يهدد مقربون من رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بخلط الأوراق وقلب الطاولة على رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي إذا لم يسرع في حل التردي الأمني في البلاد.
عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: في وقت يواصل تنظيم داعش الإرهابي تقدمه في كبرى محافظات العراق، مازالت الكتل السياسية لم تحسم أمرها بعد في الاتفاق على مرشحين مقبولين لتولي مهام وزارتي الدفاع والداخلية.
لا مرشح واحد لـلـ"الشيعي"
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وعد، خلال جلسة اختياره لرئاسة الحكومة، في مطلع الشهر الماضي أن يقدم مرشحي الدفاع والداخلية خلال أسبوع، لكنه جوبه برفض الكتل السياسية، خاصة التحالف الشيعي، لمرشحيه رياض غريب للداخلية وجابر الجابري للدفاع، ولم يزل يسعى إلى العثور على مرشحين مقبولين من الكتل السياسية المتنازعة على أهم وزارتين في العراق أمنيًا وماليًا، حيث تذهب إليهما نسبة غير قليلة من الميزانية (نحو 35 مليار دولار) كل عام.
التحالف الشيعي لم تتفق مكوناته حتى الآن على مرشح للداخلية، حيث يصرّ إئتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري ونائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي (أكبر تكتل داخل التحالف الشيعي) على أن حقيبة الداخلية من استحقاق كتلة بدر ومرشحها زعيم منظمة بدر وزير النقل السابق هادي العامري، المرفوض من قبل الكتل السنية ومن قبل الجانب الأميركي، مقابل ترحيب الجانب الإيراني به. وكان الاتفاق، غير المعلن رسميًا، على أن يتم التصويت على مرشحي الدفاع والداخلية في سلة واحدة.
مصدر مقرب من نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي أبلغ "إيلاف" أن المالكي يرفض لقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي، رغم طلب الأخير هذا اللقاء أكثر من مرة، لبحث الواقع السياسي والأمني في البلاد، والخروج من دوامة التأزم داخل البيت الشيعي.
تذمر المالكي من خلفه
وبرر المصدر أن المالكي مستاء من قرارات العبادي، التي أطاحت بمقربين منه وإلغائه مكتب القائد العام للقوات المسلحة، الذي كان أسسه المالكي، ويدير القرار الأمني في البلاد.
وكان العبادي أحال في الشهر الماضي كلًا من الفريق عبود كنبر معاون رئيس أركان الجيش والفريق علي غيدان قائد القوات البرية السابق إلى التقاعد، والفريق قاسم عطا المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة، الذي ألغاه العبادي في الوقت نفسه، حيث يحملهم معظم العراقيين مسؤولية سيطرة تنظيم داعش على محافظات نينوى وصلاح الدين شمالًا والأنبار غربًا.
وقد فسر مراقبون وخبراء عسكريون خطوة العبادي على أنها تقع في إطار التخلص التدريجي من إرث رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ويستعد العبادي للإطاحة بأسماء أخرى في وزارة الداخلية، في مقدمتهم الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي المقرب من المالكي.
مرشحا الكتل السنية لا يزالان خالد العبيدي وجابر الجابري، الذي يفضله العبادي. لكن الخلافات داخل الكتل الشيعية، التي كلما توصلت إلى اسم مرشح، رفضته كتلة أخرى، طوال الفترة الماضية. لكن ما تسرب، في اليومين الماضيين، من حوارات قادة التحالف الشيعي هو اقتراح إرضاء زعيم كتلة بدر هادي العامري بمنصب نائب رابع لرئيس الوزراء وترشيح زعيم المؤتمر الوطني أحمد الجلبي لحقيبة الداخلية، الذي كان المالكي رفض استيزاره في حكومتيه، ويخشى من الاعتراض عليه من قبل كتلة المالكي أيضًا.
مهلة أخيرة للعبادي
مراقبون عراقيون يرون أن صقورًا في كتلة المالكي لا يريدون للعبادي النجاح في مهمته الحكومية ما زالوا يرون أن لا حل للملف الأمني إلا بما كان يسير عليه المالكي. ووفق ما يدور في جلسات أعضاء المالكي الخاصة، فهم يمنحون العبادي فترة محدودة من الوقت، وإذا لم يضع حدًا للتردي الأمني والأخذ بمقترحاتهم في هذا الملف الخطير، فسيقلبون الطاولة عليه، ويسعون إلى سحب الثقة عنه.
وليس بعيدًا عن هؤلاء ما ورد اليوم من النائب في إئتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي واضعًا رئيس الوزراء حيدر العبادي أمام خيارين في حسم الوزارات الأمنية، وداعيًا العبادي إلى وضع الكتل السياسية والبرلمان أمام خيارين، ومطالبتهم بالتصويت على الأسماء التي يراها مناسبة لشغل المناصب الأمنية أو التصويت على إعفائه من منصبه لكي لا تقع المسؤولية الأمنية على عاتقه.
خياران مرّان
وقال المالكي، في بيان وزّعه مكتبه على وسائل الإعلام المحلية، إن "العبادي أمام خيارين لا ثالث لهما، وكل واحد منهما أصعب من الآخر، فالأول هو الرضوخ لمطالب الكتل السياسية وترشيح أسماء غير مقتنع بها وذات ولاءات حزبية أو فئوية، وفي حال تحقق ذلك فإنه سيضع نفسه أمام انتقادات واتهامات بالفشل لا تعد ولا تحصى طيلة السنوات الأربع المقبلة من عمر الحكومة أمام كل خرق أمني أو استغلال للمنصب لمصلحة مكوّن أو حزب على حساب المصلحة الوطنية".
وأضاف أن "الخيار الآخر، الذي لا يقل صعوبة عن الأول، هو رفض تلك الأسماء، وتقديم أسماء يراها مناسبة، ولا تلائم رغبات الكتل السياسية، وبالتالي سيتم رفضها، كما حصل في المرة السابقة، وعندها سنبقى ندور في دائرة مغلقة، ونعيد سيناريو الحكومة السابقة في بقاء الوزارات الأمنية شاغرة، وتكرار الانتقادات والاتهامات نفسها التي تعرّضت لها تلك الحكومة من باقي الكتل السياسية".
ودعا المالكي العبادي إلى "ترك الكرة في ملعب الكتل السياسية، وإلى أن يتحلى بالقوة لكشف الحقائق أمام الشعب بوضع البرلمان والكتل السياسية أمام خيارين، إما التصويت على الأسماء التي يراها مناسبة، والتي على استعداد لتحمل مسؤولياتها أمام الشعب والبرلمان، أو التصويت على إعفائه من منصبه في حال رفض الكتل الأسماء التي يقدمها ليضع تلك الأطراف في موقف حاسم أمام الشارع العراقي".
يذكر أن ترشيح العبادي لرئاسة الحكومة العراقية قبل أكثر بكثير من شهر بعد أزمة سياسية طويلة سببها إصرار إئتلاف دولة القانون على إعادة تولي المالكي لرئاسة ثالثة للحكومة العراقية، وهو ما رفضته معظم الكتل السياسية، فكان ترشيحه وفوزه محل رفض واضح من صقور دولة القانون، الذي ينتمي إليه العبادي أيضًا. ونال ترشحه قبول بقية الكتل، التي كانت تصرّ على عدم ترشح المالكي لولاية ثالثة، محمّلة إياه الفشل الأمني والسياسي في البلاد، وهو ما كان يرفضه المالكي، محمّلًا جميع الكتل السياسية التردي الذي كان ولم يزل يشلّ البلاد.
848 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع