منارات في تاريخ شرطة العراق: اللواء طه الشيخلي ١٩٢٤ - ٢٠٠١

  

منارات في تاريخ شرطة العراق: اللواء طه الشيخلي ١٩٢٤ - ٢٠٠١

   

   

  
   

         

في تاريخ العراق المعاصر ومنه تاريخ الشرطة العراقية، نماذج رائعة من الرموز الوطنية التي حفرت بصماتها في تاريخ العراق، ومسيرة العمل المهني المخلص لرفع اسم العراق عالياً. واليوم نعرض لسيرة واحد من ابرز رموز الشرطة في العراق المرحوم (اللواء طه محمد سلمان الشيخلي) مدير الشرطة العام (1967-1968)، واتذكر مقولة لاحد رجال الشرطة المبدعين وهو (الاخ اللواء طارق متعب) ذكرتها في مقالة سابقة، ((اذا كان هناك من قادة الشرطة من يستحقون ان تقام لهم نصب تذكارية لتخليدهم وتخليد سيرتهم فإنهم كل من السادة: طه الشيخلي وعبدالخالق عبدالعزيز وعبدالمحسن خليل)). وها انا احاول ان اعرض شيئا من سيرة هذا الرجل الانسان المثقف العروبي الوطني، دمث الاخلاق الاريحي المتواضع عاشق بغداد المحبوب من الجميع، عاشق باب الشيخ، عسى ان نوفيه شيئا من استحقاقاته وافضاله علينا وعلى جهاز الشرطة وعلى العراق.
من (باب الشيخ) كانت البداية:
اللواء طه محمد سلمان الشيخلي (يرحمه الله) من مواليد بغداد – منطقة باب الشيخ التسابيل عام 1924 عاش طفولته وشبابه في هذه المنطقة الشعبية، واكتسب فيها الصفات الشعبية الاصيلة والعادات البغدادية المعروفة، وظل متواصلا مع هذه المحلة العريقة واهلها. كما انه اكمل فيها دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية وبقربها، الى ان حل عام 1944 بعد نيله شهادة البكالوريا الثانوية العلمي بتفوق عالي ليتقدم للالتحاق بكلية الشرطة (او بالاحرى مدرسة الشرطة العالية) في دورتها الاولى ويتخرج منها عام 1947. ومن الجدير بالذكر انه كان قبلت اوراقه في كلية الطب العراقية لكنه آثر الدخول الى كلية الشرطة لانها تحقق له كثيرا من طموحاته واماله.
دخوله كلية الشرطة:
في عام 1944 دخل كلية الشرطة في دفعتها الأولى وتخرج بعد ثلاثة اعوام برتبة (معاون مدير شرطة درجة ثالة) أي (ملازم ثاني)، كان الأول على طلاب الدورة الاولى وصار راس العرفاء الاقدم عليهم، وعند تخرجه الاول على الكلية تم تعيينه في الكلية.
عن كلية الشرطة يتحدث المرحوم طه الشيخلي في لقاء صحفي:
((تم قبولي في الدورة الاولى لكلية الشرطة وكان تسلسلي 12 على المقبولين، وكان عميدها المرحوم احمد الراوي بالاضافة لمنصبه كمدير شرطة عام، وكان معاون العميد هو المرحوم جميل الراوي، ومن اشهر اساتذتها كان: منير القاضي لتدريس مجلة الاحكام العدلية وطه الراوي لتدريس اللغة العربية والمرحوم عبدالرحمن البزاز لتدريس القانون الاداري، والدكتور مصطفى كامل لتدريس قانون العقوبات، والمرحوم عبدالرحمن خضر لتدريس اصول المحاكمات الجزائية، والمرحوم اسماعيل الراشد لتدريس قوانين خدمة الشرطة، والسيد عبدالجبار الراوي لتدريس مادة البادية والصكوك الجزائية)).
كان ترتيبه الاول في الصفوف الاول والثاني والثالث من صفوف الكلية، ونظرا لكونه الخريج الاول على الدورة الاولى لكلية الشرطة فقد تم تعيينه كمعاون شرطة في الكلية ذاتها في تشرين الاول 1947.
ومن زملائه الذين يتذكرهم ممن تخرجوا معه بتلك الدورة: نهاد الفارسي، صبري عبدالجبار، عبدالوهاب نوري، رفيق توفيق، عبدالكريم فتاح، عبدالهادي صالح، طالب السعيدي، رؤوف نعمان، عبدالملك الراوي، موسى جعفر، ابراهيم اسماعيل، اكرم عثمان العبيدي، غانم احمد، مصطفى وطبان، بشير احمد السلمان، انور ثامر العاني، صبحي محمد جميل وغيرهم.
واما عن طلابه الذين درّسهم ويعتز بهم فيذكر:عبدالخالق عبدالعزيز، عبدالمحسن خليل ، يونس سليمان حسن)، وجميعهم اصبحوا مدراء عامين للشرطة ووكلاء وزارة.
كتب عنه زميل عمره الاستاذ شاكر العاني:
(لقد عرفت طه الشيخلي طالبا لامعا بالشكل والمضمون من الباكورة الاولى لطلاب مدرسة الشرطة العالية وكنت وقتها طالبا من الباكورة الاولى لطلاب اعدادية الشرطة عام 1944.. وقد تفرقت بنا السبل في اقطار العراق نخدم امن المواطن وسلامة الوطن، آلياتنا ارجلنا داخل المدن، والخيول في السهول، والبغال في الجبال، والمشاحيف في الاهوار، اشفق علينا من سبقونا واطلقوا علينا معاون ومفوض نايلون لطراوتنا وهكذا هي سنة الحياة بين القدماء والجدد في كل عصر).
 دخل كلية الحقوق بغداد بالقسم المسائي اوائل الخمسينيات وتخرج منها بتفوق، وكان معه بالدراسة من ضباط الشرطة الذين التحقوا بكلية الحقوق نهاد الفارسي واسماعيل شاهين ومن المفوضين خضر عبدالقادر وهزاع عمر وفهمي محمود شكر وشاكر العاني واخرين.
يقول شاكر العاني (في هذه الساحة – يقصد مواصلة دراسة الحقوق في كلية الحقوق - كانت معركة من نوع اخر كانت ذروتها ان مُنع علينا الجمع بين الوظيفة والدراسة وتغلبنا عليها وارفدنا المؤسسة بعقول جديدة تتعامل مع مجتمعها بالقانون) حيث كان مدير عام الشرطة وقتها يمنع الضباط والمفوضين من الجمع بين الوظيفة والدراسة!
دوراته خارج العراق:
شارك في دورة فنية لمدة سنة في كلية الشرطة البريطانية اوائل الخمسينات  ومعه كل من صبحي محمد جميل وناصر عبدالجبار، وحصلوا على نتائج جيدة كما شارك في دورة مكاتب بوليس الاداب في القاهرة عام 1954 كما حضر مؤتمرا دوليا للشرطة في مدينة (آيسن) في المانيا الاتحادية ومعه كل من زملائه منير مسعود وفكرت مصطفى كامل وتراس الوفد عميد الشرطة السيد ظاهر حبيب وهو الشهير بكونه اول من اسس جهاز الشرطة في دولة الامارات العربية المتحدة.
مسيرته الوظيفية:
في عام 1957 عين بمنصب ضابط العلاقات وكان ارتباطه بالمرحوم اسماعيل الراشد نائب الاحكام في وقت كان اللواء وجيه يونس مدير الشرطة العام. وفي زمن اللواء الركن عباس علي غالب تم نقله الى نيابة الاحكام.
•بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 شغل منصب ضابط الارتباط في مقر الحاكم العسكري العام.
•في حزيران 1959 عين بمنصب مدير شرطة لواء بغداد.
•عام 1962 نقل لمنصب معاون مدير الشرطة العام للادارة عندما كان المرحوم اللواء ناظم رشيد مديرا عاماً للشرطة.
•في عام 1964 نقل لمنصب آمر القوة السيارة.
•في عام 1965 نقل لمنصب مدير الجنسية العام.
•في عام 1966  نقل لمنصب مدير الشرطة العام لغاية 19 تموز 1968
•حيث نقل الى منصب نائب رئيس مجلس الخدمة العامة.
في عام 1966 كان يدرسنا في كلية الشرطة مادة (المعلومات المسلكية) وبسبب انشغاله الصباحي بالواجب فقد كان يحضر في المذاكرة المسائية وكنا ننصت له جيدا لما يضخ الينا من معلومات من واقع الميدان وباسلوب بسيط وفكه ومحبب.
طه الشيخلي والرياضة:
كان رياضيا وفارسا منذ شبابه، وممارسته للرياضة اعطته طاقة وحيوية، كما انه كان عضوا في اللجنة الاولمبية العراقية لفترة من الفترات وتراس عدة وفود رياضية عراقية الى خارج العراق
يقول المرحوم طه الشيخلي:
(كنت العب كرة القدم ومثلتُ منتخب بغداد ومنتخب الشرطة، ولعبت ضمن المنتخب الوطني للسلة، واصبحت فترة رئيسا لنادي الشرطة). ويقول: (كنت معجبا بالكابتن جميل عباس (جمولي) لما يتمتع به من خلق رياضي عال جدا، كما كان معجبا بالدكتور نجم الدين السهروردي الذي كان متميزا بالعاب الساحة والميدان وبطل العراق بالقفز العريض).
رجل الشرطة اول من يطبق القانون:
في حديث صحفي له قال الشيخلي: ان رجل الشرطة هو اول من يطبق القانون ويحافظ عليه، وقال: كنت احب عملي المهني وكنت احب العمل الميداني، مكتبي كان ميدانياً، وقد احلت على التقاعد بطلب مني.
من اصدقائه المقربين:
كما يتذكر المرحوم طه الشيخلي من زملائه المقربين اليه اللواء انور ثامر العاني الذي شغل منصب مدير عام الجنسية ومن ثم منصب مدير الامن العام. والذي صار فيما بعد متصرفاً(محافظاً) للكوت (واسط) بعدها. وهو من الضباط المشهود لهم بالكفاءة والمقدرة والخلق الرفيع.
عاشق المقام العراقي:
يرحم الله طه الشيخلي الانسان البغدادي الشيخلي عاشق المقام البغدادي وكان يدندن به بين اصحابه، وكان رياضياً يلعب التنس ويفهم قوانين الرياضة ويلعب الدومنه في خان الحاج زيدان العاني احد ازقة محلة باب الشيخ ويناقش ابنه فاضل في انساب طيور الحمام، ويشارك ابناء محلته افراحهم واتراحهم وهو في قمة سلطته ومنصبه وتلك تضاف الى رصيده الشريف رحم الله ابا ياسين طه الشيخلي.
تواصله مع ابناء محلة باب الشيخ:
يروي احد اصدقائه المقربين عن تواصل المرحوم طه الشيخلي مع اهالي باب الشيخ ويقول انه في المقهى الشعبي الذي يرتاده في باب الشيخ طلب الشاي فاراد صاحب المقهى ان يجلبه له في استكانة خاصة غير التي يشرب بها رواد المقهى، الا انه رفض وقال (بالاستكانة نفسها!!)، كان متواضعا ووطنيا وقومياً يرحمه الله.
ممارسته المحاماة:
بعد احالته على التقاعد، استحصل على هوية نقابة المحامين ومارس المحاماة فترة من الزمن، لكنه كان ينتقى قضاياه وليس مسرفا فيها، لانه يرى ان المحاماة هي مكملة للقضاء في تحقيق العدالة، كما انه اختير من قبل وزارة الداخلية ومديرية الشرطة العامة لعضوية اللجنة الاستشارية للشرطة المكونة من عشرين عضوا من كبار ضباط الشرطة السابقين، واتذكر من خلال عملي مع هذه اللجنة كمنسق ان المرحوم طه الشيخلي قدم عددا من التقارير والدراسات القيمة بشان تنظيمات الشرطة وهياكلها التنظيمية واسس ادارة مركز الشرطة، وقد استفادت الشرطة العامة من تلك الدراسات القيمة التي هي نتاج وحصيلة تراكم خبرات مهنية وميدانية وعلمية اكتسبها هذا الرجل الفذ من خلال قيادته للشرطة وعمله الميداني الطويل؟
وفاته يرحمه الله:
في عام 2001 اصيب بمرض عضال لم يمهله طويلا وفارق الحياة بعد رحلة عمر طافحة بالاحداث والانجازات والمآثر المجيدة في خدمة العراق.

   

اللواء انور ثامر العاني مدير عام الامن العامة 1965


     

الدورة الاولى لكلية الشرطة 1944 – 1947 وكان المرحوم طه الشيخلي هو الاول على الدورة وتم تنسيبه ضابطا في الكلية

 

اللواء طه الشيخلي ترك بصمات واضحة في مسيرة جهاز الشرطة

           


  

     

لقطات من حضور اللواء طه الشيخلي لقاءات حكومية مع الزعيم مصطفى البارزاني في معقله في گلالة ويظهر في الصورة كاك مسعود البارزاني وكانت للشيخلي علاقات جيدة مع الاكراد

     

 اللواء طه الشيخلي في گلالة في لقاء حكومي مع الكورد

  

               
 اللواء طه الشيخلي مع السيد شهاب المختار في ايام القوة السيارة في شمال الوطن الحبيب اواسط الخمسينات

         

  

 السيد طه الشيخلي نائب رئيس مجلس الخدمة العام اول السبعينات

     

       

 

 

 

 

 

   

                

      

                

ملك المغرب يكرم اللواء طه الشيخلي بوشاح العرش من الدرجة الرابعة

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

630 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع