تقرير أميركي: العراق آخر حصون محور المقاومة وإيران تقترب من خسارته

 الميليشيات على وشك تلقي ضربة أميركية قاصمة

التقرير يدعو واشنطن لاستخدام وسائل دبلوماسية صارمة لتقليص نفوذ طهران وعدم دعوة السوداني إلى البيت الأبيض لإرسال رسالة بعدم دعمه.

العرب/واشنطن - رجح تقرير أميركي نشرته مجلة "فورين أفيرز" أن "محور المقاومة" الذي تقوده إيران يواجه تهديدا كبيرا، مع احتمالية فقدان طهران لسيطرتها على العراق، ما قد يؤدي إلى تداعيات مدمرة داخليا بالنسبة للنظام الإيراني، فيما يشير إلى أن العراق هو المكان الأكثر احتمالا لسقوط "قطعة دومينو" أخرى في هذا المحور بعد فقدان السيطرة على لبنان وسوريا.

ويقول التقرير الذي كتبه مايكل نايتس وحمدي مالك في المجلة التي تصدر كل شهر عن مجلس العلاقات الخارجية، وهي خلية تفكير مستقلة متخصصة في السياسة الخارجية، إن "إيران منذ ثورتها في 1979 عملت على بناء شبكة من الوكلاء في الشرق الأوسط، مما ساعدها في التوسع في عدة دول عربية".

لكن الأحداث الأخيرة قلبت النظام الإقليمي رأساً على عقب، حيث خسرت إيران نفوذها في لبنان وسوريا، كما أدت حرب إسرائيل في لبنان إلى تفتيت حزب الله، الجماعة المسلحة المدعومة من طهران والتي كانت تهيمن على بيروت.

وفي ديسمبر الماضي انتزعت قوات سنية مدعومة من تركيا السيطرة على دمشق من نظام بشار الأسد، الحليف الإيراني الذي سيطر على سوريا لمدة نصف قرن. وتشعر الآن بالقلق من فقدان العراق، الذي يعد مصدرا حيويا لها من الناحية الاقتصادية والسياسية.

وعراقيا، هناك تزايد في الضعف بين الفصائل المدعومة من إيران في العراق، بحسب التقرير، حيث باتت تشعر بالخوف من مواجهة رد فعل أميركي أقوى بعد استهداف القوات الأميركية والمواقع الإسرائيلية، غير أن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، المرتبطة بشكل وثيق مع إيران، أظهرت بعض المرونة في التفاوض مع الولايات المتحدة، مما يشير إلى تراجع في قدرة إيران على السيطرة على الوضع في العراق.

ويضيف التقرير، أن العراق يمثل مصدرا اقتصاديا بالغ الأهمية لإيران، حيث تتمتع طهران بقدرة على التهرب من العقوبات عبر العراق من خلال تصدير النفط، كما أن الفصائل المدعومة من إيران تسرق الموارد العراقية، وتنتهك سيادة الدولة لصالح الحرس الثوري الإيراني.

ويعد العراق خامس أكبر منتج للنفط في العالم فيما تحتل إيران المرتبة التاسعة، ولا يخضع لأي عقوبات دولية على صادراته النفطية، على عكس إيران ووكلائها، لذلك وحسب التقرير فإنه يمكن للحرس الثوري الإيراني والميليشيات العراقية وحزب الله في لبنان وحتى الحوثيين في اليمن أن يثروا جميعا من خلال التغذية الطفيلية على الاقتصاد العراقي.

وذكر التقرير أن إيران تلتف على العقوبات من خلال نقل نفطها إلى المياه العراقية حتى يمكن تصنيفه زورا على أنه عراقي وتصديره إلى الأسواق العالمية، وأن الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله - وكلاهما صنفتهما الولايات المتحدة كمنظمات إرهابية - تسرق النفط العراقي بشكل مباشر من الآبار أو من خلال إنشاء شركات وهمية تتلقى الوقود المدعوم من الحكومة بشكل غير عادل.

ولفت التقرير إلى عمليات السرقة تجري في بعض الأحيان، سرا، وأحيانا أخرى، في وضح النهار، موضحا أنه في عام 2014، تم وضع قوات الحشد الشعبي، المكون من الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، تحت السيطرة الاسمية للحكومة العراقية، مما أدى فعليا إلى إنشاء جيش مواز.

وتتلقى قوات الحشد الشعبي الآن أكثر من 3 مليارات دولار من تمويل الحكومة العراقية كل عام، ومعظمها في شكل رواتب لرجال الميليشيات البالغ عددهم 250 ألفًا. ويرفض العديد من هؤلاء المقاتلين اتباع أوامر رئيس الوزراء، ويطلقون بدلا من ذلك الصواريخ على القواعد الأميركية ويقاتلون في سوريا بناءً على طلب إيران.

ويأتي البعض إلى العمل فقط في يوم الدفع، ويحصلون على رواتب مقابل عدم القيام بأي شيء عمليًا. كما سمحت حكومة السوداني لقوات الحشد الشعبي بإنشاء تكتل اقتصادي خاص بها، شركة المهندس العامة، التي سميت على اسم أبومهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي الذي قُتل في غارة جوية أميركية في يناير 2020.

ويتعاون هذا التكتل مع شركات صينية وشركات يديرها الحرس الثوري الإيراني لتلقي عقود النفط والبناء من الحكومة العراقية. وتتمتع إمبراطورية الأعمال التابعة للحرس الثوري الإيراني بمزايا هائلة داخل الاقتصاد العراقي، بما في ذلك في السياحة الدينية، واستيراد الأدوية، والنقل، والاتصالات، والصناعات العسكرية.

وتمنح اللجنة العليا لإعادة الإعمار والتنمية في العراق، وهي هيئة يديرها السوداني، الشركات التي لها صلات بالحرس الثوري الإيراني إمكانية تفضيلية للحصول على منح الأراضي وجميع أنواع التصاريح.

ومن الناحية الاقتصادية، بحسب التقرير، فإن إيران تحتاج إلى العراق الآن أكثر من أي وقت مضى، حيث تتعرض الحكومة الإيرانية لضغوط مالية هائلة، خصوصا وأن العملة المحلية في حالة سقوط حر، وأسعار السلع الأساسية ترتفع يوميا.

وذكر التقرير أن قيمة الريال الإيراني انخفضت بنسبة 62 بالمئة وبلغ متوسط ​​التضخم 32 بالمئة خلال الفترة الممتدة ما بين يناير 2024 ويناير 2025، واعتبر أن الاحتيال على العراق هو أحد السبل الوحيدة التي يمكن لإيران من خلالها الحصول على ما يكفي من النقود لتوفير الخدمات الأساسية للإيرانيين، وبذلك، تضمن طهران أيضا أن يدفع العراقيون، وليس الإيرانيون، جزءا كبيرًا من تكلفة أنشطتها الخبيثة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وأضاف أن الحفاظ على السيطرة في العراق يشكل أهمية حيوية بالنسبة للنظام الإيراني لأسباب رمزية أيضاً، إذ أدى فشل وكلاء إيران وحلفائها في بلدين عربيين إلى جعل الجمهورية الإسلامية تبدو وكأنها مهتزة، كما عزز من معنويات المعارضة للنظام. ومن وجهة نظر طهران، فإن خسارة النفوذ في دولة عربية أخرى ـ دولة أقرب جغرافيا واجتماعياً إلى إيران ـ من شأنه أن يكون مدمراً وقد يتسبب في تأثيرات متتالية في الداخل. ذلك أن الإيرانيين يسافرون بانتظام إلى العراق للحج والأعمال، وما يحدث في العراق لا يميل إلى البقاء هناك. ويخشى النظام في طهران أن يفقد السيطرة على شعبه إذا فقد السيطرة على جارته.

وأكد التقرير أن إخراج إيران من العراق لن يكون بالأمر اليسير، فهي تتمتع بنفوذ أكبر بكثير داخل الحكومة العراقية مقارنة بالولايات المتحدة، فرغم أن طهران لا تتدخل في كل جوانب الحكم في العراق. إلا أنها تسيطر على بغداد عندما يكون ذلك ضروريا، مثل اختيار رئيس وزراء، أو عندما تريد قوة من الحرس الثوري الإيراني عبور العراق، أو عندما تريد إيران إطلاق طائرة بدون طيار على مستشارين عسكريين أميركيين من الأراضي العراقية. وفي مثل هذه اللحظات، يمكن لإيران أن تفلت من العقاب بالتدخل في شؤون جارتها.

واستشهد التقرير بما حدث في عام 2018، حينما دبرت إيران صعود عادل عبدالمهدي إلى رئاسة الوزراء، بعدما أجرى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، اختبار ولاء لعبدالمهدي، وبمجرد نجاحه، أصدر تعليماته للفصائل الموالية لإيران بدعم مسعاه.

وتحدث التقرير أيضا عن الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، التي أجريت عام 2021، مشيرا إلى طهران نجحت في تحريك خيوط الانتخابات على الرغم من خسارة الفصائل المرتبطة بهامش كبير. وقال "بينما كان المسؤولون ذوو العقلية المستقلة يحاولون تشكيل حكومة، شجع الحرس الثوري الإيراني الميليشيات المدعومة من إيران على تغيير قواعد تشكيل الحكومة لصالحهم، والاحتجاج على نتائج الانتخابات، والاعتداء جسديا على المنافسين السياسيين. ونتيجة لذلك، تمكن السوداني وإطار التنسيق المدعوم من إيران من تولي زمام الأمور على الرغم من حصولهما على أقلية من المقاعد".

واعتبر كاتبا التقرير أن واشنطن تستطيع تعطيل هذا النمط، لكنها تحتاج إلى مواجهة جهود إيران بشكل مباشر، حيث دعمت الحكومة الأميركية مدى العقد الماضي، رؤساء الوزراء العراقيين، بما في ذلك عبدالمهدي والسوداني، حتى لو كانوا دمى إيرانية، لأن صناع السياسات الأميركيون يخشون أن ينهار العراق في حرب أهلية أو أن يستولي عليه تنظيم الدولة الإسلامية. لذلك كان من الأهمية بمكان الحفاظ على العلاقات مع الحكومة العراقية بأي ثمن.

ودعا التقرير الولايات المتحدة إلى استغلال هذه الفرصة لتقليص النفوذ الإيراني في العراق عبر وسائل دبلوماسية صارمة، بما في ذلك تهديد العقوبات والعمليات الاستخباراتية، كما ينصح التقرير بعدم دعوة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى البيت الأبيض لإرسال رسالة واضحة بعدم دعم واشنطن لنفوذ إيران في العراق.

كما طالب بأن تراقب السفارة الأميركية في بغداد عن كثب كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية وأن تدين علنا أولئك الذين يقوضون الديمقراطية وتعاقبهم. وينبغي أن تكون انتخابات عام 2025 وعملية تشكيل الحكومة اللاحقة حرة ونزيهة، وأن يتأثر بها العراقيون فقط.

ويرى التقرير أن إيران ستخسر الكثير إذا فقدت نفوذها في العراق، ليس فقط من الناحية السياسية، بل أيضا بسبب الأثر المحتمل على الداخل الإيراني.

وأوصى التقرير الولايات المتحدة باتخاذ خطوات حازمة تجاه إيران في العراق كجزء من جهودها الأوسع للحد من نفوذ طهران في المنطقة، وتحقيق تقدم في المفاوضات النووية.

ففي ولايته الأولى، انسحب ترامب من الاتفاق النووي الذي تفاوض عليه سلفه وشن حملة "أقصى قدر من الضغط" ضد إيران على أمل الحصول على صفقة أفضل. لكن هذه المرة، يمكن لترامب التواصل مع طهران مع اتخاذ إجراءات صارمة ضد شبكاتها في العراق. بهذه الطريقة، ستكون إيران متحمسة للجلوس إلى طاولة المفاوضات بدلاً من المماطلة أو إطالة المفاوضات. بحسب التقرير.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

731 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع