من هي كوريا الشمالية التي تناطح أمريكا؟

                

لندن- الخليج أونلاين (خاص):كوريا الشمالية أو جمهورية كوريا الديمقراطيّة الشعبيّة، هذه الدولة التي لا يكاد يغيب اسمها عن شاشات التلفزة وعناوين الأخبار حتى يعود ليتصدرها من جديد، ودائماً في سياق الحديث عن تجارب لأسلحة خطيرة، وخرق للعقوبات الدولية المفروضة عليها، والتحدّي المعلن لعدوتها اللدود الولايات المتحدة الأمريكية.

وآخر هذه المناكفات، إن صح التعبير، تهديد الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، بضرب جزيرة "غوام" الأمريكية في المحيط الهادئ، والتي تضم عدة قواعد عسكرية أمريكية.

فمن هي هذه الدولة التي لا تكف عن إثارة توتر وقلق المجتمع الدولي؟ وهل تمتلك حقاً القوة العسكرية والاقتصادية التي تمكّنها من الصمود في وجه القوى الدولية العظمى؟

تأسّست كوريا الشمالية، التي يحكمها نظام الحزب الواحد الاشتراكي، كدولة في العام 1948، وتبلغ مساحة أراضيها 120.540 كم²، وهي رغم ما يحيط بها من غموض، ورغم سياساتها المحافظة، ليست معزولة بالكامل عن المجتمع الدولي، إذ تنتمي لعدد من المنظّمات الدوليّة؛ كمنظمة الأغذيّة والزراعة، والأمم المتّحدة، والاتحاد الدوليّ لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واللجنة الأولمبيّة الدوليّة، ومنظمة الصحة العالميّة.

وبحسب إحصائيات عام 2014، فقد بلغ إجمالي عدد سكانها 25.026.772 نسمة، في غالبيتهم من أصول كورية، بالإضافة إلى أقليّات من المهاجرين القادمين من اليابان، وكوريا الجنوبيّة، والصين، وفيتنام، وباكستان، وبورما.

- من تحت الاحتلال إلى الحرب

تاريخ هذه الدولة لم يكن سهلاً في أي مرحلة من مراحل نشوئها؛ إذ وقعت تحت الاحتلال الياباني، الذي استمر من العام 1910 حتّى العام 1945، وبعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، وانتهاء الاحتلال، أُنشئ فيها الحزب الشيوعيّ (حزب العمال الكوري) في العام 1946، ثمّ أُقيمت فيها حكومة مؤقتة مدعومة من الاتحاد السوفييتي سابقاً، وبعدها أعلنت قيام جمهوريّة كوريا الديمقراطيّة الشعبيّة في العام 1948. ليبدأ بعد ذلك فصل جديد من فصول معاناتها؛ حيث قامت الحرب بينها وبين كوريا الجنوبيّة في العام 1950، الحرب التي دعمتها فيها الصين، بينما قدمت الولايات المتحدة دعمها لكوريا الجنوبيّة. وبعد ثلاث سنوات وقّعت الكوريتان هدنة تقضي باقتسام شبه الجزيرة الكوريّة إلى منطقتين يفصل بينهما منطقة منزوعة السلاح.

جغرافياً تقع كوريا الشمالية في الجهة الشرقيّة من القارة الآسيويّة، وتحديداً في الجهة الشماليّة من شبه الجزيرة الكوريّة، ويحدّها كل من نهر التومن، ونهر الأمنوك، والصين، وبحر الشرق، وخليج كوريا، والبحر الأصفر. وتعد العاصمة الإدارية والسياسية بيونغ يانغ أكبر مدنها، بمساحة تبلغ 3194 كم²، ومعنى اسمها الأرض المسطّحة.

تأسّست المدينة في القرن الثلاثين قبل الميلاد، وأعيد تأسيسها في العام 1945 على يد كيم إيل سونغ، وتضم مراكز حزب العمال الشيوعيّ المسيطر على الحكومة، وتشتهر بصناعة النسيج. المدينة تكتظّ كذلك بالمعالم السياحيّة؛ كبرج جوش، ومجمع كيم إيل سونغ، ومعبد الشمس، وقوس النصر الذي يشبه قوس نصر مدينة باريس الفرنسيّة، وغيرها الكثير. لكن هذه المدينة لم تسلم من العنف والتدمير، فقد قُصفت قصفاً عشوائياً على يد الأمريكيين ما بين عامي 1950 1953، حيث ألقوا على أرضها ما يزيد عن 428.000 قنبلة، ما دمّرها تدميراً شاملاً، وحوّلها إلى رماد.

- الهروب مكلف

اقتصادياً تزدهر قطاعات معيّنة في البلاد، تستوعب جل الأيادي العاملة؛ مثل القطاعات الصناعية، وصناعة الآلات والمنتجات العسكرية والكيماويات، والمنسوجات، وقطاعات التعدين؛ كإنتاج الذهب، والفحم، والحديد، والزّنك، والمغنزيوم، والرصاص، والغرافيت، والطاقة الكهرومائية، والقطاع الزراعي. لكن وبحسب شبكة "بي بي سي" البريطانية، فإن معدل الدخل السنوي للفرد في كوريا الشمالية يصل تقريباً إلى 1500 دولار.

ونقلاً عن مصادر أمريكية، فإنه يوجد في كوريا الشمالية نحو 25554 كم من الطرق، لكن 724 كم فقط من هذه الطرق هي المعبّدة، وقد تعرّضت الدولة لعدة اضطرابات اقتصادية كبيرة في التسعينيات من القرن الماضي، نتج عنها مجاعة أدّت إلى وفاة نحو 800000 فرد. ومع ذلك فإن كوريا الشمالية تسجل نسبة مذهلة في نسبة المتعلّمين؛ إذ تقترب من 100%، وتعتبر من أكثر الدول تطوراً في مكافحة الأمية، بحسب العديد من المصادر.

لا عجب إذن أن الكوريين الشماليين ليسوا سعداء بأوضاعهم، إذ تتواصل محاولات هروب العديد منهم باتجاه كوريا الجنوبية أو الصين، فالاعتقال التعسّفي، والقيود المفروضة على حرية التعبير والحركة للأفراد، فضلاً عن الأحكام القضائية المتعسّفة والقاسية، تجعلهم يشعرون وكأنهم في سجن كبير محكم الإغلاق. ولا يكاد يخلو تقرير لأي منظمة حقوقية دولية من توجيه الانتقادات العنيفة لكوريا الشمالية، ومطالبتها باحترام حقوق الإنسان. ومنذ أن تولّى كيم جونغ أون السلطة خلفاً لوالده، كيم جونغ إل، أضحى الهروب من كوريا الشمالية باهظاً؛ إذ تبلغ كلفة الخروج والهروب إلى الصين نحو ثمانية آلاف دولار، وهي بمقاييس الاقتصاد الكوري ثروة شخصية كبيرة.

- رابع أكبر جيش في العالم

إذن نحن أمام بلد محكوم بقبضة حديدية، تغيب فيه الحريات، وتنقصه التنمية في العديد من المجالات، لكنه ينفق 25% من موازنته على الجانب العسكري، حيث تمتلك كوريا الشمالية جيشاً قوامه 1.2 مليون جندي، بالإضافة إلى 4.5 مليون جندي في قوات الاحتياط، وهو بذلك يعتبر رابع أكبر جيش في العالم. وتبلغ قيمة النفقات العسكرية السنوية 3.5 مليار دولار.

ويتكوّن الجيش، بحسب مصادر إعلامية متعددة، من قوات برية، وهي الكبرى بين وحدات الجيش من حيث العدد، لكنها مجهزة بأسلحة تقليدية صغيرة وقديمة تعود إلى الحقبة السوفييتية، وقوات جوية تمتلك 1500 طائرة مقاتلة يعود معظمها إلى سبعينيات القرن الماضي، لكن بيونغ يانغ تمتلك أسطول غواصات يعتبر أكبر سلاح غواصات في العالم من حيث العدد، إذ يبلغ عددها مئة غواصة، وعلى الرغم من صغر حجم تلك الغواصات فإنها بالغة الخطورة، فبإمكان بعضها حمل صواريخ باليستية بمدى يصل إلى 1300 كم، وباستطاعتها أيضاً أن تحمل رؤوساً نووية، وفي مايو 2015، أعلنت بيونغ يانغ أنها اختبرت إطلاق صاروخ باليستي من غواصة.

فضلاً عن ذلك فإن قوات المدفعية والعمليات الخاصة تعتبر واحدة من أكثر الوحدات تهديداً في ترسانة كوريا الشمالية، وتضم نحو 350 مدفعاً من مدافع كوكسان عيار 170 ملم، بالإضافة إلى 200 قاذفة للصواريخ المتعددة عيار 240 ملم، كما تضم 95 مدفعاً ضخماً، ولا يمكن تجاهل دور الجيش الإلكتروني، أحد أقوى الجيوش الإلكترونية في العالم، والذي شنّ هجوماً إلكترونياً على الولايات المتحدة في نهاية عام 2014، تمكّنت بفضله بيونغ يانغ من الكشف عن معلومات عسكرية لصالحها.

أما الأخطر من كل ذلك فهو القدرات النووية الكبيرة لكوريا الشمالية، حيث تعتقد أجهزة الاستخبارات في واشنطن وسول أن لدى بيونغ يانغ ما بين 10 و16 سلاحاً نووياً، وأكثر من ألف صاروخ باليستي مختلفة المدى، كما أن لدى بيونغ يانغ مخزوناً هائلاً من الأسلحة الكيميائية، وقد هددت باستخدامه في أكثر من مرة ضد سول. ولم تفصح كوريا الشمالية عن حجم القنابل الإشعاعية التي تمتلكها، لكنها أعلنت، في يناير 2016، عن نجاحها في إجراء تجربة لقنبلة هيدروجينية.

ورغم العقوبات الدولية والتهديدات الأمريكية، تواصل بيونغ يانغ إجراء التجارب النووية، والسعي إلى تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات، ففي عام 2016 ضاعفت عمليات إطلاق الصواريخ، وقامت لأول مرة بتجربتين نوويتين في عام واحد، وذلك منذ إطلاق تجربتها النووية الأولى عام 2006.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

676 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع