مكرم الطالباني في ورطة

المحامي المستشار
محي الدين محمد يونس

مكرم الطالباني في ورطة

مع نهاية عام (1972) اتسمت العلاقات بين السلطة في العراق بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي والحركة الكردية بقيادة (مصطفى البارزاني) رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني بالأفول والاتجاه نحو التباعد والتحضير والتهيؤ للعودة لحالة الحرب والقتال بين الطرفين نتيجة الخلافات وفقدان الثقة بينهما وهذا ما حصل فعلاَ مع بداية شهر نيسان عام (1974) حيث اندلع القتال مجدداً وبضراوة بعد أن كان الطرفان قد سخروا ما لديهم من إمكانيات على الصعيدين السياسي والعسكري لخوض هذه الحرب الهجومية من جانب السلطة العراقية والدفاعية من جانب الحركة الكردية،

قائد الحركة الكردية مصطفى البارزاني

في الفترة نفسها شهدت العلاقات بين الحزبين الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي توتراً على حساب التقارب الذي كان يحصل بين الحزبين الأخير وحزب البعث العربي الاشتراكي الذي طرح في (15 تشرين الثاني 1971 ) مشروعه لإقامة جبهة مع الأحزاب والتيارات السياسية الموجودة على الساحة العراقية وقد اختلفت ردود الأفعال حيال هذا الطرح فقد قبل الحزب الشيوعي فكرة الانضمام لإقامة الجبهة مع حزب البعث والذي نجح في إيجاد أرضية للتقارب بينهما من خلال طلب مشاركة الحزب الشيوعي في الحكم والذي استجاب له واستهوته شهوة السلطة ..

وفعلاَ قام بترشيح إثنين من قياداته هما (مكرم الطالباني) لوزارة الري و (عامر عبدالله) لوزارة الدولة.



عامر عبد الله العاني

وقد استمرت اللقاءات والمناقشات بين الحزبين لغاية يوم (23 تموز 1973 ) وهو يوم التوقيع على ميثاق الجبهة حيث وقع من قبل (احمد حسن البكر) أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي و (عزيز محمد) سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي. أما الحزب الديمقراطي الكردستاني فقد رفض الانضمام للجبهة إلا بعد حل المشاكل العالقة بينه وبين حزب البعث بالإضافة الى رفضه القاطع وعدم قبوله للقيادة المطلقة للجبهة من قبل حزب البعث والخنوع والقبول بدور هامشي فيه. في بداية عام (1976) تقرر إجراء انتخابات اتحاد الأدباء الأكراد وكان الحزب الشيوعي يأمل في السيطرة على قيادة وإدارة هذا الإتحاد باعتباره الحزب الوحيد الذي يمكنه من خوض هذه الانتخابات من خلال عناصره من الأدباء الأكراد وكونه في حالة وفاق وإن كانت ظاهرية مع حزب البعث وخلو الساحة الكردستانية من أي تيار أو حزب منافس في الأوساط الكردية

احمد حسن البكر

بعد انتهاء النشاط الرسمي والعلني للحزب الديمقراطي الكردستاني بعد تداعيات توقيع اتفاقية الجزائر في (6/3/1975) من قبل شاه إيران (محمد رضا بهلوي) ونائب الرئيس العراقي (صدام حسين) وعدم السماح لمن يمثل هذا الحزب في المشاركة في هذه الانتخابات باعتباره قد أصبح حزباً محظوراً.

عزيز محمد

كانت استعدادات الحزب الشيوعي تجري على قدم وساق للمشاركة الفعالة في هذه الانتخابات على أمل الاستحواذ على رئاسة الإتحاد وعضوية أعضائه إلا أنه كان غافلا عن ما يبيته له شريكه وحليفه في الجبهة الوطنية والتقدمية حيث كان حزب البعث يعمل في الخفاء من جانبه على تفويت هذه الفرصة على الحزب الشيوعي وحرمانه من الاستحواذ على هذا المرفق الثقافي المهم والعمل على بسط نفوذه وسيطرته على قيادة وإدارة اتحاد الأدباء الأكراد من خلال قيامه بوضع خطة مدروسة بعناية وسرية وسريعة لضم العشرات من حاملي الشهادات الجامعية لصفوف هذا الإتحاد من الأكراد الذين كانوا محسوبين عليه حيث باشرت قيادة تنظيمات هذا الحزب في المحافظات الثلاثة (أربيل، دهوك، السليمانية) بتنظيم هويات انتساب لهم ومن ثم نقلهم الى العاصمة بغداد في أحد أيام السنة المذكورة لغرض إشراكهم في الانتخابات

صدام حسين و شاه ايران بعد توقيع الـفاقية

المزمع إجرائها في قاعة الجامعة المستنصرية في الساعة الخامسة عصراً. تم نقل كافة الذين تم تنظيم هويات الاتحاد لهم بسيارات من مختلف الأنواع والأحجام وعلى نفقة الحزب مع كافة المصاريف اللازمة الأخرى، امتلأت قاعة الجامعة المستنصرية بالحضور الذين كان عددهم يربو على الألف شخصا، قبل حلول موعد إجراء الانتخابات بدقائق دخل القيادي في الحزب الشيوعي العراقي (مكرم الطالباني) الى القاعة يرافقه عدد من الأشخاص وكانت مفاجئة من العيار الثقيل عند مشاهدته لهذا الزخم الحاشد من الحضور وقبل أن يجلس متسائلاً عن سبب حضور هذا العدد الهائل من الأشخاص والجهة التي دعتهم والمناسبة لا تستلزم ذلك، أجابه القيادي في حزب البعث الحاضر والمكلف بالأشراف على الانتخابات...

مكرم الطالباني

إستاد مكرم – هذولة كلهم أعضاء في اتحاد الأدباء الأكراد وجايين للمشاركة في الانتخابات.
أجابه مكرم الطالباني ساخراً... هاي شلون دبرتوها وشوكت انضموا للاتحاد... على كل حال آني فرحان جداً لأنه ماجنت اعرف عدنا هلگد أدباء أكراد، جرت الانتخابات وكانت النتائج حسب ما هو مقرر في برنامج حزب البعث حيث الفوز الساحق لممثليه وترك مقعدين لممثلي الحزب الشيوعي العراقي والذين كان حضورهم في القاعة بأعداد بسيطة رغم استعدادهم لهذه المناسبة التي لم يكونوا على علم بالمفاجئة التي واجهتهم بحضور هذا العدد من المشاركين من منافسيهم في الانتخابات والذين لم يقتصر دورهم على المشاركة فيها بل تعداه الى التصفيق والهتافات المدوية في إرجاء القاعة خلال عملية الانتخابات وعلى الخصوص بعد إعلان النتائج، في نهاية مقالي هذا وهو كالمقالات الأخرى أحاول فيه أن أكتب وأوثق حدث لم يتطرق أو يكتب فيه أحد قبلي... واعتذر من القراء الكرام عن كل سهو أو خطأ لاعتمادي على ذاكرتي المجردة في سرد هذا الحدث بعد مرور هذه السنين واستودعكم الله بحفظه ورعايته.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

634 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع