د.سامان سوراني
بما أن الديمقراطية هي من صنع البشر ، إذن فهي لاتخلو من الخطأ. هناك كثير من الأشياء المثيرة للإستياء ، لكن الديمقراطية هي الأمكانية الوحيدة لتصحيح الأخطاء دون إستخدام القوة.
وبنظرة خاطفة الی الإعلام المرئي نری بأن الملايين من البشر يأملون ويتمنؔون العيش في بلد دیمقراطي آمن.
الواقع ينقل لنا ضبابية المشهد السياسي في العراق المليء بالتشائم واللاأمل من الديمقراطية المفقودة والغير راسخة في عقول السلطة الجديدة في بغداد.
نحن نری كما في السابق حضور العقل السياسي التسلطي ، الذي لم يتغير. لذا نٶكد ونقول بأن الحديث عن الديمقراطية في العراق يظل سراباً مخادعاً ، إذا ما لم تقدم الحکومة الجديدة علی المستوی العراقي برنامجاً سياسياً متكاملاً يضمن إحترام حقوق الانسان في هذا البلد ويصون حرية الشعب لضمان الحد المقبول من العيش الكريم لمختلف الشرائح بغض النظر عن التوجهات الطائفية والقومية والسياسية المختلفة.
كيف يستطيع رئیس الحکومة الجديدة المنتمي لحزب الدعوة الخاضع وبقوة لنفوذ السياسي الإيراني أن يعالج كل الأزمة الحالية وينهي الهيمنة الإقليمية في العراق ، التي تحدد مسارات الامور وسياقاتها من دون إعطاء أي إعتبار للسيادة الوطنية للعراق ولإستقلالية قراره السياسي و ينهي الحرب وحالة انعدام الأمن؟ وكيف يتم القضاء على التنظيم الإرهابي داعش وإرجاع الثقة المفقودة أصلاً لدی شعب كوردستان بحکومة بغداد و كيف يتم طمأنة السنة بالشراكة الحقيقية؟
هل هناك نيؔة صادقة في التخلي عن التوجهات السابقة کالانفراد بالسلطة والقرار وإستخدام النهج الطائفي المعادي للتعددية والشراكة الحقيقية؟
أين البرنامج الجديد للحکومة لنری رسم ستراتیجية توازن جديدة و الرغبة في ترك ارتهان المصير بدول الجوار أو القيام بعلاقات متوازنة مع الجميع علی أساس المصالح المشركة؟
الممارسات السائدة في تعامل حكومة بغداد مع إقليم كوردستان رغم مرور أكثر من عقد من الزمن علی التغيير وسقوط الطاغي صدام في ربيع ٢٠٠٣ هي نفسها ، إقصاء الآخر وإستخدام العدة القديمة في مواجهة المستجدات. نحن نری بأن العلة تكمن في أقبية العقل الطائفي والمعسكر العقائدي ومسالخ الخصوصيات العنصرية ، بين أنياب الإيمان الأعمی وفي جحيم الحلول القصوی.
عقلية السيد حيدر العبادي حسب رأي لا تبتعد عن عقلية السيد نوري المالكي والإرادة السياسية لحزب الدعوة الشمولي ، فهي لاتزال تعاني من "الأنا" ومن الطبيعي ان ينعكس ذلك على رؤيته في ادارة الدولة بشكل عام ومقاومة التحولات الحقيقية باتجاه تحقيق الديمقراطية وضمان الحريات الدستورية بطريقة تتماشى مع معايير القانون الدولي. لقد إنعکست أثارتلك العقلية سلباً على اداء المؤسسات في العراق واستكمال بنائها وبالتالي عاقت عملية التنمية في البلد.
حكومة إقليم كوردستان التي تسعی الی صون ثقافة إحترام التعددية الدينية والتعايش وتعزيز التفاعل بين مواطني الإقليم والحكومة لتعزيز مشاركة المجتمع المدني في الشؤون العامة وتعزيز الاندماج الاجتماعي ، رأت في ممارسات السلطة في بغداد إنحرافاً عن المسار الديمقراطي ، بل وتتويجاً لممارسات دكتاتورية لم تمت لحقوق الإنسان بأية صلة، ولهذا يصعب علی شعب كوردستان في حالة إستمرار الحکومة في بغداد علی النهج القديم أن يتصور تغيير العلاقة بين بغداد وأربيل نحو الأحسن .
بالرغم ذلك ولأجل دفع العراق نحو الديمقراطية وإخراجە من مأزق الهشاشة والتراجع والهامشية و وأزمات سياسية وأمنية يشارك الكورد مرة أخری في الحکومة الجديدة كعامل يساعد علی إنجاح العملية السياسية ، بعد تحديد مهلة ثلاثة أشهر ، لتؤكد حکومة بغداد خلالها بالتزامها بمطاليب الإقليم الكوردستاني حول الرواتب والموازنة والنفط وغيرها من الأمور العالقة وتثبت بأنها سوف تعمل فعلاً في سبيل التعايش و الإستقرار وتقوية المٶسسات الديمقراطية وتريد الحد من المركزية الشديدة و تقوم بتوسيع رقعة السلطات بما فيها الإقليم ، التي تسمح بالنتيجة لصوت العراقيين بمخلتف أطيافهم أن يكون مؤثراً في عملية صنع القرار في بغداد.
وختاماً: "من يتغير يسهم في تغيير سواه ، بقدر مايسهم في خلق الحقائق وإنتاج الوقائع في مجال من المجالات. وكل خلق يسهم في تغيير صورة الواقع وكل تغيير يشكل فرصة ، عند من يفكر بصورة حية ومركبة ، لإجتراح ممكنات جديدة للحياة والبناء."
الدکتور سامان سوراني
1218 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع