قصة قصيرة - عازفة الكمان قصة كاملة

                                                     

                           بقلم أحمد فخري


قصة قصيرة عازفة الكمان قصة كاملة

           

                              1789


جلس الدوق الكساندر ولف ووضع ساقاً فوق ساق وهو متوتر في عربته الفارهة بينما هي تسير ببطئ نحو ڤينا. اخرج رأسه من الشباك وصرخ على الحوذي قائلاً،
الكساندر : الا تستطيع ان تسير اسرع من ذلك يا لوكاس؟
لوكاس : لا استطيع ان اضغط كثيراً على الخيل يا سيدي فهي متعبة الآن وقد سرنا بلا انقطاع منذ صباح اليوم الباكر عندما خرجنا من گراز، وانا اخشى إن دفعناها كي تجري اكثر فانها ستسقط مغشياً عليها وقد تموت سيدي.
الكساندر : لكني اريد ان اصل الى ڤينا باسرع وقت. هل هناك سبيل الى ذلك؟
لوكاس : لم يبقى الكثير يا سيدي، ربما ساعتان او اكثر بقليل. لقد قطعنا اكثر من 110 كيلومتراً.
الكساندر : وكم هي المسافة الكلية بين گراز وڤينا؟
لوكاس : حوالي 140 كيلومتر سيدي.
الكساندر : كنت اتصور ان بهذه العربة ذو التصميم الحديث والثمن الباهظ الاجدر بنا ان نصل قبل هذا الموعد بكثير!
لوكاس : قد تكون العربة حديثة ومصممة بشكل حديث الا ان الخيل هي الخيل وستبقى قابليتها محدودة على السير سيدي. علماً ان جيادنا هي افضل الجياد بكل النمسا وانت تعرف ذلك.
رجع الكساندر الى مقعده وهو منزعج تماماً مما قاله الحوذي. ما عليه الآن سوى الصبر حتى يصلون الى ڤينا. وما ان مرت نصف ساعة على حديثهما حتى سمع الكساندر صوتاً مدوياً مخيفاً ومعه مالت العربة صوب الارض. نظر الكساندر حوله فوجد نفسه قد سقط على ارضية العربة. وقف ثانية وفتح الباب ثم صرخ،
الكساندر : ما الامر يا لوكاس؟ ماذا يجري؟ هل بدأت الحرب من جديد؟ هل هناك قصف مدفعي علينا؟
لوكاس : كلا سيدي، انها العجلة الخلفية، لقد اصطدمت بصخرة كبيرة فتهشمت.
الكساندر : وهل هذا امر خطير؟
لوكاس : كلا سيدي، لدينا عجلة احتياطية بالخلف. ساقوم باستبدالها الآن، ارجو ان لا تقلق.
الكساندر : كيف لا اقلق ايها الاحمق؟ هذا يعني اننا سنتأخر اكثر مما توقعنا. ستقلق زوجتي اريكا كثيراً خصوصاً واني اخبرتها باني ساصل بعد الظهر والآن قاربت من الحادية عشر ليلاً. كم سيستغرق تبديل العجلة؟
لوكاس : إذا قمت بتبديلها وحدي فستستغرق ساعتين. اما إذا ساعدتني عليها فسوف تستغرق نصف ساعة فقط.
الكساندر : حسناً ساساعدك كي ننتهي منها على عجل.
في هذه الاثناء في قصر وولف بڤينا نهظ الطبيب هانز من سرير اريكا وهمّ بارتداء قميصه فوقفت اريكا عارية تماماً وسحبته من قميصه قائلةً بتوسل،
اريكا : ارجوك يا هانز لا تذهب الآن. عد الى السرير فانا اريدك ان تبادلني الحب ثانية.
هانز : لكنك قلتِ للتو ان زوجك لوكاس في طريقه الى البيت. اتريدين ان يداهمنا ونحن نمارس الحب ببيته؟ هل جننت يا اريكا؟
اريكا : لا تخف يا حبيبي. فهو آت من مدينة گراز. وسوف لن يصل قبل الفجر صدقني.
هانز : يجب ان لا تغامري يا اريكا. انت تعرفين انني صديق زوجك المقرب وانه سوف لن يغفر لي هذه الخيانة إذا عرف بعلاقتنا. انا متأكد من انه سيأمر بقتلي بل سيقتلنا نحن الاثنان انه مجنون بكل المقاييس.
اريكا : حسناً ارحل إذاً ولكن اريد ان اراك غداً، فانا لا اقوى على فراقك يا حياتي. لقد اصبحت مدمنة عليك وعلى لمساتك الحنونة انها كالسحر على جسدي.
هانز : ساكون مشغولاً بامور كثيرة غداً. لذا ساراك يوم الثلاثاء يا عزيزتي، سامحيني.
اريكا : حسناً حبيبي. تعال وقبلني قبل ان ترحل.
دنى هانز من عشيقته اريكا وقبلها قبلة ساخنة طويلة ثم خرج من غرفتها غالقاً الباب ورائه. نزل الى الطابق السفلي وخرج من الباب الرئيسي للبيت. نهظت اريكا من السرير وهي مازالت عارية تماماً وامسكت بالكمان ثم صارت تعزف معزوفتها المفضلة (شهرزاد) لرمسكي كرساخوف. الالحان التي كانت تخرج من آلتها كانت تجعل قلبها يرقص عشقاً وهياماً وهي تتمايل مع اهتزازات الاوتار الشجية فتتذكر اللحظات الممتعة التي قضتها مع حبيبها هانز الذي فارقها منذ لحظات لكنها كانت تبدو وكأنها سنين طويلة. وبينما هي تحلم بعشيقها دخل زوجها الى المنزل وصار يفتش عن زوجته اريكا فلم يجدها بالطابق الارضي ولما تفقد الحجرات بالمنزل سمع من بعيد الحان شجية فعرف ان زوجته الحبيبة تعزف الكمان بغرفتها فصعد الى الطابق العلوي متتبعاً الصوت. وكلما دنا من غرفة نومهما صار الصوت اقوى واعلى حتى فتح الباب ودخل فوجد زوجته تعزف الكمان وهي عارية تماماً وقد اعطت ظهرها للباب. تيقن وقتها انها لم تشعر بقدومه لذلك استمرت بالعزف. لم يشأ الكساندر ان يقاطع تلك المعزوفة الساحرة فتسمر بمكانه وبقي يستمع اليها حتى بلغت مقطعاً هادءاً فادارت رأسها مع الكمان فتطاير شعرها الى الاعلى لتشاهد زوجها واقفاً يتسرق السمع بكل حنان. توقفت عن العزف ورمت الكمان على السرير ثم ركضت صوبه ممسكةً بعنقه لافة ساقيها حول خصره وقبلته قبلة ساخنة،
اريكا : لم اشعر بقدومك يا حبيبي. هل انتظرت كثيراً؟
الكساندر : كلا، بضع دقائق فقط. لم ارغب بمقاطعتك وانت تعزفين هذه الوصلة الجميلة. أهي الدانوب الازرق؟
اريكا : اوف كلا حبيبي كلا. ان الدانوب الازرق لشتراوس اما هذه المعزوفة فاسمها شهرزاد لرمسكي كرساخوف. انت لا تتابع الموسيقى لانك لا تحبني.
الكساندر : انا اسف يا حبيبتي لجهلي بالموسيقى. وارجو المعذرة لتأخري عن الوصول الى البيت كان ذلك بسبب تحطم احدى عجلات العربة فاضطررت تبديلها مع لوكاس مما اخرنا ساعتين عن المعتاد. لكن لدي اخبار سعيدة عن منزلنا الجديد في گراز. يبدو اننا سنغادر ڨينا قريباً وسنسكن بگراز خلال اشهر قليلة.
اريكا : هل قلت ننتقل؟ انا سبق وان اخبرتك باني لا ارغب ترك ڨينا. فانا ولدت بها واحب العيش فيها ولا يمكنني ان افارقها ابداً. فلماذا تقول باننا سنغادر؟ يبدو انك لا تحبني، بامكانك أن تغادر انت وحدك إن اردت. انا ها هنا قاعدة.
الكساندر : وكيف اغادر وحدي؟ ايعقل ذلك يا عزيزتي؟ انت زوجتي ويجب ان نقيم بنفس المدينة ونفس المنزل. انت تعلمين اني اخطط لاقتناء ذلك القصر في گراز منذ امد بعيد. فلماذا غيرت رأيك الآن؟ هل هناك سبب مقنع لذلك؟
اريكا : ليس هناك داعي لكي نستمر بالجدال حول الموضوع. انا باقية هنا وهذا آخر ما لدي من كلام.
الكساندر : حسناً والآن اريد ان انام فانا متعب جداً.
اريكا : ليس قبل ان تبادلني الحب فانا انتظرك بفارغ الصبر واريدك ان تضاجعني الآن افهمت؟
الكساندر : انا متعب جداً يا حبيبتي، لا اقوى سوى على النوم. ارجوك سامحيني.
اريكا : حسناً ساتوقع منك ان تضاجعني بالغد في الصباح الباكر. فانا لم اعد اصبر افهمت؟
الكساندر : سنرى.
باليوم التالي استيقظ الزوجان ونزلا الى صالة الطعام في الطابق السفلي وفور جلوسهما قام رئيس الخدم بوضع الاطعمة الشهية على طاولة الطعام، وبعد ان تناول الزوجان افطارهما انتقلا الى صالة الجلوس فسمعا جرس الباب. امر الكساندر الخادمة كي تفتح الباب ونظر الى مدخل الصالة يترقب القادم فدخل الدكتور هانز مبتسماً وقال،
هانز : مرحباً بك سيدتي اريكا مرحباً بك يا الكس. متى رجعت من رحلتك؟ لقد اشتقت اليك كثيراً.
اريكا : كلنا اشتقنا اليه يا هانز. لقد غاب طويلاً هذه المرة.
الكساندر : شكراً لكما. في الحقيقة كنت منشغلاً باجراءات تسجيل القصر الجديد باسمي الذي منحني اياه جلالة الملك انه منحة من عائلة هابزبورغ الملكية في گراز لقد وفر علي ثمن شراء ذلك القصر من اموالي، لذلك تأخرت قليلاً وانا اتسلم القصر بما فيه. لكني لم اتحمل فراق حبيبتي اريكا. وما ان انتهيت من جميع الاجراءات حتى عدت اليها مسرعاً.
قال ذلك وهو يصب الكونياك لضيفه في كاس عميق ويعطيه اياه.
هانز : لقد كانت زوجتك مشتاقة اليك كثيراً. فقد حدثتني اكثر من مرة بانها تشعر بفراغ كبير في الدار بعد غيابك عنها.
اريكا : انت تعلم يا هانز بان زوجي هو حبي الاول والاخير. وبالرغم من فارق السن الذي بيننا فانا اعتبره عشيقي قبل ان يكون زوجي.
الكساندر : ليس هناك فارق كبير يا عزيزتي فانا 60 وانت 40.
اريكا : لا لا لا يا حبيبي. انت 65 وانا 31. لكن ذلك لا يهم بالنسبة لي فانت كالشاب الوسيم بنظري.
الدكتور هانز : اثبت العلم ان الرجل يبقى شاباً متألقاً حتى يبلغ السبعين من عمره. اما المرأة فتبدأ بالشيخوخة في الخمسينات. او عندما تدخل سن اليأس فتبرد رغبتها الجنسية وتبطأ حركتها.
اريكا : هراء. اذكر ان امي بقيت يانعة حتى بلغت سن الستين. ان احصائياتك الطبية خاطئة يا دكتور.
هانز : كما قلت يا سيدتي انها مجرد احصائيات.
الكساندر : ومتى نجد لك زوجة مناسبة تحمل اسمك وتنجب لك الاولاد يا هانز؟
هانز : انا ما زلت في ينعان شبابي ولم ابلغ الاربعين بعد، لدي الكثير من المغامرات والمشاريع قبل ان استقر على امرأة واحدة تكبلني وتجلب لي الاولاد. والآن يا الكساندر الا جئت معي الليلة كي نسهر مع الاصدقاء؟ فبطرس ينظم لعبة بوكر ببيته وستكون اموال طائلة فوق الطاولة. لدي احساس باني ساجني الكثير من المال هذه الليلة.
الكساندر : كلا يا هانز. لقد وعدت زوجتي ان ابقى معها هذا المساء.
اريكا : بامكانك الذهاب مع هانز اليوم يا الكس. لكن عليك ان تعوضني بالغد. افهمت؟
الكساندر : طبعاً، طبعاً.
نظر الكساندر الى الدكتور هانز وقال،
الكساندر : متى نذهب؟
هانز : ساخذك من هنا الساعة التاسعة مساءاً. سنذهب الى بيت بطرس سيراً على الاقدام فبيته بالكاد يبعد مسافة ربع ساعة.
الكساندر : حسنا الساعة التاسعة مساءاً إذاً.
خرج هانز من قصر السيد وولف وهو في غاية السعادة لانه يعلم انه سيكون مع حبيبته هذا المساء حسب الخطة التي رسمها. فهو يعلم تماماً ان الدوق الكساندر يعشق القمار لدرجة الجنون وانه سيستمر باللعب حتى وقت متأخر من صباح اليوم التالي فيكون هو بصحبة زوجة صاحبه اريكا يتبادلان الحب.
في تمام الساعة التاسعة دق جرس الباب في قصر الدوق وولف فنادى الكساندر من غرفته بالطابق العلوي قائلاً،
الكساندر : افتحي الباب يا تَسلا، انه صديقي الدكتور هانز. ادخليه الى الصالة واسكبي له القهوة.
دخل هانز تابعاً الخادمة تسلا الى الصالة وجلس على الاريكة الكبيرة بالقرب من موقد النار. بعد مرور عشر دقائق دخل عليه الكساندر ورحب بصديقه الدكتور قائلاً،
الكساندر : اهلاً بك يا هانز، هل انت مستعد لمغامرة اليوم؟
هانز : بالتأكيد، فانا لدي شعور اني ساكون من الرابحين. دعنا نسرع بالخروج.
وبينما هم الصديقان بالخروج سمعا اريكا وهي تلعب الكمان. نظر هانز الى صديقه الكساندر وقال،
هانز : ان اريكا حقاً موهوبة في العزف. فهي تعزف افضل من المحترفين الذين يعزفون لجلالة الملك.
الكساندر : انها تعزف منذ سن السابعة وهي تعشق الموسيقى وتفهم بكل شيء يتعلق بها.
هانز : انت حقاً محظوظ بتلك المرأة. ليتني اجد زوجة مثل اريكا.
الكساندر : ستجدها يا هانز عليك الصبر.
خرج الصديقان باتجاه بيت صديقهم بطرس. وعندما وصلا هناك طرقا الباب ففتح لهما خادم بطرس ورحب بهما ثم قادهما نحو الصالة التي بها طاولة مستديرة جلس خلفها بضع رجال يلعبون القمار. حيى الكساندر وهانز الجميع ثم جلسا على الطاولة استعداداً للعب. بدأ الشوط الاول بمبالغ قليلة كي يجرب كل منهم قدرة باقي الحضور ثم صارت المبالغ ذات الاوزان الثقيلة تنزل تباعاً. استمر الجميع باللعب بشغف واهتمام كبيرين لمدة اربع ساعات حتى همس الدكتور هانز باذن صاحبه الكساندر قائلاً انه خسر ماله كله وانه سينسحب من اللعب. عرض عليه الكساندر المال كي يواصل اللعب لكنه قال انه يعرف متى يجب عليه التوقف. فالعناد بمثل هذه الحالات يسمى انتحاراً. وقال انه قرر ان يعود الى منزله ويأخذ قسطاً من الراحة. لكنه بدل من ان يعود الى منزله ذهب الى بيت صاحبه الكساندر. دفع الباب وصعد السلم بهدوء كبير كي لا يجلب انتباه الخدم. وعندما وصل غرفة اريكا فتح الباب فوجدها ترتدي فستان نوم بنفسجي مورد بورود صفراء. سار نحوها وقال لها وهو يقبلها،
هانز : تبدين كالزهرة اليانعة يا حبيبتي.
اريكا : انا مشتاقة اليك يا هانز. اين تركت زوجي؟
هانز : لا زال يلعب القمار ببيت بطرس. تركته لاني خسرت كل نقودي. فقررت ان اتي اليك وابادلك الحب.
اريكا : هل جننت يا هانز؟ ماذا لو عاد الكساندر؟
هانز : هذا الجحش العجوز سوف لن يستسلم حتى يستحوذ على نقود الجميع. سوف لن يعود اليك حتى الصباح انا متأكد مما اقول.
اريكا : اسمع مني يا حبيبي. هذه الحالة لا يمكن ان تستمر. يجب عليها ان تنتهي باسرع وقت.
هانز : لكني احبك يا اريكا ولا اقوى على العيش من دونك صدقيني. انا اموت لو تركتيني.
اريكا : وانا كذلك. احبك حتى الموت. وبما ننا جئنا بسيرة الموت فلماذا اموت انا او تموت انت؟ لماذا نُحرَم من بعضنا البعض ونترك كل هذا الحب العظيم الذي بيننا يضيع هباءاً؟ لماذا لا نحيا سوية بسعادة تامة؟ ويكون لنا اولاد بيننا.
هانز : وماذا عن زوجك؟ انسيتي الكساندر؟
ابتسمت بوجهه ثم نظرت الى الارض وقالت،
اريكا : لو انه مات مثلاً...
هانز : مات؟ وكيف يموت؟ صحته جيدة جداً لقد فحصته قبل يومين. لا اعتقد ان اجله سيأتي قريباً. فهو كالثور.
اريكا : ومن الذي يتحدث عن الاجل؟
هانز : اتقصدين... هل تفكرين بـ... لا مستحيل. سوف لن اوافق ان تقتلي زوجك يا اريكا.
اريكا : انا لم اقل اني اريد ان اقتل زوجي. بل اريدك انت ان تقتله.
هانز : هذا جنون يا اريكا. انا طبيب اعالج الناس لا اقتلهم. انت جننت بالتأكيد.
اريكا : اسمع مني يا هانز. انت تعلم ان زوجي رجل عجوز ضعيف وهزيل البنية وبالامكان ان يموت باقل الاسباب. سيخرج بعد ساعة او ساعتان من بيت بطرس وهو سكران. بامكانك ان تتعرض له بمنتصف الطريق وتطعنه بخنجره ثم تهرب. وستسجل القضية ضد مجهول.
هانز : ولكن يا حبيبتي هو صديقي. كيف تعتقدين اني استطيع طعنه؟ ماذا لو وضع عينه بعيني اثناء الطعن؟ كيف ساستطيع ان انظر الى وجهي بالمرآة مستقبلاً؟
اريكا : انت اليوم تتحدث عن المثاليات كثيراً يا هانز. وكيف كنت تضاجع زوجة صديقك بغيابه؟ اين كان ضميرك وقتها؟ اين كان شعورك بالاخلاص لصديقك المقرب هل فكرت بذلك؟ هل كان ضميرك يأخذ استراحة بينما تستمتع انت بزوجته؟
هانز : بغض النظر عن كل شيء. فانا لن افعل ذلك ابداً، انا لست قاتلاً.
اريكا : إذاً ساخبره بكل شيء عندما يعود الى البيت. ساخبره كيف كنت تستمتع بجسد زوجته وتتظاهر بصداقتك له. زوجي سيدمرك بنفوذه، وربما سيخبر الملك عنك فيأمر باعدامك لا محال. أهذا ما تريد؟
هانز : اسمعي مني يا اريكا. انا لم اقتل اي روح بحياتي فكيف تريديني ان اقتل رجل؟
اريكا : لقد كنت تقتل الحيوانات وتشرحها عندما كنت بكلية الطب اليس كذلك؟ لقد اخبرتني بذلك مراراً.
هانز : اجل ولكن كانت تلك لاجل غرض نبيل وهو التعلم.
اريكا : وهذا غرض نبيل ايضاً. فكر معي قليلاً. انت طبيب لكنك فقير الحال وزوجي غني جداً واذا ما مات فانا سارث جميع امواله واطيانه. وبما اننا سنتزوج فيما بعد فسيكون بامكانك فتح عيادة خاصة بك بافضل مكان بڨينا. او حتى مستشفى خاص بك. ماذا تقول؟
هانز : وماذا عن الخدم بالقصر؟
اريكا : اليوم منحت الخدم كلهم اجازة كي لا يعرف احد منهم بما نخطط اليوم.
هانز : إذاً دعيني افكر يا اريكا. الامر ليس بهذه السهولة.
اريكا : ليس هناك مجال للتفكير. فالفرصة لا تأتي الا مرة واحدة. زوجي الكس يلعب القمار ويسكر الآن ببيت صديقه بطرس. سيخرج بعد ساعة او ساعتان من بيته راجعاً الى هنا سيراً على الاقدام. ستتعرض له بالطريق وتطعنه بعدة طعنات بخنجره الخاص وتسرق محفظته ثم تترك كل شيء وتهرب دون ان يراك احد. سيعتقد الجميع ان لصاً قام بمهاجمته وعندما دافع عن نفسه بخنجره الخاص تغلب عليه اللص وقتله بنفس خنجره الذي عليه الايقونة الملكية. ساعطيك الخنجر الآن.
هانز : ستسأل الشرطة عني لاننا ذهبنا سوية الى بيت بطرس.
اريكا : اجل والكل سيشهد انك خسرت نقودك كلها وخرجت الى بيتك مبكراً. لذلك سوف لن تشك بك الشرطة.
هانز : حسناً والآن هاتي الخنجر ودعيني اخرج كي اجد مكاناً مظلماً في الطريق لاتربص به لزوجك.
اريكا : لقد هيأت لك الخنجر. خذه واذهب الآن. تذكر اني ساكون بانتظارك كي نمارس الحب عندما تعود.
اخذ هانز الخنجر واخفاه بداخل معطفه ثم قبلها من شفتيها وخرج من الباب مسرعاً بعد ان تأكد من خلو الشارع من المارة. اغلقت اريكا الباب ورائه وابتسمت قائلةً ببالها، "واخيراً اقتنع"
صعدت اريكا الى غرفتها وصارت تبحث في خزانتها عن ملابس سوداء. فهي تعرف تماماً ان المجتمع النمساوي محافظ جداً وهم يتوقعون منها ان تدخل بمرحلة حداد قبل واثناء وبعد دفن زوجها قبل ان تستقر مع حبيبها وزوجها المستقبلي هانز. "سيكون هانز الزوج المثالي والاب المثالي ورفيق الجسد المثالي. ساستمتع به وسيستمتع بي وسنعيش عيشة هنيئة رائعة. سوف لن اخبر احد بما خططنا له وفعلناه انا وهانز حتى بعد ان يكبر اولادنا. لان الامور التي من هذا النوع عليها ان تبقى سراً الى الابد. سنبيع هذا القصر وسنشتري قصراً آخر في ضواحي ڨينا لاني احب الضواحي. ساشتري الكمان الذي طالما حلمت به لانه مصنوع من خشب رفيع ومن نوع نادر جداً. سوف يكون بامكاني شرائه بالرغم من ثمنه الباهظ"
وبينما هي تعمل بحجرتها وتداعبها الافكار عن المستقبل الزاهر سمعت صوت الباب وهو يُغلق. قالت بسرها "يا الهي هذا هانز لقد قتل زوجي الكس على عجل وعاد كي يخبرني بما حصل. يجب علي ان اقبله واطلب منه ان يختفي كي لا تعثر عليه الشرطة هنا بهذا البيت عندما يأتون لاخباري بوفاة زوجي اليوم. هي فقط قبلة واحدة وارسله الى بيته على عجل. الرجال كالاطفال نضحك عليهم بقطعة حلوى فيفعلون ما نريده منهم"
سمعت خطواته وهو يطلع السلم ببطئ شديد، وكلما صعد سلمة كلما زاد قلبها بالخفقان. فهي متيقنة الآن ان حياتها ستأخذ منحاً جديداً نحو السعادة والرخاء. قررت ان تعزف له على الكمان كي يلتقيان ويقبلها قبلة اخيرة قبل ان يهرب الى منزله. بدأت بازالة ملابسها الواحدة تلو الاخرى على عجل حتى اصبحت عارية تماماً. وضعت الكمان على كتفها الايسر وصارت تعزف لحناً مستوحاة من اوبوريت (كارمن) للملحن الفرنسي جورج بيزيه. وبعد ان وصلت الى مقطع جداً حزين كانت تطيل العزف عليه كي يكون ملائماً لما حصل لزوجها الكس. انفتحت الباب فجأة فادارت وجهها كي تستقبل هانز بالاحضان وقالت باعلى صوتها "هانز". ولكن بدلاً من هانز وجدت زوجها الكس ويده مخضبة بالدماء. بقيت مشدوهةً لثوان طويلة كادت تشعر وكأنها قرن من الزمان، لم تتمكن من ان تفتح فاها. كان الامر صادماً للغاية. ما الذي حصل؟ لماذا دخل عليها زوجها بدلاً من حبيبها؟ هل وقع خطأ ما؟
الكساندر : ما هذا يا زوجتي العزيزة؟ هل كنت تتوقعين ان يدخل عليك هانز بعد ان يقتلني؟ هل خططتما لهذه الجريمة البشعة؟ زوجتي وصديقي المقرب يتآمران على قتلي؟ هل كنتِ تكرهينني لهذه الدرجة واردت التخلص مني؟
اريكا : اسمع مني يا الكس انا...
الكساندر : انتِ ماذا يا وضيعة؟ لقد هاجمني رجل ملثم بمكان مظلم في الشارع. ولما تغلبت عليه واخذت الخنجر منه قمت بطعنه عدة مرات حتى خر ميتاً. ولما ازلت اللثام عن وجهه علمت انه صديقي المقرب الدكتورهانز.
اريكا : انا لا اصدق يا الكس. كيف يفعل هانز ذلك؟ هل انت متأكد انه هو؟
الكساندر : لا تحاولي ان تتلاعبي بالكلمات. انت تآمرت معه كي تقتلاني اليس كذلك؟ هل تنكرين التآمر معه.
اريكا : انت غلطان جداً يا الكس. انا احبك كثيراً وما هانز الا طبيبي ولا انظر اليه باي شكل غير ذلك.
الكساندر : وماذا عن الخنجر؟
اريكا : اي خنجر تتحدث عنه؟
الكساندر : انت اعطيتيه الخنجر الذي لا يعرف مكانه بهذا البيت الا انت. الخنجر الذي اهداني اياه الامير لوقا قبل رحيله والذي يحمل ايقونة العائلة الملكية.
اريكا : انا لم اعطه اي خنجر ولا اعرف عن ماذا تتحدث.
اخرج الخنجر من بدلته وقال لها،
الكساندر : هذا الخنجر. الم تخبئيه في غرفة المقتنيات الثمينة خارج الدار؟
اريكا : اجل ولكن ربما عثر عليه بنفسه. انا لم اعطه اي خنجر ليقتل اي شخص فما بالك بزوجي حبيبي؟
الكساندر : انا لا اصدقك. انا سانتقم منك الآن يا خائنة، ستلحقين بعشيقك في جهنم.
رفع الخنجر فوق رأسه وسار ببطئ نحوها. فصارت تتراجع الى الخلف بنفس وقع خطواته وصارت تتوسل،
اريكا : ارجوك الكس حبيبي. انت مخطيء. انا زوجتك التي تحبك. انا لم احاول قتلك صدقني. انت فهمت الموضوع بشكل خاطئ. ليس هناك اي شيئ بيني وبينه. انا احبك ولا يمكن ان اخطط لقتلك. ايعقل ذلك؟
وفجأة تعثر قدم الكساندر بالسجادة وسقط الخنجر من يده وتدحرج الى الامام وصار تحت قدمي اريكا. التقطت اريكا الخنجر من الارض بسرعة وخفة كبيرة رفعت الخنجر الى الاعلى وقالت،
اريكا : كان يجب علي ان اتخلص منك بنفسي منذ زمن بعيد ايها العجوز الهرم. لقد اضعت شبابي وحياتي معك وانت لا تقوى على تلبية رغباتي. كان يجب على هانز الاحمق ان يقتلك لكنه اخفق. ساقتلك بنفسي ايها العجوز الهرم.
بهذه اللحظة دخل المفتش شمت ومعه رجلان من الشرطة، جردوا اريكا من الخنجر والقوا القبض عليها.
الكساندر : ستستمتعين كثيراً في السجن مع حبيبك هانز لانه لم يمت، فانا لم اقتله بل كتفته جيداً وسلمته للشرطة. لقد القت الشرطة القبض عليه هو الآخر وسيلقى نفس مصيرك المظلم يا خائنة. لقد اخبرت الشرطة بمؤامرتكما فقرروا ان يأتوا معي ويشهدوا على اعترافاتك.
اريكا : ارجوك يا الكس انا احبك. لاتفعل بي هكذا. انا...
الكساندر : دعيني اصحح كلامك. انت تحبين مالي وجاهي وقصوري ولا تحبينني لنفسي ولا اعتقد انك احببت هانز بل اردت ان تستغليه كاداة لتحقيق مآربك.
نظر الكساندر الى الضابط شمت وقال،
الكساندر : خذها يا شمت. الآن لديك اعترافها. ودعها تأخذ الكمان معها فقد يسليها في ظلمة السجن.
الضابط شمت : حاضر ايها الدوق.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

968 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع