رجال و أحداث في تأريخ شرطة العراق - مدير الشرطة محيي الدين عبدالرحمن

   

رجال وأحداث في تاريخ شرطة العراق
مدير الشرطة  محيي الدين عبدالرحمن
كتبها ولده: عدنان محيي الدين عبدالرحمن/  عميد شرطة متقاعد ومحام حالياً

            

            العميد المتقاعد عدنان محيي الدين عبدالرحمن

بقلم:د.أكرم المشهداني

يُسعدني ان يشارك الاخ عميد الشرطة المتقاعد (والمحامي حاليا) عدنان محيي الدين عبدالرحمن معنا في مجلة الكاردينيا في كتابة مذكرات والده مدير الشرطة المتميز المرحوم محيي الدين عبدالرحمن يرحمه الله، وهو كان من قادة الشرطة البارزين بين 1922 و 1954، كما انه كان من المشاركين في حملة حصار الكوت التي ادت لاستسلام الجنرال طاوزند وكبار اعوانه، يوم 29 نيسان 1916 حين اعلن استسلام قواته للجيش العثماني بقيادة المشير خليل باشا، الذين تم نقلهم اسرى الى استانبول حينها.
مدير الشرطة محيي الدين عبدالرحمن، من ضباط الشرطة البارزين والمشهود لهم بالمقدرة والكفاءة، الذين خدموا خلال العهد الملكي، كان عراقياً أصيلاً، وبغدادياً صلب العود، قوي الشكيمة، مظهره يبعث على الهيبة والاحترام كحال قادة العراق آنذاك. وقد حفلت مسيرة عطائه في جهاز الشرطة من تاسيس الجهاز في  1922 والى احالته للتقاعد بناء على طلبه بالمنجزات والتميز في اداء المهام الامنية في بغداد وكربلاء والنجف والموصل والبصرة والناصرية والسماوة.
اترككم مع مقالة الاخ العزيز عميد الشرطة عدنان محيي الدين وهو يروي لمحات من مسيرة المرحوم والده في جهاز الشرطة ويكفي المرحوم فخرا فضلا عن انجازاته المهنية ان خلَّف اثنين من ضباط الشرطة المبرزين وهما المرحوم طارق محيي الدين الذي يعرفه كل ضباط الشرطة الذين تخرجوا من كلية الشرطة وكذلك الاخ كاتب المقال العميد المتقاعد عدنان محيي الدين وكليهما خير خلف لخير سلف.
الدكتور أكرم المشهداني

  

                   


سيرة المرحوم مدير الشرطة محيي الدين عبدالرحمن:
بقلم ولده: عدنان محيي الدين
تخرج المرحوم محيي الدين عبدالرحمن من المدرسة الحربية في استانبول سنة 1914 برتبة (ملازم) ومنحته إدارة المدرسة جائزة تقديرية تقديراً لتميّزه وكونه الأول على دفعته بالمدرسة الحربية. وبعد تخرجه وعودته للعراق منح رتبة (ملازم) وشارك في حرب الكوت (موقعة الفلاحية) ضد الجيش البريطاني المحتل بقيادة الجنرال طاوزند، الذي كان يزحف بقواته من البصرة باتجاه بغداد. وكانت موقعة الكوت التي تم فيها اسر قائد الجيش البريطاني الجنرال طاوزند وكبار قادته وارسالهم الى استانبول،
ومع تأسيس الشرطة العراقية 1922 نقلت خدماته إليها، نظراً لقلة عدد ضباط الشرطة العراقيين آنذاك، وانيطت به مسؤولية (معاون شرطة مركز السراي) والذي يعد من أهم مراكز الشرطة في مدينة بغداد.
وبعد نجاحه وتمكنه من كشف العديد من الجرائم الغامضة التي حصلت في بغداد، ومنها حادثة سرقة سيف الملك فيصل التي نشرت مجلة الكاردينيا قصتها، من مكتب الملك في البلاط الملكي وكذلك حادث سرقة دار وزير العدل محمود صبحي الدفتري وسرقة من دار رئيس الوزراء أرشد العمري، وحينها قررت الدولة منحه وسام الرافدين تقديراً لجهوده المتميزة في كشف أخطر الجرائم والسرقات الغامضة، حتى أصبحت له شهرة في مجال كشف الجرائم الغامضة والمجهولة.
حتى أن متصرف لواء الموصل تحسين العسكري طلب من وزير الداخلية نقله إلى الموصل للسيطرة على الأمن هناك بسبب تعديات الجنود الانكليز على الأهالي، وهم سكارى في شوارع الموصل وذلك في عام 1942.

   

وفعلاً لدى وصوله لواء الموصل شَمَّرَ عن ساعديه لإعادة الطمأنينة إلى نفوس أهالي الموصل وتمكن من اتخاذ الاجراءات لردع الجنود الانكليز السكارى حيث قبض على العديد منهم واودعهم في مواقف الشرطة.
وعندما رأى قائد الجيش البريطاني في الموصل ما حلّ بجنوده من إهانة وضرب طلب من المتصرف نقل المعاون محيي الدين عبدالرحمن من الموصل فوراً واعادته الى بغداد فرفض المتصرف لطلب القائد الانكليزي، فقام الأخير بالاتصال بالسفير البريطاني في بغداد وشرح له الموقف فسارع السفير البريطاني الى وزير الداخلية طالباً منه التدخل السريع لمعالجة الموقف، وبناءً على ذلك قررت وزارة الداخلية نقل المعاون محيي الدين إلى دائرة التحقيقات الجنائية المشهورة بالـ CID  في بغداد. واسندت اليه معاونية التحقيقات الجنائية تحت إمرة مدير التحقيقات الجنائية المرحوم علوان حسين.

                      


وكان دائرة التحقيقات الجنائية في ذلك الوقت مكلفة بملاحقة النشاط الشيوعي في البلاد في الاربعينيات، واسندت تلك المهمة لمحيي الدين عبدالرحمن الذي وضع الخطط لملاحقة عناصر الحزب الشيوعي السري وتمكن من القبض على زعيمهم يوسف سلمان الملقب بـ (فهد).حيث تمكن من القبض عليه في وكر حزبي في احدى دور منطقة الصالحية في جانب الكرخ، ومعه آخرون من قيادات الحزب الشيوعي العراقي، واصدرت المحكمة حكمها بالاعدام على (فهد) زنفذ فيه الحكم عام 1948.

                 

وفي نفس الوقت حدثت اضطرابات في قضاء النجف الاشرف فامر رئيس الوزراء نوري السعيد بنقل محيي الدين لمنصب مدير شرطة لواء كربلاء لان النجف الاشرف كان قضاء تابع للواء كربلاء.
 وفي 1952 حصلت توترات واضطرابات في موانيء البصرة فقررت وزارة الداخلية نقله ليكون مديرا لشرطة الموانيء بالبصرة، وتمكن من تهدئة الاوضاع هناك واعادة الامن والنظام في البصرة.  وبعدها حصل خلاف بين مدير شرطة الموانيء وبين وزير المواصلات صادق علاوي (حيث كانت الموانيء تتبع وزارة المواصلات) فحسما للامور قررت وزارة الداخلية نقله الى منصب مدير شرطة لواء المنتفك (الناصرية).
وبعدها تم نقله الى مدير سجن نقرة السلمان لمعالجة الاضطرابات الحاصلة في السجن من قبل المسجونين الشيوعيين.
وفي عام 1954 قرر مدير الشرطة محيي الدين ان يخلد للراحة بعد مسيرة شاقة في مسلك الشرطة محفوفة بالمتاعب والمشاكل والسهر والعناء فقرر ان يحال للتقاعد فاستحصل على اجازة مرضية طويلة وبعدها احيل للتقاعد، ولكنه ظل يشعر بالشوق والحنين لمسلك الشرطة الذي افنى شبابه فيه، فقرر ادخال ولديه (طارق) و (عدنان) الى كلية الشرطة واللذين وصلا لرتب متقدمة في الشرطة، حيث احيل العقيد طارق محيي الدين (يرحمه الله) الى التقاعد بناء على طلبه في السبعينيات بعد ان تخرجت علي يديه دفعات كثيرة من رجال الشرطة لانه كان احد قادة كلية الشرطة البارزين وما زال طلابه يتذكرون ايامه. اما العميد (عدنان) كاتب هذه السطور فقد احيل على التقاعد ايضا بناء على طلبه، وانصرف لمزاولة مهنة المحاماة.

                           
 
                   مدير الشرطة  محيي الدين عبدالرحمن

  
 
صورة تاريخية لرعاية المرحوم الرئيس أحمد حسن البكر لحفل تخرج الدورة 23 لكلية الشرطة يوم 8 شباط 1969 في ساحة التدريب بمبناها القديم القريب من ساحة الطيران يبدو آمر قطعات الاستعراض المرحوم طارق محيي الدين ثم المرحوم احمد حسن البكر والى يمينه المرحوم صالح مهدي عماش وزير الداخلية والى يساره اللواء فاضل العساف مدير الشرطة العام وبالخلف مرافق الرئيس البكر وبجانبه المرحوم اللواء فاضل السامرائي عميد كلية الشرطة يرحم الله جميع الراحلين..كان يوما مشهودا لا ينسى

  


صورة نادرة للجنرال البريطاني طاوزند (الثالث من اليمين ) وهو يعلن يوم 29 نيسان 1916 استسلام قواته للجيش العثماني ولقائده المشير خليل باشا في الكوت (محافظة واسط ) عقب حصار مرير تعرضت له القوات البريطانية الغازية للعراق .  وقد قبل الجنرال طاوزند الهزيمة والاستسلام ورفرت الاعلام البيضاء على كل موقع عسكري وبيت في الكوت وتقدم الجنرال طاوزند من المشير خليل باشا وهيئة اركان حربه حيث جرى احتفال الاستسلام.

    

          ماتبقى اليوم من بناية شرطة بغداد في القشلة

                    

الگاردينيا: كل الشكر والتقدير لأستاذنا الدكتور / أكرم المشهداني الذي كان السبب أن نتعرف على هذه الشخصية العراقية الكبيرة. وشكرا لسيادة العميد الحقوقي / عدنان محي الدين على هذه المادة التأريخية الرائعة ونأمل أن يزودنا بالمزيد..

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

571 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع