قراءات في صحف عراقية قديمة

                                                      

                        من ماجد عبد الحميد كاظم


قراءات في صحف عراقية قديمة

نشرت جريدة دجلة بعددها 26 الصادر يوم الاحد 18 ذي القعدة سنة 1399 المصادف 24 تموز سنة 1921 مقالة افتتاحية مطولة بعنوان -- بركة الامراء والملوك-- يبدو ان الغرض منه ومن اطالتها هو اظهار بعض المواقف المتحفظة على تولي الامير فيصل بن الحسين عرش العراق فهي دعت وحذرت من الاندفاع والمبالغة في التوصيفات والمزايا الخاصة به، حتى لا تتكرر تجربة الدول الاوربية في ملوكها وحكامها وادناه مقتبس الافتتاحية:-



بركة الامراء والملوك

ان الاعتقاد الفاسد في هذا العالم هو اساس معظم الرزايا التي نزلت بالانسان منذ العهد القديم حتى اليوم فان المتزلفين في العصور المظلمة كانوا يتقربون من الى الملوك والامراء بنشر التعاليم الفاسدة والاراء المضرة بين طبقات الشعب حتى ساد الاعتقاد في الامم الجاهلة ان للملوك والامراء روحانية ربما غالى البعض بها حتى جعلها فوق روحانية الانبياء المرسلي فأن البلاء الذي نزل بمصر والمصريين على عهد الفراعنة ما كان لينزل بهم لولا اعتقادهم بالوهية الملوك وكذلك الامراء في اوربا فقد تساندت الكنيسة والملوك في فرنسا فكان الرهبان في العصور الخالية يدعون القوم لاطاعة الملوك ويغالون بقدسيتهم ويناغون بكرامتهم وروحانيتهم حتى اصبح الناس في بعض الاجيال يعتقدون في الملوك امورا لايمكن ان يأتيها بشر غير الانبياء وناهيك عما كان يجري في روسيا وصفوة القول فان الاعتقاد في كرامة الملوك والامراء اينما ساد يسود الظلم والاعتساف والجور والحيف ، انا لم ار في التاريخ امة اعتقدت في ملكها وامرائها روحانية وكرامة الا واصبح الناس طبقات تستعبد بعضها البعض آلآخر.
ان البلاد الروسية امامنا فقد كان اهل القرية الواحدة عبيد لصاحب الاملاك فيها وهذا عبد لمأمورها الذي لايتحاشى من ان ينفذ اوامر سيده ذلك الوزير الذي يتزلف الى القيصر وينفذ اوامره كاطوع الخدم كل ذلك كان يسري لا لأن الشعب ينقاد الى القيصر كملك بل لأن الامة الروسية كانت تعتقد في الملك كرامة وروحانية ربما لم يعطيها الخالق جل وعلى للأنبياء المرسلين.

نحن لانريد ان نسرد الامثلة التأريخية اكثر من هذا لانا نظن ان القارئ الكريم يعرف ان سواد العراق قد سكت عما كان يجري في العهد الحميدي من الفضائع لانه كان يسمي السلطان عبد الحميد ( ظل الله) ونحن نرى اليوم ثلة من القوم يقومون بأعمال يقصدون بها اغفال بعض الرعاء ليعتقد ان تشريف سمو الامير فيصل المعظم بلاد العراق قد اولد بركة فيها حتى ان هذا الصوت الذي نرجو ان يكون خافتا قد حمل صديقنا ابراهيم حلمي افندي العمر الى نشر نبذة من هذا القبيل في جريدته لسان العرب تحت عنوان حادث غريب جاء فيه:-

{ ان اشجار النخيل والفاكهة ستعطي اكلها مرتين وقد نسب الاهلون هذه الحادثة التي يتجلى فيها الخصب والبركة وجودة الموسم الى تشريف الامير فيصل المعظم الذي منح العراق هذه البركة ...الخ}

ان هذه الفقرة قد حملتنا الى نشر هذه الكلمات خوفا من ان يسود الاعتقاد بكرامة سمو الامير فيصل فيقع في البلاد العراقية ما وقع في روسيه وفرنسا في العصور المنصرمة ، نحن لانريد ان نصدق ان قدوم سمو الامير المعظم لبلادنا قد قد اوجب بركة فاثمرت الاشجار مرتين في هذا العام بل لانريد ان نسمع في بلاد العراق الحرة مثل هذه الاقاويل بل سيما وان سمو الامير المفدى لم يدعي بهذه الكرامة ، نحن نعرف ان البعض سيذهب لسمو الامير المعظم ويفسر مقالنا هذا كيفما توحيه اليه اغراضه النفسية الا ان ما نعتقده بسمو الامير المعظم يجعلنا آمنين من نتائج هذه التفسيرات لأنا نعتقد ان سمو الامير لايريد ان يكون الشعب فيصليا أكثر من فيصل ذاته.

انتهى الاقتباس

يلاحظ القارئ الكريم ان ما جاء في مقدمة افتتاحيةالجريدة المطول كان بغية التحذير من المبالغة في وضع الصفات والمميزات للأمير فيصل بن الحسين الذي يراد تجليسه على عرش العراق بمعنى ان اطرافا عراقية كانت لديها تحفظات على هذا الامر.

وتقبلو تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة

ماجد عبد الحميد كاظم

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

934 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع