يا خسارة! لم تعد هناك مداخن في البيوت

                                                     

                               خالد القشطيني

هذا اليوم هو يوم الكريسماس عند الكنائس الغربية. وكما نتوقع ارتبطت به شتى الحكايات والطرائف والأساطير. ولكنني أرى أن من أروعها حكاية بابا نويل (الأب نويل أو كما عند الإنجليز فاذر كريسماس). الأب نويل متخصص في رعاية الأطفال. ومن واجباته أن يقدم هدية لكل طفل في العالم. وهنا في الغرب اعتاد القوم اصطحاب أطفالهم إلى حيث يقف شخص مجلبب بمعطف طويل أحمر وعلى رأسه قلنسوة عالية حمراء وتمتد من ذقنه لحية بيضاء مسترسلة على صدره. وفي جيبه كثير من الشوكولاته.

إنه الأب نويل. تقدم الأم طفلها إليه فيقبله ويداعبه ثم يسأله عما يريد من هدية بمناسبة الكريسماس. يعده بها في ليلة الكريسماس. «ولكن على أن تكون ولدًا نجيبًا وتسمع كلام والديك»! يهز الطفل رأسه بخشوع. يقبله ثانية ويودعه.
ويبقى الطفل طوال الأيام يفكر في بابا نويل. هل سيتذكره حقًا ولا ينساه؟ هل ستختلط عليه الأمور فيعطي هديته لطفل آخر؟ في أثناء ذلك يكون الوالدان قد اشتريا الهدية المطلوبة وأخفياها عند الجيران.
تحل ليلة الكريسماس.. «عليك يا ولدي أن تنام مبكرًا وتنام نومًا عميقًا. بابا نويل لا يعطيك الهدية إذا وجدك صاحيًا! ولا تنس أن تضع له شيئًا ليأكل، فسيكون متعبًا جدًا في زيارة كل الأطفال. ضع له تفاحة جيدة ليأكلها». يهرع الطفل إلى المطبخ ويأتي بأحسن وأكبر تفاحة. يمسحها ويضعها وسط الغرفة. ويندس في فراشه ويتمتم بالدعاء المناسب. «ماما لا تقفلي باب البيت حتى يدخل بابا نويل».
«لا يا بني لا. بابا نويل ينزل من المدخنة!».. يرد الطفل «مسكين بابا نويل جبته حَ تتوسخ». ما أن يستغرق في النوم حتى يكون الوالد قد استعاد الهدية من الجيران، دراجة أو سيارة... الخ ويندس على أطراف قدميه ويضعها بسكون تام بجانب السرير ويلتقط التفاحة ويخرج بها ويأكلها!
تكون الأم أثناء ذلك قد رشت بعض الرماد والسخام على أرضية الموقد. ما أن يقترب الفجر حتى يستفيق الطفل. يفرك عينيه ويتمتم بدعاء ثان وينظر حوله.
وفي أعماق الظلام يجد الهدية قريبة منه. يحملها بجذل وارتباك ويجري بها إلى أبويه. بابا، ماما، انظرا! بابا نويل جاء في الليل وأعطاني الهدية. انظرا، بايسكل أخضر مثل ما أحب. يا له من رجل حنون! تذكر حتى اللون الذي أحبه! يضرب على جرس الدراجة ويحاول أن يركبها في غرفة النوم. يبدأ ضجيج الكريسماس. «مسكين بابا نويل. لازم كان جايع تمام. أكل التفاحة! يا ليتني حطيت له ساندويتشة!».
«ماما، شوفي! كل هذا الرماد والسخام! كيف دبّر طريقه ونزل من المدخنة؟! رجل ابن حلال!». أسطورة! كما قلت من أطرف وأسعد ما يمر به الأطفال في ديار الغرب. بعد أشهر قليلة يكتشف الطفل أنه لا يوجد بابا نويل. وكلها خرافة. والحياة كلها جد وشجن وتعب. آه من تلك الساعة، ساعة اغتيال الخيال، يوم حلت المدفئة الكهربائية محل المدخنة.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

961 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع