قرأت في صحف عراقية قديمة

                                                 

                        ماجد عبد الحميد كاظم


يروج هذه الايام الى ما يطلق عليه ب" مؤتمر البحرين " الذي هو يمثل خطوة تمهيدية لما يسمونه " صفقة القرن " زاعمين انه من اجل الدعم الاقتصادي والمالي لما تبقى من فلسطين ، والحقيقة ان الهدف منه هو التصفية النهائية لهذا الامر ، وبهذه المناسبة فقد اخترت للقراء الكرام ضمن القراءات في الصحف العراقية القديمة مقالة نشرتها صحيفة " صوت الاهالي " بعددها 1239 الصادر في بغداد في يوم الجمعة 9 آب 1946 الموافق 11 رمضان 1356

ليس من صالح العرب مفاوضة بريطانيا بعد أن قبلت تقسيم فلسطين أساسا للمفاوضة

ما كادت تعلن الحكومة البريطانية على لسان المستر موريسن أنها قررت اتخاذ مشروع تقسيم فلسطن أساسا للمفاوضات مع الدول العربية، حتى ساد البلاد العربية قلق شديد لهذا التطور الخطير الذي كشف عن مدى ممالأة الحكومة البريطانية للمطامع الصهيونية، والذي كان يجيب على الجامعة العربية ازاءه أن تعيد النظر في قرارها السابق بشأن الدخول في مفاوضات مع انكلترا لحل قضية فلسطين، فكان المنتظر ان تفكر الدول العربية والحالة هذه في المبادرة الى عرض القضية على مجلس الامن، والعدول عن مفاوضة بريطانيا، ولكن الانباء افادت ان اربع دول عربية - وهي سوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية وشرق الاردن - قد قررت تلبية دعوة الحكومة البريطانية الى مؤتمر الطاولة المستديرة ، وأن هذه الدول قد اشترطت عدم جلوس ممثليها على مائدة واحدة مع ممثلي الصهيونيين، وقد وافقت الحكومة البريطانية على ذلك، وبهذا الاعتبار ستفاوض بريطانيا العرب والصهيونيين، كل جانب على حدة. اما فيما يخص مشروع التقسيم الذي قررت بريطانيا اتخاذه اساسا للمفاوضة فلم تعترض عليه إلا الحكومة السورية التي يقال إنها اشترطت عدم دخول المفاوضات على اساسه. أما فيما يخص موقف مصر واليمن فلم تذكر الانباء حتى الآن ما اذا كانتا قد قررتا الاشتراك في المفاوضات، ولكن الذي نعلمه ان الحكومة العراقية ستلبي الدعوة الى المؤتمر الذي دعت اليه الحكومة البريطانية. والظاهر انه سوف لا تعقد الجامعة العربية دورة استثنائية لبحث هذه القضية إنما سيكتفى بعقد احتماع لوزراء خارجية الدول العربية تمهيدا للدخول في مفاوضات مع انكلترا بشأن قضية فلسطين. فليس هناك إذن فكرة مقاطعة هذه المفاوضات بعد ان قررت الحكومة البريطانية اتخاذ مشروع تقسيم فلسطين اساسا لها ، مع ان سياسة التفاوض والحالة هذه لا تعني سوى ان الدول العربية قد سلمتب " حق " انكلترا في التحكيم بالقضية، رغم كون الانكليز هم الآن في الحقيقة طرف في هذا النزاع القائم بين العرب والاستعمار البريطاني - الامريكي - الصهيوني . فما هي الفائدة التي تأمل الدول العربية الحصول عليها من وراء مفاوضة انكلتر؟ هل العرب بحاجة الى الوقوف على وجهة نظر بريطانيا في القضية، ووجهة نظرها معروفة؟ وهل تأمل الدول العربية إقناع بريطانيا بتغيير موقفها ،وعدم اتخاذ أي قرار من دون مشاورة العرب، مع ان بريطانيا سبق أن نقضت تعهداتها في الكتاب الابيض، وسمحت بهجرة الف وخمسمائه يهودي شهريا الى فلسطين من دون أن يستشار العرب في الامر؟ لا شك في أن سياسة التفاوض مع انكلترا إن كانت تدل على لين وتساهل في موقف الدول العربية فهي تدل ايضا على استمرار بقاء المبادأة في فلسطين بيد انكلترا. فنحن لا نتصور أن الدول العربية ستوافق على مشروع تقسيم فلسطين، بل لابد لها من رفضه لما ينطوي عليه مع مؤامرة مفضوحة على البلاد العربية بأسرها، ولكننا يجب ان ننظر الى القضية من النواحي الآخرى، إذ أن مجرد رفض الدول العربية مشروع التقسيم لا يعني أن قضية فلسطين العربية هي التي خرجت رابحة من المفاوضات، بل يعني أن بريطانيا قد استطاعت حمل الدول العربية على اللجوء الى مفاوضتها، وليس الى عرض القضية على مجلس الامن، كما يعني أن بريطانيا تمكنت من كسب وقت ليس بالقصير وقت يمكنها من القيام بمناورات أخرى على غرار مناورة المفاوضات، لتبديد جهود الدول العربية من أجل فلسطين في النواحي السلبية العقيمة ، مع أن هناك تدابير ايجابية مفيدة لا يزال بأمكان الدول العربية اللجوء اليها بشرط أن لاتعتبر انكلترا صديقة أو حليفة تلجأ الى مفاوضتها أو استحصال معوتها لحل قضية فلسطين، بل خصما يجب مقاضاته امام العالم، لأنه التزم جانب الاستعمار الممالئ للعدوان الصهيوني وبهذا الاعتبار ترى ان الوقت الذي ستكسبه انكلترا من وراء مفاوضاتها مع الدول العربية سيسهل للصهيونية تحقيق مطامعها، وقد سهل لها خلال شهر فقط إدخال تسعة آلاف وستمائة مهاجر يهودي الى فلسطين، و لا تزال هناك تسعة بواخر اخرى تحمل الوفا من المهاجرين ، وهي راسية في ميناء حيفا بأنتظار انزالهم الى السواحل الفلسطينية على مرأى ومسمع من السلطات البريطانية، وطبيعي أن الهجرة الصهيونية الى فلسطين ستبقى قائمة على قدم وساق ما دامت انكلترا لا تمانع فيها، وما دامت الدول العربية لا تضع حدا لصداقتها وتساهلها إزاء انكلترا في قضية فلسطين
وما دامت الهجرة الصهيونية مستمرة الى فلسطين فأن قسطا كبيرا من مطامع الصهيونيين في فلسطين قد تحقق، حتى وإن فشل مشروع التقسيم، لأن مجرد استمرار الحالة الراهنة في فلسطين من شأنه مساعدة الصهيونية على انشاء الدولة اليهودية في القطر العربي الشقيق، فالواجب القومي لا يتطلب من الدول العربيةمجرد رفض مشروع التقسيم أو مشاريع لجان التحقيق الاستعمارية فحسب، بل وضع حد لحالة البلاد الراهنة التي لا تختلف أخطارها على كيان العرب عن خطر أي مشروع استعماري جديد، أي أن الامر يستلزم استئصال أساس هذه الاخطار، وهو الانتداب ووعد بلفور، وطبيعي أن الغاء الانتداب ووعد بلفور لا يتم بمفاوضة انكلترا التي خلقتهما بنقسها، بل المبادرة فورا الى عرض قضية قلسطين على مجلس الأمن


                             انتهى الاقتباس

يلاحظ القارئ الكريم ان الوضع الآن لايختلف عن البارحة وساسة العرب بين متعاون وعاجز ، وبنفس الوقت الذي يستمر فيه ابناء فلسطين في التناحر والاختلاف في الوقت الذي يستمر فيه الصهاينة بالعمل الدؤوب نحو تحقيق اهدافهم وتقبلو تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة

ماجد عبد الحميد كاظم

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1051 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع