د .محمد عياش الكبيسي
ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺧﻠﻂ ﺑﻴﻦ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺗﻤﻴﻴﺰﻩ ﻋﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﻦ ﻳﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻇﻨﺎً ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﺄﺿﺪﺍﺩﻫﺎ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻬﺠﺎﻥ ﻭﺍﻟﺸﻚ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ﻟﺘﻤﻴﻴﻊ ﺍﻟﺤﻮﺍﺟﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ.
ﺇﻥ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ، ﻭﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻟﺘﺜﻠﻴﺚ، ﻭﻣﺤﻤﺪ –ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ- ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺴﻴﻠﻤﺔ ﺍﻟﻜﺬﺍﺏ، ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﺍ، ﺇﺫ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﻣﻌﻴﻦ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﺨﺮﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻜﻔﺮ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺗﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻤﺲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺄﺳﺮﺗﻪ ﻭﻣﺠﺘﻤﻌﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻳﺼﺪﺭﻩ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻋﻠﻨﻴﺔ ﻭﻣﺤﺎﺟﺠﺔ ﻭﺍﺳﺘﺘﺎﺑﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻨﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻼً. ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺩﺧﻠﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺘﺪﻳﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﻔﻮﺿﻰ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ، ﻭﻗﺪ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻣﻊ ﺍﻧﻔﻼﺕ ﺍﻷﻣﻦ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺄﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺗﻤﻜﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻟﺴﻼﺡ، ﻓﺼﺮﺕ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﻋﻦ ﻗﺘﻞ ﻓﻼﻥ ﺍﻟﻤﺮﺗﺪ ﻭﻓﻼﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺑﺎﺗﺖ ﺗﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮﺍً ﻣﻀﺎﻓﺎً ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻭﺣﺪﺗﻪ ﻭﺳﻼﻣﺔ ﺃﻓﺮﺍﺩﻩ ﻭﺣﺮﻳﺎﺗﻬﻢ. ﻟﻘﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻛﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻭﺍﺑﺘﻌﺎﺩﻫﺎ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺛﻮﺍﺑﺘﻬﺎ ﻭﻓﺸﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ، ﻣﻤﺎ ﻭﻟﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺠﺰﺋﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻗﻴﻌﻲ. ﻟﺠﺄ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﻮﻻﺕ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﺎﺋﻤﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎﺱ ﻣﺜﻞ ﻣﻘﻮﻟﺔ (ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻞ) ﺣﺘﻰ ﻇﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻧﻨﺎ ﺃﻭﻝ ﻳﻮﻡ ﺳﻨﻌﻠﻦ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺳﺘﺤﻞ ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺳﺘﻨﻘﻠﺐ ﺑﻀﻐﻄﺔ ﺯﺭ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺰ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻭﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻻ ﻏﻴﺮ، ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﻴﻦ: ﻟﻮ ﺧﻠّﺖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺳﺘﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﺳﻨﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺱ! ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻗﺎﺩﺕ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺑﺂﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻷﺧﻄﺮ ﻫﻮ ﺗﺒﻨﻲ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻛﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻨﺰﻉ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻇﻨﺎً ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺳﺘﻨﺘﻔﺾ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻮﺭ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﺑﻜﻔﺮ ﺣﻜﻮﻣﺎﺗﻬﺎ! ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺼﺪﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻻﺕ ﺃﺻﻼً ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺪﻭﺭ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻏﺮﻑ ﻣﻈﻠﻤﺔ ﻭﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﺿﻴﻘﺔ ﻭﻣﺤﺪﻭﺩﺓ، ﺗﻔﺎﺟﺄ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺃﻭﻻً ﺑﻤﻮﺍﻗﻒ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﺛﻢ ﻓﻲ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻣﻮﻇﻔﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺷﺮﺍﺋﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﺋﻊ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻤﺘﺠﻮﻝ. ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻗﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯﺕ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻮﺭﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻨﻬﺾ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺻﺮﺓ (ﺍﻟﺤﻖ ﺿﺪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ) ﺃﻭ(ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺿﺪ ﺍﻟﻜﻔﺮ)، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻣﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺴﺮ ﺗﻬﺎﻭﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺒﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺑﺄﺩﻧﻰ ﺫﺭﻳﻌﺔ، ﻓﻠﻘﺘﻞ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﺃﻣﻨﻲ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﺒﻴﺤﻮﻥ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺗﻔﺠﻴﺮ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺳﻜﻨﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ، ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻠﻲ ﻓﻴﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻠﻴﺌﺎً ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺎﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﺍﻟﻨﺎﺋﺐ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺳﻼﻡ ﺍﻟﺰﻭﺑﻌﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻨﺪ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻭﺭﺍﺡ ﺿﺤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻴﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺧﻄﻴﺐ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﺠﺮﺣﻰ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﺑﻠﺖ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺮﺣﻰ ﻭﺭﻭﻳﺎ ﻟﻲ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻭﺍﻟﻌﻬﺪﺓ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻃﺒﻌﺎ. ﻭﺑﺎﻻﻧﻌﺰﺍﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﺑﻔﺘﺎﻭﺍﻫﻢ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺗﻬﻢ ﺭﺍﺟﺖ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻳﻘﻮﺩﻫﺎ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﺄﺻﻴﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ، ﻭﻛﻞ ﺑﻀﺎﻋﺘﻬﻢ ﺧﻄﺎﺑﺎﺕ ﺗﻌﺒﻮﻳﺔ ﻭﻋﺎﻃﻔﻴﺔ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﻧﺰﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻟﺪﻯ ﻓﺌﺎﺕ ﻋﻤﺮﻳﺔ ﻣﺤﺪﺩﺓ، ﺛﻢ ﺳﺎﺀﺕ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﻌﺪ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺣﻘﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻀﻴﻴﻘﺎﺕ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻇﻬﺮﺕ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻭﻫﻤﻴﺔ ﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺳﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻦ ﻣﺆﻫﻼﺗﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ، ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻟﻘﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ ﺍﻟﻘﺮﺷﻲ! ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﻀﻰ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺃﻣﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻲ، ﻭﻟﺤﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺧﻼﻑ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﺣﻮﻝ ﺍﺳﻤﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﺷﺨﺼﻴﺘﻪ، ﻭﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺭﺟﻞ ﺃﻣﻦ ﻣﺴﺘﻘﻴﻞ ﺃﻭ ﻣﻔﺼﻮﻝ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﺻﺪﺍﻡ ﺣﺴﻴﻦ، ﻭﺃﻣﺎ ﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ ﻓﺄﻏﻠﺐ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺃﻧﻪ ﺷﺎﺏ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻟﻴﺪ 1971 ﺧﺮﻳﺞ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﺪﺍﻡ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺻﺤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺃﻡ ﻻ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﺣﻴﺚ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻷﻣﻴﺮ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﺳﻤﻪ ﻭﻻ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﻻ ﻣﺆﻫﻼﺗﻪ، ﺛﻢ ﻫﻢ ﻣﻠﺰﻣﻮﻥ ﺑﺎﻟﺴﻤﻊ ﻟﻪ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ، ﻭﻣﻦ ﻳﺴﺄﻝ ﺃﻭ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﺃﻭ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻓﻘﺪ ﻧﻜﺚ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻭﺧﻠﻊ ﺭﺑﻘﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﻋﻨﻘﻪ! ﻭﻭﻓﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﻀﺒﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻘﺪﺓ ﻓﻼ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻕ ﻭﺍﺭﺩﺓ ﺟﺪﺍ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺆﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺼﻮﻝ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻻﺳﻴَّﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻨﺎﻗﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻗﺼﺼﺎً ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ، ﻓﻘﺪ ﺃﺷﻴﻊ ﻣﺜﻼ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺘﻲ ﺑﺬﺑﺢ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻨّﺔ ﻫﻮ ﺭﺟﻞ ﺷﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺠﻒ! ﻭﻗﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻔﻠﻮﺟﺔ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﻪ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﻮﺭﻁ ﻣﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﻭﻗﺪ ﺟﺮﺡ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺪﻣﺘﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺃﺧﺬﻭﻩ ﻟﻠﻌﻼﺝ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺮﺓ (ﺧﺮﻣﺸﻬﺮ)، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻭﺫﺍﺕ ﺩﻻﻻﺕ ﺃﺑﻌﺪ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺗﺪﺧﻠﻬﻢ ﺑﺈﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﻟﻘﻨﺼﻞ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻢ ﺃﺳﺮﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺆﺷﺮﺍﺕ ﻗﺪ ﺗﺠﻴﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺆﺍﻝ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﺳﺘﻬﺪﻓﻮﺍ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﻣﺼﺮ ﺑﻌﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﻭﻟﻢ ﻳﻐﻠﻄﻮﺍ ﻣﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻊ ﺇﻳﺮﺍﻥ؟ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻗﺪ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﺮﺍﻗﻬﻢ، ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﺮﺍﻗﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺎﺕ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﺩﻭﻟﻴﺔ؟ ﺇﻧﻨﺎ ﺇﺫﺍً ﻻ ﻧﻨﺎﻗﺶ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻛﻈﺎﻫﺮﺓ ﻣﻦ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺗﻌﺪﻯ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﻭﺃﻣﻨﻴﺎً ﻭﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺎً، ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﻀﺎﻓﺮ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﻟﺘﻄﻮﻳﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻕ، ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﻭﺗﺤﺼﻴﻨﺎً ﻟﺸﺒﺎﺑﻨﺎ، ﺑﻞ ﻭﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ، ﻓﻬﻢ ﺃﻭﻻ ﻭﺃﺧﻴﺮﺍ ﺃﺑﻨﺎﺅﻧﺎ ﻭﻓﻠﺬﺍﺕ ﺃﻛﺒﺎﺩﻧﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺩﻓﻌﻬﻢ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺿﻌﻒ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﺇﺧﻔﺎﻗﺎﺕ ﺑﺎﺋﺴﺔ ﻭﻣﺘﻜﺮﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ، ﻭﺍﻟﺤﻞ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺗﻬﻢ ﻭﻫﻮﺍﺟﺴﻬﻢ ﻭﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭﺷﻔﺎﻓﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻊ ﺃﺳﻼﻓﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﻔﺮﻭﻩ ﻭﺣﻤﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺣﺒﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻓﺮﺟﻊ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﺃﻟﻔﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻇﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺮ ﺫﻛﺮﻩ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﻨﺎﻇﺮﺓ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ! ﻋﻮﺩﺓ ﻟﻸﻋﻠﻰ
1514 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع