متى تعود اللقالق الى بغداد ؟

             

المشرق/محمد مجيد الدليمي:اعتدنا ايام الزمن الماضي القريب ان نرى طيور اللقالق الجميلة المسالمة بحجمها الكبير وارجلها الطويلة , تطير وتحوم في سماء بغداد الحبيبة امنة مطمئنة , ثم تحط في اعشاشها فوق الابنية والاماكن العالية والمناثر والقباب والابراج ,

منظر جميل يبعث الراحه والامان في نفوس الناس , لكن هذه الطيور اختفت اليوم ولم تعد نراها منذ بداية التسعينيات من القرن العشرين , حيث غادرت بغداد ولم تعد اليها. تعد اللقالق من الطيور المهاجرة كانت تاتي الى بغداد في اوقات وازمنة محددة وتغادرها في اوقات وازمنة محددة ... ومن اجل معرفة المزيد عن اللقالق في بغداد يقول الكاتب الباحث محمد حسن الجابري في كتابه الموسوم ( بغداد..اماكن وذكريات ) : ان اللقالق تاتينا دائما في اواخر كانون الثاني واوائل شباط من كل عام وتهجر ديارنا في اوائل ايلول وما نقوله عن اللقالق نقوله ايضا عن سائر الطيور القواطع كالسنونو والحداة وبعض انواع الغربان وغيرها , فانها كلها ان قدمت قبل اوانها المعهود يستبشر سكان بغداد لربيع طويل وامطار غزيرة وشتاء تقل فيه البرودة وخيرات متغدقة . والمعروف عن اللقالق في بغداد انها تبني اعشاشها في اماكن مرتفعة كالمنائر والقباب العالية وخزانات المياه ولكن مما يؤسف له الان انها اختفت ولايوجد اثر لها في بغداد بسبب فوضى البناء وفوضى السكان (انتهى حديث الجابري ) ان الحديث عن طيور اللقالق حديث شائق , يذكرنا بالاغنية التراثية البغدادية ( اللقلق علا وطار ووكر بيت المختار ) كنا نرددها ايام الصبا والشباب وبلحن شعبي محفوظ جميل . ومن الجدير بالذكر القول بان البعض من الناس يرى بان وجود اللقالق في بغداد يعد رمزا للامن والامان ويضفي على اجواء المدينة الجمال والبهجة.. وهذا يذكرنا بصوت مطرب المقام الاول الاستاذ محمد القبنجي ( رحمه الله ) ,حين يصدح بمقام من مقاماته الشجية (سلام على دار السلام جزيل وعتبى على ان العتاب طويل . ابغداد لا اهوى سواك مدينة ومالي عن ام العراق بديل ... 

وقبل الختام نود ان نسرد حكاية طريفة واقعية عن اللقلق وقعت مع كاتب هذه السطور ومفادها : ذات يوم من ايام عيد الفطر المبارك في الستينيات من القرن العشرين وهو يمشي مرتديا ملابس العيد الجديدة في شارع الرشيد فرحان بالعيد ... وعندما وصل البناية العالية التي يشغلها الان المصرف الزراعي الواقعه قبالة بناية البريد ( حاليا دائرة اتصالات الرشيد ) وعند عبوره الفرع الذي تقع فيه البناية واذا بطائر اللقلق المعشعش فوق بناية المصرف يرمي برازه ( ضركة طويلة ) تسقط في رقبة كاتب السطور الذي كان يرتدي قميصا ابيض اللون مما جعله في موقف محرج وبالمصادفة كان هناك مقهى شعبي قريب دخل فيه
حيث سارع صاحب المقهى البغدادي الطيب بعد ان راى حال المذكور باحضار (دولكة ) ماء دافي وصبه على الرقبة والقميص وهو يقول مازحا بان هذا اللقلق اعطاك عيدية , ثم قال: ابني هذه اللقالق مظهر من مظاهر الخير والامان ... اذا راحت وغادرت بغداد فان الامان سيذهب معها ... بقيت هذه الكلمات راسخة في الذاكرة اخيرا نسال الله تعالى وبهذة الايام الرمضانية المباركة ان يعيد الامن والامان الى بلادنا وتعود اللقالق تحلق في سماء بغداد الحبيبة .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

774 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع