قصة قصيرة بعنوان ( تشرين )

                                                  

                     بقلم جابر رسول الجابري

قصة قصيرة بعنوان ( تشرين )

* فتحت شباكَ النافذة وكانت تطل على سوق شعبي رحب ،تتأرجح فيه الأصوات بين خريرها وآخر في صَخب ،وكان الضحى يحيك خيوط الشمس بين زرقة السماء وبقايا سُحب ،إيه أيها الصباح ...كلما أشرقت شمسك علينا أفلت وراحت الى غرب ،و دلو بئر العراق يسقي الغرباء ويدلوه كلما نضب ،وشعب العراق عطاشى جائع محروم يتامى يعلوه نصب ،كدابة تحمل على ظهرها ذهبا وهي تبحث عن عشب

تهاوى جسدي لذكر العراق على كرسي من خشب ،ورحت أتصفح كتاب تأريخ العراق وما قيل عنه وما كُتِب ، وما دار به من أحداث أو ما خط من جلل الخطب ،فبت على يقين أن لكل حدث في الشعب سبب ،وأحداث التأريخ فيه تتكرر و لا يتعض وذلك يثير العجب ،بالرغم من أن التاريخ يعيد نفسه وكما حدث في كل مرة طنب ،فايقضني من غفلتي صوت تهاوى الى سمعي كأنه نفيخ في القرب

صوت يجلجل ويصيح :

عتيق للبيع ...
قصة سعيدة قديمة للبيع ....
قصة حزينة قديمة للبيع ....
تاريخ للبيع....
عتيق للبيع ..... رحت أصغي للصوت مرة و مرات حتى تيقنت ان ذلك الصوت لبائع جوال ووجدت بدا أن أحاوره ، فمددت رأسي من الشباك فوجدته رجلا عجوزا يتوكأ على عصاه ناديته فرفع رأسه وهو يقول ويكرر ما سمعته ثم أردف لي قائلا :
تفضل يا ولدي أعرض ما عندك من قصص وسأكون عادلا في حكمي وتقييمي
فأجبته متسائلا

أ تشتري قصة من العراق

قال لي :

أهي قديمة

قلت :

لا هي من عصرنا هذا ...لكنها حزينة وفيها البؤس واليتم وقضم للحق وفيها الباطل يجول ويصول

قال لي :

لا نشتري قصص العراق في هذا الزمان لأنها كثيرة مبذولة وليست نادرة . .... ألا توجد لديك قصة حزينة او سعيدة عن العراق قبل حكم العمائم والطائفية .... فإن كل العراق اليوم بما فيه الشعب معروض للبيع

قلت له وقد أصابني الفضول

-يا عماه ... إنه لشيء عجيب ان تشتري قصصا قديمة والنَّاس اليوم يتابعون الحدث واخبار الساعة

فأطرق قليلا وهو يهز رأسه ثم أجاب :

-نحن لا نشتري الا النادر الثمين وكل له ثمنه.....

وعندها سألته :-

- وما النادر الثمين في هذا الزمان

فأجاب:-

أربعة في العراق نزر يسير إن وجدتْ غلا ثمنها كغلاء ثوب الحرير و إن وجدت يحصل عندها في العراق تغيير

سألته :-

بالله عليك ... اخبرني ما هي؟

قال:-

-عمامة صادقة ...

-و برلماني ليس عاهرا وليس فاسدا

- أحزاب الدين في العملية السياسية ليست عميلة وليست فاسدة

-أما الرابعة فهي وجود حكومة وطنية صادقة تريد الإصلاح والتغيير

....وما ثورة تشرين إلا حلم الشعب لايجاد تلك الأربعة المفقودة

ثم تركني و مشى بعيدا وهو يشير لي بيده

ويقول :-

أن الله في عون العراق .

المملكة المتحدة

الخامس والعشرون من تشرين 2020

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

540 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع