بيوت ومحلات مطلة على شارع الشيخ معروف - ألأخيرة

       

بيوت ومحلات مطلة على شارع الشيخ معروف -الحلقة الأخيرة

   

بعد أن انتهينا في الحلقة الثالثة من مقالتنا بالتعريف بجزء مهم من هذا الشارع بجغرافيته ومحلاته وسكنته وأحداثه المهمة ومنها وصف مقهى أبو زناد وما يعرف بدكة الجبور، نعود في هذه الحلقة لأستكمال مسيرنا فيه.

سنبدأ الوصف من الجانب الأيمن وليتصور القاري أنه قادم من شارع تانكي الماء فما أن يصل لشارع الشيخ معروف في الجهة المقابلة لدار الحاج محمود الحداد، من الشارع الفرعي أفتتح الحاج مثنى الحداد مثلجات زمزم وقبل أن يفتح الحاج مثنى مرطبات زمزم كانت المحلات للسيد أبو سمير يبيع فيها المرطبات صيفاً والكاستر شتاءاً، وبجانبه محل السيد لتصليح الساعات ومن ثم باب جامع آل حداد ومن ثم محل أبو عامر لتصليح الدراجات ثم سكلات لبيع الخشب والحصران ، تكملة المحلات ... مكتب حسن السهو و الحلاق ... عطار مهم هو قائد أبو محمد ، أصله من اليمن و استقر في الكرخ .
ولابد أن نعرج على تكة عودة والذي كان يتميز بالنظافة المفرطة، وكان توقيت فتح مطعمه العصر من كل يوم كان يعمل خادم في بيت النواب وهم من جذور باكستانية كان يبيع الدوندرمة إضافة للتكة لا يعطي أي شخص اكثر من نفر، إذا أراد اضافي يقل له غيرك يريد ياكل مثلك ، كنا لا نقول له سلام عليكم و إنما شلونك ابو حميد ونسمع جوابه كأنه موسيقى وردة مال الله آني. يعشق أمرأه اسمها صلوحة، يتمشى معها كأنه شاب دائماً كاف ردانه إلى حد ظهور عضلاته صيفاً ويلبس دشداشة بفتحتين جانبية يعلق أحد اطرافها في الحزام ، وفي أبرد الاوقات شتاء لا يرتدي أكثر من يلك ، حين نمازحه نسأله شلون صلوحة يقول موتتني، ونشير الى عنبته الهندية التي تصاحب التكة عند التقديم، وطعم مشوياته التي لا يضاهيها إلا مشويات مجيد مقابل مديرية الشرطة العامة القديمة في القشلة، وعودة باكستاني ألأصل والده جاء مع الإنكليز الى بغداد عن طريق البصرة وأستوطنها، وهو يضع راديو في مطعمه مثبتاً دائما على إذاعة لندن باللغة العربية لا يحيد عنها أبداً مهما حاولت، ويؤشر بيده الى الأخبار قائلاً هذا الحجي الصدك، أسمعوا. وبجنبه كان وقرب عودة عزيز الحلاق، وبجانبه معمل كاشي محمد جاسم أبو وليد. وبعده محلات صباح لتأجير البايسكلات ويحوله الى سينما أيام الأعياد ويقابله مقهى الكيتاوي وهي أهم مقهى لهواة الطيور وكان الكيتاوي قاضي هواة الطيور ثم نصل الى منطقة البزارة المتخصصة بصناعة الدبس والخل والبزارة محلان كبيران احدهما لطعمة والد المرحوم السيد سعدي طعمة وزير الدفاع ووزير العمل والشؤون الاجتماعية يرحمه الله، ثم نذكر دواح المطهرجي وحقيبته المشهورة والمميزة.

    

     نفر تكة من عودة الباكستاني والملقب عودة الأسود

بالعودة للجانب الأيسر من شارع الشيخ معروف – كُنا قد انتهينا إلى دربونة الشيخ علي الرئيسية وأوضحنا أن ركنها على الشارع العام بيت سالم البندر عم المرحوم هوبي الأحمد أما ابناء سالم الذين سكنوا البيت فهم : المرحوم سعدون، حجي متعب، عبد الرزاق، المرحوم عبد الحميد والمرحوم حاتم، لهم أخوين من أبيهم هما: صالح و محمد – كانا يسكنان مع عمهم أحمد حسين البندر مقابيل تانكي الماء. يجاور بيت سالم البندر مركز شرطة الجعيفر المركز الرئيسي حيث شغل 3 مواقع في الأربعينات والخمسينات مقابل دربونة البستان التي اشرت إلى ركنيها بيت مهدي القدوري وبيت شنونة قبل بناء بيوت بيت حداد عندما كانوا في سكنهم القديم مقابيل جامع الشيخ علي، والموقع الثاني أواخر الخمسينات إلى منتصف السبعينات على الشارع العام بالتقابل مع الفرع الداخل إلى التانكي وهو ما نعنيه هنا، أما الموقع الثالث ففي ركن جادة غريبة القريبة من جهة التانكي والدربونة التي تليها يعني على رؤوس الفرعين 98 ، 99، ونذكر الشرطي سعوّدي أبن نبعة مبلّغ المركز ومشاكله مع أبناء المحلة، حيث يحتال عليهم لجلبهم للمركز. ثم بيوت كان يسكنها الحاج زيدان الخلف العبد الجبار اللهيبي واخوانه سلمان وعدنان - قبل انتقالهم إلى حي دراغ ، سكنها من بعدهم جاسم ابو الركي وأولاده وبناته ثم مقهي سهيل البيروتي ابو نجم وهو ابن خالة نوري السعيد ثم فرع يدخل إلى دربونة بيت أبو الويو تتفرع منه دربونتان على اليمين تتصل بمقهى ارحيم ... بالمناسبة المقهى كانت تسمى كهوة حمد الزركة والأخر يتحول يميناً بسبب انتهاء الفرع قرب بيت جاسم الحمرة لتلتقي مع الدربونة النازلة من قهوة شاكر باتجاه المشاهدة - والاخرى لليسار تلتقي بالدربونة النازلة من الشارع العام باتجاه مرقد الشيخ علي.
نعود للشارع العام من جانبه الايسر باتجاه المشاهدة معمل كاشي حسن السهو ومعمل كاشي أبو زيد ابن برغوث وبيت شاكر الكهوجي ثم مقهى شاكر الجبوري أبو محمود ... ثم بيت المرحوم قاسم فرحان الجبوري الضابط الذي ظل يعشق العسكرية إلى أن مات رغم أنه احيل على التقاعد قبل ترقيه إلى نقيب بأيام تحول إلى للسكن بالبيجية ... ثم محل فخري الاوتجي القديم الذي يستخدم أوتي فحم. ونخص بالذكر قهوة ارحيم ابن سليم الكصاب واخوانه من ابيه أولاد خالة وهاب وستار وجبار ورزاق السامرائي وزوجة وهاب اختهم والمقهى مكان تواجد قراء القرآن ومعظمهم كفيفي البصر ومنهم المقرئ حسين رجب العزاوي المتميز بصوته الرخيم وأناقته حيث يعتبر اهل الكرخ الفراكيات جزء من حياتهم ذات الطابع الحزين فهم يعشقون هذه الاطوار سواء بالغناء او العتابات والمواليد وقد ظهرت الكثير من الاصوات الراقية في هذا المجال واصبح لهم انتشار واسع في الكرخ وبغداد خاصة في مجال المواليد والفراكيات كان ابرزهم القارئ حسين رجب احمد العزاوي، هو من اهل الكرخ الكرام ومن سكنة محلة الرحمانية كان داره مقابل مركز شرطة الجعيفر قرب التانكي ولد حسين الرجب عام ١٩٣٩ في الكرخ من عائله تعتبر من اوائل من سكن هذه المحلة الأصيلة، فقد بصره وهو طفل الا ان الله عز وجل اعطاه صوتا جميلا رنانا وطاقه كبيره في الحفظ درس على يد المله وتعلم الكثير من امور البلاغة والقواعد وكان يسمع في صباه قارئ المقام الأول المرحوم محمد القبانجي ورشيد القندرجي وحسن خيوكه بواسطة راديو أنتيكة قديم في دارهم وكذلك كان يسمع القارئ الشيخ محمود عبدالوهاب رحمه الله والقارئ الشهير المرحوم عبدالستار الطيار.
كان حسين الرجب ذكيا بحيث استوعب كل هذه المقامات واصبح بارعا بها كان صوته قويا حنونا يداعب المشاعر وكان يميل الى قراءات المواليد والفراكيات كانت بداياته في ستينات القرن الماضي، وذاع صيت القارئ حسين الرجب في الكرخ وبغداد وخارجها كان يقيم مواليد الاحزان والافراح خاصة في المولد النبوي الشريف وسيطر على ساحة القراءات للمواليد وكان لا يجاريه احد في صوته واصبح له مقلدين لصوته ومحبين لطريقته في الالقاء ولازال الكثير من الكرخين والبغداديين يحتفظون بالكثير من كاسيتاته حيث يعتبر علامه بارزه في تاريخ الكرخ وتمر السنوات وفي عام ٢٠١٠ يفقد الكرخ احد اعلامها ويتوفى القارئ حسين الرجب ابو علاء رحمه الله واسكنه فسيح جناته الصوت الشجي وصاحب الحنجرة الذهبية وجبوري الطبلجي الشخصية الفكاهية المشهورة.

    

                 القارئ حسين الرجب العزاوي

نستعرض الشارع العام ومن جانبه الأيمن بدايته المقهى الى أواخر الستينات ثم تحولت الى معمل حدادة غازي الذي توسع لاحقاً مع ماكنة الطحين المجاورة له وهي بداية الشارع المؤدي لمقبرة الشيخ معروف اما على امتداد شارع الشيخ معرف ففي الركن مقهى الاخوين إبراهيم وخليل المشهداني ومصلح ساعات، ومحل خالد ابن ناصر البندر القديم قبل ان يتحول في القيصرية القريبة من جامع بيت حداد بدلاً من سكلة الخشب وفرن كعك وباجة ابو حمرة ومحل حكمت العاني لخط وحفر المرمر وهو اخو حجي ارحيم أبو عمار الملقب أرحيم نجدة وسعدون وعميد ركن عبد والحلاق علي ابن ابو الشواذي، ومطعم كباب باسل العاني ومطعم باجة رشيد طوبان ثم مقهى يجاورها باب خارجية للدخول إلى مقبرة الشيخ ثم سكلة قدوري الدَهَو على حائط المقبرة من جانب الشارع العام.
وبالعودة للجانب الأيسر ومن الركن المقابل لمقهى شاكر نمر على محل العطار أبو عارف ومقهى صغير يعود لجاسم الأعور ثم مقهى تجاور محل تورنة كبير وبعدها مطعم باجة خميس الكيفة المرسومي الغالبية يسمونه ابو اياد على اسم ابن اخيه واخ ابناءه حساني وفاضل وفيصل، بعدها عربة الحاج جبوري أبو العنبة والتي توارثها بعده أبناءه ثم حمام الشيخ معروف.

        

يتقاطع من جهة اليسار مع الفرع الثاني لشارع الشيخ معروف شارع يؤدي الى محلة المشاهدة وتحملنا ذكرياتنا الى موقع مدرسة المشاهدة الابتدائية للبنين ومديرها السيد أمين الخضار والأساتذة عبد اللطيف المشهداني وأستاذ صبري السامرائي معلم الدين وأبو حاتم الجبوري والأستاذ منير الراوي ثم مقهى المشاهدة ومقهى حسن سهيل وكهوة النادي والبايسكلجي أسماعيل وحلوبة البقال والبقال حسن كرسته في الجهة المقابلة للمدرسة وبيت أبو السعِد وتكيتهم الشهيرة في الكرخ، ونبقى محلقين مع ذكريات الطفولة الى المدرسة حيث درست فيها في صفي الأول وكان دوام المدرسة على فترتين صباحية ومسائية بينهما استراحة الغداء، نعود بعدها لأكمال دروسنا، مع أن المدرسة كانت تقدم وجبة طعام في التغذية المدرسية آنذاك. في ذلك الوقت كان أبي قد التجأ الى سوريا ليتخلص من مطاردة الأجهزة ألأمنية له، فتحمل مسؤولية إيصالي يومياً صباحاً المرحوم الأخ فؤاد علوان يصطحبني معه كل يوم بعد أن أفطر عندهم على أستكان الشاي وبعض من جبن العرب أحيانا وفي أحيان كثيرة على لب الجوز، نركب بسات العلاوي ينزلني منه في المشاهدة ويكمل هو طريقه الى مطبعة الحكومة حيث كان يعمل رحمه الله. كما أن منطقة المشاهدة امتازت سابقاً بوجود مرابط الخيل العربية أو ما تسمى البنجرات قبل نقلها الى المنصور حيث نقلت بعد ذلك الى المرسلات في مكانها الحالي ومن أشهر مربي الخيول هو المرحوم عكاب وأولاده ناصر أبو علاء ومنصور أبو اياد وشاهين أبو خالد ومن مربي الخيول نجم عبود العثمان.

    

الشارع المؤدي للمشاهدة وتشاهد المقهى يسارا وموقع مدرسة المشاهدة في الجهة المقابلة

في طريقنا الى ساحة زبيدة يتراءى لنا خلف المقبرة بناء مخروطي مقرنص الشكل، يشكل ضريح زمرد خاتون وهي قبة شاهقة تقوم على ثمانية أضلاع والسيدة زمرد خاتون هي زوجة الخليفة المستضيء بأمر الله وقد بنته لتدفن فيه في عهد ابنها الخليفة الناصر لدين الله وكان بناؤه سنة 599هجري -1202م وهذا القبر يسمى خطا من قبل العامة بقبر الست زبيدة زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد.

    

وبعد أن نصل الى ساحة زبيدة، يتفرع شارع الشيخ معروف منها الى فرعين، الأول يتجه الى اليمين الى الدوريين حيث سمي بعدئذٍ بشارع رقم 6 وهو متخصص بمحلات بيع المواد الاحتياطية للسيارات، في بدايته ومقابل سينما زبيدة ترى وكفة الغنم، ولي مع الوكفة طريفة، أنه أردت شراء خروف لأحدى المناسبات فاتجهت اليها مع شقيقي ولم نعثر على صاحب الحلال إلا بعد جهد وانتظار فقدم علينا فأذا به يرتدي أغلى الملابس ، أشرت له الى أحد الخرفان فقال أن سعره 140 ديناراً وكان وقتها سعر أفضل خروف هو 80 ديناراً، فقلت له لماذا سعره هكذا فقال أنت أخترت خير الخرفان، فقلت له يعني قابل أني أخترت خروف من فصيلة نادرة لو هوة من عائلة نجهلها، لم يجب ولم تتم الشروة.
أما سينما زبيدة التي تقع بنايتها في بداية محلة الفحامة فقد أنشأت في بداية الستينيات من القرن الماضي، حيث أريد أن يكون موقعها بستان آل هبش في الجعيفر الثانية لكن اعتراض الحاج أحمد الياسين وأهل المحلة أفسد ألأمر على وزارة الشؤون ألأجتماعية فقررت الوزارة بنائها في مكانها الحالي، فيها استمتع الناس بمغامرات برت لانكستر في القرصان الاحمر والشعلة والسهم وفيها ضحكوا لحد القهقهة مع نورمان وزدم وبكوا لحد الدموع مع ام الهند وكنكما وجمنا وسنكام وفي أحد الأيام كنا نحضر عرض فلم كاوبوي فإذا بساهر أبن أحمد هدايت والذي كنا نناديه ساهر أبو ألجكاير يدخل الى الصالة وبصحبته عشرة أطفال أجلسهم وجلس معهم يشاهدون الفيلم وبعد حوالي نصف ساعة أضيئت الأنوار في الصالة ودخل رجل وشرطي يبحثون بين الحضور الى أن وصلوا الى المكان الذي يجلس فيه ساهر فصاح الرجل : أي .. هو هذا أبو أسماعيل، بعدها عرفنا أن ساهر كرى = أستأجر دراجة من الرجل وباعها في سوق الهرج ودفع للأطفال تذاكر السينما. وفي يوم من ايام عام 1980 مررت من ذلك المكان فوجدت سينما زبيدة وقد تحولت الى مخزن للسكراب فتملكني الأسى واخذني الحنين الى ايام السينما الزاهية وعجوب وعصاه الذي كان يضرب بها باب صالة السينما بكل قوة عندما يصيح الجمهور أعور .. أعور. مقابلها وعبر الشارع تجد مقهى أبراهيم أبو المخ وهي قريبة من مقبرة الشيخ معروف، وبجانب السينما هناك مقهى جسام أبو نصيف والتي كانت ملاذاً لأبناء منطقتي جميلة والسعدية والفحامة، ثم هناك مقهى كاظم البربوتي وفيها يصدح صوت كوكب الشرق أم كلثوم.
نعود الى محلة الدوريين أو شارع رقم 6 وتقودنا خطواتنا فيه الى مستشفى العزل، والتي أطلق عليه لاحقا مستشفى الكرامة، وخلف أقسام المستشفى الواسع تقع محلة المنصورية التي أخذت أسمها من احتضانها لضريح أحد شيوخ الطريقة الصوفية ألا وهو منصور الحلاج وهو أحد الذين أختلف العامة حولهم فقتل بزمن الخليفة المقتدر بالله لاتهامه بالزندقة.

        

    مرقد الشيخ منصور الحلاج ويقع خلف مستشفى الكرامة

نستمر بشارع رقم 6 وعلى يساره يقودنا فرع فيه محلات تصليح زجاج السيارات والراديترات والى كراج كبير يدعى كراج رؤوف، حيث نجد فيه محل الأخ حميد كتف لتصليح جميع أنواع السيارات والذي كان يقوم بتصليح سيارتي زمن الحصار مجاناً بسبب الضائقة التي عشناها مع أغلب شرائح المجتمع، دعائنا له بالتوفيق المستمر. في نفس الكراج كان محل المرحوم علي المرسومي أبن عم المرحوم نوري المرسومي ابو بان وكيل وزير الإعلام في العهد الوطني ،علي المرسومي أبو دكة -عنده دكة على خشمه - هو وأخوه التؤام عبد الله ... كثير من ابناء المنطقة لا يفرقون بينهم - اقول علي واخوانه عمر وعثمان و عبدالله يمثلون الطيبة الكرخية بكل معانيها كانوا أخوة وليس ابناء محلة.

    

            ألأخ حميد كتف في محله بكراج رؤوف

ولا بد أن نستذكر باص مصلحة نقل الركاب رقم 24 والذي ينطلق من باب المعظم لغاية الشالجية وباص رقم 60 الذي ينطلق من باب المعظم لغاية ساحة الطلائع، وأشهر جباة المنطقة في المصلحة، شمران أبو سلمان والحاج نجم أبو محمد وأسماعيل أبن أخو أبو زناد ويلقب أبو حقي وكان شديد العصبية، كان الناس يتوددون اليهم في موسم الصيف ليسمحوا لهم بتحميل كواني الباذنجان والباميا وصناديق الطماطة من الشواكة خاصة لتجفيفها في الموسم.

    

                لفيف من جباة مصلحة نقل الركاب

نستمر بالشارع الى محلة الدوريين وفيها مكوي غضبان أبو حسّان، وصاحب ألمكوي كان عريفاً في القوة الجوية ووحدته في مطار المثنى يشتغل فيه عصراً فقط ويقع قرب المستشفى، تكثر كذلك على طول هذا الشارع محلات بيع المواد الاحتياطية لكافة أنواع السيارات، نصل بعدها الى نهاية الشارع وسوق الأرضروملي الشهير والحافل بالخضروات الطازجة والأسماك الحية وأنواع الزيتون والطرشي. 

      

أما الجانب ألأيسر من شارع الشيخ معروف والذي تفرع بعد اجتيازنا ساحة زبيدة، فهو للأياب فقط من العلاوي ولغاية الكرخ، حيث تكثر فيه محلات تصليح السيارات والكراجات الكبيرة التي تتناثر على طول الشارع وفي أزقته العديدة. ومن هذه المحلات محل عبد الرزاق المشهداني للبنزات، وهو والد صديقنا الحبيب الدكتور أكرم المشهداني، أو كما كان يطلق عليه - رزوقي أبو البنزات والكلجات وجرخ الفلنجات -، أستلم المحل بعده أبناؤه عبد الستار وعبد الوهاب رحمهما الله.

     

          محل رزوقي أبو البنزات مقابل عمود الكهرباء

تقودنا خطانا في هذا الشارع ونرى فيه انتشار محلات بيع المشروبات الكحولية وعربات بيع اللبلبي والباقلاء قرب هذه المحلات، والتي تعرضت في الآونة الأخيرة الى سلسة اعتداءات وتفجيرات وقتل لأصحابها ولزبائنها مما أجبر الكثير منهم على غلق محلاتهم. وهناك الشارع المتقاطع مع شارع الشيخ معروف والذي يصل الى تقاطع شارع النصر، وتقع في هذا الشارع المحلة الشهيرة محلة الذهب وهي محلة من محلات بغداد القديمة وأسم هذه المحلة في الذاكرة الكرخية كان مرتبطاً في البغاء العلني وهذه حقيقة مؤكدة وكان ظهور ملامح البغاء في هذه المحلة بداية الأربعينيات من القرن الماضي والذهاب أليها تهمة في حد ذاتها، وألان لم يعد البغاء موجودا في هذه المحلة والواقع وبعد مرور أكثر من ستين عاما يبقى أسم محلة الذهب أشاره إلى التميز اللاأخلاقي، الى أن يصل بنا شارع الشيخ معروف الى نهايته أمام سينما قدري والتي سميّت بسينما بغداد لاحقاً.

      

         سينما قدري والتي سميت بعدئذٍ بسينما بغداد

كما لازلنا نذكر طفولتنا والعابها البريئة ومنها لعبة المصاييد والتي كنا نهرول راكضين من الجعيفر الثانية الى العطيفية وبستان بيت طعمة للحصول على الأعواد الخاصة بها من أشجار التفاح أو التكي، ثم نعود مسرعين الى منطقة علاوي الحلة حيث دكان جودة أبو المصاييد لنشتري منه بتوت حمر خاصة لتضفي على المصيادة جمالاً وقوة رغم اننا نكتب في بعض الاحيان مواضيع قد تكون بسيطة الا انها لها علاقه بطفولتنا التي نعتز بها وذكريات عشناها وأحد اشهر الشخصيات التي اشتهر اسمها بالطفولة هو الحاج جوده الخفاجي ابو صباح والذي نسميه جوده ابو المصايد والذي نزح من محافظة الحلة سكن في شارع فاضل ناصر في منطقة علاوي الحلة شخصية غلب عليها الخلق والطيبة والتعامل مع الناس لطباعه الكرخية الفذة التي اكتسبها من اهل الكرخ الكرام وكان اول محل افتتحه لبيع مستلزمات الاطفال من العاب وشكرات كان مقابل مدرسة باب السيف بالعلاوي فرع عباس الترف وبعد ذلك فتح محل مقابل السفارة البريطانية قرب مخزن كتب التربية بعدها فتح محل قرب مدرسة النبوغ الابتدائية بفرع الجدة غزاله وبعدها فتح محل في شارع فاضل ناصر قرب دربونة البطة وبيت الحاج حسن مسير رحمه الله كان محله مملوء بكافة العاب الاطفال المميزة والجميلة في ذلك الوقت واشتهر بصناعة المصاييد وهي قطعه من الخشب تعمل يدويا مع بت جوزي او اسود يستخدمه الأطفال.

                                    

واشتهر ببيع الطائرات الورقية الملونة وبأسعار من عشرة فلوس الى ٤٠ فلس وكذلك المصاريع الخشبية والبلاستيكية حسب الطلب والتي اشتهرت في تلك الفترة وكذلك كان لديه ما يسمى صندوق الولاية تشاهد به بعض الصور الكارتونية بخمسة فلوس وكانت بكرات السانتيم التي تباع لديه وهو خيط قوي يستخدم للطائرات الورقية وكان يعمل معجون يسمى الشيشة لضرب الخيط به حسب اللون الاحمر او الاصفر مخلوط مع زجاج الشمعة ويبيع كذلك طبقات التصاوير للممثلين العرب وممثلي الكاوبوي مثل كاري كوبر وفكتور ماتيور والان لاد وغيرهم وصور الممثلين الهنود امثال راجي كابور وشامي كابور وغيرهم وصور اللاعبين مثل قيصر حميد ومظفر نوري وفلاح حسن وحساني علوان وصور المصارع العراقي عدنان القيسي الكبيرة والصغيرة ونزالاته مع مصارعين اجانب بكافة الالوان وكذلك يبيع مجلة سمير وبساط الريح التي كانت تمثل قيم الطفولة واقنعه وجه مختلفة مثل قناع فلاش كوردن وباباي ويبيع الحليب الطوز المخلوط مع السكر على ورقه وبعض الالعاب الاخرى كأنواع المسدسات والسيارات والكرات بمختلف انواعها والشكرات الخاصة بالأطفال كان الأطفال يأتون اليه لغرض الشراء من كافة محلات الكرخ مثل المشاهدة والفحامة والفلاحات الأرضروملي والدوريين وسوق العجيمي والجعيفر الثانية ويعتبر الحاج جوده ابو صباح عنوان بارز للطفولة في الكرخ لازالت ذكراه لدى كل الكرخيين رحمه الله.
هذه هي ذكرياتنا عن هذا الشارع المهم والتراثي والذي كان ولازال شريان حياة لكثير من العوائل والمحلات الكرخية وكذلك هو طريقهم الى نهاياتهم في مقبرة الشيخ معروف فطوبى لمن عاش فيه وسعداً لمن حمل في نعش الى مثواه مودعا متاعب هذه الحياة.

    

ختاما لا يسعني إلا أن أثني على أحبتي من أهل الكرخ الأصلاء الأستاذ رعد محمد خميس البيدر والسيد أرحيم والسيد الكرخي وأحمد الكرخي وشاكر كربالة والمرحوم جمال حمزة وفائق عبد الله المشهداني وصالح محمود عبد القادر الحداد والأخ مهند الكيالي لتزويدي ببعض المعلومات والصور التي زينت الموضوع وجعلته بهذا الشكل الجميل فلهم مني كل شكر وتقدير. أنتهى

للراغبين الأطلاع على الجزء السابق:

https://algardenia.com/ayamwathekreat/45189-2020-07-11-10-05-16.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

664 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع