نصرت مردان
الإرهابي التركي محمد علي آغجا، أشهر من نار علي علم. فهو كان ولا يزال حديث الصحافة والفضائيات منذ أكثر من ربع قرن بعد محاولته اغتيال البابا السابق.أعلن خلال السنوات الطويلة التي قضاها في السجن بايطاليا بأنه المسيح المخلص وانه أتى لينقذ العالم من الشرور.
لم تتوصل السلطات الإيطالية إلي معرفة دوافع محاولة الاغتيال.. وقد أعادته ايطاليا قبل سنوات إلي تركيا ،ليقضي فيها أيضا عدة سنوات معتقلا بتهمة اغتياله الصحفي عبدي ايبكجي صاحب صحيفة (ميلليت) قبل فراره من السجن العسكري باستانبول إلي ايطاليا قبل ربع قرن من الزمان. قبل اسبوعين أطلق سراح آغجا ثم أعيد اعتقاله بعد اسبوع من اكتشاف إطلاق سراحه عن طريق الخطأ.. أثناء إعادته إلي السجن كرر مجددا أمام عدسات التلفزيون بأنه المسيح المنتظر فما كان من أحد رجال الشرطة إلا أن يسأله السؤال التقليدي الذي وجه إلي كل من ادعي النبوة عبر التاريخ: ـ إذا كنت تدعي النبوة وبأنك المسيح المنتظر.. أرنا إذن معجزتك! بعد تفكير رد عليه آغجا قائلا: ـ معجزتي يراها كل من يود أن يراها!
ذكرني هذا الحادث بـ (حمه سور) الذي ادعي النبوة قبل عقود من القرن الفائت، وآمن به كثيرون وتعرض إلي الاعتقال، وأعيد إلي العراق بالقوة عند محاولته العبور إلي الأراضي السورية آنذاك. وقد تحدث عنه الشاعر فاضل العزاوي في كتابه عن سيرته الذاتية. ظلت معلوماتي عن النبي المزعوم (حمه سور) في هذا الإطار، حتى ساقت لي الصدفة أحد أصدقائي الذي كان يعمل في دائرة الإصلاح الزراعي بكركوك في بداية الثمانينات ، وكان يقوم بحكم وظيفته بزيارات للقرى والقصبات التابعة لكركوك. لا أذكر الآن كيف تشعب بنا الحديث إلي (حمه سور).. رأيته يضحك قائلا، هل تصدقني لو قلت لك بأنني قابلته شخصيا؟ سألته باستغراب،كيف ؟ قال، كنت في رحلة روتينية إلي قرية (شوان) القريبة من كركوك ولدي جولتي فيها علمت انه يعيش في هذه القرية،فدفعني الفضول للتعرف عليه. كان شيخا طاعنا في السن،وجدت نفسي أتجاذب معه أطراف الحديث،فرأيته مصرا علي ادعائه النبوة فسألته السؤال التقليدي: ـ لكل نبي معجزته، ماهي معجزتك؟ قال (حمه سور) بهدوء: ـ معجزتي هي (قرعاني سبي ـ القرآن الأبيض) فلا يمكن لمخلوق غيري ان يقرأه،لأن صفحاته تبدو بيضا لغيري ولا يري غيري فيها شيئا. ثم ذهب واحضر كتابا ضخما،اصفرت صفحاته من القدم، قال لي وهو يقلب تلك الصفحات: ـ أليست هذه الصفحات فارغة. قلت: بلى . ـ الآن سأقرأها لترى الإعجاز بنفسك. وراح يقلب الصفحات الواحدة تلو الأخري وهو يقرأ بالكردية ما هو مكتوب فيها من كتابات لا يراها أحد غيره. ضحك صاحبي وهو ينهي حديثه: ـ أشهد أن (حمه سور) قرأ كتابه (قرعاني سبي) بطلاقة يحسد عليها!
992 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع