مصر كما رأيتها اليوم - الحلقة الرابعة / جولة حرة في القاهرة
مصر . أم الدنيا وناسها "الجدعان الطيبين" يغمرونك بأخلاقهم وكلامهم الجميل أينما حللت او تواجدت.
عبارات الترحيب والتمجيد لاتنتهي. حتى عندما تشتري أي مادة تسمع العبارة التي يتفرد بها أهل وادي النيل ( خليها علينا والله ) . أكاد أجزم بأنها خارجة من قلوب صادقة .
هذه أنقلها بأمانة لمستها وشاهدتها بنفسي في كثير من المحال وألأسواق . حتى سائقي التكسيات يرددونها وشفاههم مبتسمة .
منهاج الزيارة:
اجازتي أمتدت لأسبوعين فقط ، منها ثلاثة ايام في الأسكندرية وبقية الأيام في القاهرة والجيزة، عدا (ثلاثة أيام تعرضت خلالها للتسمم) لازمت الفندق طريح الفراش . بقية ألأيام لم أبخل على نفسي بالتجوال رغم الحر الذي ضرب منطقة الشرق الاوسط بأكملها، فزرت أماكن كنت أتوق الى زيارتها يوما. سمعت عنها او قرأت عنها . او شاهدتها من خلال الافلام المصرية التي تجذبني كثيرا.
أولا: زيارة مقام السيدة زينب:
يقع مسجد وضريح السيدة زينب في الحي الذي حمل اسمها الكريم بالقاهرة . وهو يتوسط الحي ويعرف الميدان المقابل للمسجد أيضا بميدان السيدة زينب.
ويعتبر الحي الذي يقع فيه المقام ، من أشهر الأحياء الشعبية بالقاهرة، حيث يكتظ بالمقاهي ومطاعم الأكلات الشعبية. واعتاد أهل القاهرة خصوصا في رمضان الذهاب إلى مقاهي هذا الحي لتناول وجبات السحور خصوصا هناك.
ومن أشهر معالم هذا الحي ويجاور مسجد السيدة زينب، شارع زين العابدين وهو شارع مواز للمسجد ويعد من أكبر الشوارع التجارية في القاهرة.
المشهور أن المسجد مبني فوق قبر السيدة زينب ، أبنة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي بنت الأمام علي بن أبي طالب، وأخت الحسن والحسين. يروي بعض المؤرخين أن زينب رحلت إلى مصر بعد واقعة كربلاء ببضعة أشهر، واستقرت بها ما يقرب من نسعة شهور ثم توفاها الله ودفنت حيث المقام الحالي . له منزلة كبيرة عند المصريين عموما . وعشق أهل مصر الى آل البيت يفوق أي عشق آخر. ولعلني أستذكر قولا للأستاذ الصحفي والكاتب حسن العلوي تلفزيونيا يخاطب فيه شيعة العراق بالقول " المصريون يعشقون اهل البيت أكثر منكم".
كانت زيارتي لمقام السيدة جاء يوم أحد. طلبت من سائق التاكسي الأخ "ابواحمد" أن يأخذني الى هناك ومن ثم سننطلق الى تنفيذ بقية برنامج الزيارات للقاهرة .
طبعا مرقد السيدة زينب يقع على الشارع العام . بالنظر لقدسية المكان عند المصريين، لفت نظري ان شاهدت المئات يؤدون الزيارة في وقت الصباح وفي يوم الأحد. وهو يوم بداية الاسبوع ويفترض ان الجميع يذهب الى عمله سواء كان موظفا او صاحب عمل آخر.
في الباب قبل الدخول هنالك عدد من النسوة يفترشن الأرض لبيع هدايا تذكارية و أدعية وغيرها من الحاجيات.
دخلت فوجدت فسحة كبيرة، و عددا من المصلين. ورأيت لوحات كبيرة علقت عليها أدعية وأيات من القرآن الكريم.
على اليمين تتفاجأ بصالة حيث مرقد السيدة زينب. توجهت في التو نحوها وقرأت سورة الفاتحة على روحها الطاهر والتقطت عددا من الصور وغادرت المقام الشريف.
خان الخليلي :
أحد أحياء القاهرة القديمة، وهو يتمتع بجذب سياحي كبير بالنسبة لزوار القاهرة ومصر بشكل عام. يتميز بوجود بازارات ومحال ومطاعم شعبية، كما يتميز بكثرة أعداد السياح واعتياد سكانه عليهم.
تاريخ خان الخليلي
خان الخليلي هو من أعرق أسواق الشرق، يزيد عمره قليلاً على 600 عام، وما زال معماره الأصيل باقياً على حاله منذ عصر المماليك وحتى الآن. هاجر اليه عدد كبير من تجار مدينة الخليل الفلسطينية وسكنوه . والان توجد جالية من اهل الخليل أستقرت في أحيائه المختلفة. تعمل بالتجارة واليهم ينسب خان الخليلي هذا. وقد سمي بهذا الاسم نسبة لبانيه وهو أحد الأمراء المماليك يدعى جركس الخليلي وهو من أبناء مدينة الخليل الحالية بالضفة الغربية لفلسطين.
ولو عدنا بالزمان إلى الوراء، فسوف يطالعنا المؤرخ العربي الأشهر (المقريزي) الذي يقول إن الخان بني على شكل مربع كبير، يحيط بفناء ويشبه الوكالة، تشمل الطبقة السفلى منه على الحوانيت، وتضم الطبقات العليا المخازن والمساكن، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى منشئه الشريف (الخليلي) الذي كان كبير التجار في عصر السلطان برقوق عام 1400 م.
زيارة خان الخليلي:
كما أسلفت كانت زيارتي له يوم أحد ، ولم ينبهني أحد بأن السوق لايفتح تجاره واصحاب الحرف في أيام الأحاد صباحا . وهذا يعني عدم وجود نشاط تجاري في الفترة الصباحية. ويستعيد السوق التراثي نشاطه بعد الظهر.
كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة صباحا ، مع ذلك كانت جل المحال لاتزال مقفلة فكان لابد من مواصلة مشواري، والتحدث الى عدد من أصحاب المحال بشأن السوق والعمل ومقارنة نشاطهم اليوم بالأمس القريب.
أخبروني انه بسبب قلة السياح ( مقارنة بالاعوام السابقة) هنالك فتور في العمل وكما ترون. ولكن قبل أشهر تحسنت الوضعية ولمسنا حركة سياح وبيع ملفت للنظر. ونأمل أن تتحسن نحو الأفضل.
من خلال جولتي رأيت محال جميلة غاية في الاناقة والديكورات المبهرة. حيث التركيز على اللوحات وألأنتيكات والتماثيل التي تخص مصر و حضارة الفراعنة. هنالك محال أخرى لبيع المواد الغذائية والتوابل وغيرها. فعصفت برأسي حال سوق الصفافير البغدادي وما آل أليه من تردي وهجرة الصناع والايدي العاملة منه.
قهوة الفيشاوي
معلم تأريخي وثقافي عريق هذه القهوة ، لطالما كان روادها نجوم الثقافة والادب والفكرونجوم الفن . من ام كلثوم الى نجيب محفوظ الى العقاد وتوفيق الحكيم وغيرهم .
ولعل من يقرأ رواية الروائي العالمي المصري نجيب محفوظ " خان الخليلي " ، يقف على تجسيد لكل دقائق الحياة في هذا الحي الشعبي العريق.
https://www.youtube.com/watch?v=aYA8084o9EE
وتم تحويل الرواية الى فيلم سينمائي ، مثله حسن يوسف وعماد حمدي وسميرة احمد.
شارع محمد علي :
شارع محمد علي، سمي على اسم مؤسس مصر الحديثة. الوالي محمد علي باشا .
هذا الشارع قام بتخطيطه المهندس الفرنسي "هوسمان" نفسه من خطط شارع ريفولي في باريس..
ولقد قام هذا المهندس بتخطيط شارع محمد علي وفق طراز شارع "ريفولي". الشارع يأخذك من ميدان العتبة وحتى شارع عبد العزيز في وسط مدينة القاهرة.
قبل خمسين عاما، كان يمثل مركزا للفنون الشرقية والطرب و "بيوتات العوالم" في القاهرة. إذا كان أحدا في حاجة إلى راقصة محترفة لحضور حفل زفاف أو تخت شرقي موسيقي اوفرقة شرقية غنائية فسيجد مراده في هذا الشارع.
و في هذه الأيام، لايزال أفضل مكان لشراء صك المهنية الموسيقية، أو إصلاح آلة مثل العود او الكمنجة وغيرها. نضع في اعتبارنا أن للإنتاج المصري العديد من الأدوات الموسيقية المهنية والصناعات المنزلية الأصيلة. ويعد شارع محمد على من أهم شوارع القاهرة في العصر الحديث. ومن أهم معالمه مسجد قيسون . وحمام بشتك . سوق السلاح . والمناصره والتي تشتهر حاليا بالمنتجات الخشبيه . يبدأ شارع محمد على من مسجد النصر الاثرى بميدان القلعة ، وبنتهى بميدان العتبة الخضراء بطول 2 كيلو متر تقريبا واهم مايميزه البواكى الحجرية ذات الطراز الفرنسي ، والتي لم يتبق
منها الا القليل.
قرأت الكثير عن هذا الشارع وشاهدت لقطات عنه عبر الأفلام المصرية، وظننت بأني سأجد "عوالم" الأمس في طرقات الشارع . والمغنون يفترشون الطرقات يغنون للمارة. والفنانون والكومبارس يتحركون يمينا ويسارا ، يضفون على الشارع نكهة الزمن الغابر.
نعم هكذا فكرت ناهيك عن عدد من العربانات( حنطور بحصانين) تركبها كذا فنانة بملابسها الملونة متوجهات الى أماكن عملهن للرقص والغناء، وكذلك كنت أظن بأنني سأرى عددا من النسوة يتحدثن مع بعضهن البعض من المشربيات . وقد يردحن الردح المصري المحبب لكل العرب.
رأيت العكس. فالشارع ليس فيه روح الأمس، غير أربع أو خمس محال للأجهزة الموسيقية( حسب ما نقله لي أحد العاملين في احد المحال) وهنالك عدد من المقاهي وأكشاك للصحف والمجلات ومحال للطباعة والقرطاسية ونجارين وباعة الأثاث الخشبية والخضراوات والفواكه.
ومن الشارع تتفرع حارات وأزقة ضيقة الا ان ديكوراتها مختلفة حيث الجمال والفن في البناء.
رأيت واجهة احدى دور السينما المهملة، كانت بطراز أوربي رائع . وقفت لدقائق اتأمل هذا البناء الجميل.
الى اللقاء في حلقة قادمة بأن الله.
للراغبين الأطلاع على الحلقة الثالثة:
http://www.algardenia.com/mochtaratt/19037-2015-09-18-22-19-37.html
1072 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع