شفق نيوز/ وصف محللون وباحثون سياسيون، يوم السبت، الدورة البرلمانية الخامسة لمجلس النواب العراقي، بأنها "الأسوأ منذ العهد الملكي"، كونها رسّخت مفهوم المحاصصة، بحسب تعبيرهم.
وانعقدت اولى جلسات الدورة الخامسة يوم 9 كانون الثاني/ يناير 2022 برئاسة رئيس البرلمان الأكبر سناً محمود المشهداني.
وشهدت هذه الدورة انسحاب الكتلة الصدرية (73 نائباً)، من البرلمان بعدما أخفقت بتشكيل حكومة الاغلبية، لتتيح المجال الى الإطار التنسيقي بتأليف حكومة محمد شياع السوداني.
ويقول المحلل السياسي، أحمد الياسري، لوكالة شفق نيوز، إن "الدورة الحالية للبرلمان لم تعالج القطعية بين المجتمع والبرلمان، بل عادت إلى قاعدة المحاصصة، ما أربك علاقة الشعب بمجلس النواب، وأفرغت الانتخابات من محتواها، لأن الخاسر أصبح فائزاً والفائز أصبح خاسراً، أو حتى خارج اللعبة".
ويتابع، أن "حكومة محمد شياع السوداني كانت في البداية حكومة هدنة، ثم تحوّلت إلى حكومة تصريف أعمال، ثم حوّلها الإطار التنسيقي إلى حكومة تنفيذ أوامر، ما أضرّ بالنظام السياسي العراقي بتداخل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية".
ويتفق الباحث بالشأن السياسي، عبدالقادر النايل، مع ما ذهب إليه أحمد الياسري بشأن ضعف البرلمان الحالي، عازياً ذلك إلى "انشغال رئيسه وأصحاب الكتل السياسية بالدعايات الانتخابية لمجالس المحافظات من جهة، ومن جهة أخرى، فإن القوانين المهمة كالعفو العام وغيره جرى الانقلاب عليها من قبل الإطار التنسيقي، مما أفرغ عمل البرلمان من محتواه العملي".
ويؤكد النايل لوكالة شفق نيوز، أن "هناك عدم جدية وصدق بالوعود الانتخابية التي أطلقت أثناء الحملات الانتخابية، والا كيف يمكن تفسير عدم الشروع بتوزيع الموازنة المالية التي أقرها البرلمان ووقع عليها رئيس الجمهورية إلى الآن".
ويتابع، "فضلاً عن عدم سيطرة الحكومة على أسعار صرف الدولار الذي فاقم ارتفاع أسعار السلع الغذائية والأدوية، والبرلمان الذي يدعي تمثيل الشعب يتجاهل بتعمد هذه المآسي التي تمر بالشعب العراقي"، على حد قوله.
"الأضعف إلى الآن"
من جهته، يرجع الخبير الأمني والاستراتيجي، أحمد الشريفي، ضعف دورة البرلمان الحالية التي هي كما يعتبرها "الأضعف إلى الآن" إلى الانتخابات، مبيناً أن "الانتخابات لم تفرز نتائج إيجابية ولم تستنطق فيها إرادة الشعب بقدر ما كانت ظلال الأحزاب التي استطاعت بشكل أو بآخر تسويق مرشحيها بعيداً عن دور الشعب، ما يدل على افتقار المرحلة إلى النموذج السياسي الذي يقنع الرأي العام".
ويرى الشريفي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، "عزوف الشارع عن الانتخابات بنسبة 80 في المائة كان صائباً، بدليل أنه فُرض على الشعب هذا البرلمان، وكان هو بالفعل البرلمان الأضعف، وأن الحكومة التي تشكلت عبر إسقاط الأغلبية لصالح الأقلية أثر في إيجاد آلية تعاون مشترك بين البرلمان والسلطة التنفيذية".
"الانتخابات واردة جداً"
ويؤكد الشريفي، أن "احتمالية الانتخابات البرلمانية المبكرة واردة جداً"، ويشرح ذلك قائلاً: "إذ كان هناك شرط مسبق عند تشكيل الحكومة بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بعد مضي سنة من عمر الحكومة، لكن المفارقة الغريبة هو بعد تشكيل الحكومة ومنحها الثقة، قيل إن مسألة الانتخابات المبكرة سيتم النظر بها، ولم تعتبر شرطاً أساسياً كما في الاتفاق السابق".
ويضيف، "ثم كان التوجه لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، وذهاب الحكومة إلى إجراء انتخابات مجالس المحافظات كأنها تعتمد مبدأ السيطرة والهيمنة على الإدارات المحلية تمهيداً لإجراء انتخابات تنسجم وديمومة بقاء الأحزاب، وهذا لم يكن شرطاً أساسياً عند تشكيل الحكومة".
ويوضح، "وفي حال استمرار الأداء بهذا الشكل، وخاصة بعد حادثة نينوى وما سيترتب عليها من آثار في داخل البرلمان بمحاسبة الجهات المقصّرة قد يرفع من منسوب التصعيد بحيث ان انتخابات مجالس المحافظات قد لا تمرر، ونكون حينها أمام استحقاق انتخابات برلمانية مبكرة".
ويتابع، "وهذه الانتخابات البرلمانية المبكرة تجعلنا أمام خيارات مفتوحة، بما فيها هل تستمر حكومة السوداني أو سيجري تعديل وزاري، والشروط والإملاءات الأميركية فيما يتعلق بالفساد وحلّ الفصائل وحصر السلاح بيد الدولة، فهذه جميعها لم تجيب عنها الحكومة".
ويبيّن، "لذلك الأزمة باتت مركبة، وتزداد النقبة الجماهيرية يوماً بعد آخر، ويبتعد الرأي العام العراقي عن السلطتين التشريعية والتنفيذية بل حتى بدأ يشكك بالقضائية، خاصة التلكؤ في قضية العفو العام وجعلها قضية سياسية قبل ما تكون إنسانية لانصاف الأبرياء من المعتقلين".
بدوره يقول السياسي العراقي، مثال الالوسي، عضو البرلمان سابقاً ومؤسس حزب الأمة، إن "من يتحكم بالعملية السياسية الآن هي الميليشيات وزعاماتها، وكل ما يجري في الحكومة والبرلمان هو حسب رغبات ونزوات وحاجات هذه الميليشيات".
ويؤكد الالوسي لوكالة شفق نيوز، "من المفترض أن تكون الدولة هي تابعة للبرلمان، لأن النظام في العراق برلماني، ولكن البرلمان اليوم تابع لزعماء الميليشيات التابعين لفيلق القدس الأجنبي"، على حد قوله.
884 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع