أنا وجارتي ورشوة القرن

                                                    

                               بيلسان قيصر

أنا وجارتي ورشوة القرن

رشوة القرن هي التسمية التي أطلقها الموقعان (فيرفاكس ميديا) و (هافنجتون بوست) في بحث إستقصائي، منوها بأن ما حصل في العراق يُعد أكبر رشوى شهدها العالم.

لأننا نعيش في البرازيل فأن العراق لا يثير إهتمام السكان هنا، ربما بسبب البعد الجغرافي والعلاقات التجارية شبه المعدومة، والتمثيل الدبلوماسي المحدود، لكن في الآونة الأخيرة تحول العراق الى مركز إهتمام الرأي العام البرازيلي بعد فضيحة الرشاوي التي قدمت الى الحكومة العراقية، ولأبرز سبعة من كبار المسؤولين للحصول على عقود نفطية في العراق، ولأني عراقية الأصل فإن جارتي البرازيلية استوضحت مني بعض الأمور عن هذه الفضيحة المدوية، وعن ردة الفعل الشعب العراقي أزاء هذه الجريمة وفقا لتصنيفها. فقد صرحت وزارة العدل الامريكية عن قيام مؤسسة (تكنيب أف أم سي) النفطية الامريكية بتوسيط شركة في موناكو لرشي (7) من المسؤولين العراقيين في القطاع النفطي ما بين الأعوام 2008 ـ 2013 وان ما دفعته المؤسسة الأمريكية بقيمة (296) مليون دولار لتسوية الرشاوي في العراق والبرازيل.
اعترف مستشار في المؤسسة الامريكية بأن مؤسسته إنتهكت القانون الامريكي (مكافحة الفساد الأجنبي)، وهو ما أكده (ريتشارد دونهيو) المدعي العام الفدرالي لمدينة نيويورك، موضحا بأن حكومته " ستطارد كل شركة أو شخص يحصل على عقد تجاري او صفقة من خلال دفع رشاوي الى مسؤولين أجانب.
من جانبها صرح رئيس المؤسسة الامريكية التي مقرها الرئيس في بريطانيا " أننا سوف تتعاون مع الأجراءات الامريكية الجديدة"، سيما ان الشركة نفسها سبق ان تورطت قبل اكثر من عشر سنوات بنفس التهم، اي دفع رشاوي الى اشخاص وشركات وسيطة في نيجيريا، وتم تسوية القضية بعد ان دفعت المؤسسة الامريكية ما يقارب (240) مليون دولار كغرامات مالية.
وفيما يتعلق بالبرازيل فقد أثارت هذه القضية الرأي العام وتابعها المدعي العام البرازيلي بحرص شديد، وسوف تسدد المؤسسة الامريكية حوالي (214) مليون دولار للحكومة البرازيلية بناءا على الدعوى التي تقدمت بها البرازيل ضد المؤسسة الامريكية، وكانت الحكومة البرازيلية قد قدمت كل ما في جعبتها من معلومات لهيئة التحقيق العامة، وزودت الولايات المتحدة بما تحتاجه من وثائق وبيانات، مما حدا بوزير العدل الأمريكي ان يصرح" نشيد بالمساعدات الكبيرة التي قدمتها كل من البرازيل واستراليا وفرنسا وحكومات جزيرة كيرنزي وايطاليا وموناكو وبريطانيا لكشف هذه الجريمة ومعرفة ملابساتها". ومن المعروف ان القانون الامريكي يتشدد للغاية بشأن دفع الرشاوي الى رجال اعمال ومؤسسات وشركات في دول أخرى للفوز بعقود، ويعتبرها جريمة كبرى.
المهم، سألتني جارتي البرازيلية عن موقف الحكومة العراقية أزاء جريمة دفع رشاوي لسبعة من المسؤولين العراقيين، معتقدة (بنيتها الصافية) ان الشارع العراقي يتابع هذا الأمر عن كثب، ويمكن ان تؤدي هذه الجريمة الى اسقاط الحكومة واحالة المجرمين الى العدالة في محاكمة تجري وقائعها علنا ويتابع تفاصيلها الشعب العراقي كله، أي كما حدث في البرازيل وبريطانيا وموناكو، لانه كل القوانين العالمية تحرم دفع الرشاوي وتفرض عليها عقوبات مشددة.
الحقيقة حرت في الإجابة، فهذا الملف أصلا لم يفتح في العراق لأن الرشاوي سلمت الى مسؤولين هم فوق القانون، منهم رئيس الحكومة الأسبق (نوري المالكي ونجله أحمد المالكي)، ووزير النفط الأسبق ونائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة (حسين الشهرستاني) وهو صهر المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، ووزير النفط الأسبق (عبد الكريم العيبي)، و(ضياء جعفر الموسوي) مدير شركة نفط الجنوب، و(كفاح نعمان) الذي شغل منصب مدير مصفى الجنوب في وزارة ثامر الغضبان، و(عدي القرشي) وهو مسؤول كبير في شركة نفط الجنوب، ومسؤولين آخرين أقل درجة.
بالطبع لا يمكن أن تستوعب الحقيقة لو تكلمت بها، لأن التغاضي عن هذه الجريمة هي جريمة أكبر، فمجلس النواب العراقي كان ناقش لعبة البوجي ومخاطرها الإجتماعية، ورئيس الوزراء مشغول بإعادة هيكلة الحشد الشعبي، ورئيس الجمهورية منشغل بتسوية النزاع الامريكي الايراني، والمدعي العام العراقي يعاني من مشكلة النوم الدائم.
ارتأتيت ان اشرح لها بأن المسألة معقدة جدا ومتشابكة ولها خطوط خارجية، وتحتاج الى تحقيقات طويلة، والقضاء العراقي يتابع الموضوع بكل جزئياته، والشعب العراقي مشغول جدا بهذه الجريمة النكراء ليس فقط من الناحية القانونية، بل الشرعية ايضا، فقد لعن الإسلام الراشي والمرتشي، وشعبنا الواعي جدا حريص للغاية على متابعة تفاصيلها أول بأول.
قلت مع نفسي اللهم سامحني على هذه الكذبة البيضاء، لأنه ربما تنصعق هذا الجارة العجوز وتموت لو عرفت الحقيقة، اللهم عفوك!
طلقة طائشة
زار نجاح الشمري وزير الدفاع الجديد (لم يشارك في أي حرب سابقة) بعد تسنمة الوزارة بـ (72) ساعة، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لأخد نصحه في تطوير القوات المسلحة العراقية، وربما يأخذ نصحه في كيفية تسليم داعش ثلثي مساحة العراق، وفرار ثلاثة فرق عسكرية من الموصل دون ان يطلقوا رصاصة واحدة على قوة داعشية لم تتجاوز (300) مسلح.
بيلسان قيصر
البرازيل
تموز عام 2019

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

662 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع