رموز النهضة والتنوير في العراق المعاصر

                                            

                       ا.د.ابراهيم خليل العلاف
       استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

   

             

 رموز النهضة والتنوير في العراق المعاصر

لا أريد أن أدخل في تفاصيل ما تم في أواخر العهد العثماني ، حيث كانت الولايات العراقية الثلاث الموصل – بغداد – البصرة تحت سيطرة الدولة العثمانية وقتئذ ومنذ اوائل القرن السادس عشر حتى اوائل القرن العشرين .

ولا أريد أن أدخل في تفاصيل ما تركته النهضة الفكرية العربية في القرن التاسع عشر من تأثير ، فالعراق بولاياته الثلاث كان ميدانا من ميادين تلك النهضة.

الذي يهمني هو أن أقف عند رموز النهضة والتنوير في العراق المعاصر ، والذي يبتدأ بالسنة 1914 حيث وقعت ولاية البصرة تحت الاحتلال البريطاني ، ووقعت ولاية بغداد تحت الاحتلال البريطاني سنة 1917 ، ووقعت ولاية الموصل تحت الاحتلال البريطاني سنة 1918 وقامت الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 ، واضطرت سلطات الاحتلال البريطاني للاستجابة لمطالب العراقيين ، والتفكير بوضع الخطط لإقامة الدولة العراقية الحديثة ، وتتويج الامير فيصل بن الشريف حسين ملكا على العراق في 21 آب سنة 1921 ، وتأسيس المملكة العراقية .
الملك فيصل الاول 1921-1933 هو من ابرز رجالات النهضة والتنوير في العراق .فقد كانت له آراءه ، وأفكاره في كيفية النهوض ، وهو من وضع الأسس السياسية ، والادارية ، والعسكرية ، والتعليمية ، والقضائية للعراق الحديث.

كما ان العراق شهد في سنوات التكوين الاولى شعراء متنورين قادوا حركة النهضة والتطور الفكري والثقافي وأبرز هؤلاء جميل صدقي الزهاوي ، ومعروف عبد الغني الرصافي ، ومحمد سعيد الحبوبي .
كما كان من فئة التجار والوطنيين الاقتصاديين من قاد حركة النهوض ، وبناء اقتصاد وطني ، ومقاومة المحتلين ، والمستعمرين الانكليز ليس بالشعارات والاحزاب فقط ، بل بالسعي لإقامة صناعة وطنية تشكل البنية التحتية للدولة العراقية الحديثة .. ومن هؤلاء محمد جعفر ابو التمن ، وفتاح باشا ، ومصطفى الصابونجي ، ومحمد نجيب الجادر وعبد القادر الخضيري وغيرهم .

نعم كان لثورة 1919 في مصر تأثير في العراق .كما كان للثورة الاشتراكية الكبرى : ثورة اكتوبر في روسيا سنة 1917 تأثير . وعرف العراق ما كان يجري في فرنسا من ثورة ضد نظام الطبقات والنبلاء والملكية سنة 1789 من خلال ما كانت تنشره جريدة (زوراء ) البغدادية التي صدر عددها الاول في 15 حزيران سنة 1869 .كان لكل ذلك تأثير في العراق .

وقد سبق هذا كله ان تأثر العراقيون بحركة الاصلاحات العثمانية ( تنظيمات ) بعد صدور خطي (رشيد كولخانة) 1839 وخطي (همايون) 1857 ، وشاهدوا تغييرا في بعض نظمهم العسكرية ، والادارية ، والتمثيلية النيابية ، فأرسلوا نوابا عراقيين الى مجلس المبعوثان 1876 - 1913 ، وازداد هذا بعد وقوع الثورة الدستورية العثمانية الكبرى سنة 1908 ، وخلع السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909 ) سنة 1909 ، وتسلط جماعة الاتحاد والترقي على الحكم حتى انتهاء الحرب العظمى الحرب العالمية الاولى بشعاراتهم المعهودة الحرية ، والاخاء، والمساواة .

العراقيون شعروا بعد تأسيس دولتهم الحديثة سنة 1921 ، بالحاجة الى النهوض ، واتباع سياسة التنوير ، والتقدم وخاصة في مجالات التعليم ، والفكر ، والثقافة فأصدروا الصحف ، وشكلوا الاحزاب والجمعيات ، واقاموا المجلس التأسيسي ، ونظموا إدارة البلاد ، والشؤون المالية ، وإهتموا بالجيش الوطني ، ودفعوا بإتجاه تحقيق وحدة العراق . كما إهتموا بالعمل النقابي ، والمهني ، وشجعوا العمال على ان تكون لهم حركتهم الفاعلة .

وانتعش الفكر القومي ، كما انتعش الفكر الاشتراكي وكان هناك من يمثل الفكر الليبرالي الدمقراطي ، وانحسر الفكر الديني ، وسادت مفاهيم التحديث والعصرية ، وظهر من يطالب بإقامة النظام الجمهوري ، وتعزز الشعور الوطني في العشرينات ، واستطاع العراقيون التصدي لمطالب تركيا في ولاية الموصل وتأكيد صيرورتها جزءا من الدولة العراقية الموحدة سنة 1926 .

إن من إبرز ما أكد عليه التنويريون العراقيون ومنهم الكاتب واللغوي الاب انستاس الكرملي ، والصحفي والكاتب ابراهيم صالح شكر، والشيخ محمد رضا الشبيبي ، ويوسف رزق الله غنيمة ، وروفائيل بطي ، ويعقوب سركيس ، وعلي الجميل ، وابراهيم حلمي العمر، وفهمي المدرس ، واحمد حامد الصراف ، وسعيد الديوه جي، وصديق الدملوجي ، ويوسف رجيب ، هو السعي بضرورة الاهتمام برفع مستوى الشعب العراقي وتسليحه بالثقافة ، وتعزيز الفكرة الوطنية عنده . وابتدع الكتاب والشعراء طرقا جديدة منها كتابة المقالات ، والاهتمام بالتأريخ ، وانشاد القصائد ، وكتابة القصص التي تدين الممارسات الاجتماعية الخاطئة ، وتدعو الى ترك التقليد ، وتعميق الوعي ، وتيقظ الافكار ، وتوسيع قاعدة المفكرين الذين يمكن ان يكونوا بؤرا تنويرية في المجتمع .

وظهر توجه جديد ، هو العودة لقراءة التاريخ العربي والاسلامي ، واعادة كتابة التاريخ من وجهة نظر وطنية تختلف عن وجهة النظر الاستعمارية التي كتب بموجبها المستعمرون البريطانيون تاريخنا امثال المس بل ، وهالدن ، وولسن .ومن ابرز هؤلاء المؤرخين الوطنيين الاستاذ عباس العزاوي ، والاستاذ عبد الرزاق الحسني ، وسعيد الديوه جي ، ويوسف كركوش الحلي.

كما ارتكزت الحركة التنويرية على (الصحافة ) ؛ فالصحف والمجلات كانت هي الاداة التي يعبر من خلالها الكتاب ، والادباء ، والشعراء عن دعوتهم التنويرية في بناء المجتمع العرقي بناءَ صحيحا على أسس من الحرية ، والتقدم ، والايمان بالانسان . ونُذًكر بجريدة (صدى بابل ) لصاحبها داؤد صليوا ، وبمجلة (لغة العرب ) لصاحبها الاب انستاس الكرملي ، وجريدة (الاستقلال ) لصاحبها عبد الغفور البدري ، وجريدة (العالم العربي ) لصاحبها سليم حسون ، وجريدة (فتى العراق ) الموصلية لصاحبها ابراهيم الجلبي.

ولاننسَ ما لعبته النوادي ، والمجالس الادبية ، والمنتديات ، والندوات في بغداد ، والموصل ، والبصرة ، والنجف ، وبعض المدن العراقية .كانت تلك المجالس – بحق- مدارس للفكر المتنور ، والرأي القويم ، والاخلاق الحميدة . ومن هذه المجالس مجلس الاستاذ فهمي المدرس في داره ببغداد ، ومجلس الاستاذ عطا الخطيب في داره ببغداد ، ومجلس محمود صبحي الدفتري في داره ببغداد ، ومجلس محمد رؤوف الغلامي في داره في الموصل ثم في بغداد ، ومجلس ناظم العمري في داره بالموصل .

كانت المجالس الادبية ، وتسمى في الموصل (الندوات) أشبه ما تكون بالمدارس الفكرية ، والاجتماعات الادبية ، والسياسية تطرح فيها الاراء - كما يقول الدكتور يوسف عز الدين في كتابه (تطور الفكر الحديث في العراق )1976 - وتناقش فيها الاتجاهات الفكرية ، والسياسية ، وقد خصص يوم لكل دار للاجتماع به والجماعة تحضره .

ورأى الادباء والمفكرون المتنورون ، ضرورة إيجاد مكان يجمعهم في غير البيوت ، فأسسوا ( المعهد العلمي ) ببغداد ، و(النادي الادبي ) في الموصل وإتخذ المعهد ، والنادي مكانين لإلقاء الانتاج الفكري والادبي ، ويجتمع المثقفون ، وتلقى القصائد ، وتسمع المحاضرات ، وتوسس صفوف مسائية لمكافحة الامية . وكثيرا ما أُلقيت في هذه المجالس ، محاضرات عدد من المثقفين المتنوين منهم مصطفى علي ، ومحمد الهاشمي ، وحمدي الاعظمي ، وفاضل الصيدلي ، واسماعيل حقي فرج ، وقاسم الشعار ، ومحمد سعيد الجليلي ، وجميل دلالي ، ورزوق عيسى .
وظهر عدد من الشباب المتنورين منذ اواخر العشرينات دعوا الى العصرنة ، والتنوير ، والنهوض وصاروا يتحدثون عن الادب العصري ، والفكر الحديث ، والنزعة الاشتراكية منهم حسين الرحال ، واكرم أحمد ، وعوني بكر صدقي ، وذو النون ايوب ، ومحمود احمد السيد ، وعلي الخطيب .

وبدأنا نشهد صدور مجلات تعنى بالادب والفكر من قبيل ( اللسان ) لصاحبها احمد عزة الاعظمي ، و (بغداد ) لصاحبها عبد الرحمن البنا ، و(اليقين ) لصاحبها محمد الهاشمي ، و (عطارد ) لمحمد محمود القشطيني .

وحتى الصحف اليومية السياسية ، صارت تهتم بالفكر ، والتنوير ، وتخصص بعض صفحاتها لنشر اخبار الحركة الادبية ، والثقافية ، والقصص المتسلسلة ، والقصص المترجمة ، ونقد الشعر، ومراجعات الكتب .

وفي الثلاثينات من القرن الماضي تعزز التوجه القومي العربي ، والتوجه القومي التركي، وانعكس في الكثير من الفعاليات على صعيد الاهتمام باللغة والتاريخ والصحافة والاحزاب والتجمعات الاجتماعية وكان ساطع الحصري المربي والمفكر القومي العربي يقوم بدور كبير في تنمية الشعور الوطني، والقومي خلال سيطرته على مقدرات وزارة التربية ولعشرين سنة انتهت بحركة رشيد عالي الكيلاني 1941 واصطدام الجيش العراقي الفتي بالقوات البريطانية في نيسان –مايس 1941 وتمكن الانكليز والسلطة الحاكمة وعلى رأسها الوصي على العرش الامير عبد الاله من قمع الحركة وإعدام قادتها من العقداء الاربعة صلاح الدين الصباغ ، ومحمد فهمي سعيد ، وكامل شبيب ومحمود سلمان ومعهم محمد يونس السبعاوي وزير الاقتصاد في وزارة رشيد عالي الكيلاني .

الظاهرة الجديرة بالانتباه ان السلطة الملكية صارت بعد فشل حركة 1941 ، واعدام قادتها اكثر قسوة وضراوة ورجعية ، وبات المتنورون غير قادرين على التعبير عن مكنونات انفسهم واعتقل الكثيرون ، واصبح المفكر يخشى على نفسه ، وحورب المثقفون المعارضون بأرزاقهم وكانت تضحياتهم جسيمة ، وامتلأت السجون والمعتقلات ، ومنها سجن نقرة السلمان بالاحرار والمعارضين ودعاة التقدم .
وبعد قمع حركة الكيلاني 1941 اعتير الانكليز ان سياسة ساطع الحصري ورفاقه القومية في التربية والتعليم ، هي من كانت وراء الحماس القومي العربي ومعاداة الانكليز فأُسقطت الجنسية عنه وعن بعض المدرسين من البلدان العربية واتجهوا بالتعليم توجها رجعيا كان من نتائجه ان ظهرت في الجيش خلايا ثورية وتم تأسيس تنظيم الضباط الاحرار الذي فجر ثورة 14 من تموز 1958 بالتعاون مع جبهة الاتحاد الوطني سنة 1957 وسقط النظام الملكي وتأسست جمهورية العراق .

بعد ثورة 14 تموز 1958 ، تعاظم التيار التنويري في العراق وتم التأكيد على الانفتاح وعلى جعل التعليم دمقراطيا مفتوحا امام الشعب بكافة فئاته وتأسست جامعة بغداد 1957-1958 ووضع على رأسها مربون متنورون اولهم الدكتور متي عقراوي وثانيهم الدكتور عبد الجبار عبد الله وثالثهم الدكتور عبد العزيز الدوري .
كان لشاعر المفردة العربية شاعر العرب الاكبر الاستاذ محمد مهدي الجواهري دور تنويري كبير في مراحل طويلة من تاريخ العراق المعاصر سواء من خلال قصائده العصماء او من خلال كتاباته في جريدته ( الرأي العام) .

وصدرت صحف ومجلات تنويرية ويسارية واشتراكية لكن الصراع السياسي على السلطة بين قائدي الثورة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم والعقيد الركن عبد السلام محمد عارف انعكس على الشارع وظهر من خلال التنافس بين القوميين والشيوعيين واستمر الى ان اسقط الجيش والقوميين نظام عبد الكريم قاسم الذي اعطى فسحة كبيرة للتيار الشيوعي وقلص المجال امام التيار القومي فضلا عن توجه الجيش في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم لقمع الحركة الكردية والمطالبة بالكويت والتوجه بالعراق نحو نوع من الفوضى مع ان الزعيم عبد الكريم قاسم كان رمزا للفقراء وللمسحوقين من ابناء الشعب وقدم لهم الكثير من المنجزات في مجال الاعمار واصدار قوانين مهمة ومنها قانون الاحوال الشخصية وقانون رقم 80 الخاص بالاستكشافات النفطية وحصره في الاطار الوطني .

واقول إن حركة النهضة والتنوير خلال سيطرة العسكر 1958-1968 لم تتوقف والعسكر انفسهم او على الاقل الذين في الواجهة كانوا متنورين وقسم منهم كان على درجة عالية من الثقافة والوطنية ومنهم عبد الكريم قاسم - ناجي طالب - عبد الكريم فرحان .
والفكر التنويري لم يكن أدبيا فقط ، بل إتسع ليكون سياسيا فإرتبط الادب بالسياسة ، وصار الحديث يجري عن الادب الملتزم ، والرسالة التنويرية ، والواقعية الاشتراكية ، والايمان بالثورة على الواقع الفاسد ، وأهمية التحرر من السيطرة الاستعارية البريطانية والسخرية من الحكم .ولم تكن الدعوات مقتصرة على الوطن العراق بل إمتدت لتشمل الوطن العربي والامة العربية .

كان لعدد من الرموز التنويريين في العراق دور كبير ، وظهر ذلك في كتاباتهم ومن خلال تسلمهم مواقع في الدولة العراقية ويمكن ان نشير الى ابرزهم ومنهم الاستاذ عبد الفتاح ابراهيم ، والاستاذ حسين جميل ، والاستاذ محمد حديد ، والاستاذ عبد الجبار الجومرد ، والاستاذ هديب الحاج حمود ، والاستاذ عبد القادر اسماعيل ، والدكتور ابراهيم كبة ، والدكتور طلعت الشيباني ، والدكتور محمد سلمان حسن، والدكتور خير الدين حسيب.

بين 1963 و1968 اتجه العراق الى نوع من التوجه الاشتراكي فتم التأميم وتأسس (الاتحاد الاشتراكي في العراق ) ، وصدر (الميثاق الوطني) وظهرت محاولات للاتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة ومنع حزب البعث من الاستحواذ على السلطة لوحده ومحاولة الرئيس العراقي عبد السلام محمد عارف الانفراد بالسلطة مع عدد من الضباط القوميين والناصريين ومجيء شقيقه اللواء عبد الرحمن محمد عارف الى الحكم واعتماده على الاستاذ عبد الرحمن البزاز الذي شكل اكثر من وزارة في عهد الرئيس عبد السلام محمد عارف والرئيس عبد الرحمن محمد عارف وكان الاستاذ عبد الرحمن البزاز أحد ابرز رموز التنوير في هذه المرحلة وكان يحمل فكرا وطنيا اشتراكيا رشيدا .

جاء حزب البعث الى السلطة وحكم العراق بين سنتي 1968 و2003 وخلال هذه الفترة عمل على تطبيق فلسفته العربية الاشتراكية التي انعكست في خطط ومشاريع ستراتيجية شملت الجوانب السياسية والاقتصادية والتربوية والعسكرية وبرز مفكرون وكتاب متنورون ابرزهم الدكتور سعدون حمادي الذي تولى مواقع مهمة في الدولة العراقية منها وزارة الخارجية ورئاسة المجلس الوطني ( البرلمان) ، والاستاذ حسن العلوي الصحفي والكاتب ، والاستاذ سامي مهدي الشاعر والصحفي ، والاستاذ شفيق الكمالي الكاتب والاكاديمي والشاعر، والاستاذ حميد سعيد الشاعر والصحفي .

كان مما يتميز به المفكر التنويري في العراق ايمانه بفكرتي التقدم والحرية ، وتأكيده على اهمية المنهج العلمي ، والاخذ بالتقنيات الحديثة ، واساليب الحضارة الحديثة ، والايمان بالعدالة الاجتماعية ، ومحاربة التقاليد البالية ، ومناصرة حركة تحرير المرأة .وهنا لابد أن أنوه بالدور الذي قامت به الاستاذة صبيحة الشيخ داؤد وهي احدى رائدات الفكرر التحرري والتي تخرجت في كلية الحقوق واصبحت قاضية والفت كتابها الشهير ( أول الطريق الى النهضة النسوية في العراق) . وكان الى جانبها عدد كبير من رائدات النهضة النسوية في العراق اللواتي أسسن منذ سنة 1924 (نادي النهضة النسائية ) في بغداد.

وهنا لابد ان اذكر ببعض الرائدات النسائيات ومنهن اسماء الزهاوي، وماري عبد المسيح ، ونعيمة السعيد ، وفخرية العسكري ، و آسيا توفيق وهبي ، و بتول عبدالاله حافظ ، وحسيبة أمين خالص ، وعزة الاستربادي ، وعائشة خوندة ، وظفيرة جعفر ، وعفيفة البستاني ، ومرضية الباجه جي ، وفتوح الدبوني.

وكان من اساليب الدعوة الى التنوير الدعوة الى ما نسميه تربية الذوق و(الاتيكيت ) ، والاخذ بالاساليب الحديثة في التربية ، واستبدال الملابس التقليدية باللباس الافرنجي ( السترة والبنطلون )، فصار يُطلق على هؤلاء المتفرنجين اسم (الافندي ) . وصار المتنورون يدعون الى القراءة ، وتعلم لغة أجنبية ، والاطلاع على الكتب الحديثة ، والنزعات الحديثة في الفكر ، والادب ، والفلسفة ، والفنون ، والموسيقى ، واقترب العراقيون من اخوانهم في مصر ولبنان وسوريا وصارت الصحف العربية تصل العراق ، وحتى الصحف والمجلات الاجنبية صرنا نراها في مكتباتنا ، ومنها مكتبة مكنزي في بغداد ، وتم التواصل بين الكتاب العراقيون و الكتاب العرب وخاصة مع الدكتور طه حسين ، واحمد حسن الزيات ، وعباس محمود العقاد ، وقاسم امين ، ومن ثم سهيل ادريس ، واحسان عبد القدوس، ويوسف السباعي، ونجيب محفوظ ، وادونيس وغيرهم .

ولم تقتصر الدعوة الى التقدم والتنوير والنهوض على التأثر بالافكار السياسية ، وإنما امتد الى الفن التشكيلي ، والتصوير الفوتوغرافي ، والسينما ، والمسرح ، والسلوك الشخصي ، والتصرف ، والاهتمام باللغة العربية ، واللغات الاجنبية ، والاستفادة من أساليبها في التعبير والكتابة .

انتهى نظام حكم البعث بالاحتلال الاميركي في التاسع من نيسان سنة 2003 ، ودخل العراق مرحلة جديدة من عدم الاستقرار ، والفوضى، وغياب التنوير ، وطغيان النزعة الاسلاموية على الحكم والمجتمع .
30-3-2020
_________
* صور الملك فيصل الاول - جميل صدقي الزهاوي - جعفر ابو التمن - صبيحة الشيخ داؤد - ابراهيم صالح شكر

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

732 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع