يعتبر جسر الائمة في بغداد معبرًا للموت في بلد تتصاعد فيه عمليات العنف الطائفية. فالجسر الذي شهد تفجيرات انتحارية أمس أدت إلى مقتل 64 شخصًا أعاد إلى أذهان العراقيين حادثة انهياره عام 2005 أثناء إحياء مناسبة دينية للشيعة.
لندن/ أسامة مهدي: فيما أعلن في بغداد اليوم عن ارتفاع عدد ضحايا تفجيرين انتحاريين على جسر الائمة الذي يربط بين أكبر منطقتين شيعية وسنية فيها إلى 64 قتيلًا و176 جريحًا أصبح هذا الجسر يعتبر معبرًا للموت الطائفي في بلد يمزقه صراع مذهبي. وأعاد التفجيران إلى الاذهان حادث انهيار الجسر عام 2005 عندما كان يعبره مئات الالاف من الشيعة لاحياء مناسبة دينية إثر شائعة سرت بينهم عن وجود انتحاري سيفجر نفسه لقتلهم.
فقد قتل وجرح الليلة الماضية 240 زائرًا شيعيًا عندما فجر انتحاريان نفسيهما بين مئات الزوار الذين كانوا يتوجهون عبر الجسر على نهر دجلة من جانبه الشرقي في منطقة الاعظمية السنية إلى مرقد الامامين موسى الكاظم ومحمد الجواد تاسع ائمة الشيعة الاثني عشرية في منطقة الكاظمية المقابلة لاحياء مراسيم وفاته.
وأبلغ مواطن عراقي "إيلاف" في اتصال هاتفي من بغداد إن المستشفيات العاصمة اكتظت بالمصابين ووجهت السلطات نداء إلى الاطباء للالتحاق بمستشفياتهم مع ارتفاع عدد القتلى نتيجة تفجيرات في مناطق أخرى إلى 176 قتيلا ومئات آخرين من الجرحى.
كارثة عام 2005
وقد أعاد حجم الخسائر الكبيرة على جسر الائمة إلى اذهان العراقيين انهيار الجسر نفسه في 31 اب (أغسطس) عام 2005 تحت اقدام الاف الزائرين الشيعة خلال احياء ذكرى وفاة الامام موسى الكاظم حيث يذهب الملايين منهم مشياً على الاقدام لأداء مراسم الزيارة.
فصباح يوم الاربعاء 31 آب قام مسلحون تابعون لتنظيم القاعدة بإطلاق سبع قذائف هاون على الزائرين بالقرب من مرقد الامامين الكاظمين في منطقة الكاظمية مما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وجرح 37 آخرين. وبعد ساعات قليلة من هذا الهجوم قام شخص مجهول بإطلاق شائعة عن وجود انتحاري بينهم مما أدى إلى حدوث حالات اختناق مع سقوط البعض منهم تحت الاقدام على الجسر أو الطرق المؤدية إليه ودهسهم من قبل سيارات الشرطة والإسعاف التي كانت تسير على الجسر بغية إنقاذ الموقف بينما قام البعض برمي أنفسهم في نهر دجلة أو سقطوا فيه نتيجة التدافع.
وقد أدت هذه الكارثة إلى مقتل حوالي الف شخص وسقوط 388 جريحا فيما توفي 25 شخصا عندما قُدم اليهم طعام مسموم عمدًا بعد ساعات من الحادثة حيث كانت مدينة الصدر الشيعية تعج بالاف المخيمات التي خصصت لاستقبال جثث الضحايا. وفيما خيم الحزن والهدوء على مدينة الكاظمية التي امتلات شوارعها بالجثث كان اهالي منطقة الأعظمية يبحثون في نهر دجلة عن أي جثث مفقودة أو اشخاص على قيد الحياة. وهب اهالي المنطقة السنية لانقاذ من سقط في النهر فقام العشرات من الغواصين بانتشال البعض من الزائرين.
وكان من بين هؤلاء الغواصين عثمان العبيدي وهو أحد سكنة الاعظمية السنة حيث انقذ العشرات من الزوار الشيعة وانتشلهم من النهر الا انه مات غرقاً في الوقت نفسه وذلك أثناء انشغاله بانقاذ من سقط في الماء.
تصاعد العنف
ويشهد العراق منذ شهر نيسان (ابريل) الماضي تصاعدًا في أعمال العنف بينها تلك التي تحمل طابعا طائفيا بين السنة والشيعة في بلاد عاشت نزاعا داميا بين الجانبين قتل فيه الالاف بين عامي 2006 و2008 وتسبب بهجرة عشرات الالاف من مناطق سكنهم.
وعادت إلى العراق مؤخرًا اسماء تنظيمات مسلحة سنية وشيعية غابت عن مسامع العراقيين منذ الإنسحاب العسكري الأميركي نهاية العام الماضي وعلى راسها تنظيم "دولة العراق الاسلامية" الفرع العراقي لتنظيم القاعدة الذي غير اسمه إلى "الدولة الاسلامية في العراق والشام".
ويوم الثلاثاء الماضي أعلنت بعثة الامم المتحدة في العراق "يونامي" أن الاعمال الارهابية التي شهدها العراق خلال الشهر الماضي قد تسببت في مقتل 779 عراقيا واصابة 2133 آخرين. وأشارت في بيان صحافي إلى أنّ عدد القتلى من المدنيين قد بلغ 887 شخصاً (بما في ذلك 127 قتيلاً من قوات الشرطة المدنية) أما عدد الجرحى المدنيين فقد بلغ 1,957 شخصاً (يشمل ذلك 199 من قوات الشرطة المدنية) إضافة إلى ذلك، قُتل 92 عنصراً من منتسبي قوات الأمن العراقية وأصيب 176 آخرون.
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف "في الوقت الذي يواصل فيه الإهابيون استهداف العراقيين دون تمييز، أدعوا كافة القادة السياسيين لتكثيف جهودهم بغية تعزيز الحوار والمصالحة الوطنية".
وأضاف أنه "يتعين على الزعماء السياسيين ورجال الدين وقادة المجتمع المدني وقيادات الاجهزة الامنية العمل معاً لوقف نزيف الدماء وضمان شعور كافة المواطنين العراقيين بالتمتع بالحماية على قدم المساواة". ومنذ بداية الشهر الحالي قتل اكثر من 210 أشخاص في انحاء متفرقة من العراق واكثر من 4800 منذ بداية العام الحالي بحسب حصيلة رسمية.
576 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع