مدرسة الفنون البيتية في الموصل

        

                مدرسة الفنون البيتية في الموصل

        

      

                  ا.د. ابراهيم خليل العلاف
  استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

   

كان من اولى اهتمامات وزارة المعارف في العراق والتي ابتدأت في العراق سنة 1920 من خلال اول حكومة تشكلت في تاريخ العراق المعاصر رعاية الفتيات وتهيئتهن ليكن أمهات للمستقبل .

وكانت مشكلة تعليم الفتاة في العراق تواجه بعض الصعوبات منها ان المجتمع كان محافظا لم يألف عادة تعليم الفتاة وذهابها الى المدارس لذلك عندما تشكلت الدولة العراقية الحديثة وتوج الامير فيصل ملكا على العراق في 21 اب سنة 1921 لم يكن عدد مدارس العراق الرسمية يزيد عن ثلاث مدارس هذا فضلا عن ان الموصل كانت تضم (17) مدرسة اهلية للبنات تعود للطائفة المسيحية لكن هذه المدارس سرعان ما التحقت بوزارة المعارف فإزدادت مدارس البنات وتعتبر السنة 1925-1926 الدراسية سنة ازدهار للتعليم النسوي في العراق وازداد عدد الطالبات في العراق كله ليصل الى (4051 ) طالبة .
وقد اولت بعض الارساليات التبشيرية في الموصل لتعليم البنات اهتماما ففي سنة 1938 افتتحت احدى الارساليت التبشيرية الاميركية مدرسة للفنون البيتة .
ويشير الدكتور علي نجم عيسى في كتابه القيم ( مدارس الموصل )2017 الى ان مديرية معارف الموصل اهتمت بتعليم البنات الخياطة والطهي والتطريز وترتيب البيت فأسست سنة 1924 مدرستين هما مدرسة (حديقة المعرفة الاولى ) ومدرسة (حديقة المعرفة الثانية ) في شمال المدينة وجنوبها وهذه المدارس تطورت فيما بعد الى مدرسة الفنون البيتية وقد اوردت جريدة ( الموصل ) في عددها الصادر في 20 من اب سنة 1924 ان في مدارس حديقة المعرفة كانت تقبل الراسبات في الدراسة الابتدائية او ممن يمتلكون مهارة فنية في اختبار يجري للمتقدمات من الاناث وتختص هاتان المدرستان في الخياطة والنقش والتطريز والتفصيل والرسم والدانتيل .
وبرور الزمن تطور تعليم الاناث او تعليم البنات كما اصبح يسمى وظهرت الحاجة الى مدارس مهنية للبنات
لذلك فتحت مجموعة من المدارس في بعض مدن العراق ومنها مدينة الموصل مدارس سميت بمدارس الفنون البيتية .
وفي الموصل فتحت اول مدرسة للفنون البيتية في السنة الدراسية 1942-1943 وكان موقعها في منطقة الشهباز في الدندان قرب المسبح الاولمبي الان وقد جاء ذلك في تقرير سير المعارف الذي كانت تصدره وزارة المعارف العراقية كل سنة وبإنتظام .وكان هدف المدرسة "ان تقدم للفناة تربية علمية تتوقف عليها نعهضة البلاد الاجتماعية وترقية الحياة وتهدف كذلك الى إعداد ربات بيوت مثقفات " .وقد اشار الى ذلك الدكتور محمد فاضل الجمالي في مقالته الموسومة (وزارة المعارف وتوجيه الناشئة نحو التعليم العملي الانتاجي ) نشرها في مجلة (المعلم الجديد ) وفي العدد الصادر في كانون الاول 1939 .
وكانت مدة الدراسة فيها (5) سنوات وقد التحقت بها عند تأسيسها (50) طالبة في الصف الاول وكان عدد المدرسات فيها (20) مدرسة .اما عدد الصفوف والشعب فكان اثنتان .وفي السنة الدراسية 1943-1944 كان عدد طالبات المدرسة (87) طالبة .
وفي السنة الدراسية 1944 -1945 الغيت مدرسة الفنون البيتية في الموصل وخيرت طالباتها بين الانتساب الى مدرسة الفنون البيتية في بغداد ، أو الدخول الى المدارس المتوسطة .
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وفي السنة 1946 ظهرت الحاجة مرة اخرى لفتح مدرسة للفنون البيتية في الموصل ولم يتحقق هذا الا في بداية السنة الدراسية 1954-1955 وهكذا فتحت ( مدرسة الفنون البيتية ) في الموصل سنة 1955 ومدة الدراسة فيها (5) سنوات .
وجاء في مقالة كتبها الاستاذ انيس وزير في مجلة ( اهل النفط ) العراقية ، عدد حزيران 1956 وزودنا بها الاخ الاستاذ جمال الرمضاني مشكورا ، ان الفتاة الموصلية اقبلت على هذه المدرسة مفضلة إياها على بقية المدارس الثانوية ولاعجب فالفتاة الموصلية بطبيعتها تفضل التعليم المهني البيتي .
وكان نظام هذه المدرسة يقوم على ان تقضي الفتاة في هذه المدرسة خمس سنوات بعد الدراسة الابتدائية وقد ضمت هذه المدرسة في السنة الاولى لافتتاحها (133 ) طالبة وعدد الصفوف والشعب (5) وعدد المدرسات (10) . وازداد العدد في السنة الدراسية 1956-1957 الى ( 164 ) طالبة .
اما منهج الدراسة في مدرسة الفنون البيتية فكان يضم العلوم والاداب والاجتماعيات واللغتين العربية والانكليزية .
اما دروس الاختصاص فكانت فن الطهي بأنواعه المختلفة من لحوم وفطائر وحلويات وكعك . وفي درس الطبخ كن دائما منهمكات وبإرشاد المدرسة بالعمل وقد ارتدت كل منهن ثوبا ابيض .
وفي دروس فن الخياطة والتفصيل فكانت هناك مدرسات متخصصات بذلك حيث تجلس الطالبات ومعهن المدرسة حول موائد كبيرة معدة للتفصيل والخياطة في صف خاص مزود بمكائن الخياطة وما يلزمهن من امور كالمكواة والخيوط وما شاكل ذلك .
وفي دروس التطريز كانت كل فتاة تضع القماش الذي ترغب تطريزه امامها ومعها مايلزم من خيوط ملونة تطرز بها الشراشف التي توضع على موائد الطعام والفساتين للصغار والكبار وغيرها من لوازم البيت التي كانت تضفي عليها انامل الفتاة انتاجا من التطريز جميلا .
وهناد دروس الرسم الحر حيث تتناثر فيه الطالبات في حديقة المدرسة كزهرات يانعة يسر الناظر منظرهن وهن يرسمن بالاصباغ الرسوم على المزهريات والاصص بألوان متناسقة جذابة .
ولم يكن منهاج التعليم في هذه المدرسة يخلو من دروس البستنة لاهميته للبيت فتزرع كل طالبة زرعا تتعهده بالرعاية والعناية ونجاحها في هذه الدروس يتوقف على مدى اهتمامها في إنماء النبتة والعناية بها وإزدهارها .
ومن دروس مدرسة الفنون البيتية الاخرى الموسيقى والتغذية والتربية وترتيب المنزل والعناية به ليظهر البيت في اجمل وابهى حلة مع مراعاة الاقتصاد في النفقات .
في سنة 1956 كانت مديرة مدرسة الفنون البيتية في الموصل السيدة فريدة الشاوي .وبعدها تولت المدرسة مديرات متميزات كن على درجة عالية من الكفاءة العلمية والتخصص المتميز .
تقول الدكتورة بيداء سالم صالح عزيز البكر في رسالتها للماجستير الموسومة (التعليم في الموصل 1958-1968 ) والتي كان لي شرف الاشراف عليها في جامعة الموصل 2007ان عدد طالبات مدرسة الفنون البيتية في الموصل خلال السنة الدراسية 1959-1960 بلغ (571) طالبة .اما في السنة الدراسية 1960-1961 فكان ( 539) موزعين على الصف الاول (145) طالبة والثاني ( 136) طالبة والثالث (112) طالبة والرابع (85) طالبة والخامس (61) طالبة وتتولى التدريس في المدرسة (25) مدرسة ومدرس .اما عدد الموظفات والمستخدمات فكان (10) .
في السنة 1961-1962 تم قبول (60) طالبة من خريجات الدراسة الابتدائية في مدرسة الفنون البيتية في الموصل وكانت المدرسة تشغل بناية مستأجرة ببدل ايجار سنوي مقداره (950) دينارا واصبحت مدة الدراسة (6) سنوات بدلا من (5) سنوات وكانت الدراسة في المدرسة على مرحلتين ، الدراسة المتوسطة ومدتها (3) سنوات بعد الدراسة الابتدائية والدراسة الاعدادية مدتها (3) سنوات بعد الدراسة المتوسطة وشهادتها تعادل الدراسة الثانوية العامة .
وخلال السنة الدراسة 1962-1963 بلغ عدد الطالبات في المدرسة بالموصل (529) موزعات على الصف الاول ( 108) طالبات والثاني (85) طالبة والثالث (98 ) طالبة وفي الصف الرابع (88) طالبة والصف الخامس (79) والسادس (71) طالبة .أما عدد المدرسات فبلغ (25) مدرسة عراقية ومعلمة منتدبة من التعليم الابتدائي .اما عدد الموظفين الاداريين فبلغ (3) موظفين و(11) مستخدما .
وفي السنة الدراسية 1963-1964 بلغ عدد من الطالبات في المدرسة (485) طالبة موزعات على الصف الاول (12) طالبة والصف الثاني (62) طالبة وفي الصف الثالث (83) طالبة والرابع ( 67) طالبة وفي الصف الخامس ( 77) طالبة والسادس (76) طالبة وبلغ عدد المتخرجات في هذه المدرسة (76 ) طالبة .
بعد ثورة 14 تموز 1958 بذلت جهود كبيرة من اجل اصلاح الواقع التربوي والاهتمام بالتعليم المهني وصدر العديد من التشريعات لتنظيمه وتأسست اول مديرية للتعليم المهني العامة سنة 1959 وجاء ذلم استنادا الى المادة السابعة من نظام وزارة المعارف رقم ( 57) لسنة 1959 وقد منح هذا النظام المديرية مسؤولية ادارة المدارس المهنية وترتبط بها مديريات التعليم الصناعي والزراعي والتجاري والفنون البيتية .
وفي سنة 1965 شرع من جديد (نظام المدارس المهنية ) ونشر في جريدة الوقائع العراقية في 7 من حزيران سنة 1965 ومن مواده الاهتمام اهتمام وزارة التربية بنشر التعليم المهني ومنها فتح مدارس للفنون البيتية تهدف كما جاء في النظام " الى تخريج ربات بيوت يعملن على تطوير البيت العراقي ويمتهن الاعمال النسوية المختلفة " .
من مدرسات الفنون البيتية نجلاء عطا الخطيب مواليد 1923 عينت في ثانوية الموصل في 29 1946 ثم انتقلت كما يقول الدكتور علي نجم عيسى في كتابه آنف الذكر الى مدرسة الفنون البيتية في 29 -4-1956 وفريدة الشاوي مواليد 1925 خريجة دار المعلمين العالية - قسم الاجتماعيات 1950 وزاهدة محمد طاهر زكريا مواليد 1928 خريجة معهد الملكة عالية 1950 قسم علوم الحياة وسامية أحمد النجار مواليد 1930 خريجة كلية الملكة عالية -كلية التحرير قسم العلوم الفنية وسعاد شيت خطاب مواليد 1933 خريجة كلية الملكة عالية سنة 1955 وكانت تعمل قبل ذلك في ثانوية الموصل .
ومن طالبات الفنون البيتية ربيعة غريب مواليد 1930 تسكن في محلة الرابعية والطالبة حياة صالح مواليد 1933 تسكن في محلة المحموديين ونور الهدى حسن علي مواليد 1937 تسكن محلة الجولاق - الساعة .
ومن المعلمات المتخرجات من مدرسة الفنون البيتية عامرة عبد السلام مواليد 1939 عينت في مدرسة تلعفر وهجران محمد من مواليد 1939 عينت في مدرسة الخالدية ونازك محمدعلي مواليد 1939 عينت في المدرسة الخالدية ايضا .
وهكذا بدأ تعليم البنات المهني يتركز واصبح بإمكان خريجات مدارس الفنون البيتية اكمال دراساتهن في كلية البنات بجامعة بغداد والتي كان اسمها كلية الملكة عالية وبعدها كلية التحرير.

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

692 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع