هل تستحق ملكة فرنسا ماري أنطوانيت كل هذا التشويه؟

     

          لوحة تجسد شخصية الملكة ماري أنطوانيت

العربية.نت – طه عبد الناصر رمضان:تصنف ماري أنطوانيت كآخر ملكة فرنسية سبقت فترة اندلاع الثورة عام 1789 التي أسفرت عن انهيار نظام الملك لويس السادس عشر وإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية.

وقد حلت ماري أنطوانيت، ابنة امبراطور النمسا فرانسيس الأول وزوجته الإمبراطورة ماريا تيريزا، بفرنسا قادمة من فيينا عام 1770 وهي في الرابعة عشرة من عمرها عقب زواجها من وريث عرش فرنسا لويس السادس عشر الذي تولى مقاليد الحكم بشكل رسمي يوم 10 أيار/مايو 1774 عقب وفاة والده لويس الخامس عشر.

شعبية متدهورة
وبعد حوالي 8 سنوات من زواجهما، أنجبت ماري أنطوانيت أول أبنائها فرزقت يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 1778 بابنتها ماري تيريز.

وعلى الرغم من الشعبية التي كسبتها بفرنسا تزامنا مع زواجها وحصولها على لقب الملكة، تدهورت صورة ماري أنطوانيت بمرور الوقت فنسبت إليها خلال السنوات التالية العديد من الشرور فاتهمت بالتعاطف مع أعداء فرنسا وعلى رأسها النمسا، موطنها الأصلي، كما شكك آخرون في شرعية أبنائها وتحدوا عن خيانتها الزوجية ووجه لها عدد كبير من الفرنسيين تهمة بالإسراف والتبذير في الإنفاق وإفراغ خزائن البلاد وتجويع الشعب.

وعقب سقوط الباستيل يوم 14 تموز/يوليو 1789 وقيام الجمهورية عام 1792، ساقت مثل هذه التهم الملكة السابقة ماري أنطوانيت نحو المقصلة حيث أعدمت الأخيرة يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر 1793 وفارقت الحياة عن عمر يناهز 37 سنة.

  

"دعهم يأكلون الكعك"
ومن ضمن القصص الخاطئة التي نسبت لماري أنطوانيت وساهمت في تشويه سمعتها بكتب التاريخ، يذكر كثيرون قصة مقولة "دعهم يأكلون الكعك" (Let them eat cake) والتي برزت بالمصادر الفرنسية بشكل أدق تحت كلمات "دعهم يأكلون البريوش" (Qu'ils mangent de la brioche) والبريوش هو نوع من الخبز الفرنسي الفاخر الذي يصنع أساسا اعتمادا على الدقيق والبيض والزبدة. وقد قيل إن هذه الكلمات قد ارتبطت بماري أنطوانيت عندما علمت بانتشار المجاعة وتفشي الفقر بين الفرنسيين وعدم قدرتهم على شراء الخبز.

أسطورة شعبية قديمة
إلى ذلك، سجلت هذه العبارات التي ربطت بين الفقراء والكعك ظهورها منذ قرون بمختلف أرجاء أوروبا فبرزت قصص مشابهة لها بمناطق عدة كإسبانيا وإنجلترا وروسيا. وخلال القرن السادس عشر، ظهرت بالمناطق الألمانية حكاية شعبية تداولها كثيرون عن تساؤل إحدى النبيلات الألمانيات عن سبب جوع الفلاحين الفقراء واعتمادها لعبارات "لماذا لا يأكل الفقراء الكروسيم" (krosem) والذي كان نوعا من الخبز، حلو المذاق، شبيه بالبريوش الفرنسي.
جان جاك روسو
ولدى الفرنسيين، كان الكاتب والأديب والفيلسوف الجنيفي (منحدر من جنيف) جان جاك روسو (Jean-Jacques Rousseau) أول من قدّم هذه العبارات بكتابه الشهير "اعترافات جان جاك روسو" الذي كان عبارة عن سيرة ذاتية من تأليفه. وقد أتم جان جاك روسو كتابة هذه السيرة عام في حدود العام 1767 ونشره عام 1782. لكن أثناء فترة إتمام كتابة هذه السيرة، لم يتجاوز سن ماري أنطوانيت 12 عاما وكانت لا تزال حينها بفيينا. من جهة ثانية، نسب جان جاك روسو هذه العبارة "دعهم يأكلون البريوش" لملكة عظيمة دون أن يحدد اسمها بشكل واضح. وأثناء القرون التالية، اختلف العديد من المؤرخين حول هذه الملكة واتجه بعضهم للحديث عن الأميرة الإسبانية ماريا تيريزا (Maria Theresa) زوجة ملك فرنسا لويس الرابع عشر وملكة فرنسا ما بين عامي 1660 و1683.
ارتباط القصة بماري أنطوانيت
وعن كيفية ارتباط هذه العبارات بشخصية ماري أنطوانيت، يشكك المؤرخون في اعتمادها من قبل عدد من الأشخاص زمن الثورة الفرنسية لتشويه الملكة وشحن مزيد من الكراهية والغضب الشعبي تجاهها. إلى ذلك، كان الكاتب الفرنسي جان باتيست ألفونس كار (Jean-Baptiste Alphonse Karr) أبرز من نفى هذه القصة. فمن خلال ما كتبه بجريدة Les Guêpes عام 1843، تحدث كار عن عثوره على عبارات "دعهم يأكلون البريوش" بكتاب يعود لعام 1760 حيث كان عمر ماري أنطوانيت حينها 5 سنوات فقط.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

421 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع