"سوق العرب" في بعقوبة .. حرف يدوية صامدة تجمع الحداد بالنجار والفلّاح

شفق نيوز/ في قلب مدينة بعقوبة القديمة، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، يبقى مايعرف محليا بـ"سوق العرب"، أو سوق الأدوات الزراعية، من أبرز المعالم التي ينبض بها التراث الزراعي، إذ تتنوع الأدوات التقليدية مثل "الهيم" و"البلطة" و"الجلاب"، بالإضافة إلى مايعرف بـ"شبي الكرك" أو عصا الكرك، لتلبية احتياجات المزارعين من كافة المناطق والقرى.

وفي أروقة السوق الشعبي، تمتزج رائحة الحديد الساخن مع أصوات مطارق الحدادين الى جانب المحادثات الودية مع المزارعين القادمين لاقتناء الأدوات التي لا غنى لهم عنها في أعمال الزراعة والقطع، فعلى الرغم من التطور الحديث في الأسواق بمختلف مجالات الحياة، يبقى هذا الركن من الحياة التقليدية شاهداً حياً على صمود الحرف اليدوية وأهميتها.

حرف صامدة عبر الزمن

من بين أقدم الورش والمحال في سوق العرب، تبرز ورشة مصطفى القيس، وهو أحد أقدم الحدادين في السوق، وورث مهنته عن عائلته منذ عقود وصارت ورشته إيقونة للأصالة والإتقان، حيث يقف ويحمل مطرقته ويضرب بها أدوات الحديد بعدما يخرجها من النار لتتحول قطع حديد السكراب إلى أدوات عملية تجمع بين المتانة والكفاءة مثل "الچلاب" و"الهيم" و"البلطة" وغيرها.

وفي هذا الصدد يقول مصطفى القيس، لوكالة شفق نيوز: "أنا أصنع الأدوات من بقايا حديد السكراب الخاص بالسيارات، أو حتى من مسمار سكك القطار، فهي توفر القوة والمتانة المطلوبة، فعلى الرغم من أن الطرق الحديثة قد ظهرت والاستيراد متوفر، إلا أنني أؤمن أن هذا النوع من الحديد هو الأجود والأصلح لصناعة الأدوات التي يحتاجها المزارع".

ويضيف القيس أن "أسعار الأدوات التي أصنعها يدويا هنا مختلفة، فعلى سبيل المثال (اللاب) المصنوع من مسمار سكة القطار سعره 50 ألف دينار، والذي يصنع من ورق السيارات بـ30-40 ألف دينار، وهكذا بقية الأدوات، وهي تلقى إقبالاً كبيراً من المزارعين القادمين من مختلف القرى والمناطق".

من جانبه أكد علي محمد، وهو نجار في السوق لوكالة شفق نيوز، أن "هذا السوق يمثل روح بعقوبة، وعمره أكثر من 100 عام، وكان وما يزال ملتقى المزارعين من كافة المناطق".

وأشار محمد إلى أن "عصا الكرك وغيرها تصنع من أجود أنواع الخشب وهو الصفصاف الكالبتوس والقوغ، وسعر (الشعبي) بين 3000-4000 دينار"، لافتا إلى أن "السوق ليس فقط للبيع، بل هو لتجمع الفلاحين حيث يأتي البعض للتجول بشكل مستمر لما له من أهمية لديهم".

تحديات العصر الحديث

في ظل حيوية سوق العرب، إلا أن تحديات العصر الحديث تتطلب مواكبة التطورات دون التفريط في التراث، فالحفاظ على مثل هذه الأسواق يتطلب دعم الحكومة المحلية لتأهيل البنى التحتية والحفاظ على السوق، وفقا للحرفيين والمزارعين.

وفي هذا السياق يقول المزارع قحطان العبيدي، أثناء تجواله في السوق أن "أغلب المزارعين يثقون فيما يصنع هنا فإن جودة الأدوات اليدوية تتفوق على التجاري الذي يعتبر عمره قصير"، مبينا أن "المحزن بنايات ومحاله وشوارع السوق متهالكة ومهددة بالاندثار".

وتابع العبيدي أن "السوق يحتاج الى تدخل حكومي يسهم بتوفير الخدمات والحفاظ عليه باعتباره تراث بعقوبة الحرفي والزراعي، مؤكدا أن "الحرفيين في السوق يبذلون جهوداً كبيرة للحفاظ على المهن هنا رغم المصاعب والتحديات وقلة مردوداتها الاقتصادية لتبقى صامدة بوجه التطور السريع ولابد من دعمهم".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1363 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع