رسائل هادفة لمعالجة قضايا عراقية ساخنة/ح26
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى/ القيادات السياسية والوطنية في العراق
الموضوع: دراسة عن اتفاقية أربيل
تحية أخوية صادقة للقيادات الوطنية العراقية
أود العرض أن لقاءات مستمرة تعقد مع نخبة من العراقيين المقيمين في الأردن من مختلف الاختصاصات تقدر بإكبار وإجلال مواقفكم الجليلة النابعة من مبدأيتكم وشجاعتكم ودوركم القيادي التاريخي الذي يصب في مصلحة العراق والعراقيين في هذه المرحلة الصعبة جداً من تاريخ العراق، وهي إذ تقدر خطورة الوضع في البلاد فإنها تتشرف أن تضع بين أيديكم هذه المقترحات لاعتمادها خارطة طريق للخروج من الأزمة الحالية التي تعصف بالعراق الغالي على جميع الشرفاء والمخلصين.
1. التنفيذ الفعلي والفوري لبنود إتفاقية أربيل التي لولاها لما شكلت الحكومة برئاسة نوري المالكي، بعد أن تعسرت ثمانية أشهر... وتحديد سقف زمني لتنفيذها لا يتجاوز شهراً واحداً، وتحديد مسؤولية جهة عدم تنفيذها وعرضها على وسائل الإعلام...
2. تفعيل المادة (85) من الدستور التي تنص على: "يضع مجلس الوزراء نظاماً داخلياً لتنظيم سير العمل فيه" يحدد بموجبه آليات وسلطات رئيس مجلس الوزراء ونواب الرئيس والأمانة العامة والاستشاريين وتقنين الهيكل التنظيمي لمجلس الوزراء منعاً للتعيينات المبالغ فيها، والتي استنزفت خزينة الدولة، وصارت مرتعاً للمحسوبية والمنسوبية الحزبية، وكسب الولاءات الشخصية على حساب الصالح العام، دون مراعاة أو تحديد لمعدلات الأداء الوظيفي النوعي اليومي الذي يجب أن يستغرق ساعات الدوام الرسمي، ويحقق إنجازاً فعلياً للمهمات التي تستلزمها طبيعة العمل المنوط به.
ويتم تشريع هذا النظام استدلالاً بالمادة (78) من الدستور التي نصت على العناصر الآتية:
أ-"رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة"
وهذا النص يوجب تفعيل القاعدة الفقهية الإدارية التي تقرر تلازم السلطة مع المسؤولية تلازماً لا بأنعكاف بينهما " بمعنى أن رئيس مجلس الوزراء مسؤول مسؤولية كاملة عن ممارسات حكومته في كافة الميادين إعمالاً بمبدأ فقهي عالمي "تفوض الصلاحيات ولا تفوض المسؤوليات"، وبناءاً عليه فإن إدعاء رئيس مجلس الوزراء بأن التقصير من مسؤولية الوزراء لا يشفع عذراً لدفع المسؤولية عن نفسه باعتباره رئيساً للحكومة، وبالتالي يجب تضمين النظام هذه المبادئ بغية ضمان الإلتزام بها.
ب- "رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة"
يجب النص في نظام مجلس الوزراء أن منصب القائد العام للقوات المسلحة في الدول التي تدعي الديمقراطية لا يعني إنه الأمر الناهي في كل ما يتعلق بنشاط القوات المسلحة، وإنما هو ملزم بآراء واستشارات وخبرات رئاسة أركان الجيش التي تنطوي تحت لوائها قيادات القوات البرية والجوية والبحرية، بإعتبارها الجهة الخبيرة بشؤون القوات المسلحة اختياراً وتأهيلاً وتدريباً وتسليحاً وسوقاً، لذلك ينص صراحة في النظام أن الرئيس السياسي (رئيس مجلس الوزراء) يطلب من رئاسة أركان الجيش الرأي والمشورة، وعند إتخاذ القرار باستخدام القوات المسلحة لتنفيذ واجب معين، فإن المسؤول السياسي (رئيس مجلس الوزراء) لا يتدخل في سوق القوات، بمعنى ليس من اختصاصه ومسؤولياته وسلطاته تحديد حجم القوات ونوعها وطريقة تنفيذها للواجب وزمانه ومكانه، كما يجب تحديد وتوضيح سلطات وصلاحيات رئاسة اركان الجيش وقيادات الأفرع وقيادات الفرق والألوية والأفواج بدقة لمنع الرئيس السياسي (رئيس مجلس الوزراء) من مصادرة تلك السلطات لأنها من الاختصاصات والسلطات الحصرية وفقاً لمبدأ "تقسيم العمل وتفريع الاختصاص" الذي تميز به الربع الأخير من القرن العشرين.
ج- "رئيس مجلس الوزراء يقوم بإدارة مجلس الوزراء ويترأس اجتماعاته"
لقد ورد نص المادة (78) من الدستور صريحاً جداً لا يقبل اللبس أو التأويل فليست هناك أية صلاحيات أو سلطات حصرية لشخص رئيس مجلس الوزراء، وإنما قصد النص وظيفته على ".. إدارة مجلس الوزراء وترأس إجتماعاته" بما يفيد أن أي مشروع يجب طرحه أمام كافة الوزراء أثناء إنعقاد جلستهم الاعتيادية أو الاستثنائية، وبعد دراسته من الوزراء كافة كل على انفراد، واستطلاع رأي مستشاريهم وملاكاتهم المتخصصة يبدي كل وزير رأيه الواضح والصريح بلا مجاملة أو مواربة مقروناً بتعليل واضح لرأيه الذي يجب أن يكون مكتوباً، وأن يتضمن نصه محضر جلسة مجلس الوزراء، فضلاً عن وجوب توثيق جلسات ومناقشات المجلس بالصوت والصورة، خاصة أن تجربة اجتماعات مجلس الوزراء للسنوات الماضية منذ 2003 إلى الآن، أكدت أن رئيس مجلس الوزراء في الحكومات الثلاث (علاوي وجعفري ومالكي) كان هو صاحب القرار الوحيد، ولم نسمع أو نقرأ أية معارضة من أي وزير على قرارات رئيس مجلس الوزراء، رغم ما فيها من تفرد بالسلطات وخروجاً فضاً على أحكام الدستور والقوانين النافذة، وخاصة في الجوانب الأمنية ذات الصلة بالاعتقالات المنهجية الجماعية، والتصفيات الجسدية، وانتزاع الاعترافات بالتعذيب الجسدي والنفسي، وكذلك في الجوانب المالية التي يتبعها رئيس مجلس الوزراء للكسب السياسي له ولحزبه، وشيوع كحاصرة إغلاق الوزارات والهيئات وتشكيلات الجيش والأجهزة الأمنية على عناصر الحزب الحاكم أو طائفته، والالغاء الكلي للسلطات وصلاحيات الوزراء ورؤساء الهيئات والتشكيلات والزامهم بالتنفيذ القسري وغير القانوني الصادر من ما يسمى "مكتب القائد العام للقوات المسلحة" التي شكى منها رئيس أركان الجيش وعدد من القادة الميدانيين".
د- "رئيس مجلس الوزراء... له الحق بإقالة الوزراء ولكن بموافقة مجلس النواب"
رغم أن هذا النص يوفر أكبر حصانة للوزراء للإنطلاق بممارسة سلطاتهم في تحقيق أهداف وزاراتهم، ويعلق سلطات رئيس مجلس الوزراء، على إقالة أي وزير بموافقة مجلس النواب، الذي بالتأكيد لن يوافق على طلب الاقالة ما لم تكن الأسباب المعروضة على درجة من التوثق والخطورة تستدعي إجابة طلبه تحقيقاً للمصلحة العامة، ولكن للأسف الشديد لم نلمس على مدى الوزارات الثلاث الماضية موقفاً واحداً من أي وزير أتسم بالاعتراض على أي مشروع مقدم من مكتب رئيس مجلس الوزراء أو الأمانة العامة، ومن غير المعقول أن تكون كل تلك الخروقات التي مورست خلال السنوات المنصرمة تمت بموافقة إجماع الوزراء كافة!! وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم صلاحية هؤلاء الوزراء، وافتقادهم للنزاهة والشجاعة والمبدأية والكفاءة، وقبولهم صيغ المساومة عند الحاجة أو الخلاف بالرأي.
إذن لا بد من تقنين لذلك بوضوح ودقة بتفعيل المادة (85) من الدستور حسما للإجتهادات:
هـ- "تكون مسؤولية مجلس الوزراء والوزراء أمام مجلس النواب تضامنية وشخصية"
إن هذا النص الوارد بالمادة (83) من الدستور يقطع كل شك بأن كافة القرارات التي تصدر من مجلس الوزراء يتحمل مسؤوليتهما كافة الوزراء مع رئيس مجلس الوزراء، ولا يستطيع أحد من الوزراء التنصل من هذه المسؤولية بحكم النص الذي أكد أن المسؤولية "تضامنية" ولذلك فإن النص أضاف كلمة "وشخصية" للتأكيد على أن الوزير الذي يرى في المشروع المقدم للمناقشة لا يحقق المصلحة العامة، فعليه أن يعترض عليه معللاً، ويثبت اعتراضه في محضر الجلسة ولا يصوت عليه بالموافقة ليدرأ عن نفسه المسائلة أمام مجلس النواب عند ممارسة الأخير دوره الرقابي على أعمال مجلس الوزراء، ولذلك فقد قطع نص المادة (83) من الدستور الطريق على أي وزير يدعي انصياعه لأمر رئيس مجلس الوزراء اضطراراً، لتعارض ذلك مع مبدأ قانوني عالمي "طاعة القانون أولى من طاعة الرئيس".
3. استكمالاً لما ورد في (2) آنفاً يجب تفعيل المادة (86) من الدستور التي نصت على "ينظم بقانون تشكيل الوزارات ووظائفها واختصاصاتها وصلاحيات الوزير".
يجب تضمين ورقة عمل المؤتمر العام بنداً يلزم مجلس النواب بموجبه تشريع قانون يتضمن تشكيل الوزارات ووظائفها واختصاصاتها وصلاحيات كل وزير، فضلاً عن الهياكل الهرمية لتلك الوزارات وملاكاتها وأهدافها ومسؤولياتها ... وبموجب هذا القانون تمنع مصادرة رئيس مجلس الوزراء لسلطات الوزراء كما يحصل الآن وعلى مدى السنوات المنصرمة من 2003 لحد الآن..
ونجد سلبية عدم تشريع هذا القانون على مستوى الوزارات الأمنية والعسكرية حيث يستغل رئيس مجلس الوزراء عدم تحديد سلطات ووظائف وزارات الداخلية والدفاع والأمن الوطني والمخابرات ليباشر ولايته وسلطاته على أعمال هذه الوزارات المهمة والخطيرة على أمن المواطنين من خلال مكتب القائد العام للقوات المسلحة، حيث تستمر ممارسات الاعتقال المنهجي للمواطنين في عموم العراق حتى تجاوزت اعداد المعتقلين عشرات الألوف يقبعون في المعتقلات منذ عدة سنوات بدون قرارات قضائية أو محاكمات للفصل في قضاياهم.
4. تفعيل المادة (67) من الدستور التي نصت على "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، أو رمز وحدة الوطن، يمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الإلتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور".
يتضح من النص المتقدم التأكيد بأن "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة..." وعناصر الدولة في كافة دساتير العالم هي " وطن وشعب وسيادة" إذن الدستور خص رئيس الجمهورية دون غيره بأنه الرئيس الفعلي لعناصر الدولة الثلاثة، وعزز هذا المعنى بالمادة (66) منه عندما نص على "تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية و مجلس الوزراء .." وهنا أكد الدستور مرة أخرى شخص ومنصب رئيس الجمهورية، ولم يذكر النص شخص رئيس مجلس الوزراء وإنما السلطة التنفيذية تتكون من رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء بأجمعه.
إذن يتوجب تفعيل المادة (67) من الدستور لينهض رئيس الجمهورية بالدور الذي أناطه به الدستور، كونه رئيس الدولة بعناصرها الثلاثة (الوطن والشعب والسيادة) وجسد به وحدة الوطن وسيادة البلاد، وحمله مسؤولية السهر على ضمان الالتزام بالدستور، وبمفهوم المخالفة فإن رئيس الجمهورية ملزم بالتصدي لكل مسؤول أو غيره عدم الالتزام بنصوص الدستور بالمسائلة، بل والإحالة إلى المحاكم المختصة، لايقافه عند حده، وفضلاً عن ذلك فقد أناط الدستور رئيس الجمهورية المحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور، وبالتالي فإن أي مساس بتلك القيم يتوجب على رئيس الجمهورية التصدي لمن يقوم بها أو يقصر في الإلتزام بها عمداً أو إهمالاً..
ولو أخذ رئيس الجمهورية دوره وفقاً لمنطوق المادة (67) من الدستور لأمكن تحجيم تجاوزات رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، ووضعه في حجمه الحقيقي، باعتباره صمام أمان لمنع أية خروقات لأحكام الدستور، ويتم تفعيل ذلك عبر وسائل الإعلام التي توفر ضرورة التفاف الشعب العراقي باعتباره مصدر السلطات حول رئيس الجمهورية المناط به أمانة تنفيذ نصوص الدستور، وتفعيل هذا النهج تؤكده المادة (73) من الدستور التي نصت على "يتولى رئيس الجمهورية ممارسة أية صلاحيات أخرى واردة في الدستور".
5. تفعيل المادة (9/أولاً) من الدستور التي نصت على (أولاً/أ)، تتكون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز أو إقصاء، ولا دور لها في تداول السلطة".
كما يستدعي إجراء دقيق لكافة وحدات الجيش والأجهزة الأمنية من القيادة إلى القاعدة لتفعيل منطوق النص الدستوري، ومنع استئثار مكون واحد أو حزب واحد على قيادات وعناصر هذه الأجهزة، لما تمتلك من قوة مادية تمكنها من قهر إرادة بقية المكونات، وهو ما وجد صداه في عديد من الاعتقالات والتصفيات والتحكم بالسلطة وبالقوة لإرهاب حتى شركاء المالكي في العملية السياسية. ولا بد من تحديد سقف زمني لا يتجاوز ثلاثة أشهر لحسم هذا الموضوع بالغ الخطورة الذي بدونه لا يمكن للمالكي أو لغيره التفرد بالسلطة وممارسة الدكتاتورية في الحكم من رمى عرض الحائط كافة شركاء العملية السياسية..
كما أوجب الدستور صراحة بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية بأن لا تكون أداة لقمع الشعب العراقي، ولكن الحقيقة غير ذلك فقد شهدت السنوات الماضية قمعاً مفرطاً للشعب العراقي تحت ذرائع مكافحة الإرهاب، ثم أكد النص الدستوري بأن لا تتدخل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في الشؤون السياسية وتداول السلطة، والكل يعلم أنها كانت ولا زالت العصا الغليظة بيد رئيس مجلس الوزراء ضد الكيانات السياسية والشعب العراقي مجسداً هذا النهج بالتحديد اكثر من مرة باستخدام القوات المسلحة باعتباره قائداً عاماً لها.
6. تفعيل المادة (9/أولاً/ب) من الدستور "يحظر تكوين ميلشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة" لأن تكوينها يتقاطع كلياً مع أية دولة قانونية، يكون السلاح حصرياً حكراً على قواتها (الدولة) وأجهزتها الأمنية، الأمر الذي يستدعي حل ميلشيات جيش المهدي، وفيلق بدر وعصائب أهل الحق واليوم الموعود وحزب الله العراق وغيرها من الميلشيات المرتبطة بمكون معروف من مكونات الشعب العراقي، ومصادرة أسلحتها وسوق عناصرها المتورطين بأعمال إرهابية وإجرامية معروفة إلى المحاكم لينالوا جزائهم العادل، ولإرساء أول لبنة في صرح العراق إذا كان رئيس مجلس الوزراء جاداً وصادقاً في قيادة دولة القانون.. خاصة بعد أن وافق على دخول ميلشيات عصائب الحق في الحكومة، رغم إتهام هذه الميلشيات من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر "بأنهم قتلة للشعب العراقي وبلا دين" وتأكد التقارير إرتكابهم أكثر من خمسة ألاف عملية إرهابية، ولا تنوف عنهم ميلشيا فيلق بدر وجيش المهدي المتهمة بإرتكابهم ألاف جرائم التصفيات والاغتيالات والاختطاف والابتزاز للعراقيين على مدى السنوات المنصرمة منذ 2003 لحد الآن... ويزيد الطين بله دعوة قيادات من فيلق بدر في الجنوب إلى تشكيل ميلشيا طائفية مليونية من عناصر ميلشيات الأحزاب الطائفية لمواجهة احتمالات سقوط النظام في سوريا.
7. تفعيل المادة (84) من الدستور التي نصت على (أولا) ينظم بقانون عمل الأجهزة الأمنية وجهاز المخابرات الوطني، وتحديد واجباتها وصلاحياتها، وتعمل وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان وتخضع لرقابة مجلس النواب، منعاً لإستغلال الحكام سلطاتهم واستخدام تلك القوات بمؤسساتها الأمنية والدفاعية خارج الواجبات الطبيعية لتلك القوات، المتمثلة بحفظ النظام والأمن العام طبقاً لأحكام القوانين النافذة، وإعمالاً للمبدأ القانوني العالمي "طاعة القانون أولى من طاعة الرئيس" بمعنى أن الأوامر الرئاسية يجب أن تكون مستندة للقوانين النافذة، ذات الصلة بوظيفية تلك القوات وبمفهوم المخالفة يجب إشاعة ثقافة عدم تنفيذ الأوامر غير المستندة إلى القوانين النافذة لأنها تنطوي على ارتكاب جرائم يتحمل مسؤوليتها الرئيس مصدر الأمر والمرؤوس منفذ الأمر غير القانوني باعتباره شريكاً فيها.
8. إصلاح مجلس القضاء الأعلى:
لخطورة دور السلطة القضائية على مسار العملية السياسية في العراق والتي أثبتت السنوات المنصرمة تسيسه وتبعيته الطائفية إلى رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، وتنفيذ أوامره حرفياً، واستثناء رئيس مجلس القضاء الأعلى رغم تجاوز عمره 77 عاماً برأسه مجلس القضاء الأعلى ورئاسة المحكمة الاتحادية ورئاسة محكمة التمييز، واحتكار تلك المناصب بيديه، وعدم متابعة تشريع قانون المحكمة الاتحادية ليبقى منفرداً بقراراتها، وعدم تفعيل قانون العفو العام رقم 29 لسنة 2008، بأمر من نوري المالكي الذي تسبب بعدم حسم ملفات آلاف المعتقلين بدون عرضهم على القضاء، ومجارات رغبة رئيس مجلس الوزراء بانتداب قضاة للأجهزة الأمنية والعسكرية لاستصدار قرارات تحري وقبض واعتقال على المواطنين لزجهم في المعتقلات دون تهمه حقيقية، وتجاوز السقوف الزمنية لحسم القضايا عدة سنوات، ووجود معتقلات خارج سلطات وزارة العدل، وعدم قيام الإدعاء العام والإشراف العدلي بوظائفها بالتدقيق عن مصير المعتقلين والموقوفين بدون مذكرات توقيف.. كل ذلك بحاجة ماسة وشديدة لإصلاح هذه المؤسسة الخطيرة بتدقيق ولاءات القائمين عليها بما يضمن صدقية حياديتهم ونزاهتهم ونبذهم للحزبية والطائفية، وتفعيل النص الدستوري المادة (88) "القضاة مستقلون لا سلطات عليهم في قضائهم لغير القانون".
9. لمواجهة الفساد المالي الذي شاع في العراق يجب تفعيل دور ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة ولجنة النزاهة في مجلس النواب للكشف عن المفسدين، وإحالتهم إلى المحاكم المختصة لينالوا جزائهم العادل واسترداد الأموال المسروقة، لأثر تلك السرقات سلباً على كافة مشاريع التنمية والبناء والاعمار والسلوك العام للعاملين في الدولة حتى أضحى العراق ثالث دولة في الفساد المالي بعد الصومال ومانيمار.
10. تفعيل المبدأ القانوني "العقد شريعة المتعاقدين".
لما كانت اتفاقية اربيل هي عقد توافقي بين الكيانات السياسية الفائزة في إنتخابات آذار 2010، وحيث أن نوري المالكي قد جنى ثمار هذه الاتفاقية بتقلده منصب رئيس مجلس الوزراء لولاية ثانية – رغم علم الجميع أن ولايته الأولى لم تكن وردية لا بالنسبة للشعب العراقي ولا بالنسبة للكيانات السياسية - وعمد إلى إفراغ إتفاقية اربيل من محتواها الحقيقي بتشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية يتقاسم فيها الشركاء في القرارات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية على قدم المساواة لا ينفرد أحد دون الآخرين، والذي حصل هو تفرد نوري المالكي بكل السلطات وتشكيل حكومة ناقصة لحد اليوم الوزارات الأمنية "الداخلية والدفاع والأمن الوطني والمخابرات". وعدم تقديم المنهاج الوزاري ضارباً عرض الحائط منطوق المادة (76/رابعاً) التي تنص على "رابعاً، يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف أسماء أعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري على مجلس الوزراء، ويعد حائزاً ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين ، والمنهاج الوزاري بالأقلية المطلقة".
مع ما ترافق من تداعيات أمنية جسيمة، وإعتقالات منهجية، واستهدافات سياسية، وإختلاسات كبيرة، وإحتكار أجهزة الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات ومكافحة الإرهاب، لحزب الدعوة، والمبالغة بالتفرد بكافة السلطات، وتفجير الأزمات والصاق الاتهامات الباطلة، في عملية منهجية لتصفيات سياسية لشركاء العملية السياسية، اعترف بها صراحة من على شاشات التلفاز عند تصريحه بأنه يحتفظ بملفات تهم الإرهاب ضد النائب الأول لرئيس الجمهورية طارق الهاشمي وقيادات أخرى منذ ثلاث سنوات وطالت صالح المطلك، ورافع العيساوي وصباح الساعدي، واتهام إقليم كردستان بإيواء طارق الهاشمي المهتم بالإرهاب وعدم تنفيذ أوامر القبض بحقه وستة عشر من حمايته وحجب تمويل وزارة داخلية كردستان لعدم التنفيذ..الخ.
تسأل النخبة العراقية هل العراق عقيم حتى يتعذر استبدال نوري المالكي بمن هو خير منه بتفعيل المادة (61) من الدستور التي تنص "(ثامناً/1-) لرئيس الجمهورية تقديم طلب إلى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، (ثامناً/2-) لمجلس النواب بناء على طلب خمس (1/5) أعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء. (ثالثاً/3-) يقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالاغلبية المطلقة لعدد أعضائه".
ولا يراود النخبة شك في القدرات المتميزة والشخصية القيادية المؤثرة والصدقية والجدير والحيادية المعهودة في شخص القائد التاريخي كاكا سعود البارزاني رئيس إقليم كردستان أن يبادر إلى وضع حد لهذا التداعي المستمرة في العملية السياسية من خلال إجراء تحالفات جديدة مع القائمة العراقية والمجلس الإسلامي الأعلى والتيار الصدري والفضيلة، وعدد من المستقلين لتصويب مسار العملية السياسية وتشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية صادقة وفية في عهودها منفذة لمواثيقها تلتزم بالدستور والقوانين النافذة، وتنقذ العراق من المنزلق الخطير الذي ينتظره بسبب سياسات نوري المالكي التي ثبت فشلها على مدى السنوات الست المنصرمة والتي ثبت تفرده وإحتكاره للسلطة وخرقه للدستور والقوانين النافذة وشيوع ظاهرة المحسوبية والمنسوبية والفساد المالي والإداري على كافة المستويات ونكوله على كافة تعهداته لشركاء العملية السياسية.. فقد بلغ السيل الزبى وطفح الكيل، حتى فقد العراقيون الأمل بالسياسيين طيلة هذه المدة.
(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)
صدق الله العظيم
الفريق الركن الدكتور
عبد العزيز عبد الرحمن المفتي
عمان 12/1/2012
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
http://www.algardenia.com/maqalat/16580-2015-05-11-11-16-05.html
762 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع