بيوت ومحلات مطلة على شارع الشيخ معروف / الحلقة الثالثة

       

 بيوت ومحلات مطلة على شارع الشيخ معروف -الحلقة الثالثة

   

بعد أن أنتهينا من وصف الجهتين اليمنى واليسرى للشارع في حلقتينا السابقتين، حيث ركزنا على بعض المقاهي والأمكنة وعلى من سكن بيوت ذلك الشارع التاريخي، نستمر بالجانب ألأيسر من بيت خضير العبيدي، وسكلة حجي سلوم وبجانبها صندوق خشب كبير لبيع الثلج والدوندرمة صاحبه " درغش" أبن أخو أبو زناد، والسكلة بعد هدمها صارت عمارة تنفذ للدربونة التي خلفها على بيت ملا يوسف الطائي والد الدكتور ضياء والبناية من أملاك الحاج شاكر محمود العسل اللهيبي، ثم دربونة نحو دهدوانة الشيخ علي يجاورها بيت أبو حسن الحمداني ثم بيت عباس ابو الشعير والد المرحوم عبد الرزاق ضابط الشرطة، ووالد زوجات الأصدقاء والأقرباء المرحوم العقيد أبو ليث احمد عبد الجبار العياش و عبد مطلك الجبوري والمرحوم فاضل الجبوري ابو مهند وفاضل العربُي وهو من جبور التاجي سكن المنطقة وصار من رموزها، وللمرحوم فاضل مواقف طيبة مع اهالي الكرخ فيما يتعلق بقضايا التلفونات مذ كانت التلفونات مكونه من 5 أرقام فقد كان موظف بدرجة جيدة في بدالة الغرب مقابل المتحف العراقي - البيت الذي اعنيه صار عيادة للدكتور حكمت عريم سنوات طويلة .. ثم دربونة بيت وكاع وهي بيوت قليلة على شكل نصف دائرة تلتقي مع امتداد دربونة الدهدوانة عند بيت أنوته. 

ما زلنا على الشارع العام من جهة اليسار – حيث يظهر من بيت هدن 3 محلات: احدها كان مكتب يسمى شركة سيارات يشكل ركن على الشارع العام و دربونة بيت وكاع، يجاوره دكان بقالية طه الهدن، فرن الصمون لقاسم الهدن - بدأ العمل به أوائل السبعينات، يجاوره خان بنات الحسن المقابل لبيت محمود قدوري الحداد والممتد إلى الركن الإيسر من مدخل دربونة المؤدية إلى مسجد الشيخ علي تسكنه العديد من العوائل الفقيرة ملكية الخان لسرحان العبيدي وأخته زوجة المرحوم نصيف عباس أرحيم اللهيبي ... تحول إلى كراج تصليح سُميَّ بكراج القادسية يضم محلات متنوعة لتصليح السيارات، والسمكرة والصباغة ونخص بالذكر محل زميلنا محمد الشرطي لسمكرة وصبغ السيارات.

                              

                              محمد الشرطي

ينتهي خان بنات الحسن على شارع الشيخ معروف لينعطف يسارا في الركن الأيسر لدربونة الشيخ علي الذي تنتهي حدوده مع بيت كاطع - وهي عائلة من الجبور الكضاة - أمتهنت تربية الأغنام فترة طويلة و لها تواجد في مصلخ الشيخ معروف. أما على ركن الجانب الأيمن للدربونة فيقع بيت سالم حسين البندر اللهيبي ثم محل فخري الاوتجي الذي انتقل لهذا المكان أواخر في الستينات، وسنشير لمكانه القديم في تتابع وصف المنطقة لاحقاً – المحل عالي عن مستوى الشارع و المرحوم فخري أبو سعد لا ينقطع عن رد السلام للمارين بعذوبته المميزة. يجاور محل فخري بيت عباس البناء وأبو خضير المضمد ثم بيت سلمان الهجوج الجميلي. ونشير لبيت كربالة والأخوين ماهر وشاكر. نكتفي إلى هنا؛ فهناك منشورات وفيديوهات و تعليقات على مواقع كرخية تتضمن وضوحاً لا يحتاج لمزيد وتجنبنا المزيد من الوصف تماشياً مع عنوان المنشور.
على الجانب الأيمن الشارع بإتجاه محلة الشيخ علي تبدو بناية صفراء اللون تمتد من الركن المقابل لسكلة عمار لغاية بيت محمود قدوري الحداد في منطقة الشيخ علي، وهي بناية تعود لآل قدوري الحداد تتكامل مع الدور التي اشرنا لها في دربونة البستان البناية على شكل محلات يجاورها بيوت وفوقها شقق سكنية، لابد من الإشارة إلى بعض ساكني بيوت الطابق الأرضي و الشقق أو شاغلي المحلات لفترة طويلة. من السكان : المرحوم طه أبو الطحين و أولاده سعد، قدوري، ناصر، عبد الخالق، عمار. والمرحوم عبد الرحمن الجبوري - سودي - والد استاذ حاتم والمقرئ محمد عبد الرحمن، فواد، وليد، خالد يرحمهم الله جميعاً ... المرحوم رجب الجميلي أبو ربيع جذوره من الفلوجة ، المرحوم حسين التكريتي أبو علاء أولاده عميد علاء وعميد نجم والقاضي عماد و أياد و زياد نشأتهم وولادة معظمهم في تلك الدار، المرحوم رعد بن الحرامي . استاذ حازم شعبان التكريتي أبو أحمد و أخيه صباح ضابط شرطة، الموظف الصحي علي التكريتي ابو حسين نسيب حسين حياوي قائد القوة الجوية .. مجموعة بيوت متجاورة لبيت هدن ياسين ابو علاء وخلف ابو سعد وشكر وأبن عمهم يوسف الهدن وآخر سكنه بيت محمد عزمي ابو أكرم وكان مدير شرطة سابق - كان يمتلك سيارة شيفرولية موديل 1954 واقفة أمام البيت وغالباً ما تكون مغطاة باقية على المصنع في كل اجزائها. يجاور البناية الممتدة شققها وبيوتها و محلاتها بيت محمود قدوري الحداد اللهيبي للبيت 4 أبوب – اثنان منها على شارع الشيخ معروف و الثالثة وهي الاكثر استخداماً على شارع تانكي الماء و الرابعة على الواجهة الخلفية – سنشير لهذا البيت فيما بعد .
أما اشهر المحلات المرحوم فاضل نايف الدجيلي أبو فراس حلاق الاغلبية، الحاج اسماعيل الخياط ابو حقي، صباح البنجرجي العجمي وللقبه طُرفه فقد علق على المحل يافطة بإسم صباح الحمداني، وجاءه قاسم الهدن قال له احترم نفسك ونزل القطعة، فاستبدل الحمداني بالدليمي وعلقها في واجهة المحل. المرحوم كامل الخياط ، نور الدين الاسكافي، قيس الدوشمجي، مقهى المرحوم هوبي الغدارة، غالب الخراساني مصلح التلفزيونات، صيدلية مهدي نوري تقابل عيادة الدكتور حكمت عريم، وعد الله السراج، مقهى المرحوم ابو زناد، مكتب مقاولات كامل السامرائي، ستوديو باسم للتصوير، جراخ خشب لا يحضرني أسمه .. آخر المحلات كان ذو باب واسعة مستخدم ككراج لسيارة بيت المرحومين هادي و جبر ابناء صالح قدوري الحداد.
إضافة للبيوت والمحلات التي اشرت لما اتذكره منها. في هذا الجانب توجد ثلاث مقاهي هي الجمهورية أكبرها - مقهى ألمرحوم جميل ابو سعدي ... ثم اشتراها المرحوم إبراهيم المشهداني أبو زويد - وفق ما بينا سابقاً، وهي واسعة المساحة قياساً بغيرها كان يستخدم حتى سطح المقهى لجلوس روادها صيفاً؛ لكن بسبب اعتراض الجيران الغي الجلوس في السطح .
ثاني مقهى لهوبي الغدارة، ويرتادها مربي الطيور شأنها شأن مقهى شنيار في الرحمانية، وهذا لا يعني انها محصورة - للمطيرجية - فقط بل كان يرتادها من لا علاقة لهم بالطيور، مساحتها صغيرة 3 دكاكين مفتوحة على بعضها بنفس مساحة مقهى أبو زناد – التي سنتوسع بتفاصيل عنها لكون المقهى و صاحبها وروادها ذوي عراقة ونكهة من ذكريات اهالي الكرخ عموماً و الشيخ علي خصوصاً .

          

أما مقهى أبو زناد الشهيرة ، فالمقالة لا تتسع لكتابة ذكريات ونوادر من يتردد بها وعلاقاتهم الطيبة مع صاحب المقهى عبد الله بن محمد الترمة الجبوري من آل أبو عميرة كنيته أبو زناد، كان المقهى بسيط بمحتوياته ولكنه ذو شأن كبير بوجود بطل الأساطير أبو زناد الرجل المحبوب الذي ترتاد الناس مقهاه للراحة والأنس والأستماع الى حكاياته وقصصه الكثيرة عن الذكريات والأمجاد والبطولات - قصخون - كانت الناس تتجنب تكذيبه أو الضحك أمامه مباشرة، خشية إثارة غضبه. فإن على من يستمع له أن يصدقه وإلا سيدخل بمشاحنة معه، فرواياته لا يجوز لأحد أن يكذبها أو يستهزئ بها، وأبو زناد مخزون تراثي يستحق الاهتمام لأنه طيب القلب رغم ما يبالغ به عن نفسه، ولا أظن أن هناك كرخياً عاصره لم يسمع به فهو أحد الشخصيات المعروفة التي أمتعت أبناء الكرخ بلطافته وحسن معاشرته، داخل المقهى وعلى الجدار المواجه للشارع علق ابو زناد صورته واسفل الصورة ضمن الجرجوبة عبارة - عُمدة صوب الكرخ و شيخ الحارة – الموت لأعدائه الخونة - .
المقهى مغلقة صباحاً و يُفتح في وقت العصر. يلبس ابو زناد خلال وجوده في المقهى دشداشة وحزام و يشماغ في الصيف ومعها الجاكيت في الشتاء. أما في زياراته و ومجالس العزاء والمناسبات فيلبس دميري وعباية و يصبغ شواربه إذا ظهر فيها اي بياض، قيافته وطول قامته تضيف له وقارا واحتراماً شديدين أينما حل وفي أي موضوع تكلم، حتى أن أحد الأخوة حدثني، قال: إنه شاهد يوماً أبو زناد يروم الدخول لمدينة الطب مما حدا بالشرطي الواقف على الباب أن يأخذ له تحية عسكرية لفرط هيبته وخاصة مع شاربيه المفتولين وكبيري الحجم على غرار الشوارب الشامية، وكان أبو زناد من المعجبين بالرئيس الراحل عبد السلام محمد عارف، حيث ترى صورة كبيرة له يضعها في المقهى.

                       

                   عبد السلام محمد عارف

ومن الروايات الممتعة عنه كما يرويها أحد رواد المقهى قال: في أحدى السنين وفي أيام إقامة معرض بغداد الدولي ذهبنا الى المقهى وسمعنا أبو زناد يقول أنه ذهب الى المعرض قبل يومين وزار الجناح البريطاني وجرى له أستقبال حافل من قبل مدير الجناح البريطاني الذي أخبره بأن صورته في بريطانيا قد وضعت بجانب صورة ملكة بريطانيا اليزابيث، إستمعنا للرواية وصمتنا خوفاً من أن تظهر ضحكة أو أبتسامة فيغضب أبو زناد غضباً شديداً، كما يروى من قصص أبو زناد الشهيرة أنه في أحد الأيام وخلال الحرب العالمية الثانية جاءه أثنان من الجنود الألمان وأبلغوه أن هتلر يطلبه على الفور، ابلغهم أن يشربوا الشاي معه وسيذهب معهم الى المانيا وفعلا عند وصوله ألمانيا وجد حشود مليونية بأنتظاره في المطار وعلى رأسهم هتلر بنفسه وعند نزول أبو زناد من الطائرة استقبله هتلر، وأثناء مروره بالحشود المليونية من الشعب الألماني سمعهم يتهامسون فيما بينهم يقولون هذا أبو زناد عرفناه لكن من هذا الذي معه، أي أن الالمان يعرفونه أكثر من هتلر، وأبو زناد رجل لا يتكرر، قال أحد رواد المقهى: زرت المقهى في أحد الأيام ووجدت أبو زناد جالساً وبحالة غضب، فسألته عن السبب، قال أن أحد الأشخاص أستهزأ بكلامه، ولكن أبو زناد يؤكد: والله ركعته راشدي أهتزت الأرض بحيث واحد من بيوت هدن جان نايم وكعد عل الصوت والبردات مال الشباك صارت تهفي.
وللبعض مع المرحوم ابو زناد " عبد الله أبن محمد الترمه الجبوري " ذكريات تطول كتابتها ... معظمها افتعال فالذي يُقبل في كليات "القوة الجوية أو العسكرية او الشرطة "يقول له بالمقابلة سألوني يعرفك أبو زناد ؟ فأذا قال نعم يعرفني يقولون له إذاً انت مقبول، وكنا ننقل تحيات وهمية من كبار مسؤولي الدولة - يذكر السيد رعد البيدر في عام 1975 كان برتبة ملازم في قاعدة الشعيبة الجوية وفي حينها كان آمر القاعدة عقيد ملاح قلت لأبو زناد أن نعمة الله خليل يسلم عليك قال يا نعمة ما اعرفه ... قلت شيخ شلون متعرفه - هو سألني انت منين قلت من الشيخ علي قال تعرف ابو زناد. قلت طبعاً سيدي اكو كرخي ميعرف شيخ الحارة و عمدة صوب الكرخ - قال يعرفك ؟ قلت طبعاً قال سلملي عليه - الرجل صحيح آمرنا لكن قصة السلام كلها وهمية لمزيد من المقالب اليومية و لمعرفة رد فعل ابو زناد حول السلام.
قال ابو زناد هو منين ؟ قلت له مصلاوي
قال أأأوووهههه نعمة، راعي السلام سالم.. سلملي عليه.
كان جماعة من اصدقائنا في كتيبة دبابات الحرس الجمهوري حصلوا على صورة ابو زناد ووضعها على الدبابة واخذوا صورة للدبابة جابولهيا قالوا له ماكو دبابة بالقصر ما عليها صورتك قال عندي خبر وأدري.
مرة بالليل كاعدين جماعة بالقهوة على الرصيف منهم رعد البيدر وعباس خضير ووهاب الهدن وحجي طه ابو الطحين الله يرحمهم و آخرين رحم الله من توفاهم الله وحفظ الطيبين منهم - قال ابو زناد قوموا ياجماعة أريد اعزل قلنا له بعد وكت شيخ خلينا كاعدين قال إلا اقوللكم راح يجي صدام ... وبقي الجماعة كاعدين قسم وجوهم على الشارع والقسم الاخر ظهرهم على الشارع، كانت الساعة حوالي11 ونص تقريباً فاتت سيارة نجدة ووراها بدقيقة فاتت سيارة تكسي قديمة بسرعة قليلة كان فيها المرحوم صدام - نظر جانبياً إلى المقهى وهو يبتسم، اجتازت السيارة وهو ينظر للخلف ومبتسم آني شفته وميزته بوضوح وكل من نظره كان باتجاه الشارع ... قال ها يابه شكلنه ..هاي عليها سوالف طويلة. رغم ما يقال عنه من مبالغات في الكلام لكن أبو زناد كان عفيف نفس لا يقبل مساعدة من أي شخص. وروى المرحوم طه ابو الطحين قائلاً: عندما ترك ابو زناد العمل بسبب كُبُر عُمره ومرضه ذهبت له إلى البيت، يقول شكد حاولت انطي فلوس مساعدة للمعيشة او للطبيب او لشراء الدواء لكن أبو زناد امتنع من قبلوها. يقول أحد أبناء المنطقة كنا نستمتع بأحاديثه، ولكننا كنا نخاف أن نذهب الى المقهى لأننا نضحك وعند ذاك يثور ويغضب علينا. وكان يغلق مقهاه عندما تكون هناك مناسبة حزن أو فرح ليشارك مع أهل المناسبة أفراحهم وأحزانهم.
يتقاطع شارع الشيخ معروف من جهة اليمين مع فرع واسع وطويل يؤدي إلى تانكي الماء و يمتد بالعمق ليصل إلى سكة القطار. الشارع – الفرع ذو تفرعات على اليمين و اليسار وفي عمقه تقاطعين الأول و الثاني يؤديان إلى سوق الرحمانية و الأيسر إلى مقبرة الشيخ معروف و المصلخ و علوة السمك ... لا يتسع المجال لمزيد من الوصف ؛ لكن سنستعرض الجانب القريب من شارع الشيخ معروف ونترك البقية للراغبين في الكتابة عنها او لفرصة اخرى قد نكتب فيها .
تسلسل بيوت قدوري الحداد الركن على الشارع العام وشارع التانكي هو بيت الحاج محمود القدوري أولاده منذر وقيس والحاج مثنى وصالح ، يليه بيت هادي وجبر صالح قدوري الحداد في الوسط - أولاد هادي المهندس حداد - المترجم في BBC في بغداد و صديقنا عماد الملقب عماد دراكولا. ومحمد هو الأبن الوحيد لجبر الحداد، ثم بيت مهدي القدوري من الركن على شارع التانكي وعلى شارع 96 أول دربونة توازي الشارع العام سبق أن أشرنا لها من مدخلها على شارع الشيخ معروف أولاد ومهدي قدوري الحداد السادة المرحوم سعد زميلي في الجامعة المستنصرية ورعد واصغرهم عبد القادر حجي قدوري الله يرحمه خريج كلية الادارة والاقتصاد - توفي قبل الاحتلال بسبب ارتفاع مفاجئ بالضغط - كان قمة بالأخلاق والالتزام الديني ، يُقابل بيت مهدي من نفس الجهة ركن على الشارع 96 بيوت حجية شنونة أم خليل، حميد، محمد (حميني) - جميعهم لهم محلات قصابة في سوق الرحمانية يجاورهم محل رزوقي ابو الثلج ثم اشهر محل عطارية في المنطقة المرحوم حسن خلف الجميلي أبو ماجد - وهو ضعيف البصر ... ثم فقدَ بصره كاملاً - كان الفضل في تنامي المحل إلى أبن خاله الأخ المرحوم الحاج العقيد جاسم محمد شيحان الجميلي قبل التحاقه في كلية القوة الجوية .
محل عطارية حسن الجميلي يقابل بوابة تانكي الماء ذو البناء الكونكريتي المتميز والذي كان يزود جميع مناطق الكرخ بالماء الصافي قبل أن يستعاض عنه بالضخ الكهربائي، عندما نذكر تانكي الماء نتذّكر خبيره الأوحد جاسم أبو البوريات الذي كان يتنقل على البايسكل ويسكن في دربونة غريبة، وهو من بيت فليفل وجاءته الخبرة من أنه يعرف قفل كل دربونة وشارة ومسار كل أنبوب في الكرخ مع ملاحظة مهمة أن التانكي كانت تشغله دائرة ماء الكرخ تحيطها سور عالي وحديقة كبيرة مليئة بعشرات القطط لكون أن كل بيت تلد فيه قطة يجلبون صغارها للتانكي بدلا من رميها للشارع رأفة بهم وعلى ذكر التانكي يتذكر اهالي المنطقة المطحنة التي خلفه، حيث ترسل الأمهات أبنائهم لجلب التراب حنطة لغسل الأواني خصوصاً أواني الخزف أو الفرفوري.

         

        تانكي الماء ( التسمية الرسمية خزان ماء الجعيفر)

يقابل بيت محمود القدوري على شارع التانكي دكاكين ابو سمير عبد الله هندي اللهيبي، في وقت من الاوقات عمل المحل مقهى واشتغل مصور شمسي ثم مؤذن في جامع دراغ... رحمه الله كان ضعيف حال لكنه عفيف نفس. دكان قبل الركن كان عطارية لا أذكر اسم صاحبه، كان المحل مغلقاً عند قيام ثورة 14 تموز 1958 فشاهدت نوري سعيد مسحول في سيارة ... شغل الدكان غزال المصلاوي وهو شرطي كان يسكن المنطقة تدرج بالمسلك حتى صار مفوض و احيل على التقاعد ففتح عطارية ثم شغل الدكان شعلان ابو طارق وهو بقال كان محله في سوق حمادة ثم حوله فيما بعد من البقالة إلى العطارية ... هزلي وعصبي شيء للطرافة .. جاءته أمرأه بالصيف الساعة قريب 11 الظهر قالت له : ابو طارق عندك قيمر، سكت ... كررتها قال لها : هسه وقت قيمر عيوني أنتي ... تريدين من هذا و اشر على كيس معلق (فوط نسائية – سانتي ) قالت له : أوي ... قاللها وعليش الأوي عيني ، لعد تريدين يظل كيمر ليهسه والدنيا ظهر .
يجاور المحل 3 بيوت الوسط منها مسكن المرحوم نصيف جاسم عباس ارحيم اللهيبي أبوه أبن خالة محمود القدوري وأمه فطيم دراغ اخت حميد ورشيد وعلوان دراغ ... ثم فرع لليسار يقابل بيت هادي وجبر فيه مخبز عبد زيدان الحديثي (عبد تفاحة ) نسبة إلى أمه هو صاحب المخبز وليس خباز وأخوه شاحوذ. على الركن ويقابل بيت مهدي بيت طه و اسماعيل اللهيبي بيت حبش... ثم بيت ركن يقابل دربونة البستان و ركن تانكي الماء - سكن فيه فترة طويلة الأخوة الثلاثة : جابر و داود والاستاذ علي العبيدي أولاد حجية بدعة الرياشية – كان البيت مركز شرطة الجعيفر أوائل الخمسينات قبل أن ينتقل إلى الشارع العام و سنبين موقعه لاحقاً.
يجاور التانكي محل عطارية حمادي أبو جاسم والد الأخوة الثلاثي في فريق أنوار الرحمانية جاسم ابو أركان، والمرحوم فاضل الأسود، والمرحوم أسعد، واخويهما جمال وكمال والمحل يقابل دربونة غريبة التي صار ركنها مركز شرطة الجعيفر بعد انتقاله من الشارع العام للداخل وسط السبعينات .... بمعنى أن مركز شرطة الجعيفر انتقل 3 مرات اثنان منها في شارع التانكي و الأخرى على شارع الشيخ معروف مقابل شارع التانكي بالضبط .
تاريخ منطقة الشيخ علي وناسها الأموات والأحياء يُلزمنا بالإشارة إلى المعركة الطاحنة والتي سميت بدكة الجبور والتي جرت في منطقة الشيخ علي عام 1956 بين اللهيب والجبور وصارت جزء تاريخ المنطقة. للمزيد من الوضوح فأن معظم اللهيب في المنطقة لقبهم الجبوري في الجناسي والسجلات؛ لذلك سُميت دكة الجبور أو- كونَّة الجبور - التي راح ضحيتها أشخاص من الطرفين، بسبب خلافات اعتبرها البعض في احاديثهم او كتاباتهم ذات علاقة بموضوع استحقاق مختارية الشيخ علي التي كانت عند بيت قدوري الحداد ( اللهيب ) وكان الجبور يرون انها من حق البو عميرة. قد يكون موضوع المختارية نواة المشكلة ؛ أما سببها الرئيسي فهو التآمر الذي حصل و راح ضحيته شاب في أواسط العشرينات من عمره من اللهيب هو المرحوم محمد خميَس البيدر والد المرحوم حاتم و اللواء الطيار الركن الدكتور رعد والشهيد الملازم مضر اول شهداء الجيش العراقي و( بطل زين القوس ) وفق التسمية الرسمية ... مضمون الحديث لرجُل كبير في العمر و محايد يقول : ربما من غير الملائم أن أذكر اسماء ناس أموات كان لهم تأثير في الحكومة وعلى أهل بغداد عامة و الكرخ خاصة دفعوا جماعة للإساءة بالكلام على اثنان من وجوه اللهيب في المقهى أمام الناس. فكانت ردة فعل المرحوم محمد الخميس البيدر هي اهانة شخص يراه الناس كبيراً من رؤوس الجبور أمام أنظار الناس و في مقهى سوق حمادة التي لا يتطاول أحد أن يجلس على الكرويتة و المخصصة له وحده بل يجلسون بالقرب منه؛ وسبب اهانة أبو حاتم لهذا الشخص لأنه المتسبب او لأن ما حصل للرجلين اللهيب بموافقته. فكادوا له كيد استفزاز جديد و بدفع مغرض دفعوا احد ( المشعوذين ) لذكر أسم أحد كبار اللهيب بل من كبار بغداد بسوء، و تغلب التسرع والعصبية على الصبر فسحب محمد الخميس مسدسه وأراد أن يضرب المتطاول على اللهيبي، لكن تدخل الموجودين و ضمن خباثة خطة التآمر اصابته إطلاقة في الرأس من مسدسه الشخصي حينما تمسكوا برفع يده بأسلوب الحجز وفض المشكلة ... إلى هنا و الرواية لأكثر من مُعَمِر محايد ومعايش ( سماعاً و مشاهدة أو رواية عن أبيه وجده ) ... تبعها وفقاً للمعايشين ولغيرهم من المعمرين بعضهم ما زال حياً يُرزق .. تطور العداوات لمدة سنة كاملة.

          

تكتلت بيوتات الجبور من افخاذ جبور البو العميرة و الكضاه و البو خطاب بجانب، واللهيب بجانب و للحقيقة والتاريخ هناك عوائل من الطرفين لم تقحم نفسها في الموضوع؛ لأنهم اعتبروها مشكلة اقارب فيما بينهم. ظل التوتر يتصاعد وبعد مرور سنة على وفاة أبو حاتم - محمد خميس البيدر؛ استشاط غضباً أحد شباب اللهيب من ابناء عمومته وكان من ذوي النخوة و الشجاعة و ( زلمة ليل ) كما يصفه أهل الغيرة و الضمير الحي - هو المرحوم عبد الوهاب (هوبي) أحمد حسين البندر فأشعل فتيل القتال من السطوح والدرابين وقُتلَ مغدوراً بأسلوب جبناء اختلفت فيه الروايات، بذلك تحقق للمتخوفين التخلص من اشجع شابين في اللهيب على وصف وتقييم الكاره والمُحب، وعند عودة المشيعين من مقبرة الشيخ معروف صادف مرور( مجيد روبية ) وهو جبوري من فخذ الكضاة من اهالي الفلوجة حذره الناس بالابتعاد عن طريق مسير اللهيب الراجعين من دفن شاب؛ لكنه قال ( آني شعليه ... آني لا من ذوله و لا من ذوله ) فأعتبره العائدون من التشيع تحدياً من جبوري في ساعة غضب؛ فكان مصيره في الحال عدد من رصاصات مسدس المرحوم فهد سعود أبو ثامر.. لا مجال للإطالة عن حوادث مضى عليها 65 سنة ، و صار أبطالها و خونتها وجبناء الفعل فيها .. في ذمة الله و رحمته. استمر الرمي من السطوح و حركة الأهالي صعبة في الدرابين القريبة من جامع الشيخ وتدخلت الشرطة بالسيطرة على تحركات الناس و توزعت الشرطة في أركان الدرابين.. في ذاكرة الراوي الكثير من التوضيح عن هذا الموضوع و تطوراته -؛ لأنه صار جزء من التراث التاريخي للمنطقة حتى صار بعض المعمرين يربطون أحداث تاريخية ب( قبل، مع، بعد) دكة الجبور لكنه اكتفى بهذه الحقائق القليلة لكي لا يشوه الأحداث من لا يعرف الحقيقة بما حصلت، و يفتح باب التخيل أو الكذب، ثم لا تهيّج الجروح و تغلّظ القلوب.

            


نهاية الحلقة الثالثة والى الحلقة الرابعة والأخيرة بإذن الله.

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:

https://algardenia.com/ayamwathekreat/45090-2020-07-04-18-32-36.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

762 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع