"بسبب إعجاب".. سوريون في العراق يتعرضون للتهديد

قوات الأمن العراقية اعتقلت ما لا يقل عن 13 سوريا خلال الأيام الأخيرة بتهمة الترويج لجماعات إرهابية (AFP)

الحرة / خاص - واشنطن:انقلبت حياة أحمد عبد رأسا على عقب بمجرد ضغطه على زر الإعجاب في فيسبوك على منشور يتعلق بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.

بدأت القصة هذا الأسبوع بالتزامن مع أحداث الساحل السوري ومقتل مئات المدنيين العلويين على يد القوات حكومية وأخرى رديفة متعاونة معها.

يعمل أحمد عبد، المتحدر من غوطة دمشق في سوريا، رئيس طهاة في مطعم بالعاصمة العراقية بغداد منذ نحو أربعة أعوام.

خلال فترة استراحته أثناء العمل، بدأ يتصفح أحمد عبد، وهو اسم مستعار للرجل البالغ من العمر 23، موقع فيسبوك قبل أن يرى منشورا يشيد بالشرع ويضع بعدها علامة الإعجاب عليه.

طلب عبد من موقع "الحرة" وضع الاسم المسعار بدلا من اسمه الحقيقي خوفا من الانتقام.

في صفحته على فيسبوك كان عبد يضع رقم هاتفه الشخصي ويذكر فيها أيضا طبيعة عمله من أجل فرصة لزيادة دخله هنا وهنا.

لم تمر سوى ساعات قليلة من وضعه علامة الإعجاب على المنشور المتعلق بالشرع، حتى بدأت المكالمات تنهال على عبد لكن ليس لعرض فرصة عمل جديدة له.

يقول عبد لموقع "الحرة" إن "هناك من استغل وجود رقم هاتفي وبدأ يتصل بي على تطبيق واتس آب ويوجهون لي تهديدات مباشرة بالقتل ويتهمونني بشتى الاتهامات وإنني إرهابي وداعشي".

أصيب عبد بالهلع ولم يعرف ما الذي يفعله سوى أنه اضطر لإغلاق صفحته الشخصية على فيسبوك وظل يحظر الأرقام التي تتصل به يوميا وتوجه التهديدات له.

عبد كان أكثر حظا من سوريين آخرين يعملون في العراق حيث أظهرت مقاطع فيديو نشرتها مجموعة صغيرة غير معروفة تطلق على نفسها اسم "تشكيلات يا علي الشعبية" رجالا ملثمين يرتدون ملابس سوداء يضربون عاملين سوريين اثنين داخل مخبز.

وندّدت تلك المجموعة في بيان بالسوريين المقيمين في العراق الذين "يدعمون الجرائم ضد الإنسانية" التي ترتكب بحق الأقلية العلوية في سوريا وهددت بـ"تصعيد الهجمات".

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق حملات أطلقها أنصار مجموعات مسلّحة موالية لإيران للتنديد بأي سوري في العراق يدعم "المجازر" في سوريا.

ينتمي عبد للأغلبية السنية في سوريا، وفي حديثه لموقع "الحرة" يقول إنه لم يكن يوما ما داعما لأي عمليات قتل تطال مدنيين.

"سافرت للعراق كي أوفر لقمة العيش لي ولوالدي، ولم أتصور يوما أن مجرد إعجاب على منشور سيصل بالأمور لهذا الحد" يضيف عبد.

في إشارة إلى الفيديو، أمر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بإجراء تحقيق أمني، وملاحقة مرتكبي "اعتداءات مُدانة بحكم القانون وتخالف جميع القيم الإنسانية والأخلاقية".

وأكد البيان أن "القانون سيطبّق كاملاً على كل من يثبت تورطه في ارتكاب هذه الاعتداءات".

ودانت وزارة الخارجية السورية في بيان الأربعاء "الاعتداءات" و "ما يتعرّض له السوريون في العراق". ودعت السلطات العراقية إلى "محاسبة مرتكبي هذه الجرائم" واتّخاذ "كافة التدابير اللازمة لضمان أمن وسلامة السوريين المقيمين في العراق".

ومع ذلك بدأ الكثير من السوريين بالتفكير جديا بمغادرة العراق، خوفا من أي عمليات انتقام قد تطالهم مستقبلا.

يؤكد شاب سوري من الأقلية الدرزية يبلغ من العمر 22 عاما ويعمل في بغداد إن الكثير من التحذيرات وصلت له من أصدقائه السوريين بضرورة أخذ الحيطة والحذر.

يقول الشاب، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، "وصلتني تحذيرات من أكثر من شخص سوري تطلب مني الحذر وعدم نشر أي شيء على مواقع التواصل الاجتماعي أو التفاعل مع أي منشور بخصوص الحكومة الحالية في سوريا".

ويضيف الشاب أن الكثير من أصدقائه تعرضوا لمضايقات وكذلك أنه تأثر كثيرا عندما بدأ يرى "منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو لطرد السورييين من العراق".

يتحدث الشاب عن خططه للمستقبل بالقول: "أنا بين خيارين أحلاهما مر، البقاء في العراق واحتمال التعرض لخطر الاستهداف أو العودة لسوريا والذهاب للمجهول".

واعتقلت قوات الأمن العراقية ما لا يقل عن 13 سوريا خلال الأيام الأخيرة، بتهمة "الترويج لجماعات إرهابية ودعم المجازر في الساحل السوري"، وفق ما ذكر مصدران أمنيان في وزارة الداخلية لوكالة فرانس برس.

وأكدت وزارة الداخلية العراقية، الأربعاء، في بيان أنها سجلت حالات تحريض على العنف والطائفية من قبل بعض المقيمين، مشددة على أن كل من يسيء لقيم المجتمع العراقي سيتم ترحيله فورا.

بالنسبة لأحمد عبد فإن الوضع لا يتحمل أية أخطاء وعليه اتخاذ قرار سريع، إما البقاء أو الرحيل.

لا يمتلك عبد أوراق إقامة رسمية في العراق، وبالتالي هو غير قادر على تسجيل شكوى رسمية لدى السلطات العراقية بشأن الأشخاص الذين يهددونه.

يقول عبد إن "رد فعل السلطات العراقية ضد الجهة التي اعتدت على العاملين السوريين كان إيجابيا ومنحني بعض الاطمئنان".

"لكن مع ذلك سأنتظر شهر أو شهرين وفي حال ظلت الأمور على ما هي عليه فليس لدي خيار سوى العودة.. سأرجع لسوريا وأتوكل على الله حتى لو أكلت التراب هناك" يختتم عبد.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

798 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع