حرب احتلال العراق ٢٠٠٣ - الحلقة الثامنة

   

حرب احتلال العراق ٢٠٠٣ - الحلقة الثامنة

    

   

    

تحية طيبة ..لمتابعة بعض الاحداث المهمة ضمن المرحلة الرابعة التي جاء ذكرها في الحلقة السابعة نتابع في هذه الحلقة وما بعدها معارك مهمة خاضتها قواتنا البرية ممكن تشبيهها بالمعارك الجهادية ضد قوات متفوقة عددا وعدة .

معركة الجسر
يستمر الفريق رعد مجيد الحمداني بسرد تفاصيل معارك تشكيلاته للفترة من الاول من نيسان/ابريل وحتى احتلال بغداد وهو يواجه العدو بأقصى ما يملك من قدرات وامكانيات بشجاعة واقتدار عاليين لا توازي ولو بنزر قليل من قوات التحالف ، ( في الساعة 0200 يوم 3 نيسان/ابريل خضنا معركة الجسر وكان معي قائد فرقة المدينة المنورة يقود جزءً من المعركة وكذلك آمر اللواء العاشر العميد الركن سعد الحياني يقود قوة من الاتجاه الاخر ، وكنت قد دفعت القوات الخاصة على امتداد قناة اروائية جافة تتصل باستدارة الجسر ، بعد ساعتين من القتال استشهدت مجموعة القيادة والمخابرة التابعة لمقري وكذلك جزء من مقر قائد فرقة المدينة المنورة نتيجة للغارات الجوية المعادية المكثفة ، وقد نجوت مع قائد الفرقة من موت محقق أكثر من ثلاث مرات ، وضاع املي في دفع جماعة تدمير الجسر بقيادة آمر الهندسة العسكرية للفيلق العميد الركن جاسم محمد وبإسناد آمر الهندسة العسكرية في الحرس الجمهوري اللواء الركن بكر عبد الكريم ، الا انني اصررت على مواصلة التقدم والقتال باي ثمن فمصير بغداد سيتحدد في اليوم التالي ، مع انبلاج ضوء الثالث من نيسان وصلت طلائع قواتنا الخاصة الى استدارت الجسر ، وفي هذا الوقت شنت اعداد كبيرة من الطائرات المعادية والمروحيات سلسلة من الهجمات الشديدة ، بحيث لم يتبقى لي اية دبابة او ناقلة حتى عجلات القيادة العائدة لي ولقائد الفرقة ، اشرقت الشمس وطائرات العدو تمعن بقواتنا تدميراً حتى قرى الفلاحين المحيطة بالمنطقة لم تسلم من القصف المعادي ، عندها فقدت الامل وامرت بالقتال التراجعي الي خطوط صد الى الخلف ، لقد خسرنا المعركة ، وقد تبين لي عند نهاية الجسر وجود اكثر من ستين دبابة وعجلة قتال معادية وعشرات المروحيات ناهيك عن الطائرات المقاتلة التي لم يتوقف قصفها ، في الساعة السادسة والنصف صباحاً قطعنا التماس بدروع العدو .

    

                   معارك جسر جرف الصخر

  

                  احتلال جسر جرف الصخر

يستطرد الفريق رعد قائلاً ، لم تنقصنا الشجاعة لكن تقنيات اسلحتهم وتفوقهما حسما المعركة لصالحهم.
في الساعة التاسعة من صباح يوم الثالث من نيسان جلست ومعي قائد فرقة المدينة المنورة وآمري الهندسة العسكرية للفيلق قرب الشارع الرئيسي في المنطقة وقد انهكنا التعب والالم لما يجري وما باليد حيلة الا استخدمناها ، وصلنا رئيس اركان الحرس الجمهوري الفريق الاول الركن سيف الدين الراوي ومعه رئيس اركان فيلقي ، قلت لهم لم يقصر احد ان تفوق العدو التقني وقوته الجوية لا يجاريان والرجال قاتلوا حتى النهاية .)
في ليلة 4 /5 نيسان/ ابريل شنت أحدى فرق الحرس الجمهوري الخاص هجوم مقابل في منطقة المطار الا انها تكبدت خسائر فادحة بعد ان استخدمت القوات الامريكية أسلحة جديده منها القنابل الفراغية ذات القدرة التدميرية العالية والتي تشل من حركة القوات قبل اشتباكها ، في هذا الصدد يذكر الفريق الركن رعد الحمداني ( في السادس من نيسان كانت هناك قوة تدافع عن المطار بقيادة العميد الركن برزان عبد الغفور الناصري حيث كان يقود عناصر من الحرس الجمهوري الخاص وفدائي صدام وبعض اجهزة الحماية الخاصة وقد استخدمت القوات الامريكية القنابل النارية الحارقة ، و سبق ذلك تدنيس الامريكيين للجزء الغربي منه لكنهم انسحبوا تحت وطأة الخسائر الشديدة وفي النهاية استخدم الأمريكان القنابر النيوترونية المحرمة )، اعتبارا من 5 نيسان/ ابريل 2003 حاولت القوات العراقية غلق طريق تقدم القوات الامريكية الى العاصمة بغداد لكن دون جدوى ، بعد تكبدها خسائر اضافية بالأفراد والمعدات رافقها محاولات القوات العراقية القيام بهجمات مقابلة في اتجاه مقتربات بغداد الجنوبية والجنوبية الشرقية والغربية وباتجاه المطار دون اية فائدة فقد زاد توغل القوات الامريكية مع زيادة حجمها وزيادة الاسناد الجوي بمختلف الطائرات القاصفة والهليكوبتر وطائرات الاسناد (اي 10 ) في ظل سيادة جوية مطلقة ، لم تستطيع القوات العراقية تحقيق اي نجاح حتى يوم 7 نيسان سوى كثرة الخسائر بالأشخاص والمعدات رغم ادائها البطولي ( الاستشهادي ) ، ثم يضيف الفريق الركن رعد الحمداني ما يأتي ( في ليلة 6 / 7 نيسان/ ابريل قال الشهيد صدام للفريق سيف الدين الراوي بعد إعفائه من رئاسة اركان الحرس الجمهوري (( لقد سلبت ارادة الحرس الجمهوري على القتال ، لقد كنت فيك مخطئاً خطئاً كبيراً ، ولم تكن تقديراتك صحيحة لكل المواقف )) ، ثم اوكلت قيادة الحرس الجمهوري الى وزير الدفاع الفريق الاول الركن سلطان هاشم ورئيس اركان الجيش الفريق الاول الركن ابراهيم عبد الستار ...) ، في يوم 8 منه بدأت تضيق حلقة الحصار حول بغداد مما اضطرت القيادة العراقية فرض حضر التجوال ليلا في مداخل ومخارج بغداد ، كما عقد وزير الاعلام آخر مؤتمراته الصحفية امام فندق فلسطين مريديان ليؤكد استمرار المقاومة والصمود وتم خلال المؤتمر قصف الفندق وقتل ثلاث صحفيين ، وفي ذات اليوم ايضاً تراجعت الاجراءات الامنية داخل بغداد وأخليت المواضع الدفاعية فيها من شاغليها من مقاتلي القوات شبه العسكرية بعد ان اشيع عن سقوط النظام العراقي بمغادرة القيادة السياسية خارج بغداد ومعها انهارت القيادة العسكرية ، كما يذكر الفريق رعد ايضاً ما يأتي ( في 8 نيسان اصدر علي حسن المجيد أمراً لتجميع ضباط المقر العام من رتبة فريق الى ملازم في نادي الضباط بمنطقة الكسرة كمشروع استشهاديين وتوزيع للبعض منهم الاحزمة الناسفة لتدمير الدروع المعادية بأجسادهم ولا اعرف ما درجة تنفيذ هذا الامر الغريب ) ، في يوم 9 نيسان/ ابريل دنست قوات الفرقة الثالثة الامريكية جميع انحاء بغداد وقامت بتدنيس تمثال الشهيد صدام حسين بذلك المشهد المعد سلفاً من قبل القوات الامريكية بإدارة صهيونية مع مجموعة من الغوغاء المتعاونين مع المحتل ،ثم بدء الاعلان عن الانهيار التام للنظام العراقي وهدأت كافة جيوب المقاومة سواء العسكرية او شبه العسكرية التي كان منوط بها حماية العاصمة بغداد وانتشرت الاشاعات عن احتمال حدوث خيانة في صفوف القوات المسلحة وغير ذلك من التبريرات ، بمجرد الاعلان الرسمي عن احتلال بغداد ابتدأت أعمال النهب والسلب والحرق لكافة دوائر الدولة والمستشفيات والممتلكات الخاصة ومخازن الغذاء والمتاحف والمكتبات العامة والبنوك والمحال التجارية المدنية ...الخ في خطوة غير مسبوقة بتاريخ العراق الحديث وفي وضح النهار تحت نظر وتنسيق القوات الامريكية بعد قيامها بكسر الابواب والسماح للغوغاء من داخل وخارج العراق بسرقة هذه الدوائر في خطة مقصودة للحط من هذا البلد الذي بقي عصيا على اعدائه منذ عهود طويلة .

   

              زحف القوات الامريكية لاحتلال بغداد

   

          احتلال بغداد في 9 نيسان / ابريل 2003

الاتجاه الاستراتيجي الشمالي
قوات التحالف
الهدوء لازال مستمراً على الجبهة الشمالية لكنه أقتصر على القصف الجوي الامريكي لمواقعنا الدفاعية التي هي على خطوط التماس وحول محافظتي الموصل وكركوك ، كما استمر التقدم البطيء دون قتال لقوات (البيشمركة) الكردية المسندة بعناصر من القوات الخاصة واللواء 173 حيث استولت على المواقع الدفاعية التي تقوم القوات العراقية بأخلائها ، لقد انعكست التطورات السريعة في الجبهة الوسطى بعد احكام السيطرة على بغداد على تطور الاوضاع في الجبهة الشمالية ، حيث اتفقت تركيا بعد زيارة وزير الخارجية الامريكية كولن بأول لها على تقديم مساعدة ادارية محدودة بالسماح لطائرات النقل المحملة بالقوات الامريكية في الهبوط بقاعدة (انجر ليك) وعبور 200 عجلة همر الى شمال العراق ، بعد الهدوء النسبي الذي اشرت اليه حتى يومي 8 و 9 نيسان/ ابريل 2003 ، ففي يوم 10 نيسان دخلت قوات (البيشمركة) الكردية مدينة كركوك التي شهدت أعمال نهب وسلب دون اي مواجهة من القوات العراقية سواء العسكرية او شبه العسكرية ، وفي مدينة الموصل تم عقد اتفاق بين قوات (البيشمركة) والقوات الامريكية من جهة والقوات العراقية ( الفيلقين الاول والخامس ) من جهة أخرى يتم بمقتضاه أيقاف اي مقاومة عراقية واستسلام دون قتال ، وهكذا تحققت المهمة النهائية على الجبهة الشمالية لقوات التحالف دون قتال او خسائر .
القوات العراقية
رغم التفوق النسبي للقوات العراقية على قوات (البيشمركة) والقوات الامريكية البرية فأنها لم تحاول القيام باي نشاط قتالي واقتصر نشاطها على اطلاق عدد من الصواريخ ارض – ارض على مطاري حرير وبامرني وعلى المواقع المخلاة بعد الانسحاب منها لحرمان (البيشمركة) الكردية من احتلالها ، علماً لم يعرف سبب انسحاب القوات العراقية من مواضعها الدفاعية واقترابها من المدن دون ان تقاتل والاعتقاد السائد حتى لا تتعرض للقصف الجوي المعادي وهذا عذر غير مقبول لان القصف الجوي مستمر ولم ينقطع لكن المرجح الاكثر قبولا هو شلل ومداخلات القيادة العسكرية للمنطقة الشمالية التي انيطت الى نائب القائد العام للقوات المسلحة عزة الدوري لاحتمال القتال حول او داخل المدن ولم يتحقق ذلك حتى انتهاء هذه الصفحة من القتال .
الاتجاه الاستراتيجي الغربي
قوات التحالف
لم تشهد الجبهة الغربية أية احداث هامة او أعمال قتال ذات قيمة حيث فرضت القوات الخاصة الامريكية السيطرة التامة على المدن والقواعد الجوية وطرق التموين والادامة وخطوط أنابيب النفط المتجهة الى سوريا مع قيامها بدوريات جوية بالطائرات المقاتلة والهليكوبتر للتأكد من أية تحركات برية محتملة .
القوات العراقية
لم تقم القوات العراقية باي نشاط قتالي خلال هذه المرحلة لسببين عدم كفايتها نسبة للقوات الامريكية والاخر هو استسلامها للأمر الواقع بعد المراهنة الخاطئة على القوات البرية والقوات شبه العسكرية في حرب معاصرة .
المراجع :
1 ) .الفريق الركن رعد مجيد الحمداني : قائد فيلق الفتح المبين جيش الحرس الجمهوري : قبل ان يغادرنا التاريخ.
2). تصاميم الخرائط من قبل الاستاذ مهند عبد الجبار الشيخلي .

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:

https://algardenia.com/terathwatareck/35088-2018-04-20-10-54-44.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

627 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع