علي لطيف الدراجي
عندما تفجرت الأوضاع في الشوارع التركية ، اتجهت أنظار العالم إلى هذه الدولة التي ازدهرت اقتصادياً في ظل حكم رجب طيب أردوغان، ولكن ما من هو الرجل الذي يتحدث عنه العالم الآن ، والذي لطالما سمعنا عنه في نشرات الأخبار؟
ولد أردوغان في 26 شباط عام 1954 في إسطنبول ويعود اصله إلى مدينة طرابزون الواقعة شمال تركيا، ونشأ أردوغان في أسرة فقيرة اذ قال في مناظرة تلفزيونية مع رئيس الحزب الجمهوري دنيز بايكال "لم يكن أمامي غير بيع البطيخ والسميط في مرحلتي الابتدائية والإعدادية ؛ كي أستطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي؛ فقد كان والدي فقيراً."
ودرس أردوغان في مدارس "إمام خطيب" الدينية ثم في كلية الاقتصاد والأعمال في جامعة مرمرة وانضم إلى حزب الخلاص الوطني بقيادة نجم الدين أربكان في نهاية السبعينات، لكن مع الانقلاب العسكري الذي حصل في 1980، تم إلغاء جميع الأحزاب، وبحلول عام 1983 عادت الحياة الحزبية إلى تركيا وعاد نشاط أوردغان من خلال حزب الرفاه.
وبحلول عام 1994 رشح حزب الرفاه أردوغان لتولي منصب رئاسة اسطنبول، واستطاع أن يفوز في هذه الانتخابات مع حصول الحزب على عدد كبير من المقاعد.
وغير أردوغان من البنية التحتية لمدينة اسطنبول ، وعمل على تطوير البنية التحتية للمدينة بالكامل مما ساعد في أن تتحول المدينة لوجهة سياحية عالمية، وبهذه الإنجازات اكتسب أردوغان شعبية كبيرة في عموم تركيا.
وفي عام 1998 اتهم أردوغان بإثارة الكراهية الدينية وتسببت في سجنه ومنعه من العمل في الوظائف الحكومية ومنها الترشيح للانتخابات العامة بسبب اقتباسه أبياتاً من شعر تركي أثناء خطاب جماهيري قال فيه: "مساجدنا ثكناتنا.. قبابنا خوذنا.. مآذننا حرابنا .. والمصلون جنودنا .. هذا الجيش المقدس يحرس ديننا".
وخاض حزب العدالة والتنمية الانتخابات التشريعية عام 2002 وحصل على 363 نائبا مشكلا بذلك أغلبية ساحقة ، لكن أردوغان لم يستطع ترأس حكومته بسبب تبعات سجنه وقام بتلك المهمة عبد الله غول، لكنه تمكن في مارس / آذار عام 2003 من تولي رئاسة الحكومة بعد إسقاط الحكم عنه.
وبعد توليه رئاسة الوزراء، عمل على الاستقرار والأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تركيا، وتصالح مع الأرمن بعد عداء تاريخي، وكذلك فعل مع اليونان، وفتح جسورا بينه وبين أذربيجان وبقية الجمهوريات السوفيتية السابقة، كما أعاد لمدن ولقرى اسمائها الأصلية باللغة الكردية بعدما كان ذلك محظوراً، وسمح رسمياً بالخطبة باللغة الكردية.
وأرسى تعاوناً مع العراق وسوريا وفتح الحدود مع عدد من الدول العربية ورفع تأشيرة الدخول، وفتح أبواباً اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية مع عدد من البلدان العالمية.
وعرف أردوغان أيضاً بمواقفه الشديدة مع القضية الفلسطينية خاصة خلال حواره مع رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز في مؤتمر الاقتصاد العالمي في دافوس عام 2009 عندما حاول بيريز الدفاع عن هجوم إسرائيل لفلسطين عندما حاوره وهو يشير بإصبعه عما كان أردوغان سيفعله لو أن الصواريخ أُطلقت على إسطنبول كل ليلة, و رد أردوغان على أقوال بيريز بعنف وقال: "إنك أكبر مني سناً ولكن لا يحق لك أن تتحدث بهذه اللهجة والصوت العالي الذي يثبت أنك مذنب" وقوطع حديث أردوغان حينها، مما دفعه للانسحاب من الجلسة، قائلاً: "شكراً لن أعود إلى دافوس بعد هذا، أنتم لا تتركونني أتكلم وسمحتم للرئيس بيريز بالحديث مدة 25 دقيقة وتحدثت نصف هذه المدة فحسب."
ولكن في ذات الوقت عرف عن اردوغان تدخله لأكثر من مرة في الشأن السياسي العراقي والسوري وعمد في مناسبات مختلفة الى تحديه الصارخ ووضع انفه في شؤون بلدان الجوار واخرها تدخله الصارخ في الشان المصري رافضاً طريقة انهاء حكم مرسي في ثورة 30 يونيو التي ولدت من ميادين الثورة المصرية الثانية الامر الذي دفع الكاتب الكبير حمدى قنديل ان يطلب من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الالتفات الى المشاكل الداخلية فى تركيا ، مضيفاً نحن ادرى بشؤوننا.
ولكن بائع البطيخ هذا يقف اليوم امام تحدي المواجهة الشعبية في عدد من المدن التركية في حراك مفاجئ اربك تطلعات اردوغان كثيرا وجعلته يراجع نفسه بدلاً من التفكير بمستقبل العراق ومصر وسوريا.
1241 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع