دلالات الاعلان عن دمج دولة العراق الاسلامية مع جبهة النصرة في بلاد الشام

                                         

                         الدكتور/ وليد الراوي


اعلن ابو بكر البغدادي زعيم دولة العراق الاسلامية يوم الثلاثاء الموافق التاسع من نيسان 2013 عن حل تنظيم دولة العراق الاسلامية وجبهة النصرة وتاسيس تنظيم جديد ليشمل الساحة العراقية السورية.

جاء ذلك في بيان صوتي لامير "دولة العراق الإسلامية" ابو بكر البغدادي عن دمج دولة العراق الاسلامية مع جبهة النصرة والعمل تحت راية الدولة الاسلامية في العراق والشام .

أن "جبهة النصرة" هي الابن الشرعي لدولة العراق الاسلامية وهي بالطبع امتداد لتنظيم القاعدة وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد صنفت "جبهة النصرة" في كانون الأول 2012 "منظمة إرهابية"، وقالت إنها فرع لتنظيم القاعدة في العراق.

ويأتي هذا الإعلان بعد يومين من دعوة زعيم القاعدة أيمن الظواهري، المجموعات الجهادية في سوريا إلى التوحد.

توقيت الاعلان:

لم تعلن دولة العراق الاسلامية عن قرارها بدمج التنظيمين الا بعد ان توفرت ضروف ذاتية وموضوعية عجلت بهذا الاعلان بالرغم من التاثير السلبي على مستقبل عمل المعارضة السورية بشكل عام.

الغريب في الامر ان ابو بكر البغدادي اعلن عن الدمج في حين لم يبارك الجولاني ذلك بل ذهب الى بيعة زعيم التنظيم ايمن الظواهري.

هذه الاشكالية قد تكون ناتجة لمحاولة الجولاني في الاستمرار بقيادة "جبهة النصرة" وان يكون مستقلا عن تنظيم العراق وان يكون تنظيما خاصا ببلاد الشام مستقبلا مرتبط بالقيادة العالمية مباشرة وليس عبر تنظيم اخر, كذلك محاولة عدم الربط بتنظيم مارس اخطاء كبيرة بحق الشعب العراقي ولايراد لتنظيمهم تكرار ماسي العراق حيث ان الطبيعة السورية المتنوعة الاجناس يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار وان لايراد تكرار الاخطاء في العراق.

مدرسة ابو مصعب الزرقاوي

أن فكرة تأسيس "جماعة جهادية في الشام" تبناها أبو مصعب الزرقاوي منذ تأسيسه معسكر هيرات في أفغانستان اثناء فترة الجهاد الافغاني.

عمل ابو مصعب الزرقاوي على استقدام مقاتلين من منطقة بلاد الشام حصرا حيث ركز على جلب مقاتلين من سوريا والاردن ولبنان ومن فلسطين مؤمنين بفكر "السلفية الجهادية".

بعد احتلال العراق قدم ابو مصعب الزرقاوي الى العراق مع بعض رفاقه من المقاتلين من مناطق بلاد الشام "كابو انس الشامي" وغيرهم لتاسيس تنظيم التوحيد والجهاد قبل ان يعلن مبايعته لاسامة بن لادن, وبعد ان اعلن ابو مصعب الزرقاوي مبايعته, تم تغير التنظيم الى " تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين".

بعد مقتل ابو مصعب الزرقاوي ,اعلن عن قيام دولة العراق الاسلامية , وتم مبايعة ابو عمر البغدادي زعيما للتنظيم الذي قتل في غارة جوية امريكية, ثم انتخب ابو بكر البغدادي القريشي زعيما للتنظيم , بعد اندلاع المعارضة السورية المسلحة ارسل ابو محمد الجولاني الذي كان يقاتل في العراق الى سوريا لإعلان الجهاد تحت اسم جبهة النصرة.

وكان الجولاني قد قال في بيان صوتي يعلن فيه تأسيس "جبهة النصرة" في يناير/ كانون الثاني 2012، إنه قدم إلى "أرض سوريا من إحدى الساحات الجهادية ", يتركز نشاط "جبهة النصرة" في المناطق الشرقية من سورية و مدينة حلب ومناطق اخرى.



اسباب اعلان دمج التنظيمين:

يرى الباحث ان سبب اعلان الدمج تعود لعدة اسباب اهمها:

1. قامت جماعة النصرة ببناء قاعدة شعبية كبيرة ,متعاطفة معهم ومساندة لهم عبر تجنبهم اعمال التطرف.

2.تاسيسهم هيئات اغاثة ومساعدة انسانية حيث تقدم الغذاء والملابس والرعاية الصحية في بعض الاحياء السورية وقد استفادوا من "أخطاء تنظيم القاعدة في العراق"، حيث عمدت "جبهة النصرة" إلى كسب الأهالي المحليين في سوريا إلى صفها عبر تقديم الاعانات الانسانية، وتوفير الأمن في بعض المناطق التي يسيطرون عليها .

3.تميزهم في القتال ومواجهة قوات النظام السوري, وقيامهم بعمليات نوعية مع بعض فصائل الجيش الحر مما اكسبهم سمعه كبيرة حتى باتت "جماعة النصرة" تكلف في اقتحام الاهداف الصعبة المتمثل بحواجز ومقرات الجيش السوري والاجهزة الامنية.

4.تصاعدة نفوذهم في المحافظات السورية الشرقية القريبة من الحدود العراقية.

5.تصاعد مطالب الحراك الشعبي العراقي في المناطق السنية حيث هيئ هذا الحراك الارضية الشعبية للتعامل بايجابية مستقبلا مع "قوة مسلحة" اذا ما تم تطور مستوى الصراع .

6.جاء القرار نتيجة لاعمال اعادة التنظيم التي نفذها تنظيم القاعدة العالمي بعد ان انتخب ايمن الظواهري زعيما للتنظيم وذلك عبر تشكيل تنظيمات قطرية مستقلة تنظيميا وماديا تعمل في ساحات محددة ترتبط خيطيا بقيادة التنظيم العالمي, فنرى دمج تنظيم القاعدة في اليمن والسعودية ودمج تنظيمات القاعدة في المغرب العربي تحت عنوان موحد وكذلك دمج العراق مع بلاد الشام مما سيضم مستقبلا تنظيم الجماعات "الجهادية" في لبنان وفلسطين.

7. لمجابهة تهديدات الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة الموجهة" لجبهة النصرة "عبر احتمال توجيه ضربات جوية بطائرات بدون طيار او بالقيام بتنفيذ غارات ارضية تستهدف قيادات جبهة النصرة, جاء الاعلان لتعقيد المشهد وجعله معضلة كبرى تواجه اميركا وحلفائها والغرب بشكل عام من خلال التوسع في ساحة المواجهة لتشمل العراق في الوقت الحاضر ومنطقة بلاد الشام مستقبلا.

التوحيد على العمل في سوريا قرار انعكاس

قد لايؤثر هذا العمل على صعيد النشاط العسكري لجبهة النصرة من حيث رفدهم بالاموال والرجال والسلاح لان الاساس في "جبهة النصرة" انها فرع من دولة العراق الاسلامية ,الا انه قد يعقد المشهد الداخلي السوري وخصوصا اذا تمكنت قوى المعارضة المسلحة من اسقاط النظام فسيبرز مشروع تنظيم القاعدة في اقامة دولة الخلافة الاسلامية على الارض السورية مما قد يازم الموقف وقد يتطور الامر الى الدخول في صراع مسلح مع باقي قوى الثورة السورية.

كما ان الاعلان يؤكد صحة ادعاء القيادة السورية بوجود تنظيمات ارهابية تقاتل داخل سوريا تضم مقاتلين اجانب.

في المقابل وجه الخطيب ومرشد الاخوان السوريون دعوة الى "جبهة النصرة" للتراجع عن بيعتهم لايمن الظواهري وتغير اسم حركتهم لما قد يسبب ذلك من اشكالات كبير في صفوف المعارضة السورية.

ان مشروع دعم المعارضة السورية بالسلاح سوف يتم تاجيله في الوقت الحاضر بالرغم من ان عدد مقاتلي الجبهة لايشكلون اكثر من 10% من مجموع المعارضة السورية المسلحة.

كما سيربك هذا الاعلان القوى الدولية المساندة للثورة السورية بعد دخول تنظيم القاعدة بقوة وعلنية على الساحة السورية.

انعكاس ذلك على العراق

اما الحال في العراق فان قرار دمج التنظيمين له دلالات خطيرة على العراق وذلك لااسباب التالية:

1. الاندماج يمدد المنطقة المعروفة بالـ"مثلث السني" في العراق حيث ينشط أفراد دولة العراق الاسلامية ، لتصل إلى المنطقة الشرقية من سوريا، مما يحقق منطقة نفوذ وعمليات كبرى.

2.أن هذا الإعلان يعبر عن توسع المساحات الجغرافية التي ينشط فيها المقاتلون من عناصر تنظيم القاعدة بين العراق وسوريا.

3.خلق تنظيم مسلح موالي لتنظيم القاعدة في العراق ذو خبرة ودراية مع توفر امكانيات مادية وتسليحية كبرى عبر سيطرته على مدن وبلدات سورية ذات موارد مالية كبرى يعمل بالقرب من الحدود العراقية لمناطق تتجانس معه فكريا وتتعرض الى اقصاء من الحكومة المركزية في بغداد.

4.في حالة تطور وتيرة العصيان المدني في مناطق غرب العراق وخصوصا في الانبار والموصل وصلاح الدين ولجوء الحكومة الى المجابهة المسلحة فسنرى ان الدول "الاسلامية الجديدة " التي وحدت ساحة عملها لتضم كل من العراق وسوريا جاهزة للعمل في العراق والتصدي للقوات الحكومية المسلحة.

وعدوة للبدء فان اعلان دولة العراق الاسلامية في الخامس عشر من تشرين اول 6200 جاء نتيجة دراسات عدة قدمت " لمجلس شورى التنظيم" وتم عقد مقارنة بين ما تتيسر لهم من نفوذ وسيطرة على بعض مناطق العراق " منطقة عرب جبور" في منطقة الدورة جنوب بغداد مع المدينة المنورة " دولة الرسول" ص".

فما بال الحال في استقطاع عدة محافظات عراقية مع اكثر من ثلاث محافظات سورية لتاسيس دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام.

الدكتور

وليد الراوي

باحث في شؤون الجماعات الاسلامية المسلحة

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

771 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع