لم يكن من السهل ان تخطو نجلاء فتحي في طريق الفن، لولا اكتشاف عبد الحليم حافظ لها.. لأن تبني عبد الحليم لموهبة جديدة معناه، ان هذه الموهبة تتمتع بشيء ما، لأن عبد الحليم فنان ملتزم، واقدامه على تقديم وجه جديد يؤكد ان هذا البرعم الجديد برعم واعد.. وتحقق صدق نبوءته واصبحت نجلاء نجمة ساطعة في سماء الفن!
واعود بالذاكرة الى سنة 1964 عندما كنت اصحب عبد الحليم في زياراته لاسرة نجلاء فتحي، وكانت نجلاء لا تتعدى الثانية عشرة من عمرها، وفي كل مرة تقلد لنا نجما او نجمة من مشاهير نجوم السينما، وكانت تجيد بالذات تقليد عبد الحليم وهند رستم، وتحاول بشتى الطرق ان تلفت نظر عبد الحليم لموهبتها في التقليد، وكان هو يضحك سعيداً بحركات الطفلة فاطمة الزهراء، وهذا هو اسمها الحقيقي ويدللونها باسم "زهرة".
ومرت الايام وشبت الطفلة "زهرة" عن الطوق واصبحت فتاة معشوقة القد، حلوة الوجه، ساحرة الابتسامة، وهنا بدات تتحرك فيها رغبة حبها للفن، وكلما التقت بعبد الحليم ابدت رغبتها للعمل في السينما، ولم يكن عبد الحليم ياخذ كلامها ماخذ الجد، لانه في رايه ان ما تقوله زهرة! ما هو الا حلم من احلام المراهقة، ولكن الحاح "زهرة" لم تخف وطأته، وعندئذ قال لها عبد الحليم: اذا كنت فعلا ناوية تمثلي.. انا مقتنع بك.. وحاس انك ممكن تنجحي.. ومستعد اتبناكي.. بس المهم تاخذ المسالة جد.. ووعدها عبد الحليم بالدور الرئيس الثاني في فيلم "ابي فوق الشجرة" وطلب منها ن تستعد بتدريب صوتها، والتدريب على الاداء التمثيلي.
وكانت هناك عقبة الاسم الفني الذي سيختار للوجه الجديد، فاسمها الحقيقي كما قلت فاطمة الزهراء فتحي، واعترضت الاسرة على ان تعمل باسمها الحقيقي، كما ان لهذا الاسم اثرا دينيا فهو اسم احدى بنات الرسول عليه الصلاة والسلام، وطرحت عدة اسماء منه "سالي" الذي كاد يستقر عليه، ولكن عبد الحليم اعترض عليه وقال: مفروض ان احنا نقدمها باسم عربي واختار لها اسم "نجلاء".. مصحوبا باسم والدها.. وولد اسم اسم نجلاء فتحي..
وبعد الاستقرار على الاسم طلب مني عبد الحليم ان اكتب موضوعا في الكواكب اقدم فيه نجلاء، وكتبت فعلا "ريبورتاجا" تحت عنوان "بنت 15 التي اكتشفها عبد الحليم حافظ" وظلت نجلاء في البيت تنتظر وقوفها امام عبد الحليم في السينما، وطال انتظارها اكثر من عام، وفي يوم اتصل بي المرحوم الاستاذ رمسيس نجيب يطلب مني عنوان الفتاة التي كتبت عنها من اكتشاف عبد الحليم، وطلبت والدة نجلاء اعرض عليها الامر، وحددت للمرحوم رمسيس موعدا، وفي هذا اللقاء ثم الاتفاق على ان تقوم نجلاء ببطولة فيلم "افراح" امام حسن يوسف من انتاج رمسيس واخراج بدرخان وبعد هذا الفيلم كان من المفروض ان تعمل نجلاء في فيلم "ابي فوق الشجرة" ولكن ظروفاً عائلية ابعدتها عن السينما، عندما تزوجت شقيقتها منى من احد الامراء السعوديين، وطلب من الاسرة ان تمنع نجلاء من العمل في السينما، وخضعت الاسرة لرغبة زوج الاخت، وضاعت من نجلاء فرصة العمل امام مكتشفها عبد الحليم حافظ في فيلم "ابي فوق الشجرة"، ومثلته بدلا منها ميرفت امين.
وعلى الرغم من ابتعاد نجلاء فترة عن العمل السينمائي بعد فيلم "افراح" الا انه بعد ان زالت اسباب احتجابها عادت الى الاضواء، واصبحت واحدة من المع نجوم السينما العربية الان.
وتحققت امنية نجلاء في التمثيل امام عبد الحليم حافظ مكتشفها الاول، ولكن في عمل اذاعي لم يتم، ففي رمضان من عام 1972 جمعهما المخرج محمد علوان في مسلسل بعنوان "ارجوك لا تفهمني بسرعة" ووقفت نجلاء تمثل امام عبد الحليم لعدة حلقات ولكن حرب اكتوبر، حالت دون اتمام هذا المسلسل الاذاعي.!
وقبل سفر عبد الحليم حافظ في رحلته الاخيرة التقى مصادفة مع نجلاء، وقال لها: شدي حيلك بقى.. وبطلي ولادة، علشان لما ارجع هنبدأ في تصوير الفيلم الجديد، وكان امام عبد الحليم مشروعان لفيليمن هما: "لا".. و"رصاصة في القلب"، ورشح لبطولتهما سعاد حسني ونجلاء.. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي... ولم يتحقق لقاء كامل بين عبد الحليم وكل من سعاد ونجلاء.. فسعاد مثلت مع عبد الحليم ثلث فيلم في "البنات والصيف".. ونجلاء مثلت عدة حلقات في مسلسل اذاعي لم يتم.. واصبحت نجلاء هي النجمة الوحيدة التي لم تمثل امام مكتشفها.!!.
س.ف.
الكواكب/ نيسان- 1977
المصدر:المدى
631 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع