((أطياف الماضي وذكريات عن جيل الرسامين والنحاتين العراقيين ودورههم في نهضة الفن وقيمه الفنية))

((أطياف الماضي وذكريات عن جيل الرسامين والنحاتين العراقيين ودورههم في نهضة الفن وقيمه الفنية))

من منا لم يداعبه خياله فى تساؤلات لا منتهية عن شكل بغداد قديماً قبل وجود الكهرباء والآلات الحديثة التى سهلت علينا حياتنا وباتت لا غنى لنا عنها وهل رسمتها أنامل رسام أجنبي وعراقي؟....

من منا جلس مع اصدقاءه ومعارفه وتناقش أو حاور عن وصف بغداد وعبقها التأريخي وتأمل العوالم المائجة في الدروب الضيقة التي خيمت عليها الشناشيل البغدادية لبيوتاتها المترامية والبساتين وضفاف دجلة حيث التأمل والمساجد ومناراتها   وتداعب مخيلتنا من خلال أعمال فنية متميزة برزها وشكلها فنانون عراقيون وسجلوا بريشهم ونحتهم ذلك السحر من خلال جذور أرثهم الحضاري واستلهامهم للماضي وجماليته وما فيه من مخزون معرفي لبلاد سومر وأكد وآشور وما تلاه من حقبات جسدتها قصص ألف ليلة وليلة والتي من أجواءها استوحى الرسامون: رينوار وماتيس وإنجر، أجمل لوحاتهم ، فرسموا الجواري وحظايا السلاطين، وجميلات القصور، أمّا الفنان ( ديلاكروا) ، فقد فتحت حكايات ألف ليلة وليلة آفاق مخيلته الرحبة ، فسافر إلى المغرب والجزائر، وأقام فيهما، وبدأ يرسم النساء العربيات الغارقات في نعيم الحياة، ورسم من وحي ألف ليلة وليلة لوحته المشهورة ( نساء الجزائر)، أمّا الفنان ( فان دونجن) ، فقد استوحى لوحته المعروفة ( راقصة شرقية) من حكايات ألف ليلة وليلة. وشكّل الفنان ( أنج تيسييه) من شخصية شهرزاد لوحات فنية زيتية مشعّة بالجمال والأنوثة، مرورا بما عثر عليه من رسومات للواسطي ( 1237ميلادية) تمثل مدرسة فنية لها روادها واساليبها ازدهرت في القرن الثالث عشر ميلادي، وصولا الى القرن التاسع عشر مع الفنان نيازي مولوي بغدادي الذي احتفظ لنا التاريخ ببعض من نتاجاته الفنية وهي تعكس اسلوبة الذي يقترب كثيرا من اساليب الفن العثماني لمدرسة  اسطنبول التي تأثرت بفنون البندقية( فينسيا(، كما للبيئة وتراكماتها دور وتأثيرا وأنعكاس على الفنان والمجتمع.

         

على شاطئ البحر في دبي وفي منطقة جميرا أحدى أجمل مناطق دبي، لحظة الغروب أسندت ظهري وبجانبي زوجتي الطبيبة والرسامة التي لم تصل بعد الى النجومية ولنقل في دورها المتوسط وعمها أحد أعمدة الرسم أكرم شكري إلى ذلك المقعد نتأمل أمواج البحر الهادئة وسكونه الغريب ومنظره الرائع والجميل وجدتها تسبح ببحر أفكارها وترسم خيوطا(سكيج) من منظر امتزجت فيه أشعة الشمس الذهبية مع مياه البحر وأمواجه لتعانق غيوم السماء وتعكس اطيافاً ملونة في روعتها وجمالها، بعدها تطرقنا الى العوامل التي ساعدت تنمية المواهب الفنية وكيفية توظيف الرسم ألذي أبرز صورة متكاملة عن الأزياء والعادات والتقاليد والمهن، وتحاورنا عن فن الرسم والنحت لبلاد مابين النهرين وأرثه وما أنتجته حضاراته الأنسانية وما قدمته المدرسة البغدادية التي أشتهر الواسطي كأحد أبرز رواده وما حصل بعد ذلك لتمثيل سليم لما أحتواه ألمنجز الأوربي وتعشيقه بالبيئة العراقية وما أنتجته روح الأنفتاح على ما يقدمه العصر، ثم أستذكرنا أبرز الرسامين والنحاتين الذين خلدت أعمالهم وتركوا بصمة مضيئة ووهاجة على الفن العراقي الأصيل ، وعن الرسامين الذين درسوا خارج العراق وتأثروا بأساليب الرسامين الأوربين الكبار وبمختلف المدارس الأنطباعية، التجريدية، وما تركت من آثار في مسيرة الفن التشكيلي والنحتي العراقي المعاصر.
أن وجهنا تقصينا نحو ولادة البدايات في العمل الحداثوي في حركة الرسم والنحت في الوسط الفني لمدينة بغداد والمدن الأخرى في العصر الحديث والتي تستحق الوقوف عندها لنتسلسل ونتعرج منها زمنيا لرموز وشخصيات الفن الرسمي والنحتي منذ بداية القرن العشرين وبأسلوب بحثي ومنطقي ومبسط تاركين للآخرين المساهمة وأغناء ما كتبناه لنعطي الفنانين مكانتهم لما قدموه وما يقدموه للحركة التشكيلية العراقية:


       

*- عبد القادرالرسام: والذي يعتبر الأول في الحركة التشكيلية العراقية، وهو المفتاح الذي فتح ما كان مظموماُ في قم الزمن لسنوات وصلت بالمئات في أبراز هذا الفن، فبعد عودته من الدراسة في أسطنبول نقل هذه المهمة بكل أمانة الى بلده ليرسم سواحل الأنهر وغابات النخيل وكوكبة الخيالة والآثار القديمة الشاخصة،  كما رسم جداريات كبيرة على جدران ومقصورات سينما رويال والتي ظلت الى منتصف الخمسين من القرن الماضي، وكان الرعيل الاول يضم كل من: (عثمان بك وناطق مروة وشوكت  محمد سليم ( والد الفنان جواد سليم) والفنان عاصم حافظ ، واخرين لم يتم التوثيق لنتاجاتهم الفنية،  وكانت مواضيعهم تعتمد على تصوير الطبيعة والمشاهد اليومية باسلوب تقليدي او طبيعي.
بقي فن الرسم بدون أهتمام من الدولة بعد تأسيس الدولة العراقية الى مطلع الثلاثينات، وبدأت عملية تأسيس حركة الفن التشكيلي العراقي الحديث على وجه التحديد، في اوائل الثلاثينات من القرن الماضي، حيث تولت وزارة المعارف آنذاك ارسال البعثات الفنية للدراسة خارج العراق، حيث تم ارسال الفنان اكرم شكري عام 1930 كأول مبعوث عراقي لدراسة الرسم في بريطانيا والذي ادخل الاسلوب الانطباعي الى العراق عام 1931 من خلال لوحة اطلق عليها اسم( ضباب لندن)، أقترح الملك فيصل الأول عام 1933 على وزارة المعارف لأرسال التلميذ فائق حسن بمنحة دراسية الى باريس، مات الملك قبل الذهاب فألتزم الملك غازي بأيفاده وفائق مازال في الصف السادس، وارسل لدراسة فن الرسم في مدرسة البوزار في باريس....

  

أتت تلك البعثة بثمارها ، ، وكذلك أرسل عطا صبري،وحافظ الدروبي، وجواد سليم، وبعد عودة هؤلاء الى بغداد، قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها مباشرة ، تم انطلاق ما يمكن تسميته ببداية عملية التأسيس لحركة فنية تشكيلية في العراق، واطلق عليها " حركة الرواد" من الرعيل الاول.

    

وفي عام 1939 سافر الفنان جواد سليم ببعثة رسمية لدراسة الفن الى باريس، وفي نفس السنة افتتح فيها فرع للرسم في معهد الفنون الجميلة وتلاه فتح فرع للنحت، وتشكلت جمعية " اصدقاء الفن" عام 1940 من بعض هواة الفن وانضم اليها المهتمون بالثقافة الفنية، اما التأثير الثاني في نشوء حركة فنية عراقية حديثة فقد جاء عن طريق الاتصال المباشر بعدد من الفنانين البولونيين والانكليزالذين كانوا مجندين رافقوا جيوشهم العسكرية عند دخولها  العراق اثناء الحرب العالمية الثانية عام 1942، ليعكسوا تأثيراتهم، أما الانعطافة الثالثة التي كانت حافزا قويا للنهضة الفنية في هذا البلد، فقد تمثلت بظهور الفنان الخالد جواد سليم.

                             
 
                      


*- جواد سليم: من أشهر النحاتين في العراق المعاصر، حصل وهو بعمر 11عاما على الجائزة الفضية في النحت في أول معرض للفنون في بغداد سنة 1931. وأرسل في بعثة إلى فرنسا حيث درس النحت في باريس عام 1938-1939، وكذلك في روما عام 1939-1940 وفي لندن عام 1946-1949 ورأس قسم النحت في معهد الفنون الجميلة في بغداد حتى وفاته في 23 كانون الثاني 1961، وكان يحب الموسيقى والشعر والمقام العراقي، أسس جماعة بغداد للفن الحديث مع الفنان شاكر حسن آل سعيد ، والفنان محمد غني حكمت، كما إنّه أحد مؤسسي جمعية التشكيليين العراقيين، أسس مدرسة عراقية أصيلة في الفن الحديث تضاهي مدرسة الواسطي في العراق، وتتجاوز عدداً كبيراً من مدارس الفن في العالم، وقد كتب عنه العديد من الفنانين والنقاد.
فاز نصبه(السجين السياسي المجهول) بالجائزة الثانية في مسابقة نحت عالمية وكان المشترك الوحيد من الشرق الاوسط وتحتفظ الامم المتحده لنموذج مصغر من البرونز لهذا النصب.

  

في 1959 شارك مع المعماري رفعت الجادرجي والنحات محمد غني حكمت في تحقيق نصب الحرية الذي بلور فلسفته ورؤياه في النصب البلرونزي الكبير تمجيداُ لثورة 14 تموز1958، هو بالحقيقة السمفونية الاسطورية للفن العراقي المعاصر .فلقد غاص المايسترو جواد سليم في اعماق التاريخ السومري والاكدي والبابلي والاشوري حيث الانغام الانسيابية والحس المرهف والقوة التي بنى عليها العراق حضاراته المتتالية، والقائم في ساحة التحرير ببغداد وهو من أهم النصب الفنية في الشرق الاوسط.

         

                                       
 
*- أكرم شكري: يعد الفنان أكرم شكري من الأسماء التي ساهمت في إرساء قواعد النهضة الحضارية الحديثة في الفن، وشكل مدرسة عراقية في استخدام الأسلوب التنقيطي الذي يعتمده في بعض أعماله من خلال رسمه وأعتماده عليها كأساس في التعبير عن هذا الأسلوب،س فن الرسم في انكلترا عام 1931، وساهم في تأسيس جماعة أصدقاء الفن عام 1940، كما شارك في اغلب معارض جمعية الفنانين العراقيين السنوية وفي أول معرض فني يقام في بغداد عام 1931 وهو المعرض الصناعي الزراعي، وطوال حياته الفنية لم يقم معارض شخصية إلا معرض واحدا فقط أقيم عام 1956 على قاعة معهد الفنون الجميلة، وفي عام 1972 كرم مع زملائه رواد الحركة التشكيلية ضمن مهرجان الواسطي.

                     

                                               
 
*- فائق حسن: فنان تشكيلي، تخرج من مدرسة البوزار في باريس عام1938، أسس فرع الرسم في معهد الفنون الجميلة عام(1939-1940) مع جواد سليم، جرب الوان الطبيعة بشمسها الوضاءة بأستخدام الهارموني بتدجيين ألوان اللوحة وأبتعاده عن التناقض، وأنبهر بالوان الصحراء وصفاتها والمرأة الريفية وألوان ملابسها والخيول وحركتها، أستنبط الفنان فائق حسن أعماله من الواقع الغني بالرموز ليحولها الى مفردات تطفو بين الفرشاة وسطح اللوحة بعبقرية متفردة، فتجربته الفنية هذه ذات طابع واقعي تعبيري.

                        


اقام معارض شخصية في بغداد عام 1962 و1967 و 1971 شارك في جميع المعارض الوطنية خارج العراق . شارك مع تسعة فنانين في اقامة معرض للفن العراقي،أسس لواقعية جديدة استلهم الونها من شمس العراق وارضه. تناول الفنان فائق حسن في لوحاته مواضيع من البيئة العراقية والحياة البدوية التي كانت لملون فذ، وكان موضوع الخيول العربية شغله الشاغل لفتره طويله حتى انه تمكن من اضهار الخيول العربية ومزاياها الجميله بقدر اذهل المتابعين.

            

واضف إلى ذالك انه من الفنانين المشهورين على مستوى العالم والعرب وتوجد له منجزات واعمال كبيرة على مستوى العالم العربي، حيث توجد له اعمال ومشاركات ويستعان به وبفنه في التدريس على مستوى اكديمية الفنون الجميلة في العراق، كما يوجد له مرسم خاص باسمه في كلية الفنون الجميلة قاعة بابل، ، أصيح لقبه رسام العراق الأول.

                      


               
*- خالد الرحال: النحات المبدع والعبقري بأعماله، وأحد ابرز رواد الحركة الفنية في العراق، حصل على دبلوم النحت من معهد الفنون الجميلة عام  1947، وانتمى إلى جماعة بغداد للفن الحديث عام 1953 وشارك في معارضها التي حصلت عام1962، تخرج من اكاديمية الفنون الجميلة في روما عام 1964 ونال شهادة التخصص، نحات مبدع، لا زالت اعماله شاخصة في مدينة بغداد...

             

نصب الجندي المجهول، قوس النصر، نصب المسيرة، تمثال الام، تمثال الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور وغيرها من التماثيل الشاخصة، فقد هدم تمثال أبو جعفر المنصور بعد احتلال بغداد عام 2003 وأزاله. ثم سرعان ما أرجعه تمثالاً مقلداً صغيراً في الحجم . لكن هناك عقولا لا تحب بغداد ولا تحب أرثه وثقافته تصر دائماً أن تتحين الفرصة لإزالته مجدداً، وها هو وللمرة الثانية يزال التمثال من مكانه في حي المنصور ببغداد، كذلك اقترفت السلطات العراقية جريمة بحق الحضارة العراقية وتراثها الفني عندما أزالت نصب (المسيرة)  للفنان الراحل خالد الرحال، الذي كان في منطقة «علاوي الحلة» ويحكي عن قصة مسيرة الحضارة العراقية.
 استوحى في بعض منحوتاته تماثيل اشور وبابل، وتاثره بالفن الاسلامي والادب العربي، فضلاً عن اثر الفن الاوربي الحديث في النحت، ومن وفائه وحبه للكارزما،  عمل تمثال نصفي من الجبس للحاج مهدي الصفار صاحب حمام مهدي الشهير في بغداد، وقد صنعه سنة1946حين بدأ يتردد على الحمام كزبون اعجبته الخدمة في الحمام وشخصية وكاريزما الحاج مهدي، التمثال الذي ينتصب في مدخل الحمام إلى هذا اليوم.

                  


                            
*- حافظ الدروبي: في عام 1937 كان الدروبي وزميله الفنان عطا صبري يقبلان  في عضوية البعثة الفنية السفر الى ايطاليا والقبول للدراسة في اكادمية روما الملكية مرسم البروفيسو كارلو سيفيرو.

                            

وفي عام 1945 سافر الدروبي الى انكلترا لاتمام دراسته وفي عام 1950 حصل على عدة شهادات،التكعيب، والتجريد، والمنظور، والابعاد، والواقعية، والانطباعية، اساليب اعتمدها الدروبي في رسمه للموضوعات الشعبية، والمشاهد البغدادية، والمناظر الريفية، والشخصيات والوجوه، محافظا بذلك على هويتها من خلال الاحتفاظ بشرقية الوانها ورمزيته، الدروبي لم يكن بارعا في الرسم والتشكيل فحسب، وانما كان بارعا ومولعا في الفنون الاخرى ايضا، مثل العزف على الكمان والغيتار، سبق وأن كتبنا عن الفنان المبدع حافظ الدروبي في مقالتنا عن كلية العلوم والتي أفتخر بكوني أحد طلابها وكنا نزوره في مرسمه في الكلية التي تحوي بعض جدرانها درر لوحات الدروبي في حينها.

      

        

                                            
*- عطا صبري: في سنة (1937) يتوجه نحو مدينة روما ليدرس مادة الفن في أكاديمية الفنون الملكية. لكن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية يضطر للرجوع إلى بغداد،. أرسل سنة (1946) في بعثة دراسية فنية حكومية إلى (سليد سكول) في جامعة لندن، قام الفنان عطا صبري بتدريس المغفور له (الملك فيصل الثاني) ملك العراق للفترة من عام 1952الى عام 1958، وفي حينها شارك المغفور له الملك فيصل الثاني (بلوحة بورتريت) بعنوان (الأميرة ربيعة) وفاز بالجائزة الأولى عام 1952 في معرض للوحات في لندن ونشرت على الغلاف الأول لمجلة (studio)الأنكليزية مع مقال عنها للناقد (نيمتس) الذي أشاد باللوحة وبتأثيرأسلوب معلمه الفنان عطا صبري،

            

كانت أعماله تبحث عن النموذج الأمثل الذي يخلد في كيانية المرأة، الرجل، الطبيعة، فأتسمت لوحاته بالواقعية، اما اتجاهه وصياغاته وتقنياته في تحقيق تلك الرؤية فهي تقليدية في بادئ الامروتجريبية في فترة حرجة من بدايات الحركة التشكيلية في الثلاثينيات ثم اتجه الى الطبيعة من بيئة المدن الشمالية وهضاب جنوبه وعوالم الأهوار وسحرها.

      

                           
 
 *- محمد غني حكمت: هو من الرعيل الأول ومن أشهر النحاتين العراقيين، قد أنهى تحصيله الفني في روما، وبدأ انطباعياً متأثراً فيما بعد بأستاذه "سفربي"، ولكنه في بواكير الستينات، قد بلور تجربته الانطباعية، ورسخ في أعماقه، إمكانية البحث في اللون المشبع بالضوء، ليس كما فعل الانطباعيون الفرنسيون، من قبل، بل بإحساس ومشاعر ومعالجة ورؤية مشبعة بالجو العربي والعراقي بشكل خاص، من النحاتين العرب البارزين في الحركة الفنية التشكيلية منذ أواسط القرن الماضي وبعض النقاد أطلقوا عليه شيخ النحاتين، تتميز اعماله النحتية بصبغة اسطورية ممزوجة بالتراث العربي عموما والرافديني خصوصاً، أن تقنيات النحات حكمت ومهارته عالية الجودة والحضور الانساني يبدو ماثلا في جدارياته ومنحوتاته، فهو يعمل بدقة فائقة في الصنعة وتطويع المادة الخام ...

    

زرع بغداد تماثيلاً ونصباً رائعة، تمثل رموزاً من روح الحضارة العربية وتراثها، وتُحاكي منحوتاته أشهر أساطير (ألف ليلة وليلة)، و(السندباد البحري) ، و(كهرمانة)، و(شهرزاد)، و(شهريار)، و(بساط الريح) و(كهرمانة والأربعين حرامي.) ، و(الجنية والصياد)، و(حمورابي)، و(المتنبي)، (جدارية مدينة الطب) وعشرات غيرها، وكان يحلم بمدينة مملوءة بالنصب التي تروي قصة حضارة العراق التأريخية، بغداد محمد غني حكمت، ليست مدينة السرد الخيالي، والأحلام، والأساطير فحسب، بل هي المدينة التي حلم ان يراها تستعيد هويتها برؤية أسطة بغدادي، شارك في انجاز نصب الحرية مع الرائد جواد سليم، وله عشرات المعارض حول العالم.. وأول عربي مسلم يصمم بوابات كنيسة في روما، و14 لوحة تحكي قصة درب الالام في الديانة المسيحة، ومصمم هدية العراق إلى مقر منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو) في باريس، عاشق بغداد وأبنها، وعاشق الفن السومري والبابلي، ومجسد روائع ألف ليلة وليلة، وهو القائل (من المحتمل أن أكون نسخة أخرى لروح نحات سومري ، أو بابلي، أو آشوري، أو عباسي.

      

     
 
*- محمود صبري: فنان موهوب شارك في معارض دولية ، وهو من (جماعة الرواد ) ، التي ضمت فائق حسن ، وجواد سليم ، وخالد القصاب ، ولورنا سليم ، وقتيبة الشيخ نوري والتي تأسست سنة 1950،عشق موسكو وأحبها ودرس في معهد السوريكوف وتخرج منها، صاحب واقعية الكم العملاقة والذي كان انسان كبير بكل ماتعنية الانسانية وفنان كبير خلدت اعماله في لندن وبراغ وموسكو،ومن لوحاته المشهورة الماء والهيدروجين والوطن.

         

                     
 
*- جميل حمودي: رائد التكعيبية الحرفية، في عام1947 تهيات له الفرصة للسفر الى باريس، وكان حينئذ قد مر بفترة تجديد في الفن العربي وحركته التي كانت تمر هي نفسها بمراحل تطورها الاولى، ادته في مسالة استلهام الحرف العربي في التكوين التشكيلي للوحة الفنية  انها ليست اهتمامات زخرفية او عناصر تكميلية تتحدد بالوظائف الهندسية والتقنية الصرفة وانما يقوم الحرف هنا بوظيفة ذات طابع لغوي تقليدي كخطوة اولى في عملية التكوين الفني .. ثم بوظيفة رمزية تهدف الى خلق تحوير في فن الكتابة اذ يقوم الفنان بدافع فني خالص بابتكاره وبوضعه في المكان الذي يناسبه في فضائية اللوحة الى جانب اختيار ما يتجانس معه من الوان .. واشار  الكاتب جينون الى ان تحويرا في الخط العربي بهذا الشكل الى اللوحة الفنية الذي كان جميل حمودي اول المبدعين له قد اتخذ طريقة في ميلاد مدرسة جديدة في فن التصوير العربي المعاصر والتي ظهرت تاتيراتها في الوطن العربي من الخليح حتى المحيط الاطلسي .

                   

حقق مجموعة من التماثيل الشخصية التاريخية والمعاصرة ومن هذه التماثيل تمثال الفيلسوف ابي العلاء المعري والعالم الطبيب الرازي وغيرهم . فكان البروفسور ريمون يابير يصفها مثل لوحاته اذ تترجم احاسيسه الروحية بلغة تشكيلية تتجسد فيها الاشكال الهندسية مثل الدائرة التي هي الكون هي الشمس هي الحياة ووحدانية الله .. كما ان المثلث يعبر عن اسرار كثيرة كما في قوله ( ان الجمهور الذي يتطلع الى اعمالي يبداْ بالبحث عن المفهوم الادبي ، لكنه ينتهي باكتشاف التامل .. ( ان فني شكل من اشكال الصلاة والعبادة )، أسس قاعة اينانا للفنون التشكيلية وكان مديرا لها ونظم فيها ندوات ثقافية ومعارض فنية،على هذا المنحى تربـّت الفنانة عشتارعلى اسلوب ابيها واخلصت له، واستمرت كل هذه السنوات في العمل على تشذيبه من الإضافات والتعقيد الخطي وتعدد الالوان والموضوعات ؛ لتستخلص اسلوبها الخاص بها، وقد نجحت في ذلك. فلوحاتها  تشير الى جهدها في توليد تقنية معتمدة على الحذف، والإستغناء عن المفردات الفائضة والمطروقة، ولم تحتفظ الا بثلاث مفردات هي النخل والمرأة والمسجد بقبابه ومنائره وأقواسه، من هذه المفردات الثلاث الحميمة ذات الحس الجمعي، ابدعت سلسلة لوحات، أسلوبها تأثر بالأنطباعيين رغم إنها فضلت الرمز التجريدي.

         


        

*شاكر حسن آل سعيد: نال دبلوم رسم في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1955 وكان ما يزال طالبا عندما شارك في تأسيس جماعة بغداد للفن الحديث وشارك في جميع معارضها، كذلك درس الفن في باريس حتى عام 1957، كما أقام معارض شـخصية لاعماله منذ عام 1953 حتى رحيله،  كما شارك في معارض دولية ونال جوائز تقديرية عده،  وله بحوث ودراســات نقدية في الفن التشكيلي، امتازت اعماله الفنية الاولي بأستلهام المورث الفني الشعبي العراقي ومعالجتة بواقعية واســتقاها بموضوعات من الاساطير والملاحم والقصص العربية والاسلامية متأملا الحرف العربي كوســيلة للتعبير عن دواخله ونزعته ذات المنحى الصوفي، كانت مرتكزاته الفكرية التي أعتمدها وعكسها برسوماته الغزيرة هي: الأسطورة (=الأساطير العراقية القديمة)، ولغة التصوّف الإسلامية (=اللغة)، وأخيرا متيريالية فن الرسم (شيئية اللوحة،هي اعتباره اللوحة والعالم نصا لغويا قابلا للقراءة وبذلك كان يبحث في تمظهرات هذه الأبجدية اللغوية في العمل الفني، وبذلك تكون المؤثرات بمثابة (الوحدات الأبجدية) للخامات... زائدا (ايجابية) الفنان... وايجابية عنصر (الصدفة) أو تأثير (قوى الطبيعة) ويرفع تقنيات تصنيعية أخرى إلى مستوى (الوحدات الأبجدية) ومنها: التلصيق collage والترقيع والتخريق حيث يستطيع الفنان بواسطتها (أن يضاعف بها العنان من نتاج قوى الطبيعة نفسها) ويصفها بأنها (أبجدية التقنية)، وأنها محاولة لتطوير الجانب الإشاري إلى معناه الأبجدي، فتكون "الشقوق والآثار والندبات والحروق والخدوش والفوهات ... بمثابة وحدات تقنية مستمدة من ملامح المحيط .، لقد أصدر شاكر حسن آل سعيد (البيان التأملي) و)البحث في جوهرة التفاني بين الأنا والآخر.. تأملات ودراسات في الأسطورة واللغة والفن)، تم توصيفه بأنه مفكر عربي سد كل الثغرات في الكتابة عن الفن التشكيلي.

       

        
 
*- أسماعيل الشيخلي: في مرحلته الدراسية، ظل متمسكاً بالأشكال البسيطة والمساحات اللونية،ت أثر إسماعيل الشيخلي أول الامر بفائق حسن وخاصة في ما يتعلق بتوفير انطباع عن لوحة ذات مساحة كبيرة وألوان متضادة، لكنه ظل يحاول إنتاج لوحة موحدة، لذلك كانت لوحاته من بين اللوحات المطروقة أيضا: ألوانا تبهجها الشمس، سحنات ترابية سمراء، ظلالا من الملابس.. وقد حاول طوال عقد كامل - 1960 - 1971 التدخل في إعادة بناء مظاهر موضوعاته فأنشأ أشخاصا مترابطين ضائعي الملامح في محيط كل ما فيه (عدا الأشخاص) واضح تمام الوضوح، ثم انصرف عن هذه المحاولة نتيجة الطلب الرسميّ المتزايد على اعمال الفن وانغماسه في تلبية هذا الطلب والتخطيط له، وهو ما واصله في اثناء تزويد المؤسسّات والغرف الرسمية بلوحات غير بعيدة عن عقيدة جماعة (الرواد)،وبرغم اصراره على تصوير البيئة البغدادية الا اننا نجد في لوحاته خليطا من ثقافات وحضارات مرت على العراق، فقد ظلت حضارات العراق السومرية والاكدية والبابلية والآشورية ثم حضارات العصور الإسلامية وما تركته من اثر عميق في فنون الرسم والنحت والفخار والجداريات والمنمنمات وإبداعيات الخط العربي؛ هي البعد الفكري والثقافي الشامل الذي رفد منه الفنان الشيخلي أصول إبداعه وتجذره. ومن فيض هذا النهر الثقافي المتدفق نهلت التجمعات الفنية التشكيلية ومنها جماعة الرواد التي كان من اعضائها البارزين اسماعيل الشيخلي ابداعها، لقد جابت هذه الجماعة العراق وهي تلتقي بجذور الحضارة و جمال الطبيعة وأنماط حياة الناس في المدن والشواهق والقرى والأرياف من الشمال حتى الجنوب، ويدور داخل قسوة الخطوط وصرامة التكوين وحدة التشريح وولعه بالبقع الجميلة!، الغربة (الهاجس) حفرت اثارها فيه حتي بعد عودته من باريس، وقد انعكس ذلك في مؤشراته الخاصة (التجربة الذاتية) ورغبته بمسايرة زملائه. كان بين مد وجزر، قلق وانفعال، تقهقر ونهوض، هذه الحالة الانفعالية أو صلته بعد ان ازداد خبرة وبصيرة إلي محطة المساحات اللونية الشاسعة، تضج بروح الشرق، بساطة وعفوية، مع انشداد وثيق للعلاقة الانسانية، لقد تنقلت كثيراً وبعيداً عن كل القيود والالتزامات واخرجت كل ما اختزنته من تخطيطات وراجعتها.. ونظرت إليها ملياً واخترت منها ما شئت فكانت هذه اللوحات
الفضاء مازال عنده يحمل غليان الشمس أجد فيها وهج الأوان... وحرارة الايقاع.
في الاتجاه الثاني تحس بالأشخاص مندمجين منصهرين مع تفاصيل اللوحة، الناس في حالة انهمار، ماء في حركته السريعة والدائبة يوحده شلال (المنظر والايقاع).. وبذلك طغي الجانب الجمالي علي أعماله في الاتجاهين،    أن خلود أي عمل فني لا يتحقق ما لم يكن جمالياً.. فيه حالة توافق بين الشكل والمضمون.. وليس المضمون وحده الذي يعطي قيمة للعمل. الجمالية لابد منها فهي الانبهار".. لم يعد الفنان يرسم بطريقة الضربات السريعة التي تقتضيها مستلزمات التجريد، لذا جاءت ايقاعات اللون متوافقة مع تفاصيل الموضوع المتشعبة، هنا لابد ان نسجل ملاحظة ان الفنان في رسوماته الافقية ابتعد عن مضمونه التقليدي،
شارك في كافة معترض الرواد والمعارض التي اقامتها وزترة الثقافة والاعلام وجمعية نقابة الفنانين داخل وخارج العراق واشترك في سبعة معارض للرواد في عمان الاردن.
الاحساس بالتجربة بحكم عملي الفني، احياناً كثيرة اعمل لوحات في اطار التجربة وهنا اؤكد بأن الرسم كله تجربة في الألوان وفي حس الانبهار والاستثارة.

   

             
 
*- عيسى حنا: كانت أعمال عيسى حنا منذ البداية تتمحور داخل إطار الرسم كرسم ولم يكن يهتم كثيراً بالموضع الإجتماعي البحت، وظلّت هذه الخاصية مرافقةً له حتى أيامه الأخيرة. فهو مأخوذ باللون والمساحات اللونية مع بحث جاد في تحليل الواقع الجمالي للعالم المنظور، لم تكن النظريات الحديثة قد أغرته للتحول عن اسلوبه الذي عرف به ولم يلتفت الى مخاضات الفن الحديث في القرن العشرين، فظل اميناً لتلك الروح التي نشأت معه في حب الطبيعة والحياة الجامدة والصور الشخصية، ساهم عيسى حنا عام 1950 في تشكيل جماعة الرواد، التي التفت حول فائق حسن وهي جماعة اتخذت من رسم الطبيعة والأزقة البغدادية والموديل الحي منطلقاً للتعبير عن أحاسيسها، وكان عيسى وفائق الى جانب جواد قد اعتادوا الرسم في الطبيعة منذ بداية العقد الثالث من القرن العشرين، فسارت الجماعة على هدي هذه الفكرة ومنها جاء أسم البدائيين (Primitives ) أو الرواد كونهم الأوائل الذين جابوا القرى والأرياف والمناطق الوعرة في كردستان العراق.

      


        


*- نزيهة سليم: أهتمت الفنانة االتي تخرجت من معهد الفنون الجميلة في بغداد واكملت دراستها في باريس، كثيرا عبر اعمالها بالحياة الاجتماعية للمراة العراقية واظهرت معاناتها في كل مكان في السوق والبيت والعمل،وأضهرت تلك الأعمال تعاطفا مع المرأة،
ولسوء الحظ سرقت اغلب لوحات الفنانة نزيهة سليم التي كانت في المتحف العراقي للفنون اثناء الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 ولم يبق من تلك الاعمال سوى عدد قليل جدا.،كانت نزيهة سليم شديدة الالتزام بالمشاركة في مختلف معارض الرسم داخل العراق او خارجه ومع انها قضت زمنا طويلا في اوربا، الا انها بقيت نبعا صافيا من ينابيع العراق في الفكرة، والاسلوب، واللون، فلو نظرت الى لوحاتها التي امتلأ مركز صدام للفنون قبل الأحتلال، لوجدتها متفردة ليس في اختيارها للمرأة العراقية في لوحاتها وحسب، بل وفي مختلف مواضيع الطبيعة او المحلات البغدادية او الحياة الاسرية او الموروث الشعبي حيث اضفت على كثير من لوحاتها الوانا زاهية براقة نابعة من ذاتها وخزينها المتراكم، وان براعتها في كل هذه الاوجه يضاف اليها اجادتها المشهورة في رسم لوحات (البورتريت ).

             

                                     
 
*- الدكتور خالد القصاب: الطبيب والرسام والأديب، كان الدكتور خالد القصاب لامعا بوصفه امهر الجراحين وأبرزهم في العراق والعالم العربي، حيث أجرى ألوف العمليات وشارك في العديد من المؤتمرات العلمية والعالمية، وقدم بحوثاً متميزة في جراحة الأمراض السرطانية،بالاضافة لكونه طبيبا ماهرا كان فنانا وأديباَ ايضا.
يتميز اسلوب خالد القصاب بطريقته في التعاطي اللوني، الى الرسام الانطباعي الفرنسي ( سيزان )،  وربما كان هذا  صحيحا، فالاثنان يوليا أهتماما زائدا الى نوعية اللون واستخدام الكثافة اللونية في اللوحة الفنية ، اللون التعبيري ، الذي يشكل جوهر اللوحة وعنصرها السائد  في لوحات خالد القصاب ، كما عند بول سيزان ، يتبدى اللون وكأنه اللاعب الرئيس في حيز اللوحة ، لكن خالد القصاب، يشرك ويضيف ضوء الشمس  البغدادية  المتوهج ،والمستعر، والحار جدا، الى مفردات اللوحة التى تتشكل من اللون المتوهج ، والضياء المنبعث عن نور الشمس ، الذي يغمر اللوحة من كل الجوانب،  في مرات عديدة يستعين خالد القصاب بالظلال القصيرة الحادة التى تهيمن على مفردات اللوحة، ليذكرنا بحضور الجو المشمس المتوقد والحار، لكن ربما عانى هذا الطبيب الجراح ما فيه الكفاية من مناظر اورام السرطان ومشاهد الموت فهرب الى عشق الاشجار والاعشاب والانهار وجوانب من الريف العراقي والمناظر الطبيعية ولا سيما مشاهد من بساتين الجادرية، شارك في معارض فنية عديدة داخل العراق وخارجه، منها معرض بغداد للرسم والنحت في بغداد، مؤسساً في جماعة الرواد، استضاف أول معرض للجماعة في داره في كرادة مريم، صدر له كتاب عن دار الحكمة في لندن بعنوان( خالد القصاب..ذكريات فنية ) وهو كتاب جدير بالقراءة حيث يستعرض المرحلة الذهبية من تأريخ الغن المعاصر لرجل صاحب تطوراتها وعاش أبطالهلها على مدى حياتهم الفنية والشخصية.

      


*- طارق مظلوم: الرسام والنحات تولد عام1933،تخرج من جامعة لندن حيث حصل على الدكتورراه، رسم طارق مظلوم باسلوب بدائي وحر ورصين افضل اعماله، رسم الحاضر كأنه صور نقشت فوق جدران الكهوف، ان هذه المفارقة لاتخلو من سخرية، بالمعنى على الأقل، فالأسلوب عنده يمتلك تفرده بين الرسامين العراقيين، وهذا التفرد، بحد ذاته، يشكل موفقا انتقاديا للاساليب الانطباعية والتقليدية او للمحاولات ذات النزعة الشعبية السياحية ان مفارقته،وسخريته، تكمن في استحضار الماضي.. وحريته بالرسم توضح سايكلوجيته بالاستعمال التعبيري للألوان، والتنقيط، والخطوط الملتوية.
   

                              


*- نزار سليم: منتصف الأربعينات من القرن الماضي بدأ بنشر بعض كتاباته فتعرف على أصدقاء يمارسون الأدب والفن احتوت لقاءاتهم مقاهي بغداد الأدبية آنذاك ، كالبرازيلية ، والمقهى السويسري ومشاربها المختلفة وكونوا ( جماعة الوقت الضائع ) وافتتحوا مقهى ( واق واق ) يقرأون فيه ويتناقشون ويكتبون ، وضمن منشورات جماعة الوقت الضائع أصدر نزار سليم مجموعته القصصية الأولى ( أشياء تافهة ) ، ثم أصدر مجموعة ( فيض ) ومجموعة ( رغم كل شيء ) ومسرحية ( اللون المقتول ) وكتابا في المسرح الصيني ، وترجم مسرحية ( الصبي الحالم ) ليوجين اونيل وكذلك ( بحيرة الزيتون ) وهي قصص من تراث الشعوب وكلا العملين لم يطبعا بعد .
تخرج نزار سليم عام 1952 في كلية الحقوق ودرس في معهد الفنون الجميلة ثلاث سنوات ولم يكمل دراسته فيه حيث ألتحق للعمل في وزارة الخارجية وذهب إلى دمشق .
أقام أول معارضه الشخصية في بون عام 1955 ، وعام 1958 أقام معرضه الشخصي الثاني في بغداد ، أما معرضه الشخصي الثالث فلقد أقامه في الخرطوم حيث كان يعمل فيها ضمن السلك الدبلوماسي ، وأقام المعرض الشخصي الرابع في ستوكهولم.

                     


   


*- مديحة عمر: أرسلت في أول بعثة عراقية للبنات إلى إنكلترا والتحقت بكلية ( مارياغري ) وعينت عندما عادت إلى العراق مديرة لمدرسة تطبيقات دار المعلمات، ثم عينت مديرة لدار المعلمات نفسها بالوكالة بعد سفر أكرم شكري للدراسة في الخارج ودرست فيها فن الرسم (1933-1935)،تعد تجربتها التشكيلية أهم تجربة في تجارب جيل الرواد الأوائل الذين عاصروها (عبد القادر رسام /عاصم حافظ/ محمد صالح زكي/ الحاج محمد سليم) وهم الرعيل الأول، وتابعت دراستها لتنال شهادة البكالوريوس من ( الكوركوران) وجامعة جورج واشنطن وشهادة شرف لإنتاجها الفني في عام 1947 في كلية الكوركوران للفنون الجميلة. وفي العام نفسه اشتركت بمعرض الرسم بالألوان المائية الذي أقامه الفنانون المتخصصون بالرسم المائي، أقامت حتى عام 1988 ثمانية عشر معرضا ً شخصيا ًفي كل من بغداد والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا ولبنان والسودان،
تتجلى أعمالها إلى رؤية تجريدية خالصة للحرف العربي القديم الذي كان يزين المساجد كوظيفة مباشرة والى الزخرفة التي استوحت منها نظام التكرار دون التمسك بالوحدات الهندسية المنتظمة،سبقت الرائدين جميل حمودي وشاكر حسن آل سعيد إلى استلهام الحرف العربي كمفردة تشكيلية بما يزيد عن عشرين عاماً، ولم تحظ أعمالها بما تستحق من دراسات نقدية مما أبقاها في الظل بالنسبة لمعظم متابعي الحركة التشكيلية العراقي.

                                  


        


*- فرج عبو: ظهرت موهبته المتميزة وأهتماماته الفنية منذ نعومة اظفاره ، حيث زينت رسوماته ومنحوتاته الفنية المبكرة بعض كنائس الموصل القديمة مثل كنيسة مار أشعيا، ارتبطت نشاته بالادب والمسرح بالاضافة للفن ، حيث عمل في مجال التأليف والاخراج والديكور المسرحي، انتمى الى جمعية اصدقاء الفن عام 1941،سافر الى القاهرة لاكمال دراسته ، وتخرج من كلية الفنون الجميلة – قسم التصوير عام 1950، قام بتدريس الرسم في ثانوية الاعظمية منذ عام 1950 والى منتصف عام 1952، سافر الى روما لاستكمال الدراسات العليا ، والتحق بأكادمية الفنون الجميلة وتخرج من قسم الرسم حيث حصل على اعلى مؤهل في الاختصاص بدرجة الشرف الاعلى سنة 1954، عاد الى بغداد ليقوم بالتدريس في معهد الفنون الجميلة ، ومن ثم في أكادمية الفنون الجميلة  حيث كان احد ابرز المساهمين في انشائها وارساء دعائمها الاكادمية، له العديد من الاعمال الفنية في عدد من الدوائر الرسمية، والوزارات، وجامعة بغداد، ومطار بغداد الدولي، والمتاحف الفنية وقاعات العرض، كما انتشرت اعماله الفنية في عدد من الدول.

             

      
  
*- نوري الراوي: يعد من جيل ما بعد الرواد،تخرج في معهد الفنون الجميلة في منتصف الخمسينات، فهو يمثل أنعطافة كبيرة في مسيرة الحركة التشكيلية ولعب دوراً مهما في رسم الملامح الحديثة الى جانب نخبة الرواد ، صاحب تجربة فنية رائدة أمضاها الراوي بين الرسم والنحت والتأليف والتقديم التلفزيوني حيث قدم  تذوق اللوحة واقتنائها، راوة المدينة الجميلة بمنظرها ونواعيرها التي كانت تسقي أراضيها من الفرات مازلت تتألق جمالاً والواناً ورمزاً في لوحات نوري الراوي والذي جسدتها رسوماته، كما أن البراق(الفرس الطائر) هي من سمات رسوماته المتميزة بفكرتها ونظارة جمالها،سرقت 15 لوحة من لوحاته بعد الأحتلال الأمريكي ونهب مقتنيات ورسوم الرواد من مركز صدام للفنون في شارع حيفا.

        


      


*- كاظم حيدر: رسام  حاصل على البكالوريوس في الأدب من دار المعلمين العالية عام 1957 ودبلوم رسم من معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1957 . درس فنون الرسم والديكور المسرحي والليتوغراف في الكلية المركزية للفنون بلندن وتخرج عام 1962، عالج فكرة الخير والسر والماساة في أبرز أعماله الفنية وسخر تجربته التعبيرية بأشكال تميل نحو التكعيبية، لعل ابرز خصائص فن كاظم حيدر تكمن في تاكده ان الانسان قيمة عليا فالانسان في معظم اعماله ياتي عبر تجسيد ديناميكية الحياة وقدرتها على التجدد والتطور ومن خلال اهتمامه الخاص بالفعل المسرحي للانسان.

               


                     


*- جبرا أبراهيم جبرا:، فهو بالاضافة الى كونه روائيا وناقدا فنيا ، ومترجما وصحفيا ، فانه ايضا رسام ، ساهم بابداعه الفني في ترسيخ مبادئ التجديد والحداثة في الفن العراقي ، جنبا الى جنب اصدقاءه وزملاءه في " جماعة بغداد للفن الحديث فائق حسن، وشاكرآل سعيد، وغيرهم من الرواد، تتميز لوحاته  الى خصوصية المناخ الطليعي والتجديدي الذي كان سائدا في الخطاب الفني العراقي بالخمسينات ، المناخ المتـّطلع نحو المقاربات الفنية الحداثية ، والتائق الى مجاراتها وتبني اساليبها الفنية بذائقة محلية متشكلة من اجتهادات ذاتية لتفسير تلك المقاربات ومحاولات محض شخصية لفهمها .
وقد كتب جبرا في الرسم والألوان، وكتب عن النحت، والنقوش السومريّة، من المقالات ما لا يمكن استقصاؤه، وحصره. ونشر بعض ما كتبه في كتب منها: تأملات في بنيان مرمري، وكتاب أقنعة الحقيقة وأقنعة الخيال، وصدر بعد وفاته الكتاب ، وهو بعنوان (الفن والفنان - كلمات في الفن التشكيلي).
 ان هذا الجمع من الفنانين الذين ظهروا في بداية تأسيس الدولة العراقية الفتية ، لم تسندهم قبل ذلك عناصر ثقافية أو ماض حضاري متصل أو تراث فني غني ؛ بل هم ظهروا و مارسوا نشاطهم علي حين غرة ، بعد سبات طويل دام مئات السنين ، كلكل بظله الأسود الثقيل علي تلك الأرض الطيبة ..أرض الرافدين . تلك نهضة تشبه أعاجيب الطبيعة و لا سبب ظاهريا أو منطقيا يمكن أن يفسره. وهكذا تستمر الرؤية الفنية الجديدة وتتنوع، مؤكدة على ديمومة وازدهار وحيوية الفن العراقي، وهو ينمو يوما بعد اخر في حيوية واتساع متواصل،وقد ساهم العديد من الرواد بخلق مرحلة تحول دقيق في استلهام قضايا الظروف الاجتماعية والسياسية والبئية العراقية، وعكسوا عن قدرة الفنان الجوهرية في استيعاب التقنية والاستعارة والصياغة، تلك الروافد التي اغنت كثيرا ايقاعات اللوحة ومواضيعها. فهم ساهموا بترسيخ القيم الانسانية للحركة التشكيلية العراقية، امثال اسماعيل الشيخلي وحافظ الدروبي جميل حمودي ونزيهة سليم ومحمد الحسني وكاظم حيدر ومحمود صبري وعطا صبري ومديحة عمر ورسول علوان وفرج عبو وطارق مظلوم ونزار سليم ونجيب يونس وكاظم حيدر وخالد الجادر وشاكر حسن آل سعيد وخالد  الرحال وهاشم الخطاط وغازي عبد الله الرسام وعيسى حنا ومحمد غني حكمت ونوري الرواي وغيرهم من الاسماء التي استطاعت ان تخطو بثقة باتجاه تأصيل التجربة الفنية وايجاد علاقات جديدة بين المتلقين والفنانين، فضلا عن الهدف الاساس بخلق رؤية جمالية وابداعية، الى جانب تأصيل قواعد عمل الفنان المهنية وحرفياته، من خلال عدد كبير من الاسماء الفنية الريادية التي انتجت لنا مجموعة كبيرة ومهمة من التجمعات الفنية التي ظهرت في العقد الستيني من القرن الماضي"امثال: جماعة الرواد، جماعة بغداد للفن الحديث، جماعة المجددين، جماعة المعاصرين، جماعة آدم وحواء، جماعة الاكاديميين، جماعة المدرسة العراقية الحديثة، جماعة 14 تموز، جماعة الزاوية، جماعة البداية، جماعة الحدث القائم، جماعة تموز، جماعة البصرة، جماعة الفن المعاصر...، ففي بداية الستينات أنشأت أكاديمية الفنون الجميلة وأرتبطت بجامعة بغداد والتي جاءت ثمرة أتشائها نتيجة زيادة التكوين الثقافي، وزيادة تذوق المتلقي، وزيادة في تقبل المجتمع للفن التشكيلي المعاصر، وشهدت الستينات أحداثاً داخلية وعربية منها نكسة حزيران وريادة التوجه الوطني والقومي، نشط فنانون وحاولوا تخليص الفن من الواقع الأجتماعي وبدأ التمرد على المألوف العادي بالرسم والنحت، لنتطرق عن الفنانين الذين أنتجتهم المرحلة:

                                   
 
*- أسماعيل فتاح الترك: مواليد البصرة 1934، درس في معهد الفنون الجميلة في بغداد، وتخرج منه عام 1956، ثم واصل دراسته في روما بتشجيع من أستاذه، النحات الكبير، جواد سليم، الذي وفر له سانحة الحظ هذه، لينال درجة الدبلوم العالي،عضواً في جماعة بغداد منذ سنة 1957 وشارك في معرض جماعة الزاوية سنة 1967،حاز على جوائز عديدة في ايطاليا أهمها الجائزة الأولى للفنانين العرب في ايطاليا للرسم سنة 1962،صمم اسماعيل فتاح الترك أكثر النصب التذكارية تمجيداً من قبل العراقيون- (الشهيد) الذي دخل كعلامة مضيئة في تاريخ الفن التشكيلي والمعماري العراقي،  هذا وصمم اسماعيل تماثيل مازالت قائمة حتى الآن في ساحات بغداد وشوارعها مثل أبو نواس والواسطي والشاعرين عبد المحسن الكاظمي والرصافي. أن أرثه العبقري الذي تركه يشكل صفحة كبيرة في تطور الفن التشكيلي العراقي، خلال سنوات الدراسة تعرف بالفنانة ليزا التي تزوجها لاحقاً، وأفاد من رؤيتها، وثقافتها، وتجربتها الفنية العميقة التي خلفت أثرها في العديد من نتاجاته الفنية، قد ساعده الموروث العراقي القديم والاسلامي في الوصول الى أسرار الوجود السومرية. ربط الحاضر بالمستقبل والماضي وتوصل الى سر الألوان والضوء ومساقطه الذي برع في استخدامها وطوّعها من أجل الوصول الى الهدف.

          

                         
 
*- ميران السعدي: من مواليد عام 1934 انهى دراسته الفنية في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1955 ثم اكمل دراسته في روما عام 1962 وشارك في معارض جماعية عدة اثناء دراسته هناك واقام معرضا شخصيا لاعماله عام 1963 وشارك في معارض اقيمت في داخل وخارج العراق، ومن اعماله نصبا الفارس العربي والجندي العراقي ويعد عمله نصب الفارس العربي في ساحة النسور معلما حضاريا يميز العاصمة المدورة بغداد، ويرمز نصب (النسور) الذي يقع في وسط ساحة واسعة بحي اليرموك ببغداد ونفذ عام 1969، إلى القوة والطموح لدى العراقيين منذ بدء حضاراتهم القديم وحتى الوقت الحاضر، إضافة إلى أن النسور تمثل الجيل المعاصر واندفاعه إلى الأمام بخطى ثابتة للوصول إلى الأهداف المنشودة، ان السعدي قد جرد اشكاله من ايقاعها الشكلي واستعار الرموز واضاف اضافات مبدعة من دون ان يفقد الموضوع بنائيته فجاءت الافكار منسابة في اعماله الابداعية وهو السر في ديمومة فن (ميران) فهو بقدر ما يحمل في طياته روح الزمن المعاصر يحمل معطيات الزمن الاتي.

                 


                          


*- نجيب يونس: فنان أنطباعي موصلي اصيل ولد سنة 1930 وبعدما أتم دراسته الفنية في العراق ذهب الى القاهرة ليحصل على الدبلوم من كلية الفنون الجميلة في عام 1954. زامل رسامين وشعراء وكاركاتيريين مشهورين في مصر منهم صلاح جاهين وجورج البهجوري. أسس عند عودته الى العراق بيت الفن سنة 1965، فنان الذي جعل ريشته ناقلا امينا ومعبراً تعبيراً اصيلاً للحياة الاجتماعية في مدينة الموصل بمختلف جوانبها ومظاهرها عبر اربعين عاما، مع عدم تقيده بالنظريات والاساليب الفنية المتداولة الا ان ذلك لايمنع من تلمس الاتجاه الواقعي والانطباعي في اعماله التي تضج بالحرية وبالحياة وبالقوة والعذوبة والبساطة، أثرى الفنان نجيب نتاجه الفني تاريخ الفن العراقي المعاصر، وزينت لوحاته جدران المعارض المحلية والعالمية، كما وكانت جمالياته العراقية تعّبر عن صدق لما في العراق من خصب في التاريخ والطبيعة . هنالك البعض يعده من ابرز وأهم رواد الحركة الفنية في العراق ابان القرن العشرين ، وهو من معاصري الفنانين فائق حسن ، وجواد سليم، ونوري الراوي وخالد الرحال، وضرار القدو، وراكان دبدوب ومحمد غني حكمت وغيرهم من الذين اسهموا في تأسيس الحركة التشكيلية في العراق، والكثيريعتبر نجيب يونس الرائد المؤسس للفن التشكيلي الحديث الذي تطور كثيرا في القرن العشرين.

              

                       
 
*- راكان دبدوب:ولد في مدينة الموصل عام 1941 وتخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1961 وأكمل دراسته العالية للفن التشكيلي في أكاديمية روما عام 1965.وشارك في جميع معارض جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين السنوي في بغداد منذ عام 1965، وفي معارض للفن العراقي المعاصر أقيمت في كثير من المدن العربية العالمية، اقام 23 معرضاً داخل العراق وخارجه يسيطر راكان دبدوب على أدوات أدائه الفني، ويتضح ذلك في أدق تفصيلات أعماله وإدارته لتلك التفصيلات وحسن توزيعه لها على مساحات اللوحة وفي تكامل انسجامه اللوني وتعدد ملامس سطوحه وفي القدرات الإيحائية التي تطل بها أعماله على المشاهد، راكان دبدوب فنان يمتلك قدراً واسعاً من الاحساس البصري والادراك اللوني، إنه فنان مبدع، ولوحاته انجاز على مستوى جيد. ويجمع بين الحرص الشديد وسعة الخيال والقدرة على التنفيذ، وتجربته مع اللون الأبيض ناجحة بشكل خاص وملتصقة به بالذات واستخدمه للابيض مدروس وذو قيمة تشكيلية جعلته بارزاً عن بقية الألوان ويبرز في لوحات(الشمس والقمر، إمرأة وحصان، فينوس والعشاق، ضوء المصابيح)حيث لا يمثل اللون الأبيض فراغاً طباعياً، له قدرة فائقة في وضع اللون على اللوحة تبلغ ذروتها في الرسم دون غيره من أساليب الأداء التشكيلي الأخرى، ولا يركز الفنان على الانسجام اللوني وانما ينتقل الى تناقض مدروس أدى إلى تعميق اللون ونقيضه ومنحه حضوراً ووحدة ويجد المشاهد نفسه إزاء متاهة لونية تصطرع فيها الألوان لخلق عوالم متداخلة تتناثر فيها الأجساد والأشكال ضمن نظام خاص، وقد اهتم راكان دبدوب بالحرف، يبدأ من اليسار وبدون تنسيق لإعطائه قيمة تشكيلية جديدة، وهو التراث الذي يبحث عنه ولوحاته تشريح كامل لجسد المرأة، ورموز جنسية هندسية، والسخونة اللزجة التي تتوالد في عمق الرجل الشرقي المتعطش جنسياً ولا سيما اللون الأحمر الفسفوري الذي يبرز هنا وهناك عنصراً دائماً للإثارة، أرتبط مع الشاعر نزار قباني بعلاقة حميمة جداً ورسم له رسوماً خاصة ببعض دواوينه الشعرية... وتعتبر لوحات (دبدوب) نحتية السمة بنتوءاتها الظاهرة لتأثير دراسة النحت عليه، واسلوبه أكاديمي واقعي تقليدي،  إن راكان لا يفكر الا لصالح الشكل ولصالح غريزته الفنية ويفعل ذلك بطريقة حسية تأخذ بنظر الإعتبار العلاقات الضرورية بين اللون والشكل بين سطح متحرك ووحدة تشكيلية قياسية تنقلنا من التوتر إلى الانبساط، فوهة بارزة، نتوء نافر مستعار من النحت تدرج لوني هادئ ينقلنا إلى شكل إنساني كامل.

            


       


*- ضياء العزاوي: المولود في بغداد عام 1939 والقادم إلى لندن في العام 1976 والمقيم فيها قد منح العالم وثيقة صلدة أخرى من لون وقماش وضعت في مصاف الجورنيكات القليلة في العالم التي تستعيد الناس رؤيتها بين الحين والآخر كي تتذكر ما جرى لنا جميعا على هذه الأرض ونتهيأ في المرات القادمة لاستباق مثل تلك الكوارث، ،هو أحد أكثر فناني جيله التزاما بكشف مآسي أمتنا العربية الناتجة عن الاضطرابات السياسية. فمنذ بداية السبعينيات، استكشف معاناة الفلسطينيين بلوحات مختلفة، كلوحة "شهادة على عصرنا" (١٩٧٢) التي استوحاها من أحداث "أيلول الأسود" في الأردن، وسلسلة اللوحات والرسوم التي أنجزها عام ١٩٧٦ حول معارك مخيم تل الزعتر في بيروت، ولوحة (صبرا وشاتيلا) الضخمة التي رسمها في اليوم التالي من وقوع هذه المجزرة،  كانت بدايات ضياء العزاوي في العراق واقعية بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث تناول تصوير حياة ابناء الريف في لوحاته المطعمة بالزخارف الاسلامية والسجاجيد الشعبية، ثم انتقل منها الى تصوير الملاحم الدينية العراقية. وعندما استقر على اعتماد "التجريد" كأساس في اسلوبه الفني، بقيت التأثيرات السابقة واضحة في لوحاته خلال مختلف الفترات مع رفدها بالتقنيات الاوروبية،واللغة التشكيلية التي صقلها العزاوي مع مرور الزمن بلغت اليوم نضجاً مذهلاً يتجلى في قيمة تشييداته وحدة ألوانه الجديدة فتدريجياً توارت الكتابة أو الحروف لصالح تركيبات شكلية، وسواء بتشكيلاتها أو بألوانها فأن لوحات العزاوي تستحضر أيظاً الى أذهان البعض السجاد الشرقي بالرموز والدلالات.

       


                    

*- محمد مهر الدين: درس الفن وعلى مدى سنوات طويلة في معهد الفنون الجميلة ببغداد، أقام وشارك في العديد في العديد من المعارض التشكيلية داخل العراق وخارجه، ويعتبر من الأسماء المميزة في التشكيل العربي والعراقي خلال ستينيات القرن الماضي التي يصفها مهر الدين بأنشط المراحل ليس فقط في العراق وإنما في مختلف دول العالم، ويعزو النهضة الفكرية والفنية التي شهدها العراق في تلك الفترة إلى عدة أسباب منها انفتاح الفنانين العراقيين على ثقافات مختلفة من خلال البعثات الدراسية التي كانت توفرها الدولة، وأيضا إلى شخصية الإنسان العراقي الذي كان جادا في عمله، صقل موهبته الفنية وزاد من معارفه في بولندا التي درس الفن فيها، وحصل على شهادة الماجستير في الرسم والكرافيك من أكاديمية الفنون الجميلة في وارشو، أول معرض شخصي أقامه في بغداد كان عام 1965 على قاعة "أيا"،     وتوالت بعدها معارضه الشخصية التي أقامها داخل العراق وخارجه، في فترة الثمانينات تقلصت مساحة تجريبيته البنائية لصالح عناصر الكرافيك، في محاولة لأستعادة مهارات الرسم في طبقته التأسيسة الأولية (ادوات الكرافيك المستوية)،وبرز المصدر الفوتوغرافي كأهم مصدر لعمله والذي اطلق عليه (الواقعية النقدية). لقد استعاد بواسطة الكرافيك الفوتوغرافي وبمهارت الرسم التقليدية ممارسة صناعة اللوحة او الرسوم الورقية. مع ذلك لم تكن هذه الأعمال بحدود مألوفها التقليدي. فكرافيك مهر الدين الخطي وبمصادره الفوتوغرافية خضع  لمعالجات لونية محايدة ومختزلة، وعلى النقيض من الملونة الطبيعية الفيزيائية  المتوهجة، بقيت ملونته محافظة على حياديتها التي تمتعت بها اعماله السابقة.

              

     
 
*- رافع الناصري:  درس الفن في بغداد وبكين ولشبونة كان قد لعب دورا كبيرا في تدعيم ركائز الحركة التشكيلية في العراق وبالأخص في مجال الحفر الطباعي "الكرافيك" حين أسس فرعا لتدريس ذلك الفن في معهد الفنون الجميلة كان رئيسه   لزمن طويل، رافع الناصري كان خبيرا بإرادة الطبيعة وهي تعلن عن انحيازها لقوة الخير، كان الرسام العراقي يستأنف عمله من لحظة تفاؤل، ما من شيء يدعوإلى اليأس، ضربة رافع الناصري على سطح اللوحة هي أشبه بالموجة التي تمحو ما قبلها، ومع ذلك فلا يزال هناك شيء من الطبيعة التي محاها يتثاءب بين يديه، لقد تعلمت فرشاته دروسا في السفر في الزمن. تنسى لتتذكر وتتذكر لتنسى. تجريدياته تشف عن طبيعة يخالها المرء قد ذهبت بعيدا، غير أن الناصري إذ يستحضرها لا يكترث كثيرا بصورتها، بل يهمه أن يقبض على خيالها الذي لا يزال ينعم عليه بلذائذ ومسرات روحية، ولأنه لم يؤنسن الطبيعة فقد حفظ لها كرامتها البرية.

                           
 
*- عادل كامل:  عادل كامل( مواليد1947) له مئات من الروائع الفنية التي أنتجتها أنامله الممتدة من عام1963 ولحد الآن، نفذها بطرق متعددة بالرسم والنحت والحفر(الكرافيك) والسيراميك الطيني، ولا يزال بخفة النموذج الستيني المثالي،أفضل مافي أعماله التشكيلية أن يجعلها كالتأليف الموسيقي يشترك في كل النغمات التي توحيها البيئة وتوحيها الحياة ولكن عبر التأمل ، ملتهم الحياة بتطرف ، ولا يزال عادل كامل  مخلصاً لانفصاله واتصاله معاً، فعلى رغم غزارته في مختلف أنواع الفنون ( خمس كتب في النقد الفني / روايتان / خمس مجموعات قصصية / تسعة معارض شخصية / وكتابه صحافية مستمرة ) فأنه لم ينظر الى وجوده التاريخي ألا من زاوية القدر الذي لا يمكن التصرف إزاءه ألا بإظهار القبول ، ومنحة صوفيته الجديدة هذا الموقف غطاءً مقبولاً .
عادل كامل ، الرسام لا يفر من قدره هذا بل يؤكده . أنه ، في كل مرة ، يعود الى بدياته ، متأثر برسوم إسماعيل فتاح التي عرضها بعد عودته من روما عام (1964) ألهمت هذه الرسوم ( رسوم فتاح ) حركة يده وجعلتها قادرة على التعبير تلقائياً ، وكانت غريزة الاتصال لدى فتاح مفتاحاً بالنسبة الى كامل للدخول الى عوالم أسرية أهلة بالأنفتاح الجسدي والنفسي ، وعلى رغم تجريديته المظهرية ، لا يزال مخلصاً لنوع من التقسيم التكويني.

       


       


*- وداد الأورفلي: من أشهر الرسامات المبدعات، ولدت في بغداد عام1929، أنهت دراستها في معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1960 حيث تتلمذت على يد أستاذها ومعلمها خالد الجادر، وواكبت في حياتها الفنية رواد الفن في العراق امثال فائق حسن وعطا صبري وإسماعيل الشيخلي وفرج عبو وعبد الرحمن الكيلاني.وفي 1956 شاركت في أول معرض في بغداد، وعندما زار الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق المعرض أعجب أشد الإعجاب بإحدى لوحاتها وطلب وضعها في قصرالرحاب،عشقت بغداد وتغزلت بها، وان بغداد سحرتها وألهمتها لكونها مدينة جميلة، قديمة وحالمة، لذلك كانت دوماً تريد ان ترسم لبغداد شيئاً جديداً جميلاً لم يرسمه أحد، شيئاً ينصف تلك المدينة التي قضت فيها أجمل ايام حياتها.تطغى البيئة البغدادية على لوحات الرسامة العراقية وداد الأورفة لي التي تتميز بأسلوب خاص يشعر المشاهد معه كما لو أنه جالس في بغداد يقرأ إحدى قصص ألف ليلة وليلة، القبب اللازوردية التي تترامى حتى الافق المصطبغ بالشمس الغاربة، والنخيل والاهلة وزخارف زينت حيات الالاف والملايين من المفعمين بالامل والرافضين التخلي عن الايمان بالمستقبل..، هي أول من أفتتح قاعة خاصة في عام 1983 وهي قاعة الأورفلي للفنون، ولقد اصبح ذلك صرحا احتضن كافه أنواع الفنون، الذي أضاف بعدا خاصا للواقع الفني العراقي على مدى عشرين عاما.حيث كانت تلك القاعة مركزا ثقافيا جامعا، فإلى جانب عرض كل أنواع الفنون التشكيلية، كانت هنالك محاضرات ثقافية، امسيات موسيقية، سينما، مسرح ودورات تعليمية، وظلت أبواب القاعة مفتوحة إلى ان جاء الغزو الأميركي للعراق إذ تعرض شأنه شأن بقية المعارض في بغداد، إلى عمليات نهب وسلب، ثم تمت مصادرته وتحول الآن إلى دائرة بلدية المنصور، في حالة قد تكون الأولى من نوعها في الوطن العربي؛ أطلقت الفنانة العراقية وداد الأورفلي، في 28 شباط 2011، ألبومها الموسيقي الأول مع بلغوها 82 عاما،  وأطلقت على ألبومها اسم (أنغام عربية).

                
       


*- سعاد العطار: مواليد 1942 من الجيل التالي لمرحلة الرواد،ت ، وتفجرت موهبتها في سن مبكرة في سن السادسة عشرة كفنانة وتدرس الفن التشكيلي، واصلت دراستها للفن في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا، مغرمة بالشعر، ولوحاتها تبدو شعرا جميلاً مليئاً برموز تعبيرية تأثرت ببداياتها بالمدرسة الإنطباعية في الرسم وخصوصاً الهولندية ويبدو ظاهراً في معظم لوحاتها الإسلوب الجرافيكي الثنائي الأبعاد ابتدعت إسلوباً خاصاً بها ميزها عن غيرها وجعل للوحاتها قيمة حضارية هامة تعبر بها عن أحلامها وفي عام 1963 أقامت أول معرض شخصي لامرأة في بغداد، وانشغلت بتجسيدها فالمرأة بالنسبة إليها هي الشجرة التي لا تكف عن العطاء، أقامت معارضها الشخصية في بغداد وبيروت والكويت وباريس ولندن وواشنطن ولوس أنجلوس، وشاركت في معارض عربية ودولية في مختلف عواصم العالم وبينما كانت أعمالها تغوص في الموضوعات الرومانسية والانطباعية ذات طابع قصصي يمكن تتبعه والتفاعل معه ، إلى  أن بؤرة اهتماماتها الفنية تحولت إلى العراق حينما بدأت التراجيديا العراقية في  التشكل، فالعطار معطاءة كريمة في فنها لا تتوقف عند نيلها لجوائز عالمية ومعارض مكللة بالنجاح، بل تبقى ترسم وتعطي لكونها امرأة وتقول (نعم لن أكف عن العطاء لأنني امرأة وسأبقى أرسم لأنني فنانة ناقلة لحضارتي التي تكتب هويتي كعراقية) غادرت إلى لندن عام 1976 لكن لم تفقد صلتها مع وطنها ، ولكن قوة انتماء الفنانة لبغداد أكبر من أن تُكبح. ولوحاتها في المنفى عامة تنتسب للمخيلة، المعززة بالذاكرة وحدها: ذاكرة الزمن العراقي الأسطوري (من تاريخ العراق القديم)، أو ذاكرة زمن المدن العراقية المحزونة. في معرض عام 1991، كانت اللوحات حول مدينتي الملونة، والآن أصبحت مدينتي المحترقة.

                 

       
 
*- ليلى العطار: فنانة تشكيلية  من مواليد بغداد عام1944، تخرجت من أكاديمية الفنون الجميلة للسنة الدراسية 1964_1965، وأقامت خمسة معارض شخصية داخل العراق، كما أقامت معارض خارج العراق، مبتكرة ومجددة في فهم أدوات التغبير، فنانةجميلة العينين السومرية الملامح ولسانها الفصيح، تندمج شخوص ليلى العطار وهن نساء منفردات يحتلن مركز لوحاتها مع الطبيعة البدائية والأشجار الجرداء وكأنها تعني الخلاص من الواقع البائس والتوجه نحو الطبيعة وشمسها، شهيدة الفن، قامت الطائرات الأمريكية أثناء قيامها بغارة جوية على مدينة بغداد في  27 حزيران 1993 بأستهداف منزلها الكائن في منطقة المنصور بصاروخ أودى بحياتها هي وزوجها، هدم مرسمها ومعبدها الخاص ومنه كانت تخرج الهاماتها لكي تكون لوحات فنية تجعل من يتأمل فيها يطوف في عالم آخر من حب الجنان.

             

   
 
*- بهيجة الحكيم: مواليد 1937، واصبحت مديرة لمتحف الفنانين الرواد – بغداد منذ عام (1982 الى عام  1994) ... ولها العديد من المعارض الشخصية داخل وخارج العراق فضلا عن مشاركاتها المتواصلة  في اغلب المعارض التي اقيمت داخل وخارج العراق، في طفولتها كانت تتطلع بوعي وادراك الى القباب، الذهبي والازرق وقطع القماش الاخضر المعلق على شبابيك من الحلم والامل، حين تعود الى البيت، كل هذه العوالم استقرت في مخيلتها ووظفتها في رسوماتها، لها دور كبير في الفن  التشكيلي العراقي المعاصر حيث وجدت العديد من الاعمال الفنية واقترحت اشكالا فردوسية كما ان لها القدرة على ان تحلم وتتامل في عالم الروح خارج حدود اللعبة الملكية فتستعين بالرسم لاجل الارتقاء بحواس المتلقي وانطلاقا من عين القلب الى الصمت ومناطق الجمال والمثال، محاولة ان تبوح بالمستحيلات التي طالما عشقها الفنان العراقي والمهتم بمسالة تحرير اشكاله من اصنام البعد المكاني لصالح الفضاء المفتوح، كرست كل حياتها في تصوير الورد وتحريرها لتجعلها بوابة دخول لا بوابة مغادرة  فضلا عن انها دائمة التنقيب في اسرار الورد وعبيره  وتكويناتها الزهرية تعد رسوم شعرية لا تتقصد انارة الذاكرة بالامل الاخضر ( الوطن ) فحسب بل تنتج دلالات انثوية بسياقات جمالية جديدة وتتخذ من القيم الروحية فضاءا جماليا ذي طابع حركي بعيدا عن محدودية المكان الواقعي المادي.

                                         


*- قتيبة الشيخ نوري: ترتسم المأساة في أعمال الدكتور الطبيب قتيبة الشيخ نوري ، منذ البدء ، وحتى النهاية ، وعلى الرغم من حبه للطبيعة المنظور لها بأسلوب تجريدي ، وحبه للأشكال ، ومنها الحرف العربي . إلا انه كان أقرب إلى التعبيريين والرمزيين منه إلى الواقعيين، فهو رسام استثمر خبرته النفسية في الرؤية وببناء عالمه التشكيلي، فضلاً عن المضامين الثقافية والروحية المعاصرة،  مما جعل تجربته متميزة وعميقة وغريبة أيضاً .
 كان هذا الرجل الطبيب شعلة نشاط تلفه حيوية الشباب وعنفوانه رغم كبره ، لقد كان نهما لتذوق صنوف الفن من تشكيل وموسيقى ، كان اداؤه التشكيلي تحكمه قوانين خاصة ابتكرها هو،فالدائرة لديه كون وجسد وعمارة   كان انيقا في ادائه ولم يكن يشبه اي من مجايليه الاطباء الفنانين.

          

  
    


*- الدكتور علاء بشير: ولد الجراح التجميلي والفنان التشكيلي عام1939، خاض علاء بشير تجربته الفنية الأولى برسم اللوحات الانطباعية في خمسينيات القرن العشرين ثم تغير الأسلوب الفني تدريجياً في نهاية الستينيات ليعانق السريالية فوق الواقعية للوحات، ولايحائه وافكاره عن الغراب والمفتاح في مشاريعه السابقة بصمة مميزة، بيد ان الكراسي اكثر اثارة للدهشة والاعجاب، حيث هيمنت الكراسي على المشهد الايحائي والصوري للوحات، وقد تظهر الايحاءات منفردة او مجتمعة، كما في لوحة كرسي الانتظار، اذ يصور كرسي متواضع غير مثير للاهتمام يجثم عليه ستة غربان تصرخ عاليا بقلق شديد، وفي لوحة توتر كرسي جميل التصميم ينتظر الغراب الواقف عليه بقلق قرينه، وفي لوحة أخرى يظهر كرسي مقلوب في حالة نهوض، الى جانب الصدى البصري للمفتاح في صراع مع مقعد وأرجل الكرسي المقلوبة، تتميز اعماله معالجات لموضوعات مختلفة منها الغراب في بواكير تجربته في نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات، وهو يربط بين التنويع في تصوير الغراب في أعماله وبين تأملاته في الفكر والوجود، مثل مفهوم الصعود إلى أعلى ومن ثم الانحدار والنزول إلى أسفل. ومن الرموز والعلامات الأخرى في أعماله (الأقنعة) التي أنتج منها سلسلة من الأعمال انطلاقا من رؤيته لمحورية فكرة القناع في السلوك الإنساني، وهكذا في المفتاح رمز الوطن، وباعتباره نحات مقتدر صمم نصب (اللقاء)  في ساحة اللقاء بحي المنصور، الذي يرمز للعلاقات الإنسانية، وهو عبارة عن رمزين لرجل وامرأة، أزيل هذا النصب من قبل من يحكم العراق اليوم، وهو جريمة وتدمير لذاكرة بغداد وهويتها.

         
 
*- الدكتور عبد الأمير القزاز: أستاذ الفيزياء في كلية العلوم ، عضو مؤسس في جماعة الانطباعيين بقيادة الفنان حافظ الدروبي، كنا كطلاب نشاهده في مرسم حافظ الدروبي وكتبنا ذلك قي مقالتنا عن كلية العلوم التي تخرجنا منها، تدرب في الرسم والنحت على يد الفنان أبراهيم عبد الوهاب في مدرسة تطبيقات دار المعلمين الأبتدائية وغلى يد الفنان قاسم ناجي، شارك في معارض كثيرة.
إن جيل الستينات كان حافلاً بأسماء إبداعية مهمة تركت منجزاً فنياً واضحاً في الرسم، والنحت، والسيراميك أمثال (صالح الجمعي)،(شوكت الربيعي)،(علي طالب)،(أرداش كالكانيمان)،(سعد شاكر) ،(ياسين شاكر)،(غازي السعودي) ،(عماد الطائي)،(شوكت الآلوسي)،(نداء كاظم)،(سعد الطائي)،(ماهود أحمد: رسام الأهوار وجمالها) (نهى الراضي) ( أول من تخصص في الفخار )، (سميرة عبد الوهاب)،( وداد الأورفلي)، (سعاد العطار)، (ليلى العطار)، (ساجدة المشايخي)، (سالمة صالح)، (بتول الفكيكي)، (مهين الصرّاف)، (عبلة العزاوي)، (فاتن كمال عبد الجبار الكيالي)، (أديبة القاضي)، (نعمت محمود حكمت)،( سوسن سلمان سيف)، (ناثرة آل كتاب)، (" أمل " أميلي  بورتر)، (سهام السعودي)، (نجاة حداد)، (سلمى الخوري)، (هيلدا أبو لحيان)، (ثريا النواب)، (سميرة الصرّاف)، (زينب عبد الكريم)،(سهام الشكرة)،(أسما الأغا) وغيرهم.
كما لا يمكن نسيان من أبدع من الرسامين في حقل الكاريكاتير وهم:
*- الرسام المبدع غازي الذي ترجم الأمثال والأقوال الى لوحات كاركاتيربة ساخرة، وهو الذي أبتكر شخصية البغدادي الذي يسخر من الأوضاع ويسخر من الأستعمار،أن أعماله رسمت الضحك والبسمة في وجوه من يشاهد رسوماته.      *- الرسام عباس فاضل الذي أبتكر شخصية الدلالة(أم ستوري) والتي كانت تنشرها مجلة ألف باء.
*- الرسام خضير الحميري الذي جسد الهم اليومي للمواطن العراقي ولازال يرسم  لحد الآن.
وهناك الآخرين...........     
وتضاعفت في العقود اللاحقة، وتضاعف معها الفعل الفني الذي شخص بشكل جلي اتساع البحث الاجرائي وعنفوانه، ففي بغداد كانت هناك صالات عريقة للفنون التشكيلية تابعة لوزارة الثقافة، مثل المتحف الوطني للفن الحديث، وقاعة الرواق، وقاعة بغداد، وقاعة الرشيد، وصالات مركز صدام للفنون، الذي كان يعد واحد من أكبر المراكز الفنية في العالم العربي، وتحول اليوم إلى مقر لوزارة الثقافة بعد ان نهبت مقتنياته التي لا تقدر بثمن، إلى جانب صالات معهد وأكاديمية الفنون التشكيلية، ومشاغل وصالات خاصة ملأت بغداد، مما اثر بالتالي على ثراء النتاج الفني عامة، وقد ساهم العديد من الرواد بخلق مرحلة تحول دقيق في استلهام قضايا الظروف الاجتماعية والسياسية والبئية العراقية وتربية وتنمية وأكتشاف لروافد لفنانون تشكيليون جدد، وعكسوا عن قدرة الفنان الجوهرية في استيعاب التقنية والاستعارة والصياغة، تلك الروافد التي اغنت كثيرا ايقاعات اللوحة ومواضيعها، عراق الفن التشكيلي ، يتعملق نحتا قي ربى مدنه،  ويزدان رسما في دروب بلداته وقراه ... التي تحتضن النحت والريش في عملية الخلق والإبداع لروائع فنية مختلفة المعالم , تصنعها الأنامل الفنية ، من رواد ومحترفبن , مخضرمين وصاعدين , رسامين ونحاتين , قدامى وجدد ... ينتمون لمدارس فنية عديدة , من الكلاسيكية القديمة مرورا بالانطباعية فالتجريدية والسوريالية , وصولا إلى الحداثة العصرية ... يمثلون الأصالة والخصوصية والجمال ...مواهب فنية تتجلى في كل العراق من أدناه إلى أقصاه، نذكرمنهم: من رسامي هذا الجيل، في سبيل المثال لاالحصر، صديقنا مخلد المختار، وصديقناالذي كنا نقضي اوقاتا كثيرة في مشغله وصالته فهمي القيسي، محمد فهمي، سيروان بابان، قاسم السبتي هاشم حنون، ناظم رمزي، هادي نفل، محمد صبري، كريم رسن، خالد رحيم، عبد الكريم سيفو، سعدي داود، علي جبار، كامل الموسوي، حسن عبود، فاخر محمد، حسام عبد المحسن، عاصم عبد الامير، عبد الرزاق ياسر، محمد تعبان، حيدر خالد، ماهر حربي، مصطفى نور الدين، غازي الدليمي وعبد الصاحب الركابي وغيرهم... الفوضى التي رافقت ألاحتلال الأمريكي في نيسان 2003، فقد تعرض  اغلب المؤسسات والمرافق الثقافية الى عمليات تخريب ونهب. كان من ظمنها مبنى مركزصدام للفنون في بغداد، الذي يضم المجموعة الدائمة للمتحف الوطني للفن الحديث، وبينها نخبة من أبرز النماذج الابداعية في مجالات الرسم والنحت والخزف والكرافيك والخط العربي والزخرفة الاسلامية. وهي كناية من منتخبات من حركة الفن التشكيلي في العراقي بأجياله المتعددة منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الوقت الحاضر، كما هاجر كثير من رجال ونساء الفن التشكيلي واغلقت أكثر الصالات بسبب الفوضى وأنعدام الأمن وأستخدام سياسة اضطهاد وعزل المبدع العراقي، ومن الله التوفيق.

سرور ميرزا محمود


     

        

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

523 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع