في جنده ألاّ يتبعوا مُدبِرًا أو يجهزوا على جريح أو يمثِلوا بجثة قتيل، يقول شقيق بن سلمة المعروف بأبي وائل وهو أحد فقهاء التابعين وممن شهد مع عليٍّ حروبه : أن الخليفة على (رض) لم يسب لا في يوم الجمل ولا يوم النهروان .(9)
ولكن هذا التطرف والغلو من جانب الخوارج لم يكن ليخرج الخليفة الشرعي عن أهداب ونص وروح الشريعة التي ظل متمسكاً بها حتى حادثة اغتياله التي أقدم عليها أحد الخوارج (عبد الرحمن أبن ملجم)، فالخليفة الذي بقي بعد المحاولة على قيد الحياة ثلاثة أيام، لم يقبل أن يخرق العرف الدستوري الراشدي الإسلامي في البيعة والشورى ورأي أهل الحل والعقد. فيسأل من نولي بعدك يا أمير المؤمنين، فقال : لم يول رسول الله (ص) لأولي أنا من بعدي، أنتم بشؤونكم أدرى. وأكثر من ذلك،. فالخليفة الذي حارب الخوارج يوصى الناس بأن لا يقاتلوا الخوارج بعده، ويعلل ذلك بقواعد سياسية رائعة بقوله : ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه. كما ذكر عنه (رض) قوله : إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة فقاتلوهم، وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم، فإن لهم في ذلك مقالاً.(10)
وعلى أية حال، فإن الخليفة الرابع عندما اغتيل في مسجد الكوفة، كان ذلك فصلاً مؤلماً آخر من فصول الصراع الدموي الذي أودى بحياة واحد من كبار رجال الصحابة، وقائد من كبار قادة الجماعة الإسلامية، وإن اغتياله سوف لن يحل شيء من التعقيدات السياسية، بل سوف تزيد منها، مع أن الخليفة الذي عاش ثلاثة أيام قبل وفاته متأثراً بجراحه لم يستخلف أحداً بعده للخلافة، قائلاً أن هذا هو شأن المسلمين والجماعة الإسلامية. (11)
وبوفاة الخليفة الرابع يقول أحد المؤرخين:" وهكذا أنتهي الحكم الشعبي الذي كان قوامه البساطة المشيخية، ولم يقدر له من بعد، أن يظهر في أي دولة إسلامية، ولم يبق بعد زوال نظام الحكم الانتخابي سوى الفقه والأحكام المستندة إلى القرآن"(12)
ومع أن الخوارج هزموا عسكرياً في الكثير من المعارك كما كسبوا غيرها، غير أن وجودهم السياسي تواصل بهذه الدرجة أو تلك من القوة في أمصار الدولة الإسلامية حتى في العهود اللاحقة. وهذا مؤشر على أن حركتهم ذات فحوى ومحتوى سياسي / ثقافي كان له صداه بين الناس، وهو دليل حيويتهم حتى عهود متقدمة.
ثالثاً : الفكر السياسي / الثقافي للخوارج
لم يتشكل الفكر الخارجي دفعة واحدة، كما لم يكن من نتاج عالم واحد من علمائهم، بل تكون خلال سنوات الصراع السياسي والعسكري في العهود اللاحقة سواء في عصور الخلافة الأموية أو العباسية.
وكانت حركة الخوارج في البدء حركة سياسية/ أيديولوجية تهدف إلى التمسك بالمبادئ وبعدم التفريط بها، بيد أنها وباعتراضها على عملية التحكيم، أسبابه ونتائجه، أتسع إطارها النظري السياسي ليشتمل نظرية الخلافة حيث طوروا أسس نظريتهم للخلافة، وهي أن الخلافة يجب أن تكون باختيار حر من المسلمين. وإذا اختير كخليفة فلا يصح أن يتنازل أو يعرض أمره للتحكيم، وليس من الضرورة أن يكون الخليفة قريشياً، بل يجوز أن يكون غير ذلك أيضاً ولو كان عبداً حبشياً(استناداً لحديث للرسول منقول عن البخاري: أسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد حبشي كان رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله تبارك وتعالى) (13) وإذا تم الاختيار، أصبح رئيساً للمسلمين وعليه أن يخضع خضوعاً تاماً لما أمر به الله والرسول(ص)، وإلا وجب عزله، أي عزل الخليفة ممكن برأي الخوارج.(14)
والخوارج الذين لم يكونوا على جانب من الثراء على الصعيد النظري، طبع التطرف والتعصب مواقفهم وسياساتهم إذ كانوا يقولون: أن مرتكب الصغيرة والكبيرة في النار وهو كافر، في حين كان موقف المرجئة أكثر مرونة بقولهم: أن مرتكب الكبيرة مع فسقه وفجوره فهو مؤمن. أما المعتزلة فقد قرروا: أن مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن بزوال أحكام الكفر عنه، ووجب أنه ليس منافق في زوال أحكام المنافقين عنه في سنة رسول الله (ص)، ووجب أنه فاسق فاجر لإجماع الأمة على تسميته بذلك لتسمية الله له في كتابه " بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" 11ـ الحجرات).(15).
بل لم يكن للخوارج في بداية ظهورهم أفكار فارقوا به أهل السنة، فقد كانت مفارقتهم للمسلمين في البدء متعلقة باعتراضهم على مسألة التحكيم، إلا أن مذهب الخوارج اتسع ليدخل في بدعِ ومخالفات، وتطرف في المواقف السياسية أستدعى تماثلاً في التنظير لتلك البدع والمخالفات، وتشعبت مذاهبهم وتأويلاتهم في الشريعة، حتى غدوا أسرى التطرف والمغالاة. وشططهم في تأويل فقرات من الشريعة .
والخوارج وإن تقدموا بطروحات دينية، إلا أنها فئة سياسية قبل أي شيء آخر، انشقت عن معسكر الخليفة الشرعي، وبذلك كانت فرقة الخوارج فعلاً " أول حركة احتجاج على التضحية بالمبادئ في سبيل الغايات"(16) وبذلك كانت في بادئ الأمر حركة ذات صبغة سياسية محضة(الاحتجاج على التحكيم ونتائجه)، غير أنهم مزجوا لاحقاً في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان تعاليمهم السياسية بأبحاث دينية شرعية، وأهم ما توصلوا غليه في هذا المجال هو ليس الاعتقاد بالإيمان وحده، ولكن بعدم ارتكاب الكبائر. إذن فهناك مسألتين مهمتين:
1 . نظرية الخلافة.
2 . نظرية أن العمل هو جزء من الإيمان.
ونجد من المبكر الاسترسال في عرض الآراء الشرعية والفقهية لنظرية الخلافة في الإسلام أكثر مما فعلنا، ذلك أن الموضوع وصل إلى نقطة متفجرة في خلافة على بن أبي طالب، بل في ختام الخلافة الراشدية ومطلع الخلافة الأموية حيث حصل المزيد من التبلور والوضوح في مواقف وأراء الجهات والفرق الإسلامية.
وفي خلال مسيرتهم السياسية والنضالية، طور الخوارج أفكارهم من خلال ردودهم على سواء على خصومهم، أو الأطراف السياسية الأخرى في الساحة كالمعتزلة(بدرجة أساسية) والمرجئة والفقهاء وعلماء الدين بصفة عامة. لذلك نجد أن أفكار مهمة للخوارج هي في الواقع عبارة عن تحديد موقفهم حيال موضوعات اعتبرت في زمانها ووقتها موضعات مهمة كانت تشغل أهل العلم والفقه والسياسة على حد السواء، كالمنزلة بين المنزلتين في إطار تحديد مرتكب الكبيرة، والعدل والتوحيد، وسواها.
والخوارج الذين تفاعلوا تأثراً وتأثيراً مع أراء غيرهم من الفرق والجماعات، كان بعضها يمثل ردود فعل على التطرف، أو تطرف كرد فعل على التساهل في المبادئ من أجل الأهداف السياسية، وعلى سبيل المثال، فإن الفكرة البسيطة للأرجاء تطورت بتطور المواقف السياسية واكتسابها طابع الحدة والتطرف، فالمرجئة الذين عرفناهم كحزب سياسي ظهروا في العقود الأخيرة من القرن الهجري الأول، وربما قبل ظهور المعتزلة بفترة بسيطة، تطور موقفهم السياسي والنظري كرد فعل على تطرف الخوارج.
وكان الخوارج، الذين غادروا معسكر الخليفة الراشدي علي بن أبي طالب احتجاجاً على قبوله التحكيم أولاً، ومن ثم طوروا مواقفهم السياسية والنظرية، ولكنهم مثلوا على الدوام الطرف الأكثر غلواً. ومن جملة ما تطرفوا فيه بصفة خاصة، أنهم كانوا يكفرون بسهولة ويدعون أن مرتكب الكبائر ليس بمؤمن، وأنهم بذلك أجازوا قتل خصومهم، بل وتعدوا ذلك إلى عوائلهم من النساء والأطفال.
وفي حمى هذا التطرف كان بديهياً أن يبرز طرف آخر يدعو إلى العقلانية، وكان المرجئة هم الحزب الأكثر مرشحاً لهذه المهمة. فالمرجئة أساساً طرحوا عكس أراء الخوارج وقالوا " إن الإيمان هو المعرفة بالله والخضوع له والمحبة بالقلب، وما سوى ذلك من الطاعة ليس من الإيمان، ولا يضر تركها حقيقة الإيمان، ولا يعذب إذا كان الإيمان خالصاً واليقين صادقاً " ثم صاغوا قاعدتهم الشهيرة : " أنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا يضر مع الكفر طاعة ".(17)
رابعاً : فقرات أساسية في الفكر الخارجي
والفكر السياسي الخارجي الذي أنبثق كما أسلفنا كردود أفعال على أفكار ومواقف قوى سياسية أخرى معاصرة لها، ويلاحظ غالبية المؤرخين أن تلك المواقف كانت متطرفة، إذ طبعت الرومانسية الثورية، والغلو تلك المواقف حتى غدت الحركة أسيرة لها، فالتطرف يقود إلى مبالغة في التطرف، والحركات الانشقاقية التي شهدتها الحركة تؤكد هذا المنحى الذي لا يقتصر على حركة الخوارج كحركة سياسية، بل وكذلك مسار الحركات والأحزاب التي تنهج التطرف والمبالغة عامة في طرح الآفاق المثالية للأهداف السياسي / الاجتماعية مما لا نصيب لها على أرض الواقع. ومن أكثر الأمثلة سطوعاً هو انشقاق حركة الازارقة عن الخوارج، وهي فرقة ذهبت مذهباً بعيداً في الغلو والتطرف.
وفي جرد وتحليل المعطيات حول فكر الخوارج ومواقفهم النظرية / السياسية يمكننا أن نثبت الفقرات الأساسية في فكر الخوارج وكما يلي :
1. في نظام الحكم : كان الخوارج من المجاهرين بجواز إمارة المسلم للإمامة بصرف النظر عن نسبه ولونه وجنسه إذا توفرت فيه الصفات الرئيسية: الصدق والأمانة، والالتزام بالدين الحنيف التزاماً صارم، وأن يكون وعادلاً، ونعتقد أن هذه النظرية صالحة لتداول السلطة ديمقراطياً، ولكن بعضهم أجاز ولاية المرأة، وهو ما أعتبر ابتعاداً عن الفكرة السائدة. كما أكدوا أن الامارة لا يمكن أن تورث.
2. كان موقف الخوارج في حياتهم الداخلية، ذا طابع ديمقراطي. فالخليفة لديهم هو منتخب، يحوز على ثقة المنتخبين، لا يعيَّن ولا يورَّث، ولا يورِّث. وهذا تقليد ديمقراطي إيجابي هام في تاريخ الفكر الديمقراطي العربي الإسلامي. ولكن هذه الأفكار ظلت محصورة في إطار الخوارج دون أن يتعداه.
3. خاض الخوارج في موضوعة مثيرة للجدل في الفكر السياسي الإسلامي، حين أجازوا الثورة على الإمام الفاسق والجائر .
4. كان للخوارج رؤيتهم الخاصة في الخلافة من الرسول (ص) بقبولهم ولاية أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وبعض من ولاية عثمان بن عفان، ولكنهم يوجهون الإدانة لولاية علي بن أبي طالب، وناهضوا خلافة معاوية بن أبي سفيان وقاتلوه.
5. أكد الخوارج على نظرية الاختيار والبيعة في انتخاب الأمير، واعتبروا أن اختيار الأمير هو من (فروع الشريعة)، أي من شؤون الحياة والسياسة وليس من أصول الدين، وإن مصدرها هو الرأي وليس الكتاب أو السنة(18). . وإن كل مسلم هو صالح للخلافة ما دام قد توافرت فيه شروطها من إيمان وعلم واستقامة، مع شرط أن ينال البيعة فالمعنى العصبي الأرستقراطي بعيد عن تفكيرهم، بل عدو لمنهجهم ومسلكهم. (19)
6. في إطار الجدل الذي نشب حول مرتكبي الكبائر والمظالم من الحكام والولاة، وساهم فيه المعتزلة بالنصيب الأكبر حول مرتكب الكبائر، فكفروا مرتكب الكبيرة الذي مات عليها ولم يتب، فيما قال المعتزلة أن الفاسق هو في منزلة بين المنزلتين.
وقد أدت المناقشات في موضوعة المنزلة بين المنزلتين، بالإضافة إلى الفقه الديني، أدت إلى الخوض في قضايا سياسية، بل أن هناك من يعتقد أن جذر (المنزلة بين المنزلتين) في الفكر المعتزلي هو سياسي، قاد إليه الموقف من النزاعات والصراعات السياسية، أو الموقف من الحكام والولاة الفاسقين الذين يرتكبون الكبائر. كما كانت ثورات الخوارج عاملاً ضاغطاً مثيراً للجدل والمناقشات في الحياة السياسية العربية الإسلامية. نعم، كان للمسألة وجه ديني، ولكن إذا شئنا النظر إلى الموضوع بصورة شاملة، فأن المضمون السياسي لها سيبرز بصورة واضحة، ثم استطردوا في هذا المبحث، فتداولوا في قضية الإمامة، وكانت واحدة من أشد الموضوعات حرارة في الحياة السياسية، بل أشدها على الإطلاق، وفي مسألة خلع الإمام الجائر في حال ثبوت فسقه إذ يفقده ذلك أهليته لهذا المنصب.(20)
7. وفي إطار الأفكار التي كانت مدار المناقشات هي فكرة العدل، وفيها أتفق الخوارج مع غيرهم في نفي الظلم والجور عن الذات الإلهية (الله سبحانه) بأن الله قد منح البشر العقل والإرادة في الأفعال والأعمال.
8. أجمعت كافة فصائل الخوارج على تنزيه الذات الإلهية عن المحدثات.
9. أكد الخوارج صدق وعد الله للمؤمن المطيع، وصدق وعيده للعاصي، والله صادق في وعدة ولا يخلف وعيده.
10. أعتبر الخوارج أن الدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صلب واجباتهم، ومن ذلك الثورة المسلحة على الحاكم الفاسد الجائر.
11. كان الزهد في الحياة والقتال إحدى تعاليم الخوارج الأساسية، وانتصارهم للمظلومين، والثورة على الطغاة، ونصرة الحق والعدل، وفي ذلك كانوا يشترطون في أمرائهم وقادتهم التقوى والشجاعة والنزاهة . وقد عرف عن الخوارج تقاليدهم التي اشتهروا بها في القتال، وعفة زهد اتصفوا به في الثروة، فحررهم ذلك من قيود الحرص على الاقتناء، وأعانهم على الانخراط في الثورات والرحيل الأسرع في ركاب الجيوش الثائرة(21).
12. الشورى. أكد الخوارج على مبدأ الشورى(أي بانتخاب الخليفة)، شأنهم شأن معظم الاتجاهات السياسية الإسلامية، ولكنهم باستبعادهم الوراثة في الحكم، والميل إلى دمقرطة الحياة السياسية يمنح هذا التوجه مصداقية أكبر مما لدى غيرهم. وبذلك كرسوا مبدأً ديمقراطياً في شؤونهم الداخلية.
13.إن الفكر الخارجي كان فكراً محدوداً. بمعنى أنه في علاقته مع المجتمع، رفض رفضاً باتاً التنوع. وعدَّ من يخالفه، أو لا يشاركه الرأي، عدواً له. وهذا ما أدى إلى تقليص القاعدة الاجتماعية لهذه الحركة، وتقليص إمكانيتها فيما يتعلق بإقامة تحالفات، أو بوجود حلفاء لها. وهذا أدى بنتيجة المطاف، إلى تسهيل توجيه ضربة قاصمة لها، وإلحاق الهزيمة بها.
14. نتيجة بنيتهم الفكرية تلك، التي تكلمنا عنها، لم يكن أيضاً لدى الخوارج إمكانية تحديد من يجب توجيه الجهود ضده في مرحلة محدودة، والتعاون معه في مرحلة أخرى. كان الجميع ممن يخالفهم الرأي أعداء. وهذا أدى إلى أن قوى المعارضة الإسلامية السياسية المتعددة، القائمة آنذاك، لم تكن موحدة، فاستطاعت السلطة استدراج كل قوة على حدة، وتصفيتها.
15. كان الخوارج مشبعين بحلم بناء دولة العدالة التي لم تكن هناك إمكانية لنجاحها مطلقاً. بيد أن هذا الحلم، كان يعبر عن رغبة عميقة لدى الجماهير الفقيرة بالعدالة الاجتماعية، وخصوصاً الجماهير الشعبية المهمشة الأكثر فقراً وعمادها الفلاحون الفقراء، الذين كانوا يخضعون لعملية استغلال لا حدود لها. إلا أن موقف الخوارج من مسألة الملكية، لم يكن حاسمًا كما كان الأمر مثلاً، بالنسبة للقرامطة. أي أنهم لم يتخذوا موقفاً معادياً للملكية الخاصة. وهذا أيضًا كان يعكس طموح الفلاح المعدم إلى تملك الأرض، لأنه كان يرى في تملكه للأرض، خلاصاً من استثمار المالك، وحريةً يمكن أن يمتلكها أيضاً.
خامساً : ثورات الخوارج
في العصر الأموي:
بعد معركة النهروان ومقتل خليفتهم ابن وهب، استطاع الخوارج أن يقوموا بعدد من الانتفاضات في مختلف أنحاء الدولة الأموية. وقد استطاعوا أيضاً إحراز العديد من الانتصارات على الجيوش الأموية. ونتيجة هذه الانتصارات، بدأت أعدادهم تكبر وتزيد. إلا أن الدولة الأموية، استطاعت فيما بعد أن تقمع هذه الانتفاضات بقسوة بالغة، وألحقت بهم هزائم مريرة. وقد كان لفشل الخوارج في هذه الانتفاضات، الأثر السلبي الكبير على تطور حركتهم، إذ أدى ذلك إلى حدوث انقسامات في صفوفهم، وبدأ يتطور اتجاه معتدل لديهم، إذ توجهوا لاحقاً باتجاه القيام بتسوية سياسية مع السلطات القائمة آنذاك.
* وبعد مقتل الخليفة الراشدي علي بن أبي طالب (رض) وتنازل ابنه الحسن لمعاوية بدأت حرب الخوارج للنظام الأموي، بل وكادوا أن يحرزوا انتصاراً حاسماً ويهزموا الجيش الأموي في أول تماس بين الطرفين، لولا نجدة أهل الكوفة لجيش معاوية.
* في سنة 41هـ قاد سهم بن غالب التميمي والخطيم الباهلي تمردًا داخليًّا ضد بني أمية استمر حتى قضى عليه زياد بن أبيه قرب البصرة سنة 46هـ، أي بعد خمس سنوات(22).
* واستمرت ثوراتهم ضد الأمويين، ففي آخر شوال سنة 64هـ بدأت ثورتهم الكبرى بقيادة نافع بن الأزرق، وهي الثورة التي بدأت بكسر أبواب سجون البصرة، ثم خرجوا يريدون الأهواز.
* وفي سنة 76هـ وسنة 77هـ تمكّنوا بقيادة شبيب بن يزيد بن نعيم من إيقاع عدة هزائم بجيوش الحجاج بن يوسف الثقفي.
وغير ذلك من الثوارات التي استمرت حتى أواخر الدولة الأموية.
وبالرغم من أن هذه الثورات الخارجية لم تنجح في إقامة دولة مستقرة يحكمها الخوارج، طويلاً إلا أنها قد أصابت الدولة الأموية بالإعياء، حتى انهيارها السريع تحت ضربات الثورة العباسية في سنة 132هـ ، فالعباسيون قد قعدوا عن الثورة قُرابة قرن بينما قضى الخوارج هذا القرن في ثورة مستمرة، " ثم جاء القَعَدَةُ فقطفوا ثمار ما زرعه الثوّار "(23).
الخوارج في العهد العباسي:
واصل الخوارج نضالهم في العصر العباسي في مراحل عديدة، وفي مناسبات كثيرة، ولكن بفعالية أقل مما كانت عليه في العصر الأموي.، إذ كانت جذوتهم قد بدأت تخبوا، وخطرهم بدأ ينحسر.
ولكن لابد من الإشارة إلى أن حركة ذات سمات وشعارات خارجية، الخوارج كانت قد ظهرت في أواخر العهد الأموي في الشمال الإفريقي بين القبائل البربرية، وقوى أمرهم، وحاربوا حكام تلك البلاد، حتى سيطروا على القيروان حتى أخرجها منهم يزيد بن حاتم بن قبيصة، الذي أرسله المنصور العباسي.
كما أن بعض أسر الخوارج قد حكمت تاهرت لأكثر من 130 عاماً (وإن كانت تفتقد الاستقرار) حتى أزالهم عنها الفاطميون. ولعل سر انتشار هذه الحركة بين البربر هو ميلهم للصراع العسكري مع السلطات، ثم انجذابهم إلى الشعارات التي تنطوي على الكثير من شعارات المساواة، بالإضافة إلى الظروف الخاصة التي كان يعاني منها البربر.
سادساً : دول الخوارج
قلنا في هذا البحث أن الخوارج لم ينجحوا بتأسيس دول مستقرة، في سلم مع من حولها من الدول الكبرى في عصرها، أو مع الكيانات الصغيرة القريبة منها. بل أن وجودهم السياسي كان مرافقاً للحروب والمعارك، لذلك لم يتمكنوا من تقديم مثال لما ينبغي أن تكون عليه الدولة وفق مفاهيمهم.
وقد شهد مشرق الوطن العربي خاصة تأسيس كيانات سياسية عديدة للخوارج، كان لها في بعض الحقب شأن سياسي وعسكري مهم .
ــ دولة الخوارج الإباضية في المغرب الأدنى والأوسط، وأخضعت أجزاء واسعة لنفوذها.(24)
ــ دولة للخوارج الصفرية في سجلماسة وتدعى دولة بني مدرار (25).
ــ دولة للخوارج الإباضية في (تاهرت)، إذ أسسوا هذه المدينة عام 161هـ، وأصبح عبد الرحمن بن رستم إمامًا لهذه الدولة (الدولة الرستمية)، التي استمرت من سنة 160هـ حتى سنة 296هـ . (26)
أما كياناتهم السياسية في المشرق العربي، فكان أبرزها، في عمان على ساحل الخليج العربي، فقد كانت ظلت منذ فجر الإسلام مستقرًّا للمذهب الإباضي، وكان من الأمور الطبيعية أن يسيطر أبناء المذهب على نظام الحكم فيه في شكل إمامة تستمد نظام حكمها وأحكامها من المذهب الشائع بين أهل البلاد، لكنها لم تتمكن أن تشع بتأثيرها فبقيت محدودة التأثير.
ــ الإمامة الأولى (إمامة الجلندى):
بدأت الإمامة الأولى في عمان المستقلة سنة 132هـ على وجه التحديد، وهي السنة التي سقطت فيها دولة بني أمية وقامت دولة بني العباس، وكان أول إمام هو الجلندَى بن مسعود بن جلندَى الجلنداني.
ــ إمامة الخروصيين:
ظلت أمور عمان مضطربة حتى قيض الله لتلك البلاد إمامًا من بني خروص هو الوارث بن كعب الذي بويع له سنة 179هـ، وقد عاشت دولة بني خروص حتى بعد سنة 400هـ بقليل.
ثم انتهت إمامة الخروصيين وآلت من بعدهم إلى النباهنة الذين لم تكن حال عمان في عصرهم من حيث الأمن والاستقرار بأفضل من عهد سابقيهم، الأمر الذي هيأ لإمامة جديدة في أسرة جديدة.
ــ إمامة اليعاربة:
كان ناصر بن مرشد بن سلطان اليعربي الحميري الأزدي أول إمام يعربي ولي الإمامة سنة 1034هـ.
ــ إمامة البوسعيدية:
انتقل ملك اليعاربة إلى أحمد بن سعيد البوسعيدي سنة 1154هـ، وهو جَدُّ الأسرة الحاكمة في عمان في الوقت الحالي(27).
سابعاً : خلافات وانقسامات الخوارج
الخوارج مثلهم كمثل سائر الفرق الإسلامية لم يمنعهم الاتفاق في الأصول من الاختلاف في الفروع والمسائل، فشهد تاريخهم عددًا من الانقسامات قادها عدد من أعلامهم وأئمتهم، ولقد ظل الخوارج بعيدين عن الانقسام حتى عهد إمامهم نافع بن الأزرق (65هـ)، الذي مثّلت الفرقة التي قادها "الأزارقة" أول انقسام داخل تيار الخوارج العام.
وفي مجرى الزمن والأحداث، أنشق الخوراج إلى عدة فئات، حدد المعتدلون منهم انفصالهم في مدن المعسكرات بخوض مناقشات دينية، فيما وضع المتطرفون منهم مبادئهم القائمة على العنف موضع التنفيذ وشكلوا تهديداً مستمراً للعراق، إذ كونوا مجاميع مقاتلة صغيرة نسبياً وخاضوا معاركهم وفق الأسلوب العربي القديم في بلاد الرافدين، أسلوب الإغارات السريعة. وكانوا يقاتلون أعدائهم(وهم مسلمون أيضاً) بدون رحمة، ينسحبون بعدها إلى الأراضي الجبلية المرتفعة في إيران. وقاموا بأعمال إرهابية، ومنهم فئات تعتبر كل من هو ليس خارجياً فهو كافر مع عائلته. وقد أرعبت هذه الأفكار حلفائهم الطبيعيين وهم فلاحوا العراق الذين لم يكونوا جميعاً مسلمين(بينهم من أهل الذمة) الأمر الذي لم يكن له أهمية عند الخوارج. ولم تتح التناقضات الداخلية الحادة بين مجاميع الخوارج، إقامة قيادة موحدة لهم، بل مكنت الحكومة الحكومة المركزية من ألحاق الهزائم بهم باستخدام قوات صغيرة مع أن القوات الحكومية المركزية كانت قوية. وتمثل النجاح الأكبر للخوارج بمنجزات الأباضية المعتدلين بين بدو وسط شبه الجزيرة ووسط وشمال أفريقيا.(28)
وبعد أن استشرت الانقسامات والاختلافات في المسائل والفروع ظلت الجماعات الرئيسية في حركة الخوارج هي:
1. الأباضية : وهي الفرقة التي أسسها عبد الله بن إباض.
2. الأزارقة: وهي الفرقة التي أسسها نافع بن الأزرق.
3. النجدات: وهي الفرقة التي أسسها نجدة بن عامر الحنفي.
4. الصفرية: وهي الفرقة التي أسسها زياد الأصفر، أو النعمان بن الأصفر، أو عبد الله بن صفّار على خلاف في ذلك.
الأباضية :
ولقد انقرضت هذه الفروع الخارجية ولم يبقَ من الخوارج سوى الإباضية الذين لا تزال لهم بقايا حتى الآن في أجزاء من الوطن العربي (عمان) وشرقي إفريقيا، وفي أنحاء من المغرب العربي (تونس والجزائر)، وفي الجنوب الشرقي للقارة الإفريقية (زنجبار)(29).
وقد سميت هذه الفرقة بالاباضية نسبة إلى مؤسسها (عبد الله بن إباض) وفي منتصف القرن الثامن ميلادي، قام الإباضيون بانتفاضة في قلب شبه الجزيرة العربية، ولكنهم تقهقروا تحت ضغط جيوش عبد الملك بن مروان باتجاه الجنوب، وخصوصاً إلى منطقة عُمان. فأقاموا دولتهم هناك (سكان سلطنة عُمان حالياً هم من الخوارج الإباضيين). وخلال فترة طويلة من الزمن، كان الأباضيون ينتخبون خليفتهم انتخاباً، وقد فشلت جميع المحاولات التي كانت تجري من أجل إحداث تغيير في هذا النهج، بهدف تثبيت التوريث. أما التوريث الحالي في سلطنة عُمان، فهو حديث العهد وليس قديما جداً.
وقد أضطرت الحملات الحكومية بعض الأباضيين بالهجرة إلى شمال إفريقيا (المغرب العربي) حيث أنشؤا لهم أمامة هناك في أواخر القرن الثامن. وقد سقطت هذه الإمامية في عام 900 ميلادي، على يد الجيوش الفاطمية التي كانت تتجه لإنشاء دولتها الخاصة في سياق زحفها إلى مصر. ولا يزال أنصار الإباضيين الخوارج إلى الآن، يتواجدون كأقليات دينية مؤثرة في عدد من بلدان المغرب العربي.
الأزارقة :
هي فرقة من غلاة الخوارج، سموا بهذه التسمية نسبة إلى مؤسسها نافع بن الأزرق، أتصفوا بالغلو والتطرف، ومنها نظريتهم : إن جميع مخالفيهم من المسلمين مشركون، وإن من لا يسارع إلى دعوتهم واعتناق مذهبهم فإن دمه ودم نسائه وأطفاله حلال، وقد كفّروا علي بن أبي طالب (رض)واعتبروا قاتله عبد الرحمن بن ملجم شهيدًا بطلاً(30).
أستطاع الازارقة في مجرى نضالهم ضد الأمويين من تحقيق أنتصارات مهمة، إلا أنهم ولأسباب ذاتية أهمها أن الغلو في طرح مواقفهم أبعد عنهم الكثير من التعاطف الشعبي، وحرمهم من التأييد، فـنافع بن الأزرق كان يعتقد هو ومن معه أن المسلمين جميعاً كفار، وأن الأمة بأجمعها كافرة إلا نافعاً ومن كان معه، حتى من كان على مذهب نافع ولكنه لم يهاجر إليه فهو عندهم كافر، فلو أن إنساناً محبوس، ولا يستطيع أن يتخلص من ظلم الحجاج أو من سيطرته مثلاً فلم يخرج ولم يهاجر إلى نافع ويلتحق بجيشه، فهذا عندهم كافر وإن كان على مذهبهم، وهؤلاء يسمونهم القعدة، فكان نافع يكفر القعدة، ويرى أن ديارهم كلها دار كفر، فكل الأمة الإسلامية دار كفر إلا معسكره فقط.
وموضوعية، تمثلت بعزم السلطات على محاربتهم بعد أن تصاعدت شراستهم وإلحاقهم الأذى بأموال الناس وأرواحهم مما سهل على السلطة الحاكمة آنذاك، توجيه ضربة قاصمة لهم، وبالتالي انتهاء هذا التيار واختفائه عن الساحة.
النجدات :
وإن (النجدات) من الخوارج يرون أنه لا حاجة إلى إمامٍ إذا أمكن الناس أن يتناصفوا فيما بينهم، فإن رأوا أن التناصف لا يتم إلا بإمام يحملهم على الحق فأقاموه جاز، فإقامة الإمام في نظرهم ليست واجبة بإيجاب الشرع، بل جائزة، وإذا وجبت فإنما تجب بحكم المصلحة والحاجة(31).
4. الأصافرة :
تأسست هذه الفرقة في القرن السابع الميلادي، وسميت بالأصافرة نسبة لآل الأصفر الذين أسسوها. وكان الأصافرة أكثر اعتدالاً من الأزارقة، فهي أجازت المناورة إذا تطلب الأمر ذلك. وقد تراجعوا مؤقتاً عن تكتيك الجهاد من أجل إسقاط السلطة، ورأوا أن الجهاد، يجب أن تتوفر له المقومات كي يسيروا بخطا ناجحة. كما أنهم لم يكونوا ضد إخفاء الاعتقاد إذا اقتضت الضرورة ذلك، متبعين في هذا ما أطلق عليه اسم التقيّة. وقاد هذا النهج المعتدل لهذه الفرقة، إلى التقارب أكثر فأكثر مع فرقة الإباضيين. وقد هاجر القسم الأكبر من هذه الفرقة، إلى شمال إفريقيا، وعملوا بنشاط مع شركائهم الإباضيين، لبناء مجتمعهم الخاص بهم هناك.
ثامناً : انحسار دعوة الخوارج وأسبابه
قد تقدم ما يوضح بعض أسباب انحسار دعوة الخوارج عن مناطق الحركة العلمية، والنشاط الثقافي، والنفوذ والقوة والازدهار ليعيشوا في مناطق نائية وعرة بعيداً عن سلطة الدولة، في حياة فيها الكثير من مظاهر الجهل والقسوة والبداوة، وحرمهم إلى حد كبير من المساهمة في المد الثقافي والعلمي الذي كان يزداد قوة يوماً عن يوم، وضاعفت قسوة الحياة البدوية النائية، فوق تطرفهم وقسوتهم خيال من لا يتفق معهم في الرأي.
ونؤكد على أن مما ساهم في إنحسار دعوتهم، وتحجيم نشاطهم سرعة تفرقهم، وتشعبهم فرقاً وأحزاباً، لتطرفهم مما كان يبعد عنهم عامة الناس، ويفيد السلطات في تأليب الناس ضدهم، وإثارة محاولات الانشقاق فيما بينهم.
وساهمت طبيعة تعاليمهم، التي كانت تنعكس على مواقفهم، وعلى تحركهم السياسي والعسكري، في منح الحركة طابعها المميز، بالقسوة والغلو،ولا تساعد مثل هذه الظروف على تصاعد نضال حركة تواجه في الدولة خصماً قوياً، كما لا تساعد ظروفها الداخلية على النمو وبلورة مواقف ناضجة، وتطوير فكري لنظرياتهم. بالإضافة إلى عدم وضوح كثير من الأمور الدينية لهم، حيث لم يكونوا قادرين على التمييز بين الإيمان والكفر وموجباتهما.
لكننا، لا نستطيع أن نلوم حركة الخوارج على ما قدمته من أفكار، لأن من يدرس خصائص التطور المجتمعي في ذلك العصر الذي نشئوا فيه، فلا بد أن يصل إلى قناعة عميقة بأن الصراع الاجتماعي الذي كان قائماً آنذاك، كان من الحدة بشكل، أنه لم يكن ليسمح إلا بأفكار حادة على هذا الشكل. وهذا يعطي الخوارج التبريرات التاريخية لهم. ومع ذلك، يبقى للخوارج مأثرة تاريخية أيضاً. فهم من الأوائل الذين طرحوا فكرة الانتخاب للحاكم. وبالتالي وضعوا لبنة جنينية لتطور الفكر الديمقراطي للحركة الإسلامية، ورفضوا توريث الحاكم. مكرسين بذلك التقاليد الشعبية للحركة الإسلامية التي كان عمادها في الأساس، ليس أثرياء المسلمين إطلاقاً، وإنما فقراؤهم، مثل بلال الحبشي وأبو ذر الغفاري وغيرهما. وتبقى صفحة الخوارج جزءاً من الكثير من صفحات التاريخ الإسلامي التي يجب إضاءتها بكثير من الموضوعية، في سياق الفهم التاريخي لها. وليس من خلال إعطاء أحكام جاهزة عليها، كما أراد بذلك أعداؤها اللاحقون.
وبالإضافة إلى هذه العناصر المحلية، غدت الولايات الشرقية ميداناً للفعاليات المعادية للدولة الأموية أو العباسية على حد السواء، فقد لاحظنا أن الخوارج الذين كانوا يلجأون إلى المناطق الجبلية في الولايات الشرقية ويقيمون هناك مناطق عصيات أو تمرد أو ثورة، خارجة كلياً أو جزئياً عن سيطرة حكام الولايات، ويسعون لفرض هيمنتهم بالقوة، ولكن لا بد أنه قد ضمنوا بهذا القدر أو ذاك عناصر من أبناء تلك المناطق، وهو ما قامت به فئات من العلويين أو المحسوبين عليه التجأت إلى تلك المناطق تخلصاً من السلطات، ثم استغلال الأجواء المعادية أصلاً للخلافة هناك، وكان أبناء تلك الرجاء يجدون في الانتماء إلى هذه التيارات تنفيساً لعدائهم لسلطات الخلافة المركزية.(32)
وهكذا اجتمعت في تلك الأرجاء أسباب ذاتية داخلية تمثلت بعناصر الثورة ضد النظام لظروف ومعطيات داخلية، قومية، ودينية، وثقافية، وظروف وعناصر خارجية موضوعية تمثلت بحركات ودعايات الخوارج والعلويين، ولكن لم يتمكن غير العباسيين من توظيف واستثمار هذه المتناقضات في أطار عملية سياسية / عسكرية سليمة، فاشتغلوا في سياسة إقامة التحالفات والائتلافات وأداروا بذكاء عملية المعارضة للعهد الأموي، وانتهجوا في ذلك منهجاً منطقياً معقولاً، فلم يبالغوا ولم يتطرفوا أو يسرفوا في إطلاق الشعارات الخلابة والوعود التي تنطوي على التناقض في دعاياتهم، لاسيما أنهم كانوا القاسم المشترك بين أطراف عديدة متناقضة فيما بينها، وبذلك فأنهم ضمنوا حياد هو أقرب للتشجيع من الخوارج الذين كانوا بنفس الوقت خصوماً للعلويين، كما أنهم(العباسيون) كسبوا دعماً ومساندة فعالة من العلويين على أمل أن ينالوا من العباسيين مكسباً يستحيل عليهم اقتطافه من الأمويين، أما حركات الموالي على اختلافها، فقد اعتقدت أنها بدعمها للعباسيين قد ترخي قبضة الخلافة العربية، وإن النظام القبلي(العباسي) قد يفتح الأبواب ولو جزئياً أمام طموحاتهم في تحقيق مكتسبات سياسية، من خلال تغلغل عناصرهم في أجهزة الدولة، وصولاً للمراتب القيادية.(33)
* وفي الواقع فأن حسابات هذه القوى المتناقضة فيما بينها والتي أستطاع العباسيون بذكاء ودهاء أن يجمعوا بينها ويؤطروها في إطار نضالهم السري والعلني ضد الأمويين، لم تجد تحقيقاً تاماً لها على ارض الواقع بعد أن أستلم العباسيون الخلافة. وقد أثبتت التجربة أن تحالفات العمل السياسي في المعارضة والنضال هي غير التزامات السلطة ومسؤولياتها ، وفي استحقاقاتها التطبيقية. فالخوارج ظلوا على ثوريتهم الرومانسية واستمروا بطرح مواقف مثالية تعجيزية يصعب على العباسيين القبول بها، إما لأنها تعني مواجهة الجميع، أو تجاهل معطيات كثيرة كان الواقع المادي الموضوعي قد أفرزها طيلة الحقبة الأموية، ولم تعد مفردات الموقف السياسي / الأيديولوجي، أو الاجتماعي/الاقتصادي، تحمل ذات الملامح والسمات التي كانت عليها يوم طرح الخوارج مواقفهم السياسية من مسألة الإمامة والخلافة تحديداً.(34)
تاسعاً : هوامش البحث
1 . الدباغ، د. ضرغام : نظام الخلافة العربي الإسلامي، ص 121، مخطوطة تحت الطبع.
2 . حوراني، ألبرت: الفكر العربي في عصر النهضة، ص14، بيروت/1977
3. أمين، أحمد : فجر الإسلام ، ص258 ، طبعة 10، بيروت/1969
4. أبن خلدون : تاريخ أبن خلدون العبر وديوان المبتدأ والخبر، ص 678، صادر عن بيت الأفكار الدولية / ــــــ
5. Rathmann, L. : Geschichte der Araber, S. 109- 116, Teil 1, Leipzig 1972
6. ابن كثير: البداية والنهاية، ج 7 / ص 280 ، 281، القاهرة / 1998
7. الأشعري، أبو الحسن : مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ج 1 / ص207.
8. الشهرستاني، أبي الفتح : الملل والنحل، ج1/ص114 ، بيروت / ــــــ
9. البيهقي: السنن الكبرى، مجلد 8، ص /18 (من الأنترنيت).
10. مصادر في الانترنيت
11. الدباغ، د. ضرغام : تطور أنظمة الحكم والسياسة العربية، ج2، مخطوطة قيد الطبع.
12. علي، سيد أمير: مختصر تاريخ العرب، ص 6 ، طبعة4 ، بيروت/1981
13. قطب، محمد: شبهات حول الإسلام، ص50
14. أمين، أحمد: نفس المصدر، ص258
15. عمارة، محمد : المعتزلة ومشكلة الحريات، ص 67 ، بيروت/9721
16. حوراني، ألبرت: نفس المصدر، ص14
17. الريس، د. محمد ضياء الدين : النظريات السياسية ، ص70
18 . عمارة، د. محمد : تيارات الفكر الإسلامي، ص 23 ، .
19. الشكعة، د. مصطفى: إسلام بلا مذاهب، ص130، الدار المصرية اللبنانية / 2004
20. الدباغ، د. ضرغام : تطور أنظمة الحكم والسياسة العربية، ص 108، مخطوطة تحت الطبع
21. عمارة، د. محمد : تيارات الفكر الإسلامي ص23السابق نفسه،
22. عمارة، د. محمد : تيارات الفكر الإسلامي ص27، 28.
23. عمارة، د. محمد : تيارات الفكر الإسلامي ، ص29، 30.
24. شاكر، محمود : الدولة العباسية ج5، الطبعة 6 ، ص 87. دمشق ـ بيروت / 2000
25. شاكر، محمود : الدولة العباسية ج5، الطبعة 6 ، ص 161. دمشق ـ بيروت / 2000
26. شاكر، محمود : الدولة العباسية ج5، الطبعة 6 ، ص 134. دمشق ـ بيروت / 2000
27. الشكعة، د. مصطفى: إسلام بلا مذاهب، ص 151 ـ 159، الدار المصرية اللبنانية / 2004
28. Rahtmann, L. : Geschichte der Araber, S. 129- 130, Teil 1, Leipzig 1972
29. د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص31-33.
30. الشكعة، د. مصطفى: إسلام بلا مذاهب، ص133، الدار المصرية اللبنانية / 2004
31. الإمام أبو زهرة: تاريخ المذاهب الإسلامية، ص88 القاهرة / 1996.
32. الدباغ، د. ضرغام : نظام الخلافة العربي الإسلامي، ص 155، مخطوطة قيد الطبع
33. الدباغ، د. ضرغام : نظام الخلافة العربي الإسلامي، ص 155، مخطوطة قيد الطبع.
34. الدباغ، د. ضرغام : نظام الخلافة العربي الإسلامي، ص156
عاشراً : مصادر البحث
1 . الدباغ، د. ضرغام : نظام الخلافة العربي الإسلامي، مخطوطة تحت الطبع.
2 .الدباغ، د. ضرغام : تطور أنظمة الحكم والسياسة العربية، مخطوطة تحت الطبع.
3. أمين، أحمد : فجر الإسلام ، ص258 ، بيروت/1969
4. أبن خلدون : تاريخ أبن خلدون، عن بيت الأفكار الدولية/ ــــــ
5. ابن كثير: البداية والنهاية، ج 7 / القاهرة / 1998.
6. الأشعري، أبو الحسن : مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ج 1 .
7. الشهرستاني، أبي الفتح : الملل والنحل، ج1/ بيروت / ــــــ
8. البيهقي: السنن الكبرى، مجلد 8. (من الانترنيت)
9. حوراني، ألبرت: الفكر العربي في عصر النهضة، بيروت/1977
10. مصادر في الانترنيت
11. قطب، محمد: شبهات حول الإسلام، بيروت / 1978
12. عمارة، محمد : المعتزلة ومشكلة الحريات، بيروت/9721
13. عمارة، د. محمد : تيارات الفكر الإسلامي، القاهرة / 1991.
14. علي، سيد أمير: مختصر تاريخ العرب، طبعة4 ، بيروت/1981
15. الريس، د. محمد ضياء الدين : النظريات السياسية الإسلامية، طبعة 3، القاهرة / 1960
16. الشكعة، د. مصطفى: إسلام بلا مذاهب، الدار المصرية اللبنانية / 2004
17. شاكر، محمود : الدولة العباسية ج5، الطبعة 6 ، دمشق ـ بيروت / 2000
18. الإمام أبو زهرة: تاريخ المذاهب الإسلامية، القاهرة / 1996.
19. Rathmann, L. : Geschichte der Araber, S. 109- 116, Teil 1, Leipzig 1972
1155 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع