الزواج من الأجانب يقرّه الشرع ويرفضه الواقع

        

الزواج من أجنبيات ينتج أبناء يعيشون في تناقض فكري وتربوي وثقافي

العرب /محمد نوار:أظهرت دراسة صادرة عن مركز قضايا وحقوق المرأة بالقاهرة، أن عدد زيجات المصريين من الأجانب المسجلة بلغ قرابة 150 ألف حالة. وحذرت من الآثار السلبية التي تخلفها هذه الزيجات في ما يتعلق بالأبناء، والمصاعب التي يعاني منها الزوج في حال غادرت الزوجة الأجنبية بالأبناء إلى بلدها.

وفي هذا الإطار تقول الدكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، إن زيادة حالات زواج المصريين من أجانب تعود إلى وجود صعوبات تواجه مَنْ يرغب في الزواج، مثل المغالاة في المهور والتعقيدات الاجتماعية التي لا توجد عند الأجانب، وترى أن هناك اختلالاً أصاب منظومة القيم الاجتماعية المرتبطة بالزواج، وهو ما دفع الكثير من الشباب إلى السعي وراء المرأة الأجنبية، للهرب من العادات والتقاليد التي يفرضها المجتمع، وتؤكد أن مَنْ يقبلون على الزواج من الأجانب يحلمون بالحضارة الغربية والأوروبية الخادعة، وانبهارهم بما يرونه من حرية وتقدّم تكنولوجي.

وتشير إلى أن التجربة أثبتت فشل هذه العلاقة الزوجية، وغالباً تنتهي بالطلاق أو بهروب الطرف الأجنبي بالأبناء، نظراً لوجود تباين كبير بين عادات وتقاليد المرأة الأجنبية والعربية، فالمرأة العربية لديها موروث ديني يتعلّق بالطاعة الكاملة لزوجها، والحرص على توفير حياة مستقرة، بينما المرأة الأجنبية يغلب عليها التحرّر وإعلاء قيم المساواة بين الجنسين، وهو ما يتعارض مع العادات والتقاليد العربية.

ومن جانبه، يؤكد الدكتور أحمد حسين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الزواج من الأجنبية ينتهي غالباً بهروب الزوجة أو طلاقها، ثم سفرها باصطحاب الأبناء لحضانتهم، ويترتب على ذلك افتقاد الأبناء إلى الاستقرار والأمن الاجتماعيين.


وتابع أن الزواج من أجانب يستمر بمشاكل دائمة، نظراً لتمايز البيئات التي نشأ فيها الطرفان، حيث تظهر سلبياته بعد الزواج، وينصح بضرورة توعية الشباب المقدم على الزواج من أجنبيات بتأثيراته على الحياة الزوجية، بالإضافة إلى أهمية تأهيل مَنْ تزوج فعلاً وتعريفه بالفوارق النفسية والاجتماعية والدينية، حتى لا تحدث مشكلات تنعكس آثارها على المجتمع ككل، وعلى أبناء هذا الزواج بصفة خاصة.

وفي سياق متصل، يشير الدكتور محمد عويضة، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إلى أن نجاح أو فشل الزواج من الأجانب يعتمد على شخصية الفرد، ومدى اتصاف الطرفين بالمرونة الفكرية والتسامح والقدرة على تقبّل الآخر، وتابع أن الزواج قد تترتب عليه آثار إيجابية، كأن ينتج أبناء منفتحين على العالم، وقادرين على التعامل النشط مع كل المتغيّرات المحيطة، كما ينتج كفاءة عالية في اكتساب المهارات اللغوية، وأشخاص رافضين لكل معاني التعصّب والتطرّف.

وعن الآثار السلبية يوضح عويضة، أن بعض هذه الزيجات تنتج عنها آثار سلبية مدمرة لشخصية النشء، في حال لم تتوافر في الوالدين رغبة حقيقية في التقارب والقدرة على التسامح، والتعامل من منطلق البناء والتحاور، وليس الصدام والصراع، وقد تكون نتيجة العلاقة أبناء يعيشون في تناقض فكري وتربوي وثقافي، كما يترتب على هذا الزواج أبناء مشتتون بين أب وأم مختلفين، فيصبحون أفراداً ضائعي الهوية والانتماء، ويكونون مصدراً للاختراق الفكري.

وتعليقاً على مطلب سن تشريع يقضي بمنع الزواج من الأجانب، يقول الدكتور عبدالمحسن جابر، عضو هيئة كبار العلماء بجامعة الأزهر، إن مثل هذه التشريعات التي تلجأ إليها بعض البلدان لمنع الزواج من الأجنبيات، لا تعدو أن تكون إلا مجرد رؤية للحاكم، لأنه يرى فيها حلاً لإحدى المشكلات التي يعاني منها المجتمع.


وتابع أن الشرع يسعى دائماً إلى توجيه الوعي لحل ومعالجة مشكلات العالم الإسلامي، ويوضح أن التفكير في هموم ومشكلات المجتمع جزء من العقيدة، ولا مصادرة ولا تعديل ولا إنكار لأيّ تعديل من شأنه علاج عرض من شأن السكوت عنه تفشي الرذيلة والفساد.

ويقول الدكتور محمود عبد الجواد، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف، إن الأجنبية تُعرّف فقهياً بأنها كل امرأة يجوز للإنسان أن يقترن بها بعقد زواج شرعي. وتابع: الإسلام أباح الزواج من أهل الكتاب، ويقول تعالى “اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب..” وفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بزواجه من السيدة مارية القبطية الكتابية النصرانية، واقتدى به الكثير من صحابته، وفي الوقت ذاته حرّم الإسلام على المسلم أن يتزوج من الكافرة أو المشركة لقوله تعالى “ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ”.

ويشير إلى أن بعض الفقهاء يرون أنه من الأولى أن يقبل المسلم على الزواج من مسلمة، فالمسلم مطالب باختيار الزوجة الصالحة، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، “تخيّروا لنطفكم فإن العرق دسّاس”، ويقول أيضاً، “تُنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك”، وهو ما يعني أن الدين مكوّن أساسي في الزواج، ومن المطالب التي ينبغي على راغب الزواج أن يجعله نصب عينيه.

وفي رأي الدكتور عطية عبدالموجود، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، الزواج من العقود الغليظة التي يجب أن تُبنى وتؤسس جيداً على أساس من التكافؤ الديني والدنيوي أيضاً، وتأتي الكفاءة الدنيوية المتمثلة في تقارب مستوى الزوجين مادياً وثقافياً ومعرفياً حتى تستقيم الحياة بينهما، ويوضح أن الزواج من المرأة الأجنبية مشكوك في نجاحه واستمراره، لوجود اختلافات جذرية بين البيئة العربية وبين البيئة الغربية والأوروبية.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1352 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع