المواطن فؤاد معصوم في أول حوار صحفي بعد التداول السلمي للسلطة: (٢)

  

          الرئيس خارج أسوار القصر الجمهوري

الهموم والمشاكل تلاحقني في أيام تقاعدي

الزمان/ أحمد عبدالمجيد:عندما تولى الرئيس فؤاد معصوم منصبه عام 2014 لم يكن طريقه مفروشا بالورود، بل وجد نفسه امام تحديات كبرى واستحقاقات غير مسبوقة، بينها احتلال داعش للمدن وجرائمه بحق المواطنين، ولاسيما الايزيديين. وواجه فجأة امتحانا صعبا اضطره الى الاستعانة باصدقاء العراق وحلفائه لطلب المساعدة، كما لجأ الى المجتمع الدولي لوضعه في صورة ما يجري. اما داخليا فانه تحلى بالصبر الجميل ازاء ما عرف بـ (الاصلاح والحرب على الفساد) وسار في اكثر الطرق دستورية للابقاء على هيكلية سلطاته من محاولات نزعها برغم محدوديتها واصبح كالقابض على الجمر لاسيما خلال ازمة الاستفتاء على استقلال اقليم كردستان. ومثلما دخل معصوم قصر الرئاسة متسلحا بالشرعية الدستورية وآليات الاختيار الديمقراطي، فانه غادره مستجيباً لمتطلبات احترام الخيارات الحزبية والسياقات البرلمانية المتاحة، وكان اول رئيس جمهورية يغادر قصر الرئاسة فور اختيار خلفه، ولم يتأخر يوما واحدا او يطلب مهلة اضافية لتسوية اوضاعه او نقل موجودات مكتبه، وبادر على الفور الى العودة الى منزل سابق عاش فيه مع العائلة (الزوجة والبنات والاحفاد) بعد نيسان 2003 عاد محاطا بمكتبة عامرة وحشد من الذكريات يتجه الى تسطيرها في مذكرات قد تصدر العام المقبل. وهو يمضي ايامه حاليا كمواطن في القراءة واستقبال بعض معارفه واصدقائه القدامى، الذين شغلته ايام الرئاسة عنهم. وفيما وصلنا الى مكتبه في المنزل لاجراء هذا الحوار، كان قد فرغ من قراءة بعض صفحات مذكرات زميله السياسي اياد علاوي التي صدرت حديثا. وفيما يلي نص الحوار بجزئه الثاني:

قلت للمواطن معصوم: ما تحدثنا عنه في الجزء الاول يبدو مكررا او تحليلا سياسيا يكاد يملأ القنوات الفضائية. الناس ترغب بالتعرف على اشياء تخصك: ماذا تفعل الان؟ ما الذي تفكر به وانت خارج اسوار القصر الجمهوري؟ والرئيس في العراق عندما يتقاعد، وهي عملية تجري للمرة الاولى بماذا ينشغل؟

– لاتزال تلاحقني الهموم والمشاكل التي كنت اعانيها عندما كنت رئيسا للجمهورية. صحيح اني لست المسؤول عنها او كنت طرفا في وقوعها كما لم اكن طرفا دستوريا في مواجهتها، لكني منشغل بها واتابعها كسياسي ومواطن. وافكر حاليا بكتابة مذكراتي، وانا من الناحية الاجتماعية كنت مقصرا ازاء اصدقائي واقربائي، لم اتواصل معهم. الان لدي الوقت لازورهم. وقد كنت عندما ازور السليمانية او اربيل كان يحوطني حشد من المرافقين وافراد الحماية فتتعذر علي ممارسة الواجبات الاجتماعية. اما الان فلا يرافقني سوى شخص واحدا او اثنين فقط. وبالنسبة للمذكرات فقد جرت العادة اني اسجل الوقائع والانطباعات يوميا منذ سنوات واودعها في مفكراتي السنوية. هي اوراق بحاجة الى ترتيب زمني والى صياغة.

واتجه نظري صوب المكتبة فوجدتها عامرة بالاصدارات والدوريات من مناح عدة. وسألته:ما الذي تقرأه الان ازاء هذا الكم من الكتب والمؤلفات في مكتبتك؟

– لدي نحو 40 كارتونة زاخرة بالكتب، محفوظة في الحجرة المجاورة واسعى ايضا الى تنظيمها. واول امس وصلتني مذكرات السيد اياد علاوي.

وفوجئت بهذا الخبر فلم تتناول وسائل الاعلام اي شيء عن هذه المذكرات. ونهض معصوم الى طاولة المكتب وسحب نسخة المذكرات من بين كتب اخرى موضوعة عليها. هي بالفعل مذكرات اياد علاوي على غلافها الاول صورة كبيرة له بحيث تحتل مساحة الغلاف تقريبا مع العنوان ثم سألته:واخر ما قرات؟

– مذكرات وزير الخارجية المصري الاسبق عمرو موسى. واعتزم الافادة من ما ورد فيها ثم الاهتداء الى الاسلوب الذي تصاغ به المحتويات، وان كانت هذه الهيكلية او البناء معروفين بالنسبة لي لكني اريد الاطلاع على طريقة الاهتمامات بالمواضيع وعرضها بحكم الخبرة. وانا منذ تشكيل الاتحاد الوطني الكردستاني دأبت على كتابة الحوادث التي تمر بي واحيانا اكتب مجرد خواطر.

لعلك تعرف ان معظم رؤساء دول العالم لا يكتبون هم المذكرات بل يعهدون بهذه الوظيفة الى محررين صحفيين متخصصين بالكتابة، اما بمراجعة يومياتهم او اجراء مقابلات مطولة معهم ثم تصاغ بطريقة السرد الروائي فتبدو كأنها مصاغة بأقلام الرؤساء.

– لكني لا امتلك الوقت الكافي حاليا لمراجعة جميع الوثائق الكثيرة الموجودة لدي.

وقلت: اقترح، فخامة الرئيس، ان تسرع بهذه العملية. اذ كلما تصدر المذكرات في هذه المدة، تحظى باهتمام ومتابعة اكبر.

وقال:

– ارجو ان انجز هذه المذكرات خلال سنة ان شاء الله.

عادة عندما يكون الشخص في موقع المسؤولية يحظى بزيارات من جميع الفئات والاقارب. هل مازال الذين كانوا يترددون عليك عندما كنت رئيسا يتفقدونك الان؟

– وصلتني اليوم رسالة من السيد ابراهيم بحر العلوم ورسائل عديدة تلقيتها منذ ان غادرت قصر السلام.

لا.. اقصد زيارات الناس الاخرين؟

– قبل ثلاثة ايام زارني السيد هادي العامري وبعض الاصدقاء القدامى. انا حرصت على المحافظة على علاقاتي الاجتماعية برغم مشاغل الرئاسة. واشعر ان وضعي الخاص حال دون قيامي بواجباتي ازاء بعض الاصدقاء واولئك الذين زاملوني. وكنت اعمد الى ارسال من ينوب عني كشقيقي بالنسبة للمحيط العائلي أو احد المستشارين اذا كانت دائرة العلاقة ابعد.

هل قرأت مذكرات مام جلال التي صدرت حديثا؟

– قرأتها ورأيت انها عبارة عن الاحاديث والخطب التي كان مام جلال يتحدث بها امام المؤتمرات. وكان يعتزم كتابة مذكراته باللغات العربية والكردية والانكليزية لانه يتقنها.

تقصد يكتبها بنفسه؟

– بالضبط.. وكان يخطط لاستئجار اربع شقق خارج العراق ويكلف عددا من الكتاب والملاكات الحزبية. وقد قرر القيام بهذا العمل فور انتهاء ولايته الثانية ثم ينصرف كليا الى انجاز مشروع المذكرات، اعتمادا على وثائق اساسية. بحوزته، لكن يقال انها مذكرات صدرت تم التركيز فيها على موضوعات منتقاة، وهي ليست سياسة مام جلال، على الاغلب يقال انها مذكرات، لكني ارى ان مذكراته الحقيقية لم تكتب حتى الان، ولا اعرف فيما اذا كانت العائلة تفكر بتكليف ذات المجموعة التي كان مام جلال ينوي طلب مساعدتها، لهذه الغاية لانجاز مذكراته، ومن بين هؤلاء الاخ فرياد راوندزي الذي طلب منه مام جلال التفرغ لهذه المهمة.

وطلبت من المواطن الرئيس معصوم ان اتناول المحور العائلي وسألته عن عدد احفاده.. فقد كانت صورهم تتوزع في ارجاء المكتبة بما يؤكد ارتباطه بهم ومحبته الى اطلالاتهم المشرقة. واجاب:

– أكرمني الله بستة احفاد. ثلاثة بنين وثلاث بنات. ولدي خمس بنات هن ذريتي في هذه الدنيا.

ما شاء الله لديك خمس بنات، في وقت ان الشائع ان لديك بنتين فقط

وسألته: هل لديك اولاد؟

– كان عندي. واشار الى صورة خلفه لصبي بعمر الزهور وقال:

– هذا نجلي وقد…

وفهمت من الاشارة وسحابة الحزن التي مرت على وجهه ان صاحب الصورة توفاه الله. واستدركت فورا لتغيير مسار سؤالي وقلت ان ثمة قولا مأثورا ان الله يجازي الاب الذي له بنتان ويحسن تربيتهما بقصر في الجنة. ولاني مثلك ابو البنات ولدي ثلاث منهن دون ولد فان الله سيخصني بقصر ومشتمل في الجنة. وتبادلنا الابتسام ثم اردف:

– كان نجلي بعمر 14 سنة عندما توفاه الله. واحمده تعالى ان رزقني بخمس بنات يعود فضل حسن تربيتهن الى امهن. فلها دور في توجيههن للدراسة وحصولهن على شهادات عليا.

نعم اليك قول الشاعر: الام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق. ثم تداخل معنا زميلنا جمال الفياض مستشار الرئيس معصوم، الذي كان حاضرا هذا الحوار، وقال مشيرا الي (ام رنا زوجة دكتور احمد كذلك هي التي تولت تربية بناته لانه منصرف كليا الى الصحافة زوجته الثانية). وضحكنا في ما بدت مداخلة موفقة لتبديل الاجواء. وسألت:

{ فخامة الرئيس من من احفادك اقربهم الى نفسك؟ واجاب:

– والله غائبهم حتى يعود ومريضهم حتى يبرأ وصغيرهم حتى يكبر.

وقلت: هذا قول اعرابية سئلت عن احب اولادها اليها ثم سألت: خلال مدة ولايتك تعرضت الى انتقادات او ملاحظات من بعض خصومك. هل انت متحامل عليهم ام ترثي لحالهم ام مستعد للصفح عنهم؟

– لا ابدا.. كنت ارى انهم يحملون عني معلومات خاطئة او وصلتهم تسريبات غير صحيحة، مثلا قالوا عني اني عينت ثلاثا من بناتي مستشارات في مكتبي ويتقاضين رواتب من الدولة بينما كانت لدي مستشارة واحدة هي الدكتورة جوان، وكانت قبل ذلك مستشارة في رئاسة الوزراء ووزيرة اتصالات اي ان مؤهلاتها لم تأت من فراغ، اما شيرين إبنتي فان اهتماماتها تتعلق بالشرق الاوسط ودراساتها تنصب حول هذا الموضوع وزوجها طبيب وهي تعيش في لندن وتزورنا في بعض المناسبات وتدفع من حسابها اجور تذكرة الطائرة ولا تصل بغداد الا وهي محملة بكميات من المساعدات الطبية والادوية لتقديمها الى النازحين والمحتاجين وتدفع من جيبها اجور نقل هذه المساعدات. واعتقد ان المنتقدين لا يعرفونني او انهم يقعون تحت تأثير جهات سياسية. ولذلك تجاهلت الرد عليهم الا مرة او مرتين كان من الضروري ان ارد كي لا يتوهم البعض اني جعلت رئاسة الجمهورية مقاطعة عائلية.

ولاشك في اني كنت بحاجة الى سكرتير خاص يلازمني ولم اجد اجدر واقرب من ابنتي جوان فهي تفهم وضعي وموجودة معي ليل نهار وبوجودها لا احتاج الى طرف ثالث لنقل رسائلي او ارسال الاخرين لي ولاسيما ان الاتصالات لدينا عبارة عن موبايل وليست هواتف ارضية. كما اني اعتمدت على شقيقي الصغير الذي يتمتع بمعرفة واسعة بمختلف الاوساط المحلية ولاسيما الكردية، لجأت اليه لاني ادرك ان مجرد الرد على اتصال هاتفي احيانا قد يخلق مشكلة او ازمة. كان يلازمني وفي كل شهرين، مرة يأخذ اجازة لزيارة عائلته في لندن ويعود. عدا ذلك لم يكن معي احد من اقاربي او بناتي. والى قبل ايام قليلة تحدثت اليه بالقول (مقصود – هذا اسمه – انت اخي الصغير الذي رافقني عند تعييني في جامعة البصرة ثم انقطعت عنه منذ العام 1972وقد وجدت فيك امكانيات وقدرات كنت اجهلها. لديك امكانيات نادرة في المتابعة والادارة والاراء المفيدة التي كنت ترشدني اليها. فشكرا لك وقد تعلمت منك امورا غائبة عني).

ماذا تصف نفسك: هل انت كثير الصمت ام عصبي المزاج ام مهادن؟

– انا من الطراز الذي يفكر برد الفعل. وكنت على الدوام حريصا على قياس رد فعل الاخرين ازاء تصريحاتي او بياناتي.

انت متحسب اذن؟

– نعم.

وبين حين واخر كنت ارفع بصري الى اعلى لرؤية صورة شيخ وضعت داخل برواز انيق وسألت: هل هو ابوك؟

– هو ابي الملا معصوم الهورامي رئيس اتحاد علماء الدين في كردستان رجل دين عرف بالورع والتقوى.

سجن في عام 1961لمدة سنة بسبب تأييده الحركة الكردية آنذاك، اعتقل في موطنه مدينة كويسنجق ورحل تحت الحراسة الى أربيل ومنها الى بغداد بعدما أصر محافظها أن يلتقيه على أمل أن يثنيه عن موقفه لكنه لم يتزحزح مما دفع محافظ أربيل العقيد أو العميد بدر الدين علي أن يضرب بعصاه عمامة الملا ويرميها على الأرض وعاقبه بضربتين على رأسه… لكنه أجابه بقوله : العمامة وقد نزعتها عني ورأسي ضربته ولكن عقلي وضميري مازالا الى جانب حركة شعبي ومطالبه الحقة. فأمر بترحيله الى سجن الفضيلية في بغداد على الفور.. وبعد انقضاء نحو عام على موقوفيته أفرج عنه بعدما توسط أحد معارفه خالد النقشبندي وكان عضوا في مجلس السيادة لدى الزعيم عبد الكريم قاسم. فعاد الى كويسنجق عام 1962. وكان طيلة سجنه وباقي سنوات عمره لايتناول سوى الخبز والشاي لأنه كان يعاني من معدته التي أصيبت بعارض صحي لايمكن معه سوى تناول الخبز والشاي فحسب. على أثر انقلاب البعث عام 1963 اعتقل ثانية.. وفي حينها قدم اليه القيادي عمر مصطفى او مايعرف بعمر دبابة بأمر من الملا مصطفى البارزاني قائد الحركة الكردية، محذرا اياه بأنه مستهدف من قبل البعثيين وسيتم أعتقاله بل وأحراق منزله داعيا أياه الى مرافقته الى اطراف المدينة حفاظا على حياته.. وبالفعل تم احراق منزله ومكتبته العامرة بنفائس وامهات الكتب والمخطوطات الى جانب منزل زياد آغا غفوري، وبعد أن أمضى بضعة أيام عند أطراف المدينة طلب منه الملا مصطفى البارزاني الأنتقال الى بيت واته منطقة ( خوشناو ) حيث مركز الحركة الكردية ليكون الى جانب البارزاني. وعند تولي عبد السلام عارف الحكم في العراق كلفه البارزاني بالذهاب الى بغداد ولقاء عارف لغرض التفاوض على تطبيع الأوضاع وبداية صفحة جديدة من العلاقة السلمية بين بغداد وكردستان، وقد أهداه عارف نسخة من المصحف الشريف عليه أهداء خاص بخط يده مازال شقيقي محمد يحتفظ بها. وبعد عودته من بغداد وفي يوم 18 /12 / 1964 توفي أثر مرضه المزمن.. تاركا خلفه أربعة اولاد وبنتا هم كل من انا محمد فؤاد واشقائي محمد وخضر ومقصود وشقيقتنا الوحيدة.

فخامة الرئيس.. خلال ولايتك قابلت عديدا من رؤساء وملوك الدول.. فمن ترك منهم اثرا عميقا في نفسك؟

– بالتأكيد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا اولاند الذي كان صديقا للعراق وقد كافح من اجل تنظيم مؤتمر دعم ومساعدة العراق ابان ازمة داعش. وقد شعرت بوجود صلة شخصية معه.. علاقة حميمة. وكذلك الملك المرحوم عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية، عندما التقينا في الرياض وخلال جلسة ضمت اعضاء الوفد العراقي الرفيع الذي رافقني تحدث كلاما بليغا عبر عن محبته للعراق، وطلب مني لقاء مغلقا معه بحضور سكرتيره وانا اصطحبت ابنتي جوان وخلال ربع ساعة من اللقاء تغيرت لدي كثير من الامور. وكان يمكن ان تتوطد العلاقات العراقية السعودية بوجوده، ثم بعد وفاته لولا موضوع اليمن الذي كانت مواقفنا ازاءه مختلفة. ومع ذلك فاني لمست لدى الملك عبد الله والامير مقرن والامير سعود الفيصل جدية ورغبة صادقة ازاء العراق. كما لا تفوتني الاشارة الى الملك عبد الله الثاني ملك الاردن والرئيس المصري عبد الفتاح السياسي. ومع الرئيس السيسي شعرت بالعلاقة ودية جدا وطبيعية دون تكلف. وكذا الامر بالنسبة لامير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر.. انه حكيم الشيوخ وشيخ الحكماء. وخلال زيارتي الكويت كان الرجل معي طوال اليوم برغم وضعه الصحي. وربما على اثر التعب الذي سببته الزيارة تعرض الى وعكة صحية في اليوم التالي.

واذكر ان علاقتي مع الاخوة في ايران كانت جيدة وكانت علاقتي في اول الامر مع السيد رجب طيب اردوغان جيدة ثم اختلفنا بشأن بعض الامور، ولاسيما التدخلات في الشأن الداخلي وكنت لا اقبلها.

زرت ايضا خلال ولايتك عواصم عديدة. هل حدث ان ندمت على زيارة عاصمة بعد عودتك الى العراق؟

– الان اتمنى زيارة بعض المدن والاماكن لان الزيارة الرسمية كانت مقفلة تحرمني من الاتصال والاطلاع الطبيعي. انها تحتاج الى ابلاغ المسؤولين لترتيب الاجراءات الامنية وتحضير مسرح المكان وكنت حريصا على عدم زيارة بعض المدن لتجنب هذه الترتيبات التي غالبا ما تؤدي الى مضايقة الاخرين. ففي زيارتي الى نيويورك رغبت بمشاهدة الجانب الاخر من المدينة الذي فيه تثمال الحرية. فتم توفير باخرة صغيرة ترافقها باخرتان اخريان للحماية وحولنا حماية مشددة وعندما وصلنا المكان لم نجد بشرا. كانت المنطقة خالية من الناس فيما الطائرات تحوم حولنا.

وعلقت قائلا: (جنة بدون بشر ما تنراد). وضحكنا ثم واصل:

– لكني تجولت في تونس العاصمة التي احبها وارتبط بعلاقة ودية عائلية مع الرئيس الباجي قائد السبسي. عقيلته تتبادل الهدايا مع زوجتي خلال المناسبات زيت زيتون.. تمر.. عسل.

واعقب كلامه بضحكة ثم سألته: ما ابرز ما حققته خلال ولايتك من مشاريع في مجال التعاون الدولي؟

– حرصت خلال لقاءاتي الدولية بمختلف الزعماء والمسؤولين الدوليين على طلب تفهم خصوصية الواقع العراقي. وقلت لامين عام الامم المتحدة الجديد انطونيو غوتيريس بعد زيارته بغداد ذلك كما كنت احادث الجانب الامريكي عن اهمية التعامل مع خصوصية الواقع العراقي حيث لا يمكن الطلب اليه قطع علاقته بايران مثلما يجب ان لا تطلب ايران منا اتخاذ مواقف متشددة ازاء الدول. وهذا الرأي الذي كنت اطرحه على مستويات دولية مختلفة كان موضع اقتناع وتفهم، لكن المشكلة ان اقتناع الوزير او رئيس الجمهورية شيء والواقع شيء اخر.

ونحتاج في العراق الى تعزيز هذه الحقيقة فلا يجوز لاحد الطلب من العراق قطع علاقته بايران فيما يرتبطان بتاريخ وحدود مشتركة طولها 1200 كليومتر؟ او نقول اننا ضد تركيا ويجب معاداتها لانه كذا وكذا.. تركيا مصدر مياهنا وبوابة نفطنا المصدر الى الاسواق العالمية وعلاقتنا التجارية واسعة معها. اذن نحن بحاجة الى المحافظة على شخصية العراق ومصالحنا. وبالنسبة لمؤتمر المناخ الذي عقد في باريس ايضا لم يكن في البرنامج لقاء مع رئيس وزراء بريطانيا السابق. كان جالسا في ركن من قاعة المؤتمر مع اعضاء وفده واتجهنا اليه وعرضنا لقاءه فرحب بالقول (وانا ايضا اريد لقاءكم). فجلسنا وكان يضع جاكيته على ركبتيه وقد فعلت انا كذلك، وتحادثنا نحو نصف ساعة، وذات الامر حدث مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الركن ذاته. كانت هذه المؤتمرات تخلق فرصا واجواء حميمية قد لا تتوفر في الزيارات البروتوكولية.

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:

https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/37811-2018-11-13-13-23-47.html

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

941 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع