ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
المدرسة العدنانية الابتدائية للبنين
والمدرسة العدنانية الابتدائية للبنين في الموصل ، من المدارس الابتدائية العريقة التي تأسست في مدينة الموصل .وكان للمدرسة العدنانية ، كما كان لمدرسة أبي تمام والمدرسة القحطانية والمدرسة الحسينية والمدرسة الخزرجية ومن قبلهما المدرسة الخضرية ، ومدرسة دار النجاح ومدرسة شمعون الصفا تاريخ ، وتاريخ حافل في وقت لم يكن فيه عدد المدارس الابتدائية يزيد كثيرا عن عشرة مدارس أو اقل قليلا او اكثر قليلا .
وقد جرت العادة في العراق ايام سنوات التكوين الاولى في العشرينات من القرن الماضي ، تسمية المدارس بتسميات مأخوذة من التراث العربي الاسلامي فهذه المدرسة القحطانية نسبة الى بني قحطان وهذه المدرسة العدنانية نسبة الى بني عدنان وهذه المدرسة الغسانية نسبة الى بني غسان وتلك المدرسة الحسينية نسبة الى الامام ابي عبد الله الحسين عليه السلام وهكذا .
المدرسة العدنانية الابتدائية للبنين ، ضمت في كادرها التعليمي أفضل المعلمين ، واكثرهم قدرة في مجال التربية والتعليم ..كما ان من أدار هذه المدرسة عرف بالحزم ، والقدرة العلمية والتربوية ، ما لم يتوفر في كثير من مدارسنا في فترات اخرى غير فترة البناء والتكوين ...ادارها مدراء هم اقرب الى ان يكون احدهم (مدرسة ) قائمة بذاتها .
وُتلقي الكثير من السجلات التاريخية والصور الفوتوغرافية التي ترونها أمامكم والتي تعود الى السنة الدراسية 1932-1933 الكثير من الاضواء عن نوعية وقيمة من ادار ودرس في هذه المدرسة العتيدة .
والصورة المرفقة هي لتلاميذ ومعلمي الصف السادس الابتدائي في المدرسة العدنانية 1932-1933 وتضم من المعلمين البارزين الذين نفخر بهم وهم من اليمين الاساتذة عارف توفيق ، وعبد الاحد مال الله ، وسعيد الديوه جي ، وعبد العزيز الخليل ، ومحمد امين سعيد ، وخليل العلي ، وامين محمد ، ومحمود عبد الله القطان .وفي الصورة عدد من تلاميذ المدرسة منهم من برز في الحياة العملية لكن مما يجلب الانتباه ان عددا من تلاميذ هذه المدرسة ، كانوا من ال كشمولة لقرب بناية هذه المدرسة من دورهم .
تطرقت الى هذه المدرسة عندما كتبت اطروحتي للدكتوراه عن ( السياسة التعليمية في العراق خلال عهدي الاحتلال والانتداب البريطانيين 1914-1932 ) .كما كتب عنها الاخ الدكتورعلي نجم عيسى في كتابه ( مدارس الموصل ) والذي اصدره في بيروت سنة 2017 ، وقال ان المدرسة العدنانية أُفتتحت سنة 1927 ، وكان موقعها عند إفتتاحها في شارع الفاروق الجديد في دار مستأجرة تعود ملكيتها الى الحاج احمد الدرزي وهو تاجر موصلي معروف كان يتاجر بالاواني الزجاجية ويملك معملا لاطباق الشاي .وقد انتقلت المدرسة بعد ذلك الى مكان آخر كانت تشغله (متوسطة المثنى ) ، قريب من الجامع الكبير ومحلة حمام المنقوشة ، وبعدها انتقلت الى مكان ثالث مقابل خان الدقاقين في شارع الفاروق الجديد وبعدها انتقلت الى مكان رابع مجاور لبناية كنيسة الطاهرة في حي الشفاء واخذت تداوم مزدوجة مع المدرسة القحطانية واخيرا انتقلت لتداوم مزودجة مع مدرسة ابي تمام في مكان قريب من البقجة ودورة قاسم الخياط القريبة من الجسر الخامس حاليا .
للمدرسة العدنانية اليوم ، بناية جميلة وسط حي اليرموك قرب جامع الحافظ .. والبناية تضم مختبرات ، وصفوف ، وحدائق ، وساحات وهي ذات تصميم حديث لا أعلم مالذي اصابها خلال معركة تحرير الموصل لكن مما اريد ان اقوله ان هذه المدرسة تمتلك تاريخا ثرا ابتدأت بعدد من التلاميذ لايزيدون على (20 ) تلميذا سنة 1927 وتنقلت في بيوت مستأجرة ودخلها تلاميذ من مختلف محلات واحياء الموصل خاصة من محلة حمام المنقوشة ، وباب المسجد ، والمشاهدة ، والخاتونية ، وعبدو خوب ، والمكاوي وعدد تلاميذها وصل قبل بضعة سنين الى اكثر من( 1000 ) تلميذ ، ونظرا لتوسعها وكثرة تلاميذها انشطرت الى المدرسة العدنانية الاولى ، والمدرسة العدنانية الثانية وقد تغير اسم المدرسة العدنانية الثانية الى مدرسة (ابن الجزري للبنين ) وحافظت الاولى على اسمها التاريخي (العدنانية) .
من خىل متابعتنا لتاريخ هذه المدرسة ، نجد انها اديرت من قبل مدراء مشهود لهم بالحزم والقدرة والكفاءة امثال الاستاذ عبد العزيز اسماعيل صدقي خليل افندي ، وكان مديرها سنة 1932 وظل يدير المدرسة حتى وفاته رحمه الله سنة 1946 .. وكان هو من خريجي دار المعلمين الابتدائية في الموصل سنة 1915 .
ومن مدرائها المربي والكاتب المسرحي والمناضل السياسي الاستاذ يحيى قاف الشيخ عبد الواحد ، وهو معروف بنضاله السياسي القومي العربي اواخر العهد العثماني ونشاطه اليساري فيما بعد حتى انه توفي في المعتقل سنة 1963 . وقد كتبت عنه اكثر من مرة كما كتب عنه الاخ الاستاذ مثري العاني وكتب عنه ايضا الدكتور عمر الطالب في موسوعة (اعلام الموصل في القرن العشرين ) .تولى الاستاذ يحيى قاف الشيخ عبد الواحد ادارة المدرسة العدنانية بين سنتي 1946-1948 .
ومن مدراء المدرسة العدنانية البارزين ، الاستاذ يحيى الشيخ صالح ، وقد تولى ادارتها بين سنتي 1948 و1954 وكان مربيا فاضلا ، وقد اصبح واحدا من ابرز المشرفين التربويين .
ومن مدرائها ايضا الاستاذ عبد العزيز نجم عبد الله السنجري وتولى ادارة المدرسة للمدة من 1954-1959 ، وبعدها عين الاستاذ غانم الدباغ وهو القاص والكاتب الكبير المعروف وله مجاميع قصصية مشهورة منها مجموعته ( ضجة في ذلك الزقاق ) تولى ادارة المدرسة من سنة 1959 الى سنة 1960 .
ومن مدرائها ايضا الاساتذة محمد علي الذنون 1965-1970 وعلي صالح الجبوري 1970-1976 وهكذا توالى على ادارتها العديد من المدراء الذين كانت المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى تحرص على ان يكونوا من المتميزين اداريا وتربويا .
اشتهرت المدرسة العدنانية في ان معظم معلميها كانوا من المتميزين فممن درس فيها الاستاذ ابراهيم عبد الله محي استاذ الرياضيات المعروف ، والاستاذ عبد العزيز مجيد الطالب القائد الكشافي المعروف ، والاستاذ اسماعيل عبد الله ياسين والاستاذ عبد الغني حامد عبد الرحمن .
ومن اقدم التلاميذ الذين كانوا مُسجلين في المدرسة العدنانية للبنين عددا من ال كشمولة منهم نجيب سعد حامد كشمولة من مواليد 1913 ، وابراهيم عمر طه كشمولة مواليد 1918 وعزيز حسن كشمولة ، ويونس احمد كشمولة ، وعبد العزيز احمد الارحيم من مواليد 1918 ومحمد طاهر الاتروشي وعبد الهادي عبد الموجود وعبد الرزاق احمد كرجية والد صديقنا الاستاذ الدكتور امجد عبد الرزاق كرجية رئيس قسم الرياضيات الاسبق في كلية التربية –جامعة الموصل ، وياسين فتح الله العلي ، واسماعيل بهاء الدين وعدد كبير ممن لايساعدنا الوقت في ان نذكر اسماءهم .
واخيرا اريد ان اقول انه كانت في المدرسة العدنانية نشاطات لاصفية من قبيل انه كانت في المدرسة فرقة كشافية شاركت في كل استعراضات الكشافة في الموصل وخارجها منذ تأسيسها في اواخر العشرينات من القرن الماضي .كما كانت في المدرسة فرق رياضية منها فريق لكرة السلة وفريق لكرة الطائرة وفرق للساحة والميدان .وكثيرا ما اشتركت المدرسة في البطولات التي كانت تنظمها مديرية المعارف –التربية .
هذا فضلا عن انه كان في المدرسة فرقة تمثيلية في الخمسينات من القرن الماضي قدمت كما ترون في الصورة المرفقة بعض الفصول التمثيلية .
هذه جوانب مختصرة من تاريخ هذه المدرسة العريقة .
1704 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع