وأعلَنَت القُبُوج حِدادَها

                                                      

                           حكيم نديم الداوودي

وأعلَنَت القُبُوج حِدادَها

   

  الى الشاعرة والكاتبة والناشطة الكوردية مهاباد قره داغي

(( لم يكذب الليل حين الليل اخبرني انّ الذي غاب دهراً لنْ يعودَ غداَ ... حذيفة العرجي ))

قالت ابنة المدن الهاربة من تضاريس النسيان، متى ستنتهي هذي اللحظات الموجعة في يوميات امصارنا الخاوية على عروشها.. فدع مطرك يتسكع على مهلٍ بلا كوارث يكفكف دموعها المخضبة باللهيب الهادر، فألهمْ ياربّ (( شاكا رنا)) المعتّقة بأحزان فقيدتها وذويها جميل الصبر بعد سفر مهابادها ذات منطق شجن الهزار نحو مدياتك اللّامرئية.. فمن ذا بمكنته يمَسح دموعها الساجيات بالثبات على كتم شهقات مصابها الاليم، رحماك بها ومّنْ لها بعد اليوم يُهدهد مهدَ حنانها بعد غياب شوقها، ومحال سّبْك قارورة لقاءها وبدا كسرابٍ في مملكةبعيدة ترنو اليها عبر ذكرياتٍ مؤلمة لا تغادرها الامكنة التي مرت بها مهاباد الحاضرة والغائبة في ذاكرة محبي روائعها الشعرية ونتاجاتها الابداعية ونشاطاتها الانسانية الاخرى .. ايّ قًدر كان هذا تعطل جائحة كورونا اللعين مسيرة اعمالها الثقافية والانسانية وتجهض امانيها وافكارها الابداعية البناءة في غضون ايام قليلةلتعيق الى الابد عودتها المنتظرة .

أماه!! لَمَ تركتيني بيد القدر المجهول في هذه المدينة الآمنة.. بلا أمٍّ وبلا أب.. ولكِ فيها مئات الذكريات والصور والمواقف الجميلة .. أماه تناجيني روحك النقية وأُناجيكِ بحرقة طفوليّة.. لمَ استعجلتِ الرحيل فانا شاكاركِ الوحيدة كنت اغفو كل ليلة بين ذراعيك.. لتسمعيني أجمل اشعاركِ الانسانية.. اماه بالله عليك وبحق صداقتنا الصادقة اذا لم تردّ عليّ من عالمك الطيفي وضميني الى حنانك وخذيني كالايام الماضية لعالمك المفعم بالنور والبراءة والأمان ..
شاكاري.. لا تجزعي،ولا تنوحي.. قبل سفري تركت لكِ روحي وقلبي.. فيها قصيدتي الاخيرة فاحضنيها بقوة فيها عبق مشوار حياتي وتضاريس مملكتي سعادتي الجديدة.. إن لم يشغلني القدر الآخر سأعود لكِ.. بعد ايام سنرسلها معهاً بعد لقاءاتنا الحلمية لعصافير حديقتنا المزدانة بازاهير ايام طفولتك الجميلة لنُلقي على مسامع ارواح مودتنا السابحة في تلك المديات السحرية وما وراء السحاب اللازوردي، وهدير الامواج المموسقة..
هنا الحياة في حركة دائبة تأبى السكونَ والمللَ.. وانا قابَ قوسين من تلك الاضواء المشعشعة بالاطياف اللونية، الليل هنا تَنكّر من حلكته كما تنكر الخَّل عن خّليله ومن سواده القاتم .. الاجمل في نهار هذا العالم ، لا يعرف الآفول ولا معنى لمفردات التنافر والاساءة لأيٍ كان..
صغيرتي شاكار .. أسمعيني!! .. لا تقلقي أنا الان في ضيافة مملكة البياض، فيها كل الحواضر ومن فيها تتلو سورة البياض والنقاء.. هنا كلّ الكُتب والاشياء والاماني المستحيلة موشّاة بالبياض ولون الفجر، سترى كل الدموع المنهمرة لأناسٍ افتقدناهم بحرقة الجمر الى ذؤابات شموع المحبّة الابدية ولقناديل مزدانة بصور احبتنا التي زارونا في لحظات غفوتنا، لا تطفؤها رياح الغدر والخصام ولا التكالب الكريه من اجل سفح دماء العصافير الجميلة، وزهق ارواح حمائم طفولتنا البريئة..
انا الآن في تأمل عميق مع منشوري البلوري قبلة نجوم بعيدة تشي بكائناتٍ تشبه عوالمنا الماضية.. فيها كرنفالٌ للضوء ، وأُخرٌ لفهم قدسية الحروف ومنطق مودة الورود.. تأملتها مَلياً في أقاصي الفرح لعُشرٍمن الثواني اختصاراً لمعنى نظرية الزمكان، وحسب موقع تلك الموجودات.. الحياة عندهم كما وصفوها بلا ألم.. ومصفّى من علة الحسر ات و من تعابير النحيب..

(( إنك الآن في الوطن تحت رائحته ،
ولك أهلٌ ودارٌ وأمل، ووظيفة وهوايات وغدٌ أرقُّ من الحرير..
ورسالة فيها ختم لعالم جديد لما قبلَ سفري اللاموعود:
اراك في دائرة فُوضاي تخرقين صمتي في أقصى الأماني وفي ظل الظهيرة،
بين سطورقراءاتي في الهباب في تناغم اللون على الورقة،
لم َغادرتِينا قبل الآوان أيّتها المجبولة على العشق الخفي
من رحيق الأُنس صوبَ منازل الخلود؟))
ومن مِسك خِتام ذلك المنشور البلوري:
تجيئ صرخة من مجهولٍ .. دعني أواصلُ مسيري.. كانَ صوت الليلِ هو كـ ( الموسيقى)، وكدبيبِ كائناتهِ اللامرئيةِ.. هلمّوا انيروا الأضواء لمقدم وقف نزيف الدّم .. ها اختفى ظلام الليل،وبانَ الصُبح الجميل.. فيه رائحتكم وبقايا من عِطر أنفاسكم.. وشظايا متناثرة من أحلامِكم لاحتْ رؤوسهافوق سارية المستحيل بعدك ما زالتِ المدينةُ تموج استفساراً اندهاشاً تعصي الخروج من أتونِ الذاكرةِ..وما زالتِ طيورُها تُحَلِّقُ في سمائِها!.. لباصرتي الحادة عجبٌ مدهشٌ لمشهد القداس الرباني.. وكيف تكون للسماءِ دموعُهَا المفرحة الساخنةُ.. وللغيمةِ جدائلٌ من الماءِ الزلال.. وشدّو هزارٍ مِنْ كوكبٍ دريّ بعيدٍ يلمسُ جَسدَ الصباحِ.. ربما هو ورديفه في التسبيح أول عصفورٍ ثمل يصحوعلى نداء المدن ِالملتهبة بغدرالتاريخ.. يُوقظُ بنشوةٍ أقرانَهُ منادياً.. أنا مَنْ تأبطَ حزنه كخارطة هذا العالم المجنون.. لمنْ سأُعطيها؟.. انها ومنذ عقود تنتظرُنِي هذا الحتف المدهش للجميع .. وَيْ كأنها تخدوعني بالوعودِ.. فقالتْ بمكرها........... هاتِها؟وضعتْ أصبِعُها على بقعةٍ ملتهبةٍ.. إنها أغنى مدينة على هذا الكوكبِ أناسها مذ غدركم السحيق فقراءٌ بسطاءٌ حتى العَدم .. هزّت رأسَها ببرودِ... ليستْ مشكلتي.!!!!. تأملوا جيّداً هذه المشاهد الجنائزية وتلك الحشود الموشحة بلون العزاء والصمت، كيف يتقدمون نحو نعش هرم الشعر والادب الاعلام.. ومعهم نسخٌ من "خارطة لمستقبل العالم" و"بانوراما" و"جبل حقل الذرى" والميدالية" و"خرير الروح" و"الرحيل". لأحياء المرأة" و"اعتراف رجولي" والخبز المسمم" و"الشعر رئة الكون" و"الفنتازيا" و"المرأة في حاشية المجتمع".عنقود العشق" و"سنة من الجحيم و"الصدى" و"القناديل الأربعين- عبرات أربيل".
سلاما للقرداغية مهاباد الناشطة النسائية والمدافعة عن حقوق المراة وهي التي انشدتْ وكتبتْ العديد من القصص والروايات ودافعتْ بكل جرأة وتحدّ وفاءاً منها للارواح التي عذبتها الحرمان وظلام اقبية اعداء النور والحرية.. اليها والى كل من على شاكتلها ذابت وتذوب، وصمدت وتصمد، وثبتت وتثبت من كل الجنسين.. مع خالص مواساتي للمفكر والاديب الكبير قيس قره داغي بمصابه الجلل لرحيل الاديبة الكبيرة مهاباد.. فلها الذكر الطيب ولكل مَنْ تألم وفجع من القلب لرحيلها مع جميل الصبر والسلوان..
المجد والخلود لكل شهداء الوطن ولشهداء جائحة كورونا في جميع انحاء المعمورة.
حكيم ن الداوودي

    

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

948 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع