المجرمون يحرقون الارض ، والطيبون يحيونها !

                                             

                             زيد الحلّي

المجرمون يحرقون الارض ، والطيبون يحيونها !

موقفان ، بعيدان جداً عن بعضهما ، ومراميهما ، شكّلا عندي منعطفاً عميق المعنى ، لا زال يرنُ في وجداني ، منذ أن اطلعتُ على تفاصيلهما في الأمس .. تُرى ما الذي يجمع نقيضين على سطحٍ واحد ؟ ، احدهما حالك السواد ، بعيد عن الإنسانية ، والآخر ناصع البياض ، قريبٌ من الله .. وهذان الموقفان هما ، حملات الإبادة التي قام بها المجرمون لأقدس المحاصيل الزراعية ( الحنطة والشعير ) غذاء الإنسانية من خلال حرق آلاف الدونمات من الأراضي المزروعة بهذين المحصولين الاستراتيجيين ، وهي محاصيل تشكل عماد المعيشة لمئات بل آلاف المزارعين وعوائلهم ، ما ادى الى زيادة مساحة الأرضي السبخة ، التي اصبحت غير صالحة للزراعة لسنوات قادمة واتساع مساحة التصحر في بلدنا.. والموقف الآخر على النقيض تماماً ، هو حملة البنك المركزي العراقي بالتعاون مع وزارة الزراعة ، لزراعة شتلات متنوعة بواقع 200 الف شتلة ، وهي حملة ممولة من صندوق " تمكين " الذي يشرفُ عليه البنك المركزي العراقي ورابطة المصارف العراقية الخاصة ، وشركات الصرافة .

ان خطوة البنك المركزي العراقي ، في مبادرة " تمكين " تؤكد ان العراق الحقيقي ، هو اليد البيضاء التي تمتد لتزرع الخير ، وتوزع الشتلات الخضراء التي تنعش الأرض والهواء ، فيما الأيادي السوداء ، هي التي تسعى الى فرش الظلام ، لكن إرادة العراقيين اقوى ، واكثر صلابة ، واجدُ ان كل شتلة جديدة تُزرع في ارض العراق في مبادرة " تمكين " هي عصا غليظة بوجه أدوات الرذيلة التي قامت بالعمل المشين الذي ادى الى موت هكتارات من الاراضي المزروعة بخير المزروعات ، واقدسها .

ان الـوطن كلمة صغيرة ، من خمسة أحرف لكنها تختصر معاني الدنيا كلها ، فهو التاريخ والأمان والحضن ، هو الذي يسكننا ، وكلما ابتعدنا عنه ازداد احساسنا به وزاد ارتباطنا به.. وجريمة الحرائق التي عمت اجزاء عديدة من الاراضي ، ينبغي ان تكون حافزا لجميع الوزارات والدوائر للقيام بحملات شبيهة بمبادرة البنك المركزي العراقي ورابطة المصارف الخاصة ، حتى نعطي صورة صلدة للأعداء بان في العراق ركائز ودعائم ، تقف متحدية الصعاب وصناع الموت ، حيث يحذر المعنيون بالتربة والزراعة ، من مغبة الفعل الاجرامي المتمثل بحرائق محاصيل الحنطة والشعير ، كونها تؤدي إلى اتساع مساحة التصحر وتدمير التربة الصالحة للزراعة ، وهي من أخطر التهديدات البيئية ما يعرض الأمن الغذائي العراقي للخطر ، وربما نتائجها سلبية وكارثية من ناحية فقدان الأراضي القابلة للزراعة وتحرك الكثبان الرملية باتجاه المدن والمناطق الزراعية .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

477 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع