ملخص ندوة الاثنين 12 تشرين الثاني 2012 في ديوان الكبيسي

                                               

ملخص ندوة الاثنين 12 تشرين الثاني 2012 في ديوان الكبيسي بعنوان أزمة البنك المركزي العراقي
المحاضر:الدكتور خالد الشمري

حضر الندوة عدد كبير من الاقتصاديين والوزراء السابقين والاعلاميين والمهتمين بالشأن العراقي وبدأ مدير الجلسة الندوة بالقول هذا هو العراق الجديد من أزمة الى أزمة ، البنك المركزي العراقي هيئة مستقلة يتم تطويق استقلاليته بتغيير جذري لإدارته وهيئته بدون مقدمات ولا حصانة على امواله والحصة التموينية التي هي قوت الشعب تلغى بقرار سريع الطبخ ، فهل سيبقى الشعب بلا قوت ؟ المحاضر اليوم هو خبير واستشاري بنوك ومصارف واكاديمي بشهادات عالية من مراكز علمية رصينة بشؤون المال والإقتصاد سيحدثنا عن البنك المركزي العراقي عن مهماته ومسؤولياته، ماله وما عليه ، وما هو تفسير وتعليل ما حدث : بداية ذكرَّ المحاضر بأنه مضطر للخوض في تعابير اقتصادية وجملة من الأرقام الحسابية التي تعكس أداء البنك وبالتالي قد يجد المتلقي صعوبة في فهم التقييم وفيما يلي هو ملخص لما طرحه المحاضر من نقاط :
ابرز الاحداث الاتهامية هي اصدار امر القاء القبض على سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي العراقي
نلخص المحاضرة بما يلي :
نختصر دور البنك بعد عام 2003 حيث يوضح  قانون البنك المركزي رقم 56 عام 2004 الذي أصدره بريمر  
اهم بنوده:

الاستقلال التام ولا يتلقى تعليمات من اية جهة حكومية ولن يسعى اي شخص للتاثير على عمل البنك او التدخل في شؤونه .
الاهداف:
تحقيق استقرار العملة
الحفاظ على نظام مالي ثابت ومستقر
تعزيز التنمية المستدامة واتاحة فرص العمل وتحقيق الرخاء في العراق

المهام :
صياغة السياسة النقدية
حيازة وادارة احتياطي الذهب
اصدار العملة
توفير خدمات السيولة للمصارف والاشراف عليها
تقديم المشورة للحكومة في سياستها المالية
اتخاذ الاجرائات لمكافحة غسيل الاموال وتميل الارهاب
حظر اقراض الحكومة او اية مؤسسة او هيئة عامة مملوكة للدولة

السياسة النقدية والنشاط الاقتصادي

أرقام الآرصدة والأرباح والخسائر
لم يصدر اي تعديل على القانون لغاية الان الا تعديل واحد جعل المحافظ بدرجة وزير وناءبيه بدرجة وكيل وزارة
للبنك اربعة فروع البصرة والموصل وفرعين لايتبعان البنك وانما لسلطة اقليم كردستان هما في اربيل والسليمانية
تقييم السياسة النقدية للبنك حيت تقييم الموازنات وحساب الدخل للاعوام 2007-  2012

هناك ارصدة لدى البنوك المركزية ارتفعت من 8 الى 18 ترليون دينارعام 2009 وانخفضت الى 9.5 عام 2011
بينما ارتفعت لدى البنوك الخاصة من 5.6الى حوالي 12 ترليون من 2007-2011

هناك تاكل للاحتياطي النقدي الالزامي والاختياري بمقدار ا.ا ترليون عام 2011
هناك خسارة في حقوق الملكية بلغ 4.5ترليون عام 2007 تحول الى فاءض بسيط بلغ 0.3 ترليون عام 2011
ارتفاع النقد المصدر من 9 ترليون الى 53 ترليون عام 2011
حساب الدخل
انخفاض ارباح صافي الفوائد الدائنة من 1.5 ترليون عام 2007 الى خ.5 ترليون عام 2011
ارتفاع اجمالي للايرادات من 0.6 عام 2007 الى 1.8 عام 2011
هناك خسائر متراكمة من عمليات تحويل العملة الا انها حققت ربحا عام 2009  بلغ 3.5 ترليون
الارباح التي ظهرت بارقام عالية عام 2007-2008 هي من الغاء الاعتراف بديون مستحقة ارصدتها بلغت 9.7 ترليون دينار
الاستثمارات في الخارج بلغت 66.4 ترليون عام 2011منها 33.4 في اميركا
محصص خسائر القروض بلغ 1.8 ترليون عام
2011
الملاحظات على البنك
تاكل للاحتياطيات التي بلغت 1.1 ترليون دينارهناك
الارتفاع في الودائع لدى البنوك الخاصة يشكل مخاطر الائتمان عالية خاصة بعد 2008
لم تحاول الادارة تنويع الاحتياطي ضمن سلة ولم ترفع اجتياطي الذهب  والارتفاع كان في القيمة وليس الكمية
التعامل  مع المصارف الخاصة
خفض الاحتياطي الالزامي من 25%الى 15
منح فوائد عاليى لليلة مما ادى الى جعل البنوك مودعة وليست مساهمه في النشاط الاقتصادي
شجع البنوك على الاقتراض للملجا الاخير وهي لديها  تعاملات غير مضمونة
لم تكن مراقبة البنوك الخاصة فاعلة مما ادى الى تعاملات اضرت بالاقتصاد العراقي
مزاد العملة الاجنبية
البيع للمحافظة على سعر الصرف ولتفعيل النشاط الاقتصادي
لم يستطع البنك السيطرة والرقابة من خلال الاعتمادات والكفالات والبواص واية دفوعات مما ادي الى تلاعب كبير من بعض البنوك وبمعرفة جهات حكومية اضرت بالاقتصاد وبسعر الدينار وارتفعت المبيعات من 120 مليون دولار متوسط عام 2011 الى 250 مليون يوميا متوسط  عام 2012
ارتفعت ارباح التهريب الى اكثر من 2.5 مليار دولار لغاية شهر 11 عام 2012.

ما يحسب للبنك المركزي : مع كل ذلك يمكن الاشارة الى ان  البنك المركزي استطاع ان يحافظ على سعر صرف الدينار وان يرفع من قيمته وأن صلب الخلاف بين إدارة البنك والسلطة كان بسبب هو أن السلطة التنفيذية ارادت ان تسيطر  على السياسة النقدية  من خلال السيطرة على البنك المركزي ومن خلال السيطرة على الاصدار النقدي فأن ذلك يعني الاستحواذ على الاحتيطات النقدية سواء باستثمارها في البنوك الخاصة الاجنبية او استخدامها لغير اغراضها المنصوص عليها في قانون البنك المركزي.
المعقب الدكتور يحيى الكبيسي
تحدث المعقب بالتفصيل عن ما حدث وكيف أثيرت الأزمة وقانونية ما تم من إجراءات وفيما يلي ملخص لما طرحه :  

قضية البنك المركزي العراقي:
ـ أولا. السلطة التشريعية
تفجرت أزمة البنك المركزي العراقي مع إعلان بعض أعضاء اللجنة التحقيقية المشكلة من أعضاء مجلس النواب برئاسة الدكتور قصي السهيل، وتحديدا عضو اللجنة النائب هيثم الجبوري، بعض نتائج هذا التحقيق عبر وسائل الإعلام. بل وصل الأمر إلى إعلان النائب الجبوري في 14/10/2012  صدور مذكرات اعتقال ومنع سفر بحق محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي ومسؤولين في البنك، أي قبل يومين من اجتماع مجلس الوزراء الذي قرر فيه تكليف الدكتور تركي، وخمسة أيام من إعلان مجلس القضاء الأعلى صدور هكذا مذكرة!
وما زال ثمة غموض غير مفهوم حول طبيهة الجهة، وطبيعة الإجراءات التي انتهت بصدور أمر إلقاء القبض على محافظ البنك المركزي. فقد أشار السيد رئيس الوزراء في إجابة له عبر نافذة التواصل مع وسائل الاعلام الخاصة بالموقع الالكتروني للمكتب الاعلامي بتاريخ 24/10/2012 ردا على سؤال يتعلق بمذكرة اعتقال محافظ البنك المركزي بأن الأمر كان نتيجة تحقيق قامت به لجنة تحقيقية في مجلس النواب "استمر لاكثر من شهر انتهى الى اصدار تقرير يحمل محافظ البنك المركزي الدكتور سنان الشبيبي واخرين في البنك مسؤولية اتهامات عديدة،  وقامت اللجنة المكلفة من قبل البرلمان برفع تقريرها الموقع من قبل اعضاء اللجنة اضافة الى رئيس البرلمان السيد اسامة النجيفي ورئيس اللجنة الى هيئة النزاهة مباشرة دون ان يمر على الحكومة، وبناءً على هذا التقرير والمستندات التي اعتمد عليها، رفعت الهيئة تقريرها مع تقرير اللجنة البرلمانية الى محكمة التحقيق الخاصة بقضايا النزاهة في مجلس القضاء الاعلى وقامت المحكمة باصدار اوامر القبض على محافظ البنك وعدد من موظفي البنك للتحقيق معهم".
وبسبب عدم إصدار رئاسة البرلمان أي توضيح يتعلق بهذه المسألة المهمة حتى اللحظة، وبناء على المعطيات المتوفرة، يبدو أن الاجراءات قد تمت وفق ما وصفه السيد رئيس الوزراء، وهذا الأمر يطرح إشكالية قانونية حول مدى قانونية هذه الأجراءات من حيث الأصل.
لقد شكل مجلس النواب في آب 2012  لجنة تحقيقية برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس قصي السهيل، وعضوية رئيسي اللجنتين المالية والاقتصادية، فضلا عن نواب آخرين، وديوان الرقابة المالية وفق المادة 82 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تنص على أن "للمجلس تشكيل لجان فرعية ولجان مؤقتة ولجان تحقيق بحسب مقتضيات العمل والموضوعات المعروضة عليه". وكان يفترض أن تقدم هذه اللجنة نتائج تحقيقها أمام المجلس كما تقرر ذلك المادة 85 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تنص على أن "ترفع اللجنة بعد إنهاء التحقيق تقريرها وتوصياتها إلى هيأة الرئاسة لعرضها على المجلس لاتخاذ ما يراه مناسباً". وحيث أن  اللجنة لم تعرض تقريرها وتوصياتها على المجلس مجتمعا، فان ما تم اتخاذه من إجراءات تعد باطلة، ويعد كل ما تم إعلانه عن نتائج هذا التقرير في الإعلام مجرد آراء شخصية لعضو اللجنة لا يعتد به من دون إقرار المجلس وهي لا تلزم مجلس النواب بشيء.
والاهم هنا أن جرائم الفساد التي حددها قانون الهيئة رقم 30 لسنة 2011 لا تتضمن المادة التي أحيل محافظ البنك المركزي بموجبها إلى القضاء، فقد حددت عرفت المادة 1 من القانون قضية الفساد بأنها "هي دعوى جزائية يجري التحقيق فيها بشأن جريمة من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة وهي الرشوة والاختلاس وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم ، وأية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 233 و 234 و 271 و 272 و 275 و 276 و 290 و 293 و 296 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل ، وأي جريمة أخرى يتوفر فيها احد الظروف المشددة المنصوص عليها في الفقرات 5 و 6 و7 من المادة 135 من قانون العقوبات النافذ المعدلة بالقسم )( 6) ( من القانون التنظيمي الصادر عن مجلس الحكم المنحل الملحق بامر سـلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة المرقم ) 55 ( لسنة 2004" .  وعلى الرغم من الناطق باسم مجلس القضاء الأعلى لم يشر إلى رقم المادة التي صدر بموجبها أمر القاء القبض، وكذلك لم يشر اليها السيد رئيس الوزراء، إلا أن الأخبار أشارت إلى أن محافظ البنك المركزي العراقي احيل وفق المادة 340 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 التي تنص على أن: "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة احدث عمدا ضررا باموال او مصالح الجهة التي يعمل فيها او يتصل بها بحكم وظيفته او باموال الاشخاص المعهود بها اليه".  وهذا يعني أن محافظ البنك المركزي مطلوب للقضاء في قضية لا علاقة لها بقضايا الفساد، والسؤال هنا ما دور هيئة النزاهة هنا ما دامت القضية لا تدخل ضمن اختصاصها؟



ثانيا. السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء/ رئيس مجلس الوزراء):
ـ في اجابة رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي عبر نافذة التواصل مع وسائل الاعلام الخاصة بالموقع الالكتروني للمكتب الاعلامي بتاريخ 24/10/2012 ردا على سؤال يتعلق بمذكرة اعتقال محافظ البنك المركزي وإذا ما كان ثمة دوافع سياسية لذلك، قال: "لايخفى ان للحكومة اختلافات كثيرة مع ادارة البنك المركزي ولديها ملاحظات جدية حول الكثير من نشاطه والسياسة النقدية وغير ذلك، لكن القضية الاخيرة لم يكن للحكومة صلة بها"، وأضاف أن ماجرى كان نتيجة تقرير اللجنة البرلمانية التحقيقية المرسل إلى هيئة النزاهة دون ان يمر على الحكومة، وأنه "بناءً على هذا التقرير والمستندات التي اعتمد عليها، رفعت الهيئة تقريرها مع تقرير اللجنة البرلمانية الى محكمة التحقيق الخاصة بقضايا النزاهة في مجلس القضاء الاعلى وقامت المحكمة باصدار اوامر القبض على محافظ البنك وعدد من موظفي البنك للتحقيق معهم. وصوت مجلس الوزراء بالاجماع تقريبا بعد حصول هذه التطورات على تكليف رئيس احد اكبر المؤسسات الرقابية المستقلة والمرتبطة هي الاخرى بمجلس النواب الدكتور عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية القيام بمهام البنك حتى اشعار اخر".
بداية نتوجه بالشكر للسيد رئيس مجلس الوزراء على التزامه بالدستور العراقي الذي قرر في المادة 103/ثانيا منه ولاية مجلس النواب العراقي على البنك المركزي العراقي عندما نص على أن "يكون البنك المركزي العراقي مسؤولا أمام مجلس النواب". ولكن العلاقة بين السلطة التنفيذية، ممثلة بمجلس الوزراء، والبنك المركزي العراقي بداية منذ العام 2009 شهدت توترات كثيرة جعلت معها من الصعب قبول فكرة عدم تدخل مجلس الوزراء بالاجراءات المتخذة. خاصة وأننا لم نكن أمام حالة معزولة تتعلق بتذبذب أسعار العملة، أو مزاد بيع العملة، وإنما أمام سياق كامل من محاولات الهيمنة على البنك المركزي العراقي، أو على أقل تقدير التدخل في عمله، في مخالفة صريحة للدستور وللقانون النافذ الخاص به. وهو الهيئة المستقلة التي بقيت بعيدة نسبيا مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن سيطرة السيد المالكي بعد أن استطاع الهيمنة على الهيئات المستقلة (هيئة النزاهة، هيئة الإعلام والاتصالات) عملياً عبر إجراءات العزل والتعيين.
إن مراجعة سريعة لهذا السياق فقط للعام 2012  تكشف عن زيادة حدة هذا الضغط باتجاه "احتواء" البنك المركزي، ففضلا عن التصريحات الكثيرة للسيد رئيس مجلس الوزراء بشأن البنك المركزي العراقي، فقد أرسلت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في 15/3/2012 رسالة إلى محافظ البنك المركزي تطالبه فيها بـ "تقديم السياسة النقدية للبنك المركزي إلى مجلس الوزراء لإطلاع المجلس عليها وإقرارها وعدم اعتماد سياسات من دون إقرارها من مجلس الوزراء مستقبلا" في مخالفة صريحة لقانون البنك المركزي النافذ الذي أعطى للبنك المكزي حصرا صلاحية تحديد السياسة النقدية (المادة 4/ 1/أ من أمر سلطة الائتلاف رقم 56 لسنة 2004).
كما أن إجابة السيد المالكي تثير علامات استفهام كبيرة:
أولها. أشار السيد رئيس مجلس الوزراء إلى إصدار المحكمة الخاصة بالنزاهة "اوامر القبض على محافظ البنك وعدد من موظفي البنك للتحقيق معهم. وصوت مجلس الوزراء بالاجماع تقريبا بعد حصول هذه التطورات على تكليف رئيس احد اكبر المؤسسات الرقابية المستقلة والمرتبطة هي الاخرى بمجلس النواب الدكتور عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية القيام بمهام البنك حتى اشعار اخر". والنص يوحي بأن قرار التكليف جاء لاحقا لصدور أمر القبض وهذا غير صحيح. فقد أعلن قرار تكليف الدكتور تركي يوم الثلاثاء 16/10/2012 وصدر أمر القاء القبض يوم الخميس 18/10/2012 ولم يعلن رسميا إلايوم الجمعة 19/10/2012. فقد أصدر المشرف على المركز الإعلامي للسلطة القضائية عبد الستار البيرقدار يوم الخميس 18/10/2012 ايضاحا بين فيه أن "قضية السيد الشبيبي معروضة حاليا أمام هيئة قضائية تابعة لمحكمة النزاهة في الرصافة". ثم عاد المشرف نفسه ليصرح يوم الجمعة 19/10/2012 أن "السلطات العراقية [!] أصدرت أوامر اعتقال [!] بحق محافظ البنك المركزي العراقي السابق [!] سنان الشبيبي وبعض المسؤولين الآخرين" (السومرية نيوز 19/10/2012). طبعا لن نسأل لماذا استخدام مصطلح "السلطات العراقية" وليس القضاء العراقي، ولماذا مفردة "اعتقال" وليس "إلقاء قبض"، ولماذا ايضا  استخدام مفردة "السابق" الواردة في التصريح  والرجل لم يقل بعد؟  
ثانيهما. تحدث السيد رئيس مجلس الوزراء عن قرار صادر عن مجلس الوزراء بتكليف الدكتور تركي من دون أن يتحدث عن موقف الدكتور سنان الشبيبي القانوني، خاصة وأن مجلس الوزراء لا يملك صلاحية إقالة محافظ البنك المركزي من حيث الأصل. إن مراجعة قانون البنك المركزي العراقي (الأمر رقم 56 الصادر في آذار 2004) يكشف أن رئيس الوزراء لا يحق له القيام باقالة محافظ البنك المركزي ونائبيه أو أي عضو من أعضاء مجلس إدارة البنك إلا في 9 حالات فقط، 4 من هذه الحالات هي  صدور أحكام قضائية بالإدانة (المادة 14/2/أ، ب، ج، هـ)، وفي حالة سحب الاهلية أو ابقاف ممارسة المهنة (المادة 14/2/د)، وفي حالة المخالفة الصريحة لشروط التعيين في المنصب (المادة 14/2/و، ز، ح)، وأخيرا في حالة التغيب عن حضور اجتماعات المجلس (المادة 14/2/ط). هذا فضلا عن أن القانون نفسه يعطي في المادة 23 منه "حصانة قانونية" لأعضاء مجلس إدارة البنك من التعرض للمساءلة القانونية " ﻋﻦ أﻳﺔ أﺿﺮار وﻗﻌﺖ ﺑﺴﺒﺐ أي إهمال أو إﺟﺮاء  ﺻﺪر ﻣﻨﻪ أﺛﻨﺎء ﺗﺄدﻳﺘﻪ ﻟﻤﻬﺎﻣﻪ أو ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺄدﻳﺘﻪ ﻟﻠﻤﻬﺎم اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻧﻄﺎق وﻇﻴﻔﺘﻪ واﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻪ اﻟﻤﺤﺪدة ﻟﻪ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ هﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن".
ثالثهما. إذا كان ثمة قرار لمجلس الوزراء بتكليف السيد عبد الباسط تركي "بالإجماع تقريبا"كما يقول السيد رئيس مجلس الوزراء بتولي منصب محافظ البنك المركزي وكالة، فلماذا لم نجد هذا القرار ضمن قرارات مجلس الوزراء في الجلسة رقم 45 في 10/16/ 2012 المنشورة على موقع رئاسة الوزراء التي خلت من أية إشارة إلى هذا التكليف المفترض. هذا فضلا عن أن مصدر هذا الخبر كان السيد علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس وزراء وليس الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء، والاول لا صفة له فيما يتعلق بمجلس الوزراء! بل أكثر من ذلك فأن هذا القرار جاء مناقضا لما ورد في قرار آخر لمجلس الوزراء في الجلسة نفسها أقر فيه توصيات لجنة دراسة تذبذب سعر صرف الدينار العراقي، كما أخذ، وهذا الأهم، بمقترحات البنك المركزي بتشكيل "لجنة برئاسة ممثل عن ديوان الرقابة المالية وعضوية ممثلين عن وزارات الداخلية والمالية والتجارة والبنك المركزي العراقي والأمانة العامة لمجلس الوزراء تتولى تدقيق ومراجعة عمليات بيع العملة لغرض تحديد مواقع الخلل إن وجدت ونقاط الضعف والقوة ومدى الإستفادة من المبالغ المباعة وتناسبها مع كمية البضاعة والخدمات الداخلة وإقتراح الإجراءات للحد من تسرب العملة لغير الغرض المذكور آنفاً". أي أن مجلس الوزراء في جلسة يوم 16/10/2012 لم يكن يمتلك أية معطيات عن وجود خلل في عملية بيع العملية، ومن ثم شكل لجنة لتدقيق ومراجعة عمليات بيع العملية لتحديد الخلل "إن وجد"!. فكيف إذا يمكن  حل هذا التناقض الصارخ؟
رابعهما. أشار السيد رئيس مجلس الوزراء إلى أن المحكمة قامت "باصدار اوامر القبض على محافظ البنك وعدد من موظفي البنك للتحقيق معهم". والسؤال هنا هل يمكن لأية محكمة إصدار أمر إلقاء قبض على أناس يتمتعون بحصانة بموجب القانون (المادة 23 من الأمر 56) قبل التحقيق معهم؟ وكيف يمكن لهيئة النزاهة أن تحيل قضية إلى القضاء قضية ليست من اختصاصها، وكيف يمكن لمحكمة النزاهة أن تصدر أمر القاء قبض وفق مادة لا تدخل ضمن قضايا الفساد؟

ـ عاد السيد رئيس مجلس الوزراء إلى موضوع البنك المركزي مرة أخرى يوم أمس الأثنين 5/11/2012 في لقاء تلفزيوني على قناة السومرية. وكنا هذه المرة أمام وقائع مختلفة تماما عما ورد في إجابته المتقدمة المنشورة على موقع رئاسة مجلس الوزراء، وهي وقائع تناقض ما ورد في قرارات مجلس الوزراء.
قال السيد المالكي هذه المرة إنه "شكل لجنة من ديوان الرقابة المالية ومن اختصاصيين للتحقيق في وضع السياسة النقدية والمخالفات الموجودة"، موضحاً إن تقرير اللجنة تضمن العديد من المخالفات، وبناءً على نصائح من البعض تم التريث انتظاراً لتقرير صندوق النقد الدولي والبنك المركزي". منوّهاً إلى أن "المعترضين من مجلس النواب والسياسيين وأئمة الجمعة في البلاد لا يعرفون حقائق قضية البنك المركزي". كما أكد على أنه "يلتزم بالدستور الذي نص على أن مجلس الوزراء مسؤول عن السياسة النقدية والمالية".
ومرة أخرى تثير تصريحات السيد المالكي علامات استفهام كبيرة:
أولهما. أنه يتحدث عن لجنة تحقيق قام بتشكيلها ضمت "ديوان الرقابة المالية ومن اختصاصيين للتحقيق في وضع السياسة النقدية والمخالفات الموجودة"، وأن هذه اللجنة قدمت تقريرا "تضمن العديد من المخالفات" وإلى أنه لم يتخذ أي إجراء "انتظارا لتقرير صندوق النقد الدولي والبنك المركزي". وهذا الكلام يخالف تماما ما ورد في قرارات مجلس الوزراء في الجلسة رقم 45 في 16/10/ 2012 التي أشرنا اليها سابقا. فقد صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد علي الدباغ بتاريخ 17/10/2012 أنه تم في هذه الجلسة إقرار توصيات لجنة دراسة تذبذب سعر صرف الدينار العراقي التي تشكلت في الجلسة الخامسة عشر بتاريخ 10/4/2012 "برئاسة السيد نائب رئيس الوزراء للشؤون الإقتصادية وعضوية نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ووزراء المالية والنفط والتخطيط والتجارة والصناعة والمعادن والأمين العام لمجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي العراقي ورئيس الهيئة الوطنية للإستثمار ومستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية والمستشار الإقتصادي في مكتب رئيس الوزراء ومعاون الأمين العام لمجلس الوزراء للشؤون الإدارية والمالية وخبير مالي وإقتصادي ومدير عام المصرف العراقي". وقد أشرنا فيما تقدم إلى أن مجلس الوزراء قرر في هذه الجلسة قبول اقتراح البنك المركزي نفسه بتشكيل لجنة ثانية "برئاسة ممثل عن ديوان الرقابة المالية وعضوية ممثلين عن وزارات الداخلية والمالية والتجارة والبنك المركزي العراقي والأمانة العامة لمجلس الوزراء تتولى تدقيق ومراجعة عمليات بيع العملة لغرض تحديد مواقع الخلل إن وجدت".  والسؤال هنا هل نحن بأزاء لجنة شكلها رئيس الوزراء شخصيا للتحقيق في هذه المسألة هي غير اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء؟ وإذا كان الأمر كذلك لماذا لم يشر أحد إلى هذه اللجنة أو نتائج عملها؟ وإذا كانت هذه اللجنة التي تضم ديوان الرقابة المالية قد انتهت إلى وجود مخالفات لماذا لم تتم الإشارة إلى ذلك في جلسة مجلس الوزراء المتقدمة؟ وكيف يمكن تفسير تشكيل لجنة أخرى تضم ديوان الرقابة المالية أيضا "لتحديد مواقع الخلل إن وجدت" في موضوع بيع العملة مما يعني أن مجلس الوزراء في جلسة يوم 16/10/2012 لم يكن يمتلك أية معطيات عن وجود خلل في عملية بيع العملية؟ ثم ما علاقة صندوق النقد الدولي بالحكاية كلها؟ نعتقد أننا أمام أحجيات نعجز عن حلها!
ثانيهما. يقول السيد رئيس مجلس الوزراء أنه "يلتزم بالدستور الذي نص على أن مجلس الوزراء مسؤول عن السياسة النقدية والمالية". ولا نعرف ما الذي استند اليه السيد المالكي في هذا التصريح، فالمادة 110 /ثالثا من الدستور العراقي نصت  على أن من السلطات الحصرية للسلطات الاتحادية: " رسم السياسة المالية، والكمركية، واصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة النقدية وانشاء البنك المركزي، وادارته" . ومصطلح السلطات الاتحادية يتضمن مجلس النواب ورئيس الجمهورية ولا يقتصر على مجلس الوزراء بدلالة المادة 47 من الدستور. وإلا كيف يمكن أن يكون إنشاء البنك المركزي من اختصاصات مجلس الوزراء وهو أمر تشريعي بحت؟ بل أن قرار المحكمة الاتحادية المثير للجدل بشأن الهيئات المستقلة نفسه لم يعط للحكومة صلاحية التدخل في السياسة النقدية التي هي من الاختصاصات الحصرية للبنك المركزي. والمهم هنا أن السيد المالكي يعترف رسميا بان الحكومة أرادت التدخل بقضية السياسة النقدية، وبالتالي الاعتراف بوجود إرادة ثابتة لدى الحكومة للتدخل بعمل البنك المركزي، وهو ربما ما يفسر الحكاية كلها.
المعقب الدكتور أحمد الأبيض:
يعلل الدكتور الأبيض احداث الأزمة باسباب سياسية تتعلق بمحاولة الاستفراد بالسلطة وبالتالي تبرز اهمية استغلال المال والقوة العسكرية من اجل احداث تغيير يمهد له الهيمنة الكاملة على التغيير الذي يعتقد المالكي انه الوحيد القادر على إحداثه إذا ما توفرت له عناصر المال والسلطة والدين . وأكد ان الاحتياطي من اموال مصرف الرافدين والرشيد سيكون ايظا تحت هيمنة السلطة التنفيذية تحت يافطة التنمية وتنفيذ المشاريع والعقود بضمنها عقود السلاح وصيغ التوازن في التعامل الدولي والاستثمارات الأجنبية .
وتركزت اسئلة واستفسارات وتعقيبات الحضور حول علاقة اختلاف اسعار الدينار مع عملية شراء الدولار المكثف وتحويله الى خارج العراق بالتوافق مع تصاعد العقوبات الاقتصادية ضد ايران وتفاقم الأزمة السياسية في سوريا وان اكثر من عشرة مصارف عراقية خاصة متورطة في قضية تحويل العملة بوثائق كشفت عنها وتحرت بها لجنة النزاهة الخاصة في الحقيق بالموضوع .


  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

871 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع