عبد الكريم قاسم .. رجل علق في الذاكرة

                                          

                            د. ناهدة التميمي

      

اسطورة شعبية .. ومثالا وانموذجا لحب الشعب والزهد والتزهد والتعفف وخدمة الفقراء .. سبق مانديلا وجافيز ودا سيلفا الذين احبوا شعوبهم حتى الفداء واحبتهم شعوبهم حد الاحترام والتقديس ..

 

انه جيفارا العراق الذي رأته الجماهير في وجه القمر ولم يصدقوا باعدامه وموته وقالوا عنه انه مسيحا اخرا شبه للسلطات انهم ذبحوه وماذبحوه .. قتلوه وماقتلوه في ذاكرة الناس والفقراء .. بحث البسطاء عن جثته التي القوها في اليم ليطمسوا اي اثر له واعادوا دفنه سرا ليبقى شاهدا على حقبة كانت من انزه واعف الحقب التي مرت على العراق واكثرها عدلا وحراكا وخلافا وجدلا .
ربما لم تره الكثير من الاجيال ولم تشهد حقبته ولكن بقائه في قلوب الناس وعيون الفقراء لاكبر دليل على الطريقة الزاهدة والوطنية  التي عاش بها هذا الزعيم الخالد وعلى بساطته وقربه من الجماهير التي احبته وحفظت ذكراه ..
لم يمتلك قصورا ولا فيللاً في دول الجوار والغرب ولايخوتا ولاابراجا ولم يشتري عقارات من قوت الفقرات واموال مغمسة بدموع الايتام وجوع من يعتاشون على المزابل وينامون في بيوت الصفيح (ان صحّت لهم) او في العراء .. بل كان ينام في مكتبه في وزارة الدفاع ويجلب له اهله الاكل بالسفرطاس من البيت.. اذ لم تكن له نثرية ولاراتب ملياري ولامخصصات جرائد ولا مخصصات قرطاسية ولاحج ولاعمرة ولا ايفادات لم يستفد منها احد سوى الموفد نفسه ولم يكن له جواز دبلوماسي ولم يبني شققا فارهة من اموال الشعب ليتملكها هو وحزبه وعائلته وحواشيه والمقربين ولم يسكن في منطقة محصنة ويترك الناس تجابه الموت اليومي بصدور عارية وحدها في معركة ظالمة مع الارهاب ولم يجامل على حساب دماء الناس اكراما لعيون المصالحة الكاذبة

                          

انه الزعيم الذي التصق بشعبه وبفقرائه لذلك راح يواصل الليل بالنهار من اجل اسعادهم فقد كان يتفقد احوالهم ليلا ولم تكن معه حماية ولا افواج ولا دروع ولاراجمات هو وابن اخيه الصغير فقط حسب ماذكر ابن اخيه طالب عن سيرة هذا الزعيم العظيم .. لم يبني عدة بيوت ويوزعها على الفقراء والمحتاجين والمعوزين , ولكنه بنى مدن بحالها مثل الثورة والشعلة ومدن اخرى في المحافظات وزيادة في الوطنية لم يطلق اسمه عليها ولم يمن على الناس بها وانما كان يردد انها اموال الشعب منهم واليهم ..

  

كان بسيطا متقشفا في حياته يخرج للناس دون حماية ويجوب بغداد ومناطقها في كل وقت ..
كما ان معظم المشاريع العمرانية والتطور الصحي والتعليمي بدات في عهده فقد امر بتوزيع وجبات للطلاب اسوة بمدارس الغرب المتقدم وكسوة للفقراء في برنامج تكافل اجتماعي عظيم ..وهو الذي انهى سطوة الاقطاع وظلم الاقطاعيون للفلاحين بسن قانون الاصلاح الزراعي
قرأت عنه انه ذات مرة, مر قرب مخبز ولما دخل وجد صورة كبيرة له معلقة في واجهة الفرن ولكن اقراص الخبز كانت صغيرة . فقال لصاحب المخبز:

اريد منك ان تصغّر الصورة وتكبّر رغيف الخبز
كان يجالس الفقراء حتى لو لم يعرفوه فقد قيل انه جلس ذات مرة عند بائع فقير للخس وعندما ساله لماذا يغسل الخس في سطل ماء فيه شيء من الطين شكا له عدم وجود حنفية ماء قريبة وهو كبير لايستطيع نقل الماء فامر بحنفية ماء في ذلك الشارع تسهيلا لامر هذا البائع البسيط.. وقيل ان اخوه تقدم للتعين في الاذاعة والتلفزيون ورُفِض طلبه ولم يتوسط لاخيه في التعيين ولم يعين احدا من اهله في اي منصب ولم يستغل مركزه في التربح او الاثراء عاش وحيدا وهمه الشعب والفقراء

  

ومات فقيرا دون ارث تركه لاحد الا من ارثه الكبير في حب الشعب وحبهم له .. قتلوه ولكنهم لم يقتلوا حبه في قلوب الناس والفقراء والمسحوقين فطوبى لمن رأت الجماهير صورته على وجه القمر .
شاهدت افلام وثائقية عنه في العربية ولقاءات مع ابن اخيه الذي كان يرافقه وهو صغير فاعجبتني سيرته
تحية اجلال واكرام لكل مناضل احب الناس وفضلها على نفسه واهله ومصالحه .. وتحية اكبار لهذا الزعيم الظاهرة التي لابد من دراستها وبحثها ليكون منهجا للثوار والزاهدين والمتقين ..
د. ناهدة التميمي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1231 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع