الجالية العراقية في الأردن تحتفل بالذكرى التسعين لميلاد ملك العراق فيصل الثاني
بحضور صاحب السمو الملكي الأمير رعد بن زيد بن الحسين عميد الأسرة الهاشمية الشريفة، أقامت الجالية العراقية في الأردن وبالتعاون مع الملتقى العراقي للثقافة والفنون حفلاً استذكارياً بمناسبة مرور تسعين عاماً على ميلاد ملك العراق جلالة الملك فيصل الثاني-رحمه الله.
فعلى مدى السنوات السابقة كانت تُنظّم كلَّ عام في بغداد احتفالات عديدة بذكرى 14 تموز 1958 حيث ينقسم المحتفلون إلى فئتين، فئة مُهلهلة ومؤيّدة لما جرى في ذلك اليوم، وفئة باكية ولاعنة لمن ارتكب أحداثها... وفي كلا الحالتين تبقى المناسبة غير باعثة على السرور ولا يمكن الافتخار بها في أي حال من الأحوال...!
لذلك فمن باب الإنصاف والعدالة التاريخية أن يحتفل الشعب الواعي بهذه العائلة الهاشمية الشريفة وأن يحيي كلَّ عام ذكرى ميلاد الشهيد الملك فيصل الثاني -رحمه الله- تقديراً لما تركوه من أثر طيب في تاريخ العراق خلال النصف الأول من القرن الماضي، دون الالتفات لمن يسعى التشويه والتزوير. بل الأجدر أن تقوم الحكومة العراقية بذلك من باب المواساة أولاً، والإقرار واستشعار المسؤولية نيابة عما اقترفته أيادي العساكر ممن حكموا البلاد من بعدهم...! فمنذ ذلك اليوم لا يزال العراق ينزف دماً ويئن تحت وطأة الألم جرّاء ما حدث. فجاءت مبادرة الملتقى العراقي للثقافة والفنون والجالية العراقية هذه السنة في إقامة احتفال يليق بهذه المناسبة الاستثنائية وبالشخصية التي اُحتفل بها، باعتبار الملك فيصل الثاني السليل الواحد والأربعين للنبي محمد صلى اللّه عليه وسلم، حسب شجرة الأسرة الهاشمية.
في بداية الحفل ألقى السيد ضياء الراوي رئيس الملتقى كلمة رحّبَ فيها بسمو الأمير رعد بن زيد ومشاركته أبناء الجالية في هذا الأمسية العزيزة. وعلى الرغم من كبر سنه واعتلال صحته لكنه أبى إلا أن يأتي ويتواجد مع المحتفين إكراماً للملك الشهيد فيصل الثاني ووفاءً لذكراه. كما رحب الراوي بكل الحاضرين من أبناء الجالية وضيوفهم من الأشقاء الأردنيين الأفاضل.
بعدها تقدّم سمو الأمير رعد بن زيد فألقى كلمة مقتضبة عبّر فيها من أعماق قلبه عن امتنانه للجالية العراقية على هذه الالتفاتة النبيلة في أحياء عيد ميلاد ابن عمّه (فيصل) صديقه ورفيق دربه، وشاهداً على العديد من محطات حياته، كما استذكر في الوقت نفسه أيام الهناء والرخاء التي عاشها معه في بغداد أثناء طفولته وشبابه.
ثم جاء دور السيدة تمارا الداغستاني باعتبارها آخر شاهدة على العائلة المالكة وآخر من ودعهم ليلة 14 تموز 1958، فتحدّثت عن طيبة أفراد هذه العائلة وقرّة عينهم الملك البريء المظلوم ونقاء قلبه ودماثة أخلاقه وعفّته خلال حياته القصيرة، ثم أسهبت في الحديث وقدّمت بعض الإنجازات الجوهرية التي تحققت في ظل النظام الملكي في العراق.
الباحث صفوة فاهم كامل، كان آخر المتحدثين في هذه الأمسية، فقدّمَ خلاصة لمسيرة الملك فيصل الثاني الحياتية والاجتماعية والسياسية من يوم ولادته في 2 مايس 1935 إلى اليوم الأخير قبل استشهاده. وفي سياق الحفل الذي استمرّ ساعة كاملة عُرضت على الشاشة البيضاء أكثر من 150 صورة تاريخية وأحداث وثّقت مسيرة الملك فيصل بدءاً من طفولته وصباه وشبابه وعائلته وصولاً إلى يوم تتويجه وزياراته الخارجية ولقاءاته مع الزعماء العرب والأجانب ثم خطوبته من الأميرة فاضلة محمد علي، ذلك المشروع الذي يكتمل وحلم الزواج الذي لم يُكتب أن يتحقق.
وفي نهاية الحفل الذي حضره جمعٌ غفير من المشاركين، وامتلأت أجواؤه بالتفاعل والسرور، وغابت عنه السفارة العراقية ولم تُغطّيه أي وسيلة إعلام، أستمع الحضور بلطف لموسيقى السلام الملكي العراقي الذي لُحن عام 1924.
وفي ختام الحفل مُنح سمو الأمير رعد بن زيد-أطال الله في عمره- درع الاعتزاز والمحبّة من الجالية العراقية قدمها لسموّه السيد ضياء الراوي رئيس الملتقى العراقي، كما قدّم الدكتور خالد الشمري رئيس مركز الخلد للدراسات درعاً آخر تكريماً له، عرفاناً بإسهاماته الإنسانية ونشاطاته الاجتماعية على مدى العقود الماضية. بعد ذلك مُنح كل من السيدة تمارا الداغستاني والسيد صفوة فاهم كامل شهادة تقديرية، تقديراً لمساهمتهما في إحياء هذا الحفل.
رحم الله العائلة الهاشمية المالكة المنكوبة وأسكنها فسيح جناته وطيّب ثراها بالذكر الجميل، لتبقى ذكراهم عبق الحضور في القلوب، ويُخلّد سيرتهم المخلصون من أبناء العراق بمداد الوفاء والتقدير.
965 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع