جدلية الدين والسياسة

                                                      

                    بقلم : جابر رسول الجابري

جدلية الدين والسياسة

تعددت الآراء وتشعبت الأفكار وكثرت التساؤلات عن علاقة الدين بالسياسة ، وهل هما وجهان لعملة واحدة أم أنهما عالمان يخوضان معترك حياة الإنسان في مضمار واحد ( هذا رأي الآيديولوجيات الدينية ) أو هما عالمان منفصلان يخوض كل منهما معترك الحياة في مضماره بعيدا عن الآخر ( هذا رأي الناشدون الى الحكم المدني سواء كان منهم الفكر الإشتراكي أم الليبرالي ) وقد يتسائل البعض تساؤلا منطقيا ( فيما لو ولينا وجوهنا شطر الأفكار المدنية أي التي تنحي الدين عن السياسة ) أن هل يدرك مسار مضمار الدين إحيانا مسار مضمار السياسة فيلتقيان ولو الى حين أو على الأقل يتقاطع فيضهما ؟ أم أنهما يسبحان في فلكين مختلفين فلا يدرك احدهما الاخر ،

وسواء رضينا أم أبينا فإن رجال الدين قد خاضوا مضمار السياسة بل أنهم إعتلوا إحيانا منصة الحكم السياسي فهناك من أصر على وجوب وجودهم في معترك السياسة ( رأي رجال الدين والأحزاب الدينية ) أي أن الدين والسياسة هما عالم واحد لايمكن فصل احدهما عن الاخر ،

ونتيجة للتطور البشري في القرن الحالي وإتساع الرقعة العلمية فإن السياسة قد تغيرت أنظمتها وقوانينها وأساليبها وحكامها ، سيطرت أفكار الشعوب المتطورة والتي تقود العالم ففرضت هيمنتها على كل الأنظمة السياسية في العالم وظهرت على الساحة السياسية أنظمة حكم جديدة تسمى الأنظمة الديموقراطية( حكم وإدارة باختيار الشعب ) لتحل محل الأنظمة الجمهورية الديكتاتورية أو أنظمة قيادة الحزب الواحد وكذلك الحال بالنسبة للأنظمة الملكية فقد تنحى الملك عن قيادة الشعب مباشرة واعتزل في الصومعة الملكية مراقبا سير النظام السياسي ، إن من أهم متطلبات وجود النظام الديموقراطي الحديث هي عملية الإنتخابات كأسلوب لإختيار ساسة ورجال قيادة الحكومة والنظام الديموقراطي ، بينما الأنظمة الدينة بقيت على نفس أسلوبها القديم في اختيار قياداتها وأئمة الناس ومرجعياتهم الدينية بالوراثة والتوصية ، ولطالما أن رجال الدين قد دخلوا عنوة معترك السياسة وفرضوا وجودهم فلابد أن يتم تغيير أساليب اختيار قيادة الدين لتبقى متلائمة مع البيئة السياسية الجديدة كناتج منطقي لتزاوج معتركيهما ليكون معترك واحد ،

ما ارغب أن أشير اليه هنا هو أن طرق إختيار الساسة ورجال قيادة الحكومة والنَّاس في الأنظمة السياسية الديموقراطية لابد أن تكون هي نفس الطرق التي يتم فيها أختيار نخب مرجعية الدين حيث يتم إنتخاب الأعلم لقيادة الناس في دينهم ومعتقداتهم وتقاليدهم وعاداتهم عن طريق معتنقي الدين من الشعب أي بوضوح أكثر لابد من إجراء إنتخابات لرجال الدين من قبل الشعب كل حسب أعلميته وشهرته بين الناس وحسن سلوكه معهم في تجربة فريدة لتغيير إمبراطوريات الدين والحكم الديكتاتوري الذي يسيطر على المؤسسة الدينية حيث ظاهرها مؤسسة وباطنها إمبراطورية ، أن الناس يتحملون وزر أئمتهم يوم القيامة فكل أمة تحاسب بإمامها أي أن الناس وإمامهم في مسمى واحد يوم القيامة لذلك على الشعب أن يطالب في حياته إنتخاب مرجعيته الدينية وتسمية أئمة الدين بناءا على إنتخابات شعبية ليتحمل وزر إختياره ، فمن حق الناس إختيار إمامهم الذي يمثلهم إسوة بإختيار الحاكم في السياسة حيث يعاد تقييم المرجع والأئمة كل اربع سنوات ليبدلوا إن رأوْا فيهم إعوجاجا من اجل إنهاء ديكتاتورية إمبراطورية الدين وتسلطها على الناس وجعل تلك الإمبراطورية كمؤسسة دينية عامة تعود ملكيتها للشعب ( كما كان الحال في حكم الخلفاء الأربعة ومنهم الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ) في كل تفاصيلها ومواردها وإسلوب إدارتها وتكون تلك المؤسسة بإدارة المرجع حيث يكون المرجع فيها كموظف يؤدي عمله خدمة للشعب وخدمة للدين ، بما أن العمامة سمحت لنفسها أن تطأ أرض السياسة فلابد من القبول بمناهج السياسة وأساليبها والتغيير نحو عالم إنساني متطور وإسلوب حياة أفضل 

المملكة المتحدة

الثامن والعشرين من نيسان عام 2018

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

531 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع