شفق نيوز/ اقترح "معهد ستيمسون" الامريكي القيام بـ"اصلاحات" عميقة للحشد الشعبي، من خلال "نقاش اكثر عقلانية وواقعية" وتوافق سياسي، لصياغة استراتيجية طويلة الأمد، واعادة تعريف دوره، بهدف البحث في إمكانية مساهمة الحشد في البنية الأمنية العراقية واستكمالها كقوة استقرار.
وأشار تقرير للمعهد الأمريكي، ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى عودة المخاوف من امتداد العنف الاقليمي الى العراق، واشتعال الجدل حول الحشد الشعبي، بعد نحو 11 عاما من اندماج هذه الفصائل المسلحة للمساعدة في التصدي لغزو داعش، لافتاً إلى أن قادة العراق يواجهون قرارات حاسمة بشأن هذه القوة.
وبحسب التقرير الأمريكي، فمن أجل الحد من خطر تورط العراق في صراع اقليمي، يتحتم إصلاح الحشد حتى لا تصبح هذه القوات مبررا لتقويض استقرار البلد الذي تحقق بصعوبة.
ليس "ذراع إيران"
واعتبر التقرير، أن التصور الغربي السائد بأن قوات الحشد ليست سوى ذراع للسياسة الخارجية الايرانية، هو تصور مبالغ فيه، الا انه مما لا شك فيه ان الحشد تعاني من تدهور داخلي وانتقادات شعبية متزايدة، مضيفا انه برغم الدور الحاسم الذي لعبه الحشد في حملة هزيمة داعش وتحرير الاراضي العراقية، الا ان الصورة التي سعى الحشد وانصاره الى ترسيخها، على انه يحتل طليعة الدفاع عن السيادة الوطنية، قد تاكلت بشكل متزايد.
وبعدما قلل التقرير، من اهمية تصوير الحشد على انه مجرد وكيل لايران، مع تجاهل جذوره الاجتماعية العميقة في معاقل الشيعة في وسط وجنوب العراق، قال ان الادعاء بان الحشد يعمل خارج سلسلة القيادة الحكومية لا يعكس الصورة الكاملة، وهو ما تمثل بوضوح خلال انهيار نظام بشار الاسد في سوريا حيث التزم الحشد بالموقف الرسمي للحكومة العراقية وتجنب التدخل لدعم الاسد، على الرغم من وجود دعوات علنية من بعض الجهات للانضمام الى القتال.
وشدد التقرير الأمريكي، على ضرورة إجراء "نقاش أكثر عقلانية وواقعية يستكشف كيف يمكن للحشد المساهمة في البنية الامنية العراقية كقوة استقرار"، مضيفا أن الدعوات الى حل الحشد تنذر بتاجيج التوترات الطائفية.
ونبه التقرير، إلى وجود مشروع قانون مطروح يحاول وضع معايير اوضح لدور الحشد داخل الدولة العراقية، إلا أن "بعض الجهات المارقة داخل الحشد تعمل خارج سلسلة القيادة الرسمية وتقوض احيانا سلطة الدولة".
ولهذا، دعا التقرير الى صياغة رؤية استراتيجية طويلة الامد لقوات الحشد الشعبي واعادة تعريف دورها بما يستكمل الهيكل الامني الاوسع للعراق، لكنه اشار الى ان ذلك يتطلب وقتا وتوافقا سياسيا، ولهذا فانه بالامكان القيام بخطوات فورية لترسيخ اسس اصلاح اكثر عمقا.
اقتراحات
واقترح تقرير "ستيمسون" على الحشد الشعبي البحث بجدية في امكانية قطع علاقاته غير الرسمية مع ايران بشكل كلي من اجل معالجة التصورات السائدة عن ان للحشد توجهات سياسية معادية للغرب، مضيفا انه على غرار اي اي جهاز امني اخر، فانه يجب على الحشد الشعبي الامتناع عن التعبير عن اراء سياسية في الشؤون الداخلية او الخارجية، كما لا ينبغي دفع افراد الحشد الى الانخراط في تظاهرات معارضة لسياسة الحكومة.
وبالاضافة الى ذلك، اعتبر التقرير انه لا يجوز لقيادات الحشد، بمن فيهم رئيس الهيئة، السفر الى ايران او اي دولة اجنبية اخرى لاجراء مشاورات، وهو ما يفترض ان رئيس الوزراء المخول القيام بهذه اللقاءات حصريا بصفته القائد العالى للقوات المسلحة.
كما اقترح معهد "ستيمسون" الأمريكي، إدخال تغيير قيادي على هيئة الحشد، لنزع الطابع السياسي عن الحشد، موضحا ان فالح الفياض، يشغل منصبه منذ تأسيس الهيئة، وهناك جدل حول خضوعه لقوانين التقاعد الالزامي بعدما صار بعمر الـ69، إلا ان المسألة الاهم هي انه يجب الا تقود الحشد شخصيات من انتماءات سياسية او لها طموحات انتخابية.
هذا وشدد التقرير الأمريكي، على ضرورة ألّا يتم استغلال موارد الحشد الشعبي لتحقيق مكاسب شخصية، محذرا من ان مثل هذه الممارسات تزايدت مع توسع ميزانية الحشد الى نحو 3.5 مليار دولار سنويا.
في حين قدم معهد ستيمسون، بحسب التقرير، اقتراحاً ثالثاً، يتضمن معالجة الحشد الشعبي، في قضية الشفافية حيث لا ينشر الحشد تقارير حول نفقاته على الرغم من ان وزارة المالية تنشر تقارير شهرية تحدد بالتفصيل نفقات مؤسسات الدولة، بما فيها وزارتا الدفاع والداخلية، وهذا ما يثير مخاوف جدية فيما يتعلق بالرقابة المالية واختلاس المال العام، مضيفا ان غياب غياب البيانات الموثوقة يسمح باساءة استخدام الاموال، والتلاعب السياسي، وتضخيم اعداد الموظفين لتحقيق مكاسب مالية.
وخلص التقرير الى القول انه يجب على القيادة الشيعية في العراق ان تتخذ قرارا واضحا فيما يتعلق بمستقبل قوات الحشد التي في حال تركت من دون رادع، فانها ذلك سيكون بمثابة مجازفة تبقي الحشد كقوة مسيسة وتثير الانقسام وعرضة للتلاعب الخارجي.
وختم التقرير الأمريكي، بالإشارة إلى فكرة مفادها أن "الدعوات الى حل الحشد او دمجه في اجهزة امنية اخرى، تعتبر غير واقعية، بالنظر الى الهوية المميزة للحشد وقاعدته الاجتماعية"، مؤكداً أهمية "استعادة الهدف الاصلي للحشد والمتمثل في الدفاع عن العراق من خطر الارهاب، وضرورة التخلص من الاجندات الفئوية والاستغلالية التي تقوض كل من الحشد الشعبي نفسه بالاضافة الى سلامة الدولة العراقية".
959 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع