ذكرى المولد النبوي الشريف

                                      

                       الشهاب الحسني البغدادي

    

                                    

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
أنها من أعظم ما يربط قلب المسلم برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، ويجعله متذكرا له دائما.
ذكرى المولد النبوي الشريف  
المقدمة:

تاريخ الاديان يعي تماما، ما سبق الاسلام من بوادرآذنت بوشك فجر جديد لا بد أن ينسخ ما تراكم على أفق الدنيا من ظلمات ليل طال...
كانت أمة العرب متميزة باستقلال الفكر ، وسعة الحرية الشخصية ,في الوقت الذي كانت الأمم الأخرى ترسف في عبودية الرياستين الدينية والدنيوية  محظورا عليها أن تفهم غيرما يلقنها الكهنة ، ورجال الدين من الأحكام الدينية  وكانت أمة العرب - أيضا - متميزة باستقلال الإرادة في جميع الأعمال أيام كانت الأمم مُذَلَّلَةً مُسَخَّرة للملوك والنبلاء ، المالكين للرقاب والأموال بحيث يستخدمونهم كالعبيد ؛ فلا رأي لهم في سلم ، ولا حرب ، ولا إرادة لها دونهم في عمل ولا كسب.
وأعظم مزية امتاز بها العرب أنهم كانوا أسلم الناس فطرة بالرغم من أن أمم الحضارة كانت أرقى منهم في كل فن وصناعة. فالإصلاح الروحي مبني على تقديم إصلاح النفس باستقلال العقل ، والإرادة ، وتهذيب الأخلاق على إصلاح ما في الأرض من معدن ، ونبات ، وحيوان.
ما بين ليل الجاهلية وفجر الاسلام.. حياة الناس لا يمكن أن تمضي هكذا على سفه وضلال، فخرج مع الفجر من الغار، نبيا مبعوثا بختام الرسالات.
والكلمات الاولى التي تلقاها في تلك الليلة من وحي ربه، كانت بداية كتاب معجز، وآية نبي بشر، ولواء عقيدة وجهت التاريخ وحررت الانسان، وصنعت أمة وقادت حضارة.
خرج في أمة العرب تلك الأمة التي فُضِّلَتْ على غيرها من الأمم أنذاك ، حتى استعدت لهذا الإصلاح الروحي ، الذي اشتمل عليه دين الإسلام ، بالرغم مما طرأ عليها من الأمية،وما أحدثت فيها غلبة البداوة من التفرق والانقسام. "
فكانت "مكة" على موعد مع حدث عظيم كان له تأثيره في مسيرة البشرية وحياة البشر طوال أربعة عشر قرنًا من الزمان، وسيظل يشرق بنوره على الكون، ويرشد بهداه الحائرين، إلى أن يرث الله الأرض وما عليها. وبهذا كان الله () يعد هذه الأمة للإصلاح العظيم الذي جاء به محمد ()صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ.
لقد شاء الله العليم الحكيم أن يكون رسله إلى الناس بشرا من جنس المرسل إليهم وبلسانهم ليبينوا لهم شرع ربهم ، ولتقوم بهم الحجة على الناس ، وتنقطع عنهم المعاذير ، ويسهل عليهم اتباع رسلهم ، والفهم عنهم ، كما قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ }الآية.
ولما طالب كفار قريش الرسول صلى الله عليه وسلم بمطالب تعجيزية ذريعة لهم للتكذيب والكفر ، كان رد الله تعالى عليهم هو التأكيد على بشرية الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ.
في قوله تعالى : { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا } الآية. تأكيد على أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ بشر يقف عند حدود بشريته ، ولا يأتي بشيء من عنده .
وحياة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ وسيرته توضح هذا الأمر أتم توضيح فقد عاش صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ بشرا تجري عليه أعراض البشرية طيلة حياته منذ أن ولد إلى أن مات فأكل وشرب ، ومشى في الأسواق ، وباع واشترى ، وتزوج وأنجب ، وحارب ، وسالم ، وغضب ، ورضي ، وفرح وحزن ، وأدركه المرض فمرض ، ومات كما يموت سائر البشر . صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ.
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ **  ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
      فهوالذي تم معناه وصورته **  ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
    منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه      **    فجوهر الحسن فيه غير منقسم
   دع ما ادعثه النصارى في نبيهم  **    واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف  ** وانسب إلى قدره ماشئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له        **      حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم
وكل من عايش رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ،أو تتبع سيرته أدرك هذه الحقيقة تمام الإدراك، والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، بأقواله وأفعاله يؤكد هذا الأمر فيقول فيما رواه مسلم بسنده عن عبد الله بن مسعود وفيه « إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ »( ) .
ومع كون الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ بشرا ، إلا أن الله عز وجل هيأه تهيئة خاصة تتناسب مع هذا الأمر العظيم الذي اصطفى له . فكمله في الخلق والخلق ، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ،أكمل البشر في كافة الجوانب البشرية ، كما كان أكملهم عبودية لربه وقياما بحقه . فكمال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، في عبوديته التامة لربه سبحانه وتعالى .
قال تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا } الآية
فمنزلة العبودية لله هي أرقى درجات الكمال البشري ، لأن الله إنما خلق الخلق لعبادته ، وأكمل الخلق قياما بهذا الأمر أتمهم عبودية له ، ولا يصدق هذا في المقام الأول إلا على الأنبياء والرسل ، وأكملهم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، الذي أكمل الله له مقام العبودية . فلم يختر عليه ما سواه لعلمه بعظم هذه المنزلة عند ربه . فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ،بحق هذه العبودية أتم قيام ، فدعا الناس إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة ، وأخرجهم من العبودية لأهوائهم وشهواتهم إلى العبودية لله رب العالمين ، كما صان مقام عبوديته لربه من كل ما يفسده أو يضعفه .
وأعلم أمته أن منزلته الحقيقية هي العبودية والرسالة فقال فيما رواه البخاري بسنده عن عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ يقول : « لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ».
فاستحق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ أن يكون العبد الأول لربه ، ولذلك خصه الله من عباده المرسلين بما لم يعطه أحدا غيره ، فهو أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ، وأول مشفع ، وأول من تفتح له أبواب الجنة
من نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا أنت الإمام لأهل الفضل كلهم
ينام كسرى على الديباج ممتلئا  كبرا وطوق بالقينات والخدم
لا هم يحمله لا دين يحكمه  على كؤوس الخنا في ليل منسجم
بيت من الطين بالقرآن تعمره  تبا لقصر منيف بات في نغم
طعامك التمر والخبز الشعير  وما عيناك تعدو إلى اللذات والنعم
تبيت والجوع يلقى فيك بغيته  إن بات غيرك عبد الشحم والتخم

مفهوم محبة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ.
أن يميل قلب المسلم إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، ميلا يتجلى فيه إيثاره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ، على كل محبوب من نفس ووالد وولد والناس أجمعين .
وفيما رواه البخاري عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ:كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآنَ يَا عُمَرُ »..
وذلك لما- خصه الله من كريم الخصال وعظيم الشمائل ، وما أجراه على يديه من صنوف الخير والبركات لأمته ، وما امتن الله على العباد ببعثته ورسالته إلى غير ذلك من الأسباب الموجبة لمحبته عقلا وشرعا .
هناك من فسر حب الله ورسوله بأنه حب عقلي ، فهناك من يظن أن محبة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، تعني طاعته ، وهذا فهم خاطئ إذ أن محبته هي أساس طاعته ، والطاعة شرط للمحبة وثمرتها ، فالطاعة أمر زائد على المحبة ومترتب عليها .
كما أن هذا الحب أمر زائد على الإعجاب بشخصية الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، وسمو أخلاقه وعظمة تعاليمه .
إذ نرى كثيرا ممن لا ينتسبون إلى الإسلام ولا يؤمنون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، يبدون إعجابهم وتقديرهم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، ويفيضون في بيان جوانب عظمته ، ومع ذلك لا يمكن أن نسمي هذا الإعجاب حبا شرعيا حتى يكون هناك إيمان بدين الإسلام .
نخلص من هذا إلى أن المحبة الحقيقية لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ،هي المحبة الشرعية الإرادية الاختيارية ، وهي عمل قلبي من أجل أعمال القلوب ، ورابطة من أوثق روابط النفوس تربط المسلم برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ،وتجعل قلبه وهمه وفكره وإرادته متوجهة لتحصيل ما يحبه الله ورسوله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة .

يا ليتني كنت فردا من صحابته *** أو خادما عنده من أصغر الخدم
وجوب محبة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ.
دعونا في البداية نبين أن محبة النبي ليست كسائر المحبة لأي شخص نعم إن محبة النبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ،عبادة عظيمة نعبد بها الله عز و جل وقربة نتقرب بها من خلالها إليه و أصل عظيم من أصول الدين ودعامة أساسية من دعائم الإيمان كما قال تعالى "{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}، فمحبة النبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ، ليست أمرا ثانويا أو أمرا مخير فيه إن شاء المرء أحبه وإن شاء لم يحبه بل هي واجب على كل مسلم وهي من صميم الإيمان ولابد لهذا الحب أن يكون أقوى من أي حب ولو كان حب المرء لنفسه.  والاقتداء به الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ،من أكبر العلامات على حبه:  قال تعالى " قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً "  الاية. فالمؤمن الذي يحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ، هو الذي يقلده في كل شيء في العبادة وفي الأخلاق وفي السلوك وفي المعاملات وفي الآداب كما كان شأن الصحابة الكرام فعن نافع قال: لو نظرت الى ابن عمر في اتباعه لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ، لقلت هذا مجنون.
اذن أنّ حبّ النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ من الدِّين، بل إنّه الدّين، وفي الشرع ورد لفظ الحب في القرآن والسنة بكل جوانبه الطبعية والشرعية .
وورد ما يثبت حب المؤمنين لربهم عز وجل وذلك كقوله تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } الآية.
وقوله تعالى : { فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } الآية ، وقوله تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } الآية.
وأخرج البخاري ومسلم بسنديهما عن أنس بن مالك « أنَّ أَعْرَابِيَّا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَتَىَ السَّاعَةُ ؟ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ: "مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟"قَالَ: حُبُّ اللهِ وَرَسُولِهِ.قَالَ: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قال أنس فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء ما فرحوا به. فنحن نحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ ولا نستطيع أن نعمل كعمله فإذا كنا معه فحسبنا.
يتبين لنا أن الحب علاقة متبادلة بين الله تعالى وبين عباده المؤمنين . لكن حب الله لعباده صفة من صفاته منزهة عن مشابهة صفات المخلوقين ونصوص الكتاب والسنة تؤكد ذلك أتم تأكيد .
وعلى ذلك فلا تنفك إحدى المحبتين عن الأخرى فمن أحب الله أحب رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، وكذلك سائر رسله ومحبة الرسول تبع لمحبة من أرسله . ولأجل هذا جاء حب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ،  مقترنا بحب الله عز وجل في أكثر النصوص الشرعية .
قال تعالى : { قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ } الآية .
فعلم بذلك أنه يجب على كل مؤمن أن يكون الله ورسوله ، والجهاد في سبيله أحب إليه من الأهل والإخوان والأموال والأوطان .
يقول القاضي عياض مستدلا بهذه الآية :(فكفى بهذا حضا وتنبها ودلالة وحجة على إلزام محبته ، ووجوب فرضها وعظم خطرها واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم ، إذ قرع الله من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله ، وتوعدهم بقوله تعالى : { فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ } ثم فسقهم بتمام الآية وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله) ( ).
وفي الحديث « ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ...».
وهذا الارتباط بين المحبتين ارتباط شرعي لا ينفك . فمن زعم أنه يحب الله ولم يحب رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، أو العكس فكلامه باطل واعتقاده فاسد .
وتلك هي قمة السمو في الحب حين يستعلى المسلم على رغبات النفس وشهواتها ، مؤثرا حب الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، على كل ذلك ، ويتبين هذا إذا تعارض أي أمر أمر به الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، مع رغبة من رغبات النفس فأيهما تقدم كان الحكم له .
المرء إن لمْ ينطوِ على قلبٍ ينبض بالمحبّة، فهذا الإنسان لا ينتمي إلى بني الإنسان، إن لم تشعر بِرغبة في أن تحبّ، وإن لم تسعى إلى أن تُحَبّ، فلَسْتَ من بني البشر، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، كان رسول المحبّة، أحبَّ الله كثيرًا، لذلك أطاعهُ طاعةً تامَّة، أحبَّ الناس كثيرًا، لذلك دعاهم إلى ما يُسعدهم، أحبّ الخلق كافّةً، لذلك عطف على كلّ مخلوق، أعماله، وأقواله، وتصرّفاته، إنَّما كانت صادرةً عن محبّته لله، ومحبّته للخلق، ومحبّته للبشر.
النبي عليه الصلاة والسلام أحبَّ الناس كافّة، لذلك بعثه الله إلى الناس كافّة، بعثه الله عز وجل إلى جميع الخلق، كان حبيب الحقّ، وهاديًا للخلق أحبَّ الناس جميعًا، لذلك كافأهُ الله عز وجل بأنْ جعَلَهُ نبيًّا للناس جميعًا، ورسولاً للناس جميعًا، قال عليه الصلاة والسلام:
« بُعثتُ إلى الأحمر، وإلى الأسوَد، وإلى الناس كافّة».
أَغَــرُّ عَلَيْــهِ للنُّبـوَّةِ خَـاتَـمٌ مـن الله مَشْهُـودٌ يَلُـوحْ وَيُشْهَـدُ
وَضَـمَّ الإلـهُ اسْمَ النَّبيِّ إلى اسْمِهِ إذَا قـال في الخَمْسِ المُـؤَذّنُ أشْهَدُ
وَشَـقَّ لـه مـن اسْمِـهِ ليُجِلـَّهُ فَذُو العَـرْشِ مَحْمُودٌ وهـذا مُحَمَّدُ
مولد النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ
كان ميلاد النبي "محمد" صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، أهم حدث في تاريخ البشرية على الإطلاق منذ أن خلق الله الكون، وسخر كل ما فيه لخدمة الإنسان، وكأن هذا الكون كان يرتقب قدومه منذ أمد بعيد. وفي (12 من ربيع الأول) من عام الفيل شرف الكون بميلاد سيد الخلق وخاتم المرسلين "محمد" صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ .وقد ذهب الفلكي المعروف "محمود باشا الفلكي" في بحث له إلى أن النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، ولد يوم الإثنين (9 من ربيع الأول الموافق 20 من أبريل سنة 571 ميلادية).نسبه الشريف هو "أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة"، ويمتد نسبه إلى "إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان"، وينتهي إلى "إسماعيل بن إبراهيم" عليهما السلام.
النسب الذي عليه اتفقا ... كل الورى إذ بالبني أشرقا
أحمد عبدالله عبد المطلب... وهاشم عبد مناف المنتخب
ابن قصي بن كلاب مرة ... كعب لؤي غالب الغرة
فهر بن مالك ونضر ذو السكة...  كنانة خزيمة فمدركة
  إلياسها مضرها نزار... معد عدنان انتهى الخيار

وتبدو أسباب التهيئة والإعداد من الله تعالى لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، في مهمته الجليلة ورسالته العظيمة، جلية واضحة منذ اللحظة الأولى في حياته، بل إنها كانت قبل ذلك، وقد تجلى ذلك حتى في اصطفاء اسمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، فليس في اسمه أو اسم أبيه أو جده ما يحط قدره وينقص منزلته، وليس في اسمه شيء محتقر، كما أنه ليس اسمه اسمًا مصغرًا تستصغر معه منزلته، وليس فيه كبرياء أو زيادة تعاظم يثير النفور منه.ابن الذبيحين ويعرف النبي صلى الله عليه وسلم بابن الذبيحين، فأبوه "عبد الله" هو الذبيح الذي نذر "عبد المطلب" ذبحه ثم فداه بمائة من الإبل، وجده "إسماعيل" – عليه السلام- هو الذبيح الذي فداه ربه بذبح عظيم.
كان مولد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، نذيرا بزوال دولة الشرك، ونشر الحق والخير والعدل بين الناس، ورفع الظلم والبغي والعدوان.وكانت الدنيا تموج بألوان الشرك والوثنية وتمتلئ بطواغيت الكفر والطغيان، وعندما أشرق مولد سيد الخلق كانت له إرهاصات عجيبة، وصاحبته ظواهر غريبة وأحداث فريدة، ففي يوم مولده زلزل إيوان "كسرى" فسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار "فارس" ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة "ساوة".وروى عن أمه أنها قالت: "رأيت لما وضعته نورًا بدا مني ساطعًا حتى أفزعني، ولم أر شيئًا مما يراه النساء". وذكرت "فاطمة بنت عبد الله" أنها شهدت ولادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، وقالت: "فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول لتقعن عليَّ".وروى أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، ولد معذورًا مسرورًا -أي مختونًا مقطوع السرة- وأنه كان يشير بإصبع يده كالمسبّح بها.

أبان موالده عن طيب عنصره يا طيب مبتدأ منه ومختتم
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهم قد أنذروا بحلول البؤْس والنقـم
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ عليه والنهر ساهي العين من سدم
وساءَ ساوة أن غاضت بحيرتها ورُد واردها بالغيظ حين ظمي
ولما استكمل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، أربعين سنة كانت بعثته، وكانت "خديجة" أول من آمن به من النساء، وكان "أبو بكر الصديق" أول من آمن به من الرجال، و"علي بن أبي طالب" أول من آمن من الصبيان. وأقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث سنين يكتم أمره، ويدعو الناس سرًا إلى الإسلام، فآمن به عدد قليل، فلما أمر بإبلاغ دعوته إلى الناس والجهر بها، بدأت قريش في إيذائه وتعرضت له ولأصحابه، ونال المؤمنون بدعوته صنوف الاضطهاد والتنكيل، وظل المسلمون يقاسون التعذيب والاضطهاد حتى اضطروا إلى ترك أوطانهم والهجرة إلى "الحبشة" ثم إلى المدينة.
ومرّت الأعوام حتى عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فاتحًا –في العام العاشر من الهجرة- ونصر الله المسلمين بعد أن خرجوا منها مقهورين، ومكّن لهم في الأرض بعد أن كانوا مستذلّين مستضعفين، وأظهر الله دينه وأعز نبيه ودحر الشرك وهزم المشركين.
وفي العام التالي توفي النبي صلى الله عليه وسلم في (12 من ربيع الأول 11ﻫ = 7 من حزيران 632م) عن عمر بلغ (63) عامًا.

يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر إلهي لكل المسلمين بما يتلوه في المسجد الأقصى وفي الحرم
بجاه من بيته في طيبةٍ حرمٌ واسمُهُ قسمٌ من أعظم القسم


تاريخ الاحتفال بالمولد
المولد النبوي أوالمولد النبوي الشريف هو يوم مولد رسول الإسلام محمد بن عبد الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ،  والذي كان في 12 ربيع الأول على القول الأشهر. حيث يحتفل به بعض المسلمون في كل عام في بعض الدول الإسلامية، ليس باعتباره عيدًا، بل فرحًا بولادة نبيهم رسول الإسلام محمد بن عبد الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ. حيث تبدأ الاحتفالات الشعبية من بداية شهر ربيع الأول إلى نهايته،حيث يتم احيائه بالتجمع وقراءة القرآن و بإقامة مجالس ينشد فيها قصائد تمتدح الرسول كالتواشيح الدينية ، ويكون فيها الدروس من سيرته، وذكر شمائله ويُقدّم فيها الطعام والحلوى.
يرجع المسلمون الذين يحتفلون بالمولد النبوي بداية الاهتمام بيوم مولد رسول الإسلام إلى النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، نفسه حين سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ويقول " ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ "
ذكر أبو شامة() ، إن معين الدين أبو حفص عمر بن محمد بن خضر الإربلي الموصلي، المعروف بالملاّء (ت570 ﻫ / 1174 م) شيخ الموصل في عهده.( ) في عهد نور الدين محمود بن زنكي. هو أوّل من اعتنى بشكل منظم بالاحتفال بالمولد. و كان يحتفل بها سنويا بحضور الشعراء والأمراء في زاويته..
في عهد الدولة الأيوبية:
يذكر الإمام السيوطي أن أول من احتفل بالمولد بشكل كبير ومنظم هو حاكم أربل (اربيل حاليًا) الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين (549-630ﻫ /1154- 1233م) .
في عهد السلطان صلاح الدين.( )  ، إذ كان يحتفل به احتفالاً كبيرًا في كل سنّة، وكان يصرف فيها الأموال الكثيرة، والخيرات الكبيرة، وذلك كل سنة. وكان يصل إليه من البلاد القريبة من إربل مثل بغداد، والموصل عدد كبير من الفقهاء والصوفية والوعّاظ، والشعراء، ولا يزالون يتواصلوا من شهر محرم إلى أوائل ربيع الأول. وكان يعمل المولد. فإذا كانت صبيحة يوم المولد، يجتمع الناس والأعيان والرؤساء، ويُنصب كرسي للوعظ، ويجتمع الجنود ويعرضون في ذلك النهار. بعد ذلك تقام موائد الطعام، وتكون موائد عامة، فيه من الطعام والخبز شيء كثير.
في عهد الخلافة العثمانية
كان لسلاطين الخلافة العثمانية عناية بالغة بالاحتفال بجميع الأعياد والمناسبات المعروفة عند المسلمين، ومنها يوم المولد النبوي، إذ كانوا يحتفلون به في أحد الجوامع الكبيرة بحسب اختيار السلطان، فلمّا تولى السلطان عبد الحميد الثاني(21ايلول 1842- 10 شباط 1918). الخلافة في 31 آب 1876 م،  قصر الاحتفال على الجامع الحميدي. فقد كان الاحتفال بالمولد في عهده متى كانت ليلة 12 ربيع الأول يحضر إلى باب الجامع عظماء الدولة وكبراؤها بأصنافهم، وجميعهم بالملابس الرسمية التشريفية، وعلى صدورهم الأوسمة، ثم يقفون في صفوف انتظارًا للسلطان. فإذا جاء السلطان، خرج من قصره راكبًا جوادًا من خيرة الجياد، بسرج من الذهب الخالص، وحوله موكب فخم، وقد رُفعت فيه الأعلام، ويسير هذا الموكب بين صفين من جنود الجيش العثماني وخلفهما جماهير الناس، ثم يدخلون الجامع ويبدأون بالاحتفال، فيبدؤوا بقراءة القرآن، وثم بقراءة قصة مولد النبي محمد، ثم بقراءة كتاب دلائل الخيرات في الصلاة على النبي، ثم ينتظم بعض المشايخ في حلقات الذكر، فينشد المنشدون وترتفع الأصوات بالصلاة على النبي. وفي صباح يوم 12 ربيع الأول، يفد كبار الدولة على اختلاف رتبهم لتهنئة السلطان.
المغرب الأقصى:
كان لسلاطين المغرب الأقصى بالاحتفال بالمولد النبوي همة عالية، لا سيما في عهد السلطان أحمد المنصور الذي تولى الملك في أواخر القرن العاشر من الهجرة، وقد كان ترتيب الاحتفال بالمولد في عهده إذا دخل شهر ربيع الأول يجمّع المؤذنين من أرض المغرب، ثم يأمر الخياطين بتطريز أبهى أنواع المطرَّزات. فإذا كان فجر يوم المولد النبوي، خرج السلطان فصلى بالناس وقعد على أريكته، ثم يدخل الناس أفواجاً على طبقاتهم، فإذا استقر بهم الجلوس، تقدم الواعظ فسرد جملة من فضائل النبي محمد ومعجزاته، وذكر مولده. فإذا فرغ، بدأ قوم بإلقاء الأشعار والمدائح، فإذن انتهوا، بُسط للناس موائد الطعام.
اقوال العلماء في المولد:
وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة، وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون, ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة.. إلى أن قال : وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي.. نبي الرحمة في ذلك اليوم، فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة.
الحافظ شمس الدين ابن الجزري، في كتابه المسمى (عرف التعريف بالمولد الشريف) ما نصه: قد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين، وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا- وأشار لرأس أصبعه -، وأن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي وبإرضاعها له. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى اله عليه وسلم به فما حال المسلم الموحد من أمة النبي يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته، لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيمة".
أبو شامة (شيخ النووي) حيث قال: "ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين.
الشهاب أحمد القسطلاني (شارح البخاري)، حيث قال: "فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء".
الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي، حيث قال في كتابه المسمى (مورد الصادي في مولد الهادي): "قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سرورًا بميلاد النبي "، ثم أنشد:
إذا كان هـذا كافرًا جـاء ذمـه        وتبت يـداه في الجحـيم مخـلدًا
أتى أنـه في يـوم الاثنين دائـمًا        يخفف عنه للسـرور بأحــمدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمره        بأحمد مسرورٌ ومات موحـــدً
يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حيث قال عن ذكرى المولد: "إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟".
محمد سعيد رمضان البوطي،حيث قال: "الاحتفال بذكرى مولد رسول الله نشاط اجتماعي يبتغي منه خير دينيّ، فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تعقد في هذا العصر، ولم تكن معروفة من قبل. ومن ثم لا ينطبق تعريف البدعة على الاحتفال بالمولد، كما لاينطبق على الندوات والمؤتمرات الدينية. ولكن ينبغي أن تكون هذه الاحتفالات خالية من المنكرات".
محمد راتب النابلسي، حيث قال: "الاحتفال بعيد المولد ليس عبادة ولكنه يندرج تحت الدعوة إلى الله، ولك أن تحتفل بذكرى المولد على مدى العام في ربيع الأول وفي أي شهر آخر، في المساجد وفي البيوت.
عبد الملك السعدي، المفتي العام للعراق سابقًا: "لم يكن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف معروفاً في عصر الصحابة الكرام. ولكن لا يَلزم من عدم وجوده في عصر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ- أو في عصر الصحابة كونه بدعة سيئة أو منافياً للشريعة، فالاحتفال بالمولد إن أُقيم على أساس أنَّه عبادة مشروعة -كالصوم والصلاة والعبادات الأخرى- : فهو بدعة. وكذا لا نسمِّيه عيدا، بل إحياء ذكرى؛ لأنَّه لا يوجد سوى عيدين في الإسلام. وإن أقيم على أساس إحياء ذكرى مولد سيد المرسلين وإعادة ذكريات سيرته العطرة وخلا من المنكرات واختلاط الرجال بالنساء والمبالغة في مدحه صلى الله عليه سلم فلا يعد بدعة.

  

مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى :
مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى لم تتغير، فمع بداية شهر ربيع أول من كل عام تُقام سرادقات كبيرة حول المساجد الكبرى كمسجد الإمام الحسين ، والسيدة زينب (رضي الله عنهما) تضم تلك السرادقات زوار المولد من مختلف قرى مصر.
وفي بغداد تقام الاحتفالات ومنذ زمن بعيد والتي يتخذها أبناء المدينة يوما للسرور والفرح وتلاوة القرآن الكريم وإقامة حلقات الذكر ويتركز الاحتفال في جامع الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان في الاعظمية وجامع الشيخ عبد القادر الكيلاني في منطقة باب الشيخ حيث يتجمع شيوخ الطرق الصوفية ، امتازت الاعظمية بتلك الاحتفالات وحسن تنظيمها وإعداد الطعام للزوار والمحتفلين حيث يتجمع أهل بغداد في الاعظمية ليلة المولد النبوي الشريف ، ويخصص كثير من المحسنين مبالغ معينة لإنفاقها في احتفالات المولد النبوي الشريف في الاعظمية ، وكان المشرفون على الاحتفال يقومون بإعداد الطعام في كلية الإمام الأعظم وتنقل منها عدة قدور كبار (صفريات) يتسلمها مختارو المحلات الأربع في الاعظمية ، ويوزعونها بين بيوت المحلات ، وكل مختار يتولى الإشراف على توزيع الطعام في محلته، وذلك بقصد التبرك، ويذكر ان المعاظمة (تسمية تطلق على اهل الاعظمية) يستقبلون الوفود من المحافظات والمدن العراقية الأخرى ويقيمون مآدب فخمة في مساجد الاعظمية ، وتبقى المساجد مفتوحة إلى الصباح لاستقبال الزوار والمحتفلين وتقام حلقات الأذكار والمدائح النبوية في جامع الإمام الأعظم وبقية مساجد الاعظمية ويتم في يوم المولد النبوي الشريف عرض بضع شعرات للرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ، والتي لا تعرض سوى في يوم المولد وفي ليلة القدر وفي ذكرى الإسراء والمعراج،  ويأخذ الاحتفال بالمولد النبوي في هذه المنطقة أشكالا مختلفة من رفع لافتات الاحتفال وتزيين الشوارع بالمصابيح الملونة إلى توزيع الحلوى والطعام على جموع الوافدين للاعظمية والسهر حتى ساعات الفجر الأولى على أصوات المدائح النبوية والأهازيج الشعبية التي يرددها الرجال والنساء والأطفال في طقس مميز، وبحضور طاغ ٍ للشموع وأغصان ألآس والزهور ويتحول جسر الأئمة الرابط بين الشقيقتين الاعظمية والكاظمية عبر دجلة إلى درب يعج بآلاف الزائرين والمحتفلين فوق النهر بمدينتهم وتوأمتها الكاظمية، والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة في العالمين إلى يوم الدين .
 

المولد النبوي  بغداد الأعظمية

http://www.youtube.com/watch?v=1yQlgHw3t-s


إن كان غيري له من حبكم نسب *** فلي أنا نسب الإيمان والرحم
إن حل في القلب أعلى منك منزلة *** في الحب حاشا إلهي بارئ النسم
 فمزق الله شرياني وأوردتي *** ولا مشت بي إلي ما أشتهي قدمي

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على شفيع الأمة ، وعلى كاشف الغمة ، وعلى مجلى الظلمة .
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على النعمة المسداة ، والرحمة المهداة، والسراج المنير .
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على صاحب الشفاعة الكبرى ،والوسيلة العظمى، والمكانة العالية.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على من بلغ الرسالة ،وادى الأمانة ،ونصح الأمة، وجاهدفى الله حق جهاده.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على صاحب الحوض المورود، والمقام المحمود،والمكان المشهود
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله .
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على من دخل حرمه خائفاً أمنه الله ، وعلى من لاذ بجانبه أعزه الله .
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على من بالصلاة عليه تحط الأوزار ، وتنال منازل الأبرار ورحمة العزيز الغفار
اللَّهُمَّ إنا نسألك من خير ما سألك منه محمد نبيك ورسولك ، ونعوذ بك من شر ما إستعاذ منه محمد نبيك ورسولك .
اللَّهُمَّ إنا نسألك حبه ، وحب من يحبه ، وحب كل عمل يقربنا الى حبه .
اللَّهُمَّ أحينا على سنته وأمتنا على سنته وأحشرنا في زمرته، وأرزقنا شفاعته ، وأوردنا حوضه الأوفى وأسقنا من كأسه الأشفى شربة لا نظمأ بعدها أبداً غير خزايا ولا نادمين ، ولا فاتنين ولا مفتونين .
اللَّهُمَّ متعنا برؤية وجهه الكريم في الدنيا والآخرة ، وأكرمنا بمصاحبته وآله وصحبه في أعلى عليين.
اللَّهُمَّ إجزه عنا أفضل ما جازيت نبياًعن أمته ، وصل عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً .
اللَّهُمَّ بلغ عنا نبيك وحبيبك أفضل الصلاة والسلام .
اللَّهُمَّ اشرح بالصلاة عليه صدورنا ، ويسر بها أمورنا ، وفرج بها همومنا ، واغفر بها ذنوبنا ، وثبت بها أقدامنا، وبيض بها وجوهنا ، واقض بها ديوننا ، واصلح بها أحوالنا .
اللَّهُمَّ تقبل بها توبتنا ، واغسل بها حوبتنا ، وانصر بها حجتنا ، واغفر بها ذلتنا .
اللَّهُمَّ أجعلها نوراً من بين أيدينا ، ومن خلفنا ، وعن أيماننا ، وعن شمائلنا ، ومن فوقنا ،ومن تحتنا وفي حياتنا ، وفي مماتنا .
اللَّهُمَّ أدِمْ بركتها علينا في الدنيا والآخرة حتى نلقى حبيبنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ.، ونحن آمنون مطمئنون ، فرحون ومستبشرون .
اللَّهُمَّ لا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله ، وتأوينا الى جواره الكريم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .
اللَّهُمَّ إنا قد آمنا به ولم نراه ، فمتعنا اللهم في الدارين برؤيته ، وثبت قلوبنا على صحبته ، واستعملنا على سنته ، وتوفنا على ملته ، واحشرنا فى زمرته ، وأرزقنا شفاعته .
اللَّهُمَّ أرفع مقتك وغضبك وسخطك عنا ، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا ، وأن ترضى عنا رضاءاً لا سخط فيه.
اللَّهُمَّ انا نستودعك أهل العراق عامة ، وأهلنا بالانبار خاصة ، أن تحفظهم بحفظك وأمنك وأمانك يا رب من شر حقد نوري الصفوي وعصابته من المليشيات القذرة الفاجرة
اللَّهُمَّ اجعل أهلنا بالانبار في خير وسلام وابعد عنهم شر وغدر الصحوات وفي مقدمتهم أبو فيشة ومحافظ الانبار وحلف الغادرين. .
اللَّهُمَّ أحفظ لنا أهلنا الذين غادروا مدنهم وبيوتهم مضطرين وقيهم آفة البرد والجوع والخوف والحاجة والعوز يا رب .
اللَّهُمَّ انتقم من الدجالين من علماء السوء ومراجيح الدين الساكتين على الباطل من كل ألوان العمائم وعلى كل شيطان اخرس أثيم يا رب العالمين .
اللَّهُمَّ أرحم شهداء المحافظات الثائرة ضد الظلم والطغيان وضد نوري الصفوي الكذاب الدجال .
اللَّهُمَّ واشف جرحاهم وأعد يا رب بعيدهم وفقيدهم وأسراهم .
اللَّهُمَّ سدد رميهم وانصرهم على عدوهم.
اللَّهُمَّ نستودعك الانبار وأهلها ، وانت الذي لا تضيع معك وديعة يا رب يا رب يا رب .....
https://www.youtube.com/watch?v=-rJ-eUdUibw#t=144
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

نسألكم الدعاء بظهر الغيب
عَن أَبي الدَّردَاءِ رَضِي اللَّه عنْهُ أَنَّهُ سمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ يَقُولُ :  ما مِن عبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعُو لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيْبِ إِلاَّ قَالَ المَلكُ ولَكَ بمِثْلٍ) رواه مسلم)
المصادر:
السيوطي جلال الدين. سن المقصد في عمل المولد.
أبو شامة : عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي_ الروضتين في أخبار الدولتين -حوادث سنة 566 ؛ الباعث على إنكار البدع والحوادث
الزركلي، خير الدين - الأعلام
ابن كثيرالبداية والنهاية
حسن السندوبي :اريخ الاحتفال بالمولد النبوي من عصر الإسلام الأول إلى عصر فاروق الأول.
الحلبي :علي بن برهان الدين ، السيرة الحلبية ..
ابن الحاج :المدخل عن تعظيم شهر ربيع الأول،
الدرر السنية، ص190.
شرح ابن عابدين على مولد ابن حجر.
الزرقاني :شرح المواهب اللدنية.
السعدي: عبد الملك:الأمة الوسط: مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

          

             الگاردينيا: الأخ البغدادي....

             

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

882 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع