تمثال الحرية.. يفجر معركة حضارية ثقافية تاريخية بين باريس وواشنطن
إيلاف من واشنطن: أميركا لا تستحق أن يكون لديها التمثال الذي يجسد قيم الحرية، وسوف يكون هذا التمثال أكثر سعادة في حال تمت إعادته إلى فرنسا، هذا ما قاله سياسي فرنسي، وما هي إلا ساعات حتى جاء الرد الأميركي الرسمي، قائلاً :""السبب الوحيد وراء عدم تحدث الفرنسيين باللغة الألمانية اليوم، هو الولايات المتحدة".
فقد أثار مطلب عضو فرنسي في البرلمان الأوروبي بإعادة تمثال الحرية من مدينة نيويورك الأميركية إلى فرنسا، جدلاً كبيراً في الولايات المتحدة، ما دفع البيت الأبيض إلى التعليق قائلاً إن :"السبب الوحيد وراء عدم تحدث الفرنسيين باللغة الألمانية اليوم، هو الولايات المتحدة".
والتمثال الذي يبلغ من العمر قرابة 140 عاماً ليس أميركياً بالأساس، بل عبر المُحيط من أوروبا إلى أميركا، بعدما أهدته فرنسا للولايات المُتحدة بمناسبة مرور 100 عام على إعلان الاستقلال، فضلاً عن كونه رمزاً للعلاقة الوطيدة بين البلدين. وأطلق على العمل الفني العملاق آنذاك اسم "الحرية تنير العالم".
أعيدوا لنا تمثال الحرية
وقال رافائيل جلوكسمان، الرئيس المشارك لحزب "بلاس بابليك" اليساري الصغير: "أعيدوا لنا تمثال الحرية.. لقد كانت هديتنا لكم. لكن يبدو أنكم تحتقرونها، لذا ستكون سعيدة هنا معنا"، في إشارة إلى المرأة التي تحمل شُعلة بيدها اليمنى وصحيفة باليد اليُسرى نُقش عليها "الرابع من يوليو وثيقة إعلان الاستقلال".
وأشار جلوكسمان أمام أنصار حزبه، إلى كلمات الشاعرة الأميركية إيما لازاروس عن تمثال الحرية حين قالت: "المرأة الجبارة التي تحمل شعلة"، التي وعدت بوطن "للجماهير المتعطشة للتنفس بحرية"، مضيفاً: "اليوم، لم تعد هذه الأرض كما كانت".
رد أميركي صاعق!
من جهتها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، عندما سئلت عن ردها على مطلب جلوكسمان، وبشأن ما إذا كان الرئيس دونالد ترامب من الممكن أن يعيد التمثال: "بالتأكيد لا".
ووجهت ليفيت خلال الإفادة اليومية، رسالة إلى السياسي الفرنسي الذي وصفته بـ"منخفض المستوى، وغير المسمى"، قائلةً، إن "السبب الوحيد لعدم تحدث الفرنسيين باللغة الألمانية اليوم هو الولايات المتحدة، لذلك يجب أن يكون ممتناً جداً لبلدنا العظيم".
وكانت ليفيت تشير في حديثها إلى الدور الأميركي في الحرب العالمية الثانية، وعملية "إنزال النورماندي" شمال غربي فرنسا في صيف 1944، مما مهّد الطريق لتحرير الأراضي الفرنسية من الاحتلال النازي.
وبالرغم من شهرة تمثال الحرية الذي رُفع الستار رسمياً عنه في 28 تشرين الأول (أكتوبر) 1886، كعمل فني أصيل يستقر في جزيرة الحرية بخليج نيويورك، ويُشرف على المحيط والميناء، لم تطرأ فكرة تشييد التمثال الجذاب في ذهن فنان ألهمه العالم الجديد، بل رجل سياسية فرنسي يُدعى، إدوارد دي لابولاي. كان ذلك بالتحديد في عام 1865، أي في العام ذاته التي وضعت فيه الحرب الأهلية الأميركية أوزارها أخيراً.
وأشرف النحات الفرنسي أوجست بارتولدي على تصميم التمثال، بعدما زار الولايات المُتحدة بنفسه، واختار الجزيرة الملائمة لوضع النصب المميز، وكانت تُعرف آنذاك باسم جزيرة بيدلو.
ولم يصنف تمثال الحرية كنصب تذكاري وطني سوى بحلول عام 1924، وانضمت له جزيرة الحرية لاحقاً في عام 1937، كما أنه يُعتبر اليوم أحد مواقع التراث العالمي التي تُصنفها منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة، وفقاً لتقرير لمنصة "الشرق".
965 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع