د. ضرغام الدباغ
أمريكا محتارة ...!
ترى ماذا تريد أمريكا .........؟
أنا أجزم أن الولايات المتحدة الاميركية العظمى بقضها وقضيضها .... بخبرائها وعلمائها، وكومبيوتراتها، ومعاهدها العلمية والاكاديمية، ومخابراتها لا تعرف ماذا تريد في الشرق الأوسط ...!
ــ القوميين : يمينهم ويسارهم ..... أسوء الخيارات على الاطلاق، وإليك أصدق التجارب : عبد الناصر، صدام حسين، معمر القذافي ... وغيرهم. بل الولايات المتحدة كانت تفضل الحوار حتى مع الشيوعيين أيام حرائق ولهيب الحرب الباردة على القوميين. لماذا ؟
القوميين يسددون ثلاثة أسهم قاتلة إلى الولايات المتحدة والمعسكر الغربي عامة ولمصالحهم :
1. تأميم الاحتكارات الأجنبية.
2. الموقف من الصراع العربي / الإسرائيلي.
3. الوحدة العربية وشعاراتها السياسية والاقتصادية.
ــ الاسلاميين : ...! لا ... ليس لهم سوى الموت الزؤام، ومن عرض الولايات المتحدة إلى هزيمة تاريخية سواهم ...؟ واليوم يبلغ كره الغرب والولايات المتحدة للمسلمين درجة يفقدها رشدها وصوابها، فهي لا تطيق سماع أسم الاسلام والمسلمين، حتى أولئك الذين يريدون مسايرة الولايات المتحدة من (المعتدلين). وبالطبع أميركا لا تضع إيران وأتباعها الصفويين في حقل الإسلام والمسلمين.
ــ الديمقراطية : الولايات المتحدة، لا تريد الديمقراطية أبداً في الاقطار العربية، وفهم هذه الاحجية من أعقد المسائل السياسية.
الديمقراطية وصناديق الانتخابات جربت ثلاث مرات فقط في العالم العربي، وفي المرات الثلاث كانت النتيجة كارثية على الولايات المتحدة : في الجزائر، وغزة، ومصر.
فيما يبدو للولايات المتحدة أن درجة الكراهية متبادلة بينها وبين الشعب العربي، لذلك فالقوة الشعبية التي ستفوز ديمقراطياً وبالانتخابات ستترجم هذه المشاعر، وفي كل مسار شعبي / جماهيري تتناقض معه الولايات في التنمية الاقتصادية، وفي إنجاز مراحل التحرر الوطني، ومن مفردات ذلك استكمال السيادة السياسية، تقليص التبعية الاقتصادية، تحقيق الارادة الشعبية وهي مشاعر ومصالح مناهضة للولايات المتحدة.
رضا الولايات المتحدة غال، وغضبها مكلف .... فمالعمل ...........؟
الولايات المتحدة أظهرت تبرمها بصعود الأخوان في مصر، رغم أنه كان صعود ديمقراطي، وعندما فعلها السيسي، كانت راضية ضمناً متحفظة ظاهراً.
ولكنها سرعان ما أستشاطت غضباً عندما أشتمت واشنطن رائحة ناصرية، فأرادت أن تعاقب ..... ثم ندمت أشد الندم ما فعلته في ساعة شيطان ...!
أرادت أن تصلح الموقف، بإرادة غير تامة، بنصف قناعة، ونصف زعل وربع رضا، لكن بدون حكمة نهائياً ....!
ومصر من جهتها أدركت أن هذا ضرب من تعامل سيضعها في خانة حكومات تدار بالتلفون، فغضبت هي الأخرى، ولم لا .... فالكل يمارس غضبه على طريقته، فأستدارت مصر إلى الحليف القديم، المشتاق للأحضان الدافئة ....فأدركت الولايات المتحدة أنها تسيئ التصرف كثيراً في حقبة استعادة الأنفاس، والتراجع المدروس، وترقيع الموقف الاستراتيجي بإدارة العبقري باراك أوباما .....
عسكر مصر مضوا إلى أبعد من ذلك ... فأستقبلوا الروس في القاهرة الذين جاؤا مع وعود بفتح صفحة جديدة، بذهنية جديدة لا تشبه الجمود الذهني السابق، ولا تشبه السمت الإمبريالي العولمي، فالتقطها العسكر المصري بالترحيب.
يذهب قائد العسكر إلى موسكو لينظر إلى أي مدى يمكن للروس أن يشدوا الحبل مع التوجهات الجديدة، فوجدوا الروس على أحر من الجمر، ليقول بوتين على الملأ جهاراً نهاراً أنه يؤيد التوجهات الجديدة، ويؤيد قائد العسكر ....
فأستشاطت واشنطن غضباً مرة أخرى ....وبقليل من لياقة دبلوماسية وبكثير من شعور أنها تخسر، تلعب فتواصل الخسارة والسبب هو إساءتها تقدير المواقف والناس والأمم حق قدرها، في تشنج عصبي تدلي المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، بتصريح متهافت : أن الولايات المتحدة لديها " قدرات فريدة لناحية الدعم العسكري والاقتصادي " للقاهرة، فكانت غلطة جديدة، وهذه جميعها من نتائج التسرع، والتوتر العصبي، والإحساس بالخسارة ومحاولة خاطئة تنطوي على غطرسة لإصلاح ذات البين، وخطأ يسحب خطأ .... كلاعب البوكر حين يريد استعادة ما خسر ..... فيخسر من جديد ...... ليواصل الخسارة.
الولايات المتحدة ما زالت في أجواء وأصداء هزيمتها الموجعة في العراق والوشيكة جداً في افغانستان ...
رحم الله الشاعر العربي طرفة بن العبد إذ قال:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود
759 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع