قراءات في صحف عراقية قديمة

                                                     

                       من ماجد عبد الحميد كاظم

 م/ قراءات في صحف عراقية قديمة

بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وانشاء الدولة العراقية الحديثة وتولي الامير فيصل بن الحسين عرش العراق ، كان اهم ما يشغل ابناء العراق في ذلك الوقت هو مسألة الموصل حيث انه لما اعلنت الهدنة عام 1918 كانت قوات الدولة العثمانية ( التي صارت تعرف بعد ذلك بتركيا) لاتزال تسيطر على ولاية الموصل بكاملها والى بلدة الشرقاط وبعض الاجزاء من ديالى! ولذلك فان تركيا كانت تصر على المطالبة بتلك الاراضي وكانت الصحف العراقية تتابع هذا الامر ومن ذلك ما ورد في جريدة الاستقلال بعددها 655 الصادر في بغداد في الاول من ربيع الاول سنة1344 للهجرة الموافق الحادي والعشرين من ايلول سنة 1925 وقد اقتبست منها ما يلي


نظرات في تقرير لجنة عصبة الامم

كلمة قاسية - نظرية الاستفتاء - حقوق العراق في الموصل الجهات القومية والاقتصادية والعسكرية- مطالبة الاتراك لاتضر العراق وحده - تحديد اجل الانتداب وعلاقته بقضية الموصل - برقية مجلسنا الرياضي - القضية الاثورية - نتيجة مفعمة بالحسرات

هذا هو الضعيف ؛ تتكالب على حقوقه الاقوياء وتتطاحن حول اسلابه الصيادية وهو بينهم مضطرب، اضطراب سفين في بحر خضم، هاجت عليها اعاصير هوج تارة تلطمها بصلد الصخور وطورا تغيبها في غيابة لجج البحر؛ فان تداركتها عناية ربانها ونوتيتهاوكان الاخلاص والشفقة رائدهم فهي في مأمن والا كانت من الغارقين ! ... هذا هو الضعيف المضطرب، والحائر في امره فأن كان فيه رمق من الحياة ووشل من معين شريف النفس صارع الاقوياء، واحتفظ باسلابه وان فقد كل مثير للنخوة فعليه العفاء
فليس من الغريب ان وجدنا تراث آلآباء والاجداد في سوق سياسة العرب يتنازع عليه الاغراب واهله عنه في شغل شاغل وليس من العجب ان رأينا العراق ممدا على الطاولة الخضراء، تعبث به سكاكين السياسة وتقطعه اربا مواضي الاهواء والمطامع

العراق قعيد في سياسته الداخلية، وقعيد في سياسته الخارجية يظهر ضعيفا بيننا في الحالتين؛ كأن الدروس القاسية التي املتها عليه عبر الزمان لم تحرك من ابنائه ساكنا ولم تثر حوادث الشعوب المستضعفة فيهم روح التضحية والنهوض . صمتوا في الخارج واستسلموا في الداخل وتركوا انفسهم في ارجوحة السياسة تهزها الارادة الاجنبية ذات اليمين وذات الشمال. حالة مؤلمة تذيت الفؤاد وتجمد الدم في العروق لكن ما يفيد الالم وما يجير البكاء! .. ضعفنا هو الذي جعل قضية الموصل ؛ قضية تركية - بريطانية، لاقضية عراقية لها تأثير على حياة العراق، ولها المساس الكلي بحرية ابناءه وبشرفهم. اجل وبسببه ازدرت بنا تركية واقترحت طريقة الاستفتاء في البلاد المتنازع عليها، بأعطاء الاهلين ورقتين على احداهما علم بريطاني وعلى الاخرى علم تركي للتعبير عن رغبتهم واما علم العراق، ذلك العلم الذي تخفق له قلوب المخلصين كلما خفق في الفضاء ذلك العلم الذي يعلو فيه تاريخ الامة باسرها فقد ضاع بين هذين العلمينويا لهفي عليه
ومن الملوم ؟ ... هذا سؤال ستجيب عليه ارواح شهداء النهضة العربية من اعلى عليين، وسيجيبه المستقبل بكل ما فيه من ظلا دامس او نور ثاقب
بم نعدم نصيرا في قضيتنا الحقة، لنا بريطانيا القوية ومن ورائها مجلس عصبة الامم العتيد ولكن امن المرؤة ان يقبع صاحب الحق في بيته و يترك النضال لغيره بان جهاد بريطانيا قد اثمر، وانصفنا المجلس لصالحنا فهل نستطيع ان نرفع الرأس مفاخرين بفوزنا المبين؟ ولنفترض بالضد من ذلك وخسرنا جزء من بلادنا فهل يحق لنا ان ندين بريطانيا لعدم استطاعتها على محافظة حقوقنا ونرسل عليها شوطا من التقريع والتأنيب؟ باي حق
لم تكن تركية لتحكم بضم الموصل اليها يوم كانت تعاني جراء الاحتلال وضربات الاستعمار ولكنها انتجت ن نفسها قوة، وابصرت في صدور ابائها القدرة ثم مدت بصرها الى العراق فوجدته مستسلما للمقادير منصرفا عن الغاية المقدسة لاهيا عن حقوقه فقالت اي والله انها لقمة سائغة يجب على التركي الشجاع ان يبتلعها هنيئا فارعدت وابرقت في الشرق والغرب واستطاعت بفضل جهادها ان تجعل لها نية حق في اعز جزء من وطننا لانها علمت بان في الحركة حياة ةفي السكون الموت السرمدي

هذا هو الفرق يا صاح !.... بين العامل والمكسال وبين المتطلب للحياة الحرة والمتطلب عيش الذل، هذا هو الفرق بين الحركة والسكون

وقد تمسكت الحكومة التركية بنظرية الاستفتاء في المنطقة المتنازع عليها بحجة ان اهلها يرغبون في الانضواء تحت علمها وانه لايسوغ تحويل السكان من حكومة الى اخرى يدون رضاهم وقد ذكرت ان شعوبا اوربية عديدة اعطيت لها الحرية الكاملة في تقرير مصيرها وتسائلت لماذا لا تكون معاملة الشعوب الشرقية مخالفة لمعاملة الشعوب الاوربية( انظر ص 10 من التقرير) ، ثم اردفت قولها بعبارة وان كان لاقيمة مادية لها بلا ريب جرحت عواطف العراقيين جرحا بليغا اذ قال" ان خير طريقة لأجراء الاستفتاء هي اعطاء ورقتين لكل شخص مرسوم على احداهما العلم التركي وعلى الاخرى العلم البريطاني ويطلب نه ان يرمي في صندوق الانتخاب الورقة التي عليها علم البلاد التي يفضلها" ( ص14 ) من التقرير
وقد ناهضت الحكومة البريطانية هذه وايدت اللجنة الاممية النظرية البريطانية واقرت باستحالة تطبيق نظرية الاستفتاءلانها

اولا - تتطلب هيئة ادارية محلية تقوم بأمر المنطقة خلال مدة الاستفتاء وهذا امر صعب
ثانيا - الحصول على قوة شرطة محلية تحفظ النظام وتمنع سفك الدماء في المنطقة تذرأ شر الجانبين الذين هم شاكوا السلاح في كل وقت وهذا محال
ثالثا - ان اكثر الاهالي غير متعلمين وانهم يتبعون رؤساء قبائلهم وأفتقارهم اليهم في عيشهم فلا يمكن اعتبار نتيجة الاستفتاء صحيحة وصادرة عن رغبات الاهلين وقد اشارت اللجنة على المجلس بناء على هذه الاسباب ، ان لايلتفت الى نظرية الحكومة التركية ( ص 11 من التقرير) ولم تشأ اللجنة الاممية ان تحاج الحكومة التركية بسبب من اهم الاسباب المانعة لتطبيق نظرية الاستفتاء وذلك هو الشعور القومي الذي ابتدأت الشعوب ان تشعر به منذ بدأ القرن العشرين. وقد يكون ذلك منها تعمدا وقد يكون خطأ على اننا نستطيع القول ان اللجنة الاممية تحسن التعبير في حرج نظرية الاستفتاء التي تمسكت بها الحكومة التركية. ولقد ساد الشعور القومي في عصر العشرين وآمن باحقية كل انسان يخفق قلبه بحب امته, ولقد اصبح المتساهلون في امر امتهم والمفرطون في حقوقها محتقرين من الرأي العام ايا كانوا لتشبع الناس بالروح القومية. وليس من المعقول ان يطلب المرء سيادة غير سيادة امته، وحكما غير حكم دولته في مثل هذه الايام . واذا قلنا ان افرنسيا يرضى ان يكون اسبانيا او اسبانيا يرضى ان يكون ايطاليا وانكرنا العاطفة القومية وشدة تأثيرها على النفوس لخيل لنا انكم اما جاهلون او متجاهلون؛ فاذا كان كذلك فكان يجب على اللجنة ان تقق امرا واحدا في قضية الاستفتاء يكفيها مؤنة معاناتها وتعبها الشديدين


صحف الانضول والموصل

تنشر الصحف الصادرة في الانضول مقالات شديدة بشأن مشكلة الموصل المعروضة على بساط البحث اليوم في الجلسات التي تعقدها عصبة الامم في " جنيف" وتطالب فيه حكومتها بأتخاذ الوسائل الفعالة لأعادة هذه المدينة الى احضان الوطن التركي وعقدت صحيفة "تورك ايلي" الصادرة في " ازمير " مقالا افتتاحيا قال فيه- ان روح الاحلاص للوطن تحتم علينا معشر الاتراك الدخول الى مدينة الموصل لأنقاذ من فيها من مواطنينا فيما اذا لم توفق عصبة الامم لأيجاد حل للمشكلة القائمة بيننا وبين بريطانيا حلا يرضي امانينا الوطنية

برقيات رويتر وهافاس
تركيا والموصل
جنيف في 17 أيلول - يقال ان تركيا ستقترح على جمعية عصبة الامم أقتراحا جديدا يقضي بأن تأخذ الموصل وتتنازل عن ديالى


مشكلة الموصل وموقف بريطانيا

قالت جريدة " المورننك بوست " لسان حزب المحافظين

تزعم صحف الاحرار والاشتراكيين انه اذا قضت عصبة الامم لمصلحتنا في مشكلة الموصل فاننا سنتعرض لحرب مع الاتراك فاذا صح ذلك كانت هذه نتيجة غريبة لعمل تلك الهيئة التي اريد من ايجادها المحافظة على السلام في العالم ولم نكن نحن في وقت من الاوقات من بين المعجبين بتلك الهيئة ذات السلطة التي لاتعينها قوة مادية على تنفيذ ما تقرره. وكان من رأيننا على الدوام ان وجود العصبة بغير تلك القوة يضر أكثر مما يفيد لأن من شأنه ان يبعث في الناس آمالا مضللة ويملأ اذهانهم بتصورات لا وجود لها واذا كان من شأن القرار الذي ستتخذه العصبة ان تعلن تركيا الحرب ضدنا فاننا سنتحمل الغرم دون تلك العصبة التي اتخذت هذا القرار. وقد كنا نعتقد الى آلآن ان الذي استدعى المغني هو الذي الذي يدفع الاجر. ولكن ما دامت القضية قد عرضت على العصبة فلا يسعنا غير ان نرجو ان يكون حكمها مقبولا وان الذين اتفقوا عل التحكيم سيقبلون الحكم، ولسنا نعرف على اي شكل ستصدر العصبة حكمها وكيف تسترشد فيه بلجنة الخبراء التي عينتها، ونحن نعترف بأن الموصل ليست من الوجهة العسكرية ذات اهمية كبرى بالنسبة لبريطانيا لأن القوة البريطانية مثل عروس البحر التي كثيرا ما يرد ذكرها في القصص الخرافية والتي لا تكون مطمئنة ما دامت بعيدة عن البحر. ولكن الضرورة كثيرا ما تقضي علينا ما ليس لنا رغبة فيه وقد جعلنا انفسنا مسؤولين عن الحكم في مملكة وليدة لا نستطيع البقاء بغير حمايتها ولا نستطيع ان نحميها بغير ان نضم اليها الموصل ومن الاشياء المخجلة ان نتنحى عن حمايتة هذا الوليد او نعيد العرب الى اعدائم الاتراك
الموصل اغنى مقاطعة في البلاد العربية وهي واقعة تحت الجبال وهي اول منطقة تتعرض للهجوم واذا اردتنا حقا ان نحتفظ بالعراق فلا يسعنا ان نترك الموصل
يقال ان في الموصل منابع للزيوت. واننا لم نشدد في المطالة بها الا لكي نزيد ملوك البترول . وفي رأيننا انه اذا كان هناك منابع للبترول كما يقولون فأن ذلك سبب قوي لنا ان نتمسك به كيلا نترك تلك الولاية فأن قلة البترول نسبيا في الامبراطورية البريطانية قد عرضتها للخطر امام الامم الاجنبية التي تمدها آلآن بهذه المادة الضرورية للحياة العصرية فليثقوا اذن بأن ملوك البترول لا يريدون ان يتركوا منابعه في الموصل في يد الاتراك المتلفة المخربة ، وقد أكثر الذين يحاولون كل محاولة لحمل بريطانيا التخلي عن شركة الزيوت الانكليزية - من القول بان بريطانيا لا تراعي سياستها الخاصة بمسألة الموصل غير مصلحة السيارات والدراجات - وقد اعتاد الاشتراكيون الانكليز ان يعضدوا الرأسماليين الاجانب على غير علم منه بالدوافع السياسية الحقيقية التي نسير آرائها في مشكلة العراق
اما الوعيد الذي يتوعدنا به الاتراك فلا يسعنا الا ان نقول عنه انه مما ينافي مصلحتهم وحدهم ان تصر تركيا على منازعتها مع انكلترا فليتريث الاتراك قليلا وليفكروا فيما تجره عليهم سياستهم السيئة
لقد كانت تركيا في وقت من الاوقات دولة الخلافة وقائدة العالم الاسلامي وكانت لهذين السبين مشمولة بجانب حسن النية من جانب الانكليز ، ولكنها طرحت الخلافة وطرحت معها صداقة الانكليز. واخذت منذ ذلك العهد تستثمر الرياح الهوجاء ولم تفدها صداقة الالمان غير تحمل الخسائر الفادحة ، وان اعدائها الحاليون هم الروس الذين يريدون ان يزجوا بهم في غمار حرب مثمرة لكي تحقق روسيا امنيتها القديمة في امتلاك مفتاح البحر الاسود. ولو كان في تركيا سياسيون حقيقيون لما أطمأنوا الى السوفيت وليبحثوا عن الصديق الذي الذي يقيهم شر الروس. والاتراك في حاجة الى من يقويهم لا الى من يهددونه ولو نفذوا تهديدهم لكان في ذلك القضاء الاخير عليهم


                             انتهى الاقتباس

لابد ان ما ورد اعلاه يعطي القارئ الكريم فكرة عن هذا الموضوع الهام حيث كان اللاعبان الاساسييان فيه تركيا ودولة احتلال العراق بريطانيا العظمى وكما يبدو انه كان من مصلحتها ان لاتذهب ولاية الموصل الى تركيا وبالتالي تمت المحافظة على ولاية الموصل - ورب ضارة ( اي الاحتلال ) نافعة

وتقبلو تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة
ماجد عبد الحميد كاظم

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

803 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع