التحالف يضم 14 كيانا ولن يقتصر على القوى الشيعية، بل سيفتح قنوات تواصل مع كل القوى الأخرى الراغبة بالانضمام بما فيها الكردية والسنية.
العرب/بغداد – تشهد الساحة السياسية العراقية هذه الأيام حراكا مكثفا على إيقاع التحضيرات للانتخابات التشريعية المقبلة، لتشكيل تحالفات جديدة قد تعيد رسم موازين القوى من جديد، وذلك بعد عودة زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر ورئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى المشهد.
وفي تطور جديد، كشفت وكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية نقلا عن مصادر في الإطار التنسيقي، الذي يجمع القوى الشيعية، الأحد، عن توجه أبرز القوى فيه إلى تشكيل تحالف انتخابي واسع سيعلن عنه قريبا، ويضم شخصيات سياسية بارزة، بقيادة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم.
وقالت المصادر إن "القوى الفاعلة في الإطار التنسيقي، بدأت حراكها الانتخابي مبكرا بهدف تشكيل تحالف استراتيجي يضم أغلب القوى الشيعية، بعيداً عن التي تريد خوض الانتخابات بقوائم منفردة".
وأضافت أن "هذه القوى بدأت تؤسس لتحالف كبير، سيعلن عنه خلال الشهرين المقبلين، بعد استكمال التفاهمات مع القوى الأخرى، ومن المقرر أن يضم 14 كياناً"، مبينا أن "أبرز المشكلين لهذا التحالف هما رئيس الحكومة محمد شياع السوداني وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم وبعض الكيانات والقوى المستقلة".
وأشارت إلى أن "التحالف المشار إليه لا يقتصر على القوى الشيعية فقط، وإنما سيفتح قنوات تواصل مع كل القوى الأخرى الراغبة بالانضمام له بما فيها القوى الكردية والسنية".
ويتمتع السوداني والحكيم بعلاقة عمل جيدة، كما ظهر في لقائهما الأخير في 23 فبراير الماضي، حيث أكدا على أهمية توحيد المواقف بين القوى السياسية لدعم الحكومة في تحقيق الاستقرار والبناء السياسي.
ويمتلك الحكيم قاعدة شعبية قوية من خلال تيار الحكمة ومكانة عائلة الحكيم الدينية، كما أنه يتمتع بخبرة في تشكيل التحالفات السياسية، كما حدث سابقًا مع تحالف "قوى الدولة الوطنية" الذي جمعه بحيدر العبادي، فضلا عن مواقفه الوسطية والواقعية.
ويحظى السوداني، بدعم بعض قوى الإطار التنسيقي، ويركز على تحقيق إنجازات في الجوانب الاقتصادية والخدمية، مما يعزز موقفه كمرشح للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في أكتوبر المقبل.
ويهدف التحالف بينهما إلى توحيد أصوات الشارع الشيعي الداعم للاستقرار، في مواجهة الاستقطاب الحاد الذي يفرضه منافسون مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي.
وتأتي هذه التطورات بعد زيارة أداها عمار الحكيم الثلاثاء الماضي إلى القاهرة حيث استقبله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي شدد خلال اللقاء على أهمية الحفاظ على أمن وإستقرار العراق الشقيق، مشيراً إلى إستعداد مصر لتسخير جميع الإمكانات اللازمة لدعم جهود التنمية وتحقيق تطلعات الشعب العراقي.
وكانت زيارة الحكيم قد جرت بتنسيق مباشر مع السوداني ضمن سعيه لعزل زعيم الإطار التنسيقي نوري المالكي، وفق مصادر سياسية عراقية مطلعة، وذلك بعد أيام من منح تياره مناصب رفيعة في المؤسسات الحكومية ضمن مساع إيرانية لتقوية الصف الشيعي ودعم سيطرة الإطار على الحكومة والبرلمان ومنع تشكيل تحالفات تهدده.
ومن المتوقع أن يزيد الإعلان المرتقب عن التحالف الجديد من الانتقادات الموجهة إلى رئيس تيار الحكمة من الإطار التنسيقي وجمهوره لكونه يتصرف من خارج الموقف الشيعي الموحد مثلما تريد إيران، في ظل مخاوف لديها من أن تعمل جهات عربية بدعم أميركي على إرباك الدور الإيراني في العراق.
وتيار الحكمة العراقي، الذي تأسس عام 2017، من الأحزاب والجماعات المنضوية في كتلة الإطار التنسيقي الشيعي المسيطرة على البرلمان العراقي تحت اسم "تحالف قوى الدولة".
ويرفض المالكي الشراكة مع الحكيم لكونه شخصية قديمة ولديها خبرات وامتداد داخل البيت الشيعي في العراق، وهو الوحيد -من بين الوجوه الشيعية الحالية- الذي يهدد رغبة المالكي في العودة إلى الواجهة السياسية وتنصيب نفسه مرشحا لرئاسة الحكومة في المستقبل مستفيدا من انشغال إيران بظروفها الداخلية والتهديدات الخارجية.
وتتحدّث مصادر مواكبة للشأن السياسي في العراق عن خلافات مكتومة تعتمل داخل الإطار التنسيقي بسبب ما تعتبره قوى مشاركة فيه تجاوزات من قبل المالكي "على مفهوم الشراكة الذي بني عليه الإطار" ومحاولته التفرّد بالقرار وفرض وجهات نظره على حكومة السوداني على أساس أنّه أكثر منه خبرة ودراية بشؤون الدولة وأوسع اطلاعا على ملفّاتها.
وتُعرف عن المالكي طوال مشاركته في العملية السياسية الجارية في العراق منذ أكثر من عقدين براعته في تشكيل التحالفات المصلحية الظرفية، وأيضا سرعة انقلابه عليها بمجرّد أن يتمكّن من تحقيق أهدافه، وهذا أهم أسباب الخلاف مع الحكيم.
ويعتقد أن تحالف السوداني والحكيم والتيارات الشيعية الأخرى التي لم تحددها المصادر في حال تشكيله لخوض الانتخابات المقبلة فعلا، سيكون لديه ما يكفي من الحصانة الداخلية التي تؤمن له فرصة الوجود، لا سيما وأن العراقيين، ومن داخل التيار الشيعي على وجه الخصوص، بدأوا يفكرون في بدائل عن نفوذ طهران التي لم تجلب للعراق سوى الأزمات.
ولعل استهلال رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي بعد عودته إلى العراق بعد غيابه عنه منذ نحو ثلاث سنوات بلقاء مع عمار الحكيم تعطي مؤشّرا أوليا على الشق السياسي الذي قد ينحاز إليه ويتحالف معه خلال الانتخابات المقبلة.
وتشكّل عودة الكاظمي متغيّرا سياسيا هاما على الساحة العراقية في مرحلة الاستعداد لإجراء الانتخابات البرلمانية المقررة لأواخر السنة الحالية، في انتظار المتغيّر الآخر الكبير متمثّلا في عودة رجل الدين مقتدى الصدر بتياره الوطني الشيعي لممارسة العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات والتي باتت متوقّعة أكثر من أيّ وقت مضى منذ توجيه الصدر لأنصار تياره بتحديث معطياتهم الانتخابية.
ويمكن للكاظمي أن يكون مفيدا لمن يتحالفون معه سياسيا حيث يتجاور في شخصيته البعدان الأمني من خلال رئاسته السابقة لجهاز المخابرات، والسياسي من خلال قيادته للحكومة في فترة انتقالية حساسة أعقبت الانتفاضة الشعبية التي شهدها العراق سنة 2019 وأطاحت بحكومة عادل عبدالمهدي وجاءت بحكومة الكاظمي كبديل توافقي عنها حيث لم يكن الرجل محسوبا ضمن معسكر الأحزاب الشيعية التي طالب المنتفضون آنذاك بسقوط نظامها.
996 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع