العرب/القاهرة – بدأت الإدارة الأميركية تراجع سياستها تجاه مصر كحليف استراتيجي، وأرسلت خلال الساعات الماضية مجموعة من الإشارات الإيجابية تجاه القاهرة.
وأجرى الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصالا هاتفيا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مساء الخميس أكد فيه “التزام الولايات المتحدة المستمر بالشراكة الاستراتيجية مع مصر، وأهمية التعاون الثنائي لدعم المصالح المشتركة في مكافحة الإرهاب”، وفق ما جاء في بيان البيت الابيض.
كما وصل إلى القاهرة ستيفن بيكروفت السفير الأميركي الجديد بعد أكثر من 15 شهرا ظل فيها منصب السفير في مصر شاغرا، وأدرجت الخارجية الأميركية، في بيان لها تنظيم “أجناد مصر” ضمن التنظيمات الإرهابية.
وقال مراقبون إن إدارة أوباما قبلت بتغيير استراتيجيتها تجاه مصر استجابة لضغوط داخلية من دوائر نفوذ مختلفة، لكنهم لفتوا إلى أن تغييرات خارجية دفعت أوباما إلى مراجعة سياسته.
وأبدت شركات أميركية كبرى قلقها خلال الأشهر الأخيرة حيال انسحاب بلادها من السوق المصرية لأسباب غير مقنعة والتلويح بحجب المساعدات، محذّرة أن هذه الخطوة ستجعل مصر الحليف التقليدي للولايات المتحدة قبلة لشركات صينية وروسية، وأن ذلك يهدد الشركات الأميركية بخسارة كبرى.
ولفت المراقبون إلى أن إدارة أوباما كان يمكن أن تمسك العصا من المنتصف بأن تخفف من انتقادها لما تسميه تجاوزات في ملف حقوق الإنسان في مصر ما بعد ثورة يونيو، وأن تحتفظ بعلاقات تقليدية مع الدولة المصرية لكنها فضلت الرهان على الإخوان.
وتنادي أصوات أميركية بضرورة تخفيف وطأة الضغط على الحكومة المصرية في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان، وأن يتم دعمها في الحرب على الإرهاب التي هي جزء من الحرب التي يخوضها الأميركيون ضده.
وقال ديفيد شنيكر، مدير برنامج السياسات العربية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن “على الإدارة الأميركية أن تقدم الدعم إلى الحكومة المصرية في مواجهة الجماعات الإرهابية، التي تنشط بصورة خاصة في شبه جزيرة سيناء، بدلا من معاقبتها على اتخاذ إجراءات لحماية أمنها القومي”.
من جهة ثانية، عزا المراقبون تزامن إشارات واشنطن لاسترضاء القاهرة إلى مخاوف أميركية من نتائج انفتاح مصر على دول مثل الصين وروسيا، قبل أيام قليلة على زيارة السيسي لبكين الثلاثاء المقبل، واستقبال القاهرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر المقبل، ناهيك عن تسارع الخطوات المصرية نحو توطيد العلاقات مع دوائر إقليمية في ظل الحرب على الإرهاب.
وكشف المراقبون أن أحد أسباب العودة الأميركية إلى مصر هو الرهان عليها كحليف محوري في هذه الحرب، ليس فقط من خلال الاستفادة من خبراتها في مواجهة المجموعات المتشددة، وإنما السعي إلى الاستعانة بمؤسساتها الدينية ومن بينها جامعة الأزهر، في هذه الحرب.
وفي هذا السياق، أشار محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق، في تصريح لـ”العرب” إلى أن المكالمة الهاتفية بين أوباما والسيسي، لها دلالة قوية على أن واشنطن باتت أكثر إيمانا بأن القاهرة، ركيزة أساسية في الحرب ضد الجماعات المتشددة.
لكن محللين سياسيين طالبوا الإدارة الأميركية بأن تحسم أمرها وأن تغادر حالة التردد التي تعيشها تجاه مصر على وجه الخصوص سواء في ما يتعلق بالحسم الواضح في ملف الإخوان المسلمين.
وقال شنيكر “ينبغي على الإدارة الأميركية أن تعيد النظر في مضمون الانتقادات التي توجهها إلى النظام المصري. على مساعدي الرئيس أوباما أن يتفهموا أن المصريين لم يعودوا مستعدين لإعطاء الاهتمام الكافي لانتقادات حول الديمقراطية، بينما تسيطر عليهم فكرة الأمن في المقام الأول”.
1203 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع